المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفل يحاول الإنتحار


رَكان
2017-01-22, 23:02
سأقتل نفسي هكذا كان يرددها ...مُزمجرا ....منطلقا صوب تحقيق مراده المقيت ..
في الحادية عشر من عمره ..وذلك ما لفت انتباهي. فحالات الإنتحار المعروفة ملابساتها تتعدد ولكنها تجتمع في درك واحد هو درك المشاعر الموحِية لصاحبها بأن الدنيا أضيق من أن تتسع لوجوده ..
فضيحة ..قصة حب فاشلة .. .ضياع الفجأة لرصيد العمر من المال ..وغيره كثير ولكن أين طفلنا من كل ذلك ؟؟؟ هيهات ...
كان في الدار بين اخوته المشاكس يتفنن في إظهار كل صور الشقاوة..لاحدود لتجاوزاته في حق إخوته الأكبر منه سنا أو الأصغر وويل للإناث منهن فلهن الرصيد الأكبر من شيطنته ...لايذهب ذهن القارئ أنه نشأ في أسرة لاضوابط ولا حدود لأطفالها في ممارسة تواجدهم اليومي داخل الدار أبدا ...فهناك أم ليست ككل الأمهات ..وأب يكفي نظرة منه كل ما كان صلبا من عناد ومقاومة وتمرد ..أب من لانوع الذي لا يكرر أمره لأبنه مرتين ..وويل له ان لم يستكن أو لم يستجب من الأولى ...
صاحبنا ذو الإحدى عشر من الأعوام ..واستثناء يتم غض الطرف عن بعض تجاوزاته لتلك الضوابط ..حتى ذلك الأب المتشدد في معاملته لأطفاله ..إن تعلق الأمر بذلك الشقي فإنه يحاول بعض المرات طبعا وليس كل المرات أن يجد تبريرا لتصرفاته ..علام ؟؟؟
إنه المميّز من بين إخوته كلهم ..وسامة ..ذكاء ..تربعه على الرتبة الأولى من بين أقرانه في النتائج الدراسية ...طوال سنواته الست الإبتدائية وفي المادتين ..
كل ذلك شحن رصيدا له في معاملته من طرف أبويه بأدنى جرعة من المحاسبة والشدة في ذلك ...
اليوم وعلى غيرالعادة سافر الأب مبكرا لأيام ..
ياقبرة خلالكِ الجوّ فبيضي واصفِري. قد رُفِعَ الفَخُّ، فماذا تَحْذَري؟ ونقّري ما شِئتِ أن تُنقّري
فتح عينيه على فضاء واسع من حرية الحركة لممارسة مشاكساته وطيشه مع اخوته ..سقطت كل معوقات تجاوزاته .. على محدوديتها سابقا ..وقبل أن يتناول فطوره ذهب الى الكلب فحرره من طوقه ..لينطلق كالمسعور مشاكسا تلك الدجاجة وصيصانها ..وذلك محاولا ملاعبة الجدي المسكين بخشونة لايعرف ذلك الكلب أن ملاعبة قوم الماعز تختلف عن ملاعبة الكلاب .صاحبنا .الشقي كان يستمتع لذلك المشهد وكأنما هو يريد أن لايقتصر الطيش عليه وحده إنما لينتقل لحيوانات الولجة ( هي حديثة واسعة ملحقة بالمنزل )
كانت الأم منهمكة في تحضير فطور الصباح فتناهي الى سمعها صخبا وجلبة .ناحية الحيوانات فحردن لاتلوي على شيء وفي ذهنها أنه هو ولا غيره شقيّها ..
صرخت في وجهه صرخة كانت كفيله بإحياء موات كل إخوته مجتمعين ..لكنها قابل ذلك بضحكة مستطردا ..كنت لعب فيهم برك يا ما ....
ماذا بعد ..؟؟؟
كانت خلايا عقله الصغير تتلقى ذبذبات ملونة بكل ألوان طيف الإزعاج ومشاكسته لغيره ..لكن لنبدأ بإسكات عصافير الأمعاء أولا ..ليحلو بعدها كل مالذ وطاب من طبخاته ...يعدما أفطر ..توجه الى حيث تنام أخته الكبرى ..وفي يده قدح من ماء صابا إياه على رأسه لتقف المسكينة مذعورة لاتدري هي أفي حلم أم علم ..وتنادي أمها والأم تكتفي ..ياولد أحشم ..خلي ختك ترقد ..لم يُقِم وزنا لما قالت ثم توجه ناحية أخيه الصغير الذي كان مستغرقا في حضن دجاجته الصغيرة ..الحمراء ..يطلب منه أن يناوله إياها ..لكن الصغير يزداد تمسكا وضما لدجاجته الى صدره ليقوم الشقي بإمساكها من ذنبها نازعا منه قبضة من ريش جعلت الدار تهتز ..نقنقة قلبت هدوءها الصباحي الى مايشبه ..جلبة الشوارع والأسواق ..ومرة أخرى تصرخ الأم ومرة أخرى شقينا لايهتم ..أممم أين الوجهة الآن ؟؟؟
لم يشبع نهمه بعد ..عاد لأخته الكبرى ..صوب رف تضع فيه اغراضها يفتح صندوقا صغيرا ينبش محتوياته ..تسرع الأخت غاضبة مرة متوسلة أخرى ..دع صندوقي وتتختطفه من بين يديه .عُنوة ..اغتاظ لفعلها .نظر في الرف محبرة ..معبّأة ..يفتح مغلاقها ليفرغها على رأسها نكاية بها ..لتنفجر المسكينة بكاء ..وحسرة على ما تلطخ به شعرها وفستانها المفضل ..كانت الأم شاهدة على الحدث ..فبلغ سيلها زباها وقد استشاطت غضبا ..تستدير الى الخلف هناك .على الجدار سوط معلق ..تحتفظ به لوقت الحاجة وقد عنّت لاحاجة في تلك اللحظة ..تناولته بيد ثابتة ثم أمسكته من رقبته لتلسعه به على مؤخرته ..عدة أسواط ..صمت لبرهة وكأنما هو لم يشعر لسعه .وما ان اطلقته الا ودخل في نوبة هستيرية من البكاء ..يذهب ويجيء كل صوب ...صارخا مستنكرا فضاعة ظلم أوقِِع في حقه ...مظلوم ..الله ..أرغى وأزبد وسخط قفز هنا ..هناك ..القى بكتلة جسده على الأرض ليقوم مجددا هذه المرة صوب مخرج الدار لايلوي على شيء مُخلِّفا وراءه عبارة هزت قلوب الأم والإخوة ..سأقتل نفسي ..المجنون ماذا سيفعل ..فجأة تخلصت الأم من ذهولها ..سعيد إلحق أخوك ..سعيد الذي كان يكبره بسنوات ..هب سعيد من مكانه لاحقا به كالسهم المغادر للقوس ..أين هو ؟؟؟ من بعيد يشاهده يبغ حافة الوادي التي لايفصلها عن الدار مالايتجاوز المئة متر ..يجري سعيد وراء أخيه ..والشقي ..يقطع شوطا كبير الى بطن الوادي ومقصده المجرى المائي ليلقي بنفسه فيه ..التفت وراءه فرأى أخاه يسابق الريح في اللحاق به ..فرفع من سرعة جريه مراهنا على بلوغ المجري المائي قبل أن يمسك به أخوه ...كانت أمتار تقل عن الثلاث أو الأربع ليصير خبر الطفل في الغابرين ..سعيد كان الأأكبر وكان الأسرع فما إن هم مشاغبنا القاءه بنفسه منتحرا الا وكانت القبضة من حديد من دبر قميصه ..فيسقط الإثنان على الأرض وأنفاسهما تتقطع رهقا ...نعم فللكبرياء ثمن بالنسبة للصغير ...فعار المساس بها لايغسله غير ترك الدنيا وكيف ...كيف سيمةت حاله أمام الآخرين وهم ينظرون اليه على أنه ضُرِب يوما أسواطا ؟؟؟؟
كانت من يومطيات طفل مشاكس ..أتمنى أنها حازت رضاكم ..وليس اعجابكم ..

على فكرة ..ليس منقولا .ولا مستلهما ..

المكارم
2017-01-22, 23:31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسلوب السرد الشيق هو الذي نال رضانا وحتى إعجابنا
وأما حدث مثل هذا أستاذي ركان فلا يزيدنا إلا حنقا وحسرة على ما آل إليه وضع فتياننا وشبابنا
لا ندري إن كان الحدث واقعي أم هو افتراض لما يمكن أن يقع في أسرة ابتلاها الله بطفل شقي
تحيتي

ليلى المغامرة
2017-02-19, 13:44
ماشاء الله على القصة والاسلوب روعة السرد

رَكان
2017-02-19, 19:31
مرحبا بالفاضل المكارم ..
نعم هي قصة حقيقية .

sa78sa
2017-02-23, 20:38
صورة من صور الواقع اطفال لا يعرفون الكبرياء معنى لكنهم مكتسبونه يريدون كل شيء ولا احد يفهم لما
قصة رائعة سرد رائع احسست انني اشاهدها امامي

غيمة بيضاء
2017-04-25, 20:42
لي عودة للقراة والرد ان شاء الله

وَحْـــ القلَمْ ـــيُ
2017-05-08, 21:07
السلام عليكم
العنوان اوحى لي بشيء اخر ^^
لكن مع قراءة السطور الاولى ووصف الطفل صاحب الكبرياء وتعامل والديه معه
تذكرت رواية بوصف مماثل
ماشاء الله تبارك الله
الوصف تم بشفافية بالغة ويجعلك تعايش الاحداث
العديد من الاحاسيس مرت علي لولا ان غلب عليها الضحك
وترقبت بحذر خاتمة القصة التي لم اتوقعها
امم فقط بما ان القصة حقيقية وغير منقولة وغير مستهلمة فأكاد أجزم ان من يعلم كل هذه التفاصيل ويخطها بهذا القلم الراقي لا يكون الا هذا البطل الصغير او ربما لا (مترددة _ _ !!)
المهم اذا صح ذلك فلن تكون كاتبا منصفا حين تصف نفسك بتلك الاوصاف المثيرة من الذكاء، التفوق والوسامة^^

أعتذر على الاطالة لكن هذا الوصف البريء والشفاف في القصة يمنعك من الخروج دون رد
ويسعدني ان احجز تذكرة لكتاباتك القادمة يا استاذ
وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

رَكان
2017-05-09, 11:45
صورة من صور الواقع اطفال لا يعرفون الكبرياء معنى لكنهم مكتسبونه يريدون كل شيء ولا احد يفهم لما
قصة رائعة سرد رائع احسست انني اشاهدها امامي

ماكان لديك من احساس بالمشاهدة ..يجعلني أشعر أني وُفِّقت بعض الشيء في السرد ..فشاكر لك أخي جميل الإنطباع ..

رَكان
2017-05-09, 11:46
لي عودة للقراة والرد ان شاء الله

مراحب في أي وقت يا غيمه بيضاء

رَكان
2017-05-09, 11:57
الوصف تم بشفافية بالغة ويجعلك تعايش الاحداث
العديد من الاحاسيس مرت علي لولا ان غلب عليها الضحك
وترقبت بحذر خاتمة القصة التي لم اتوقعها
امم فقط بما ان القصة حقيقية وغير منقولة وغير مستهلمة فأكاد أجزم ان من يعلم كل هذه التفاصيل ويخطها بهذا القلم الراقي لا يكون الا هذا البطل الصغير او ربما لا (مترددة _ _ !!)
المهم اذا صح ذلك فلن تكون كاتبا منصفا حين تصف نفسك بتلك الاوصاف المثيرة من الذكاء، التفوق والوسامة^^


ياطموح الغد ..
أنت قد شهدت أن الوصف كان شفافيا ..وكاتب القصة راهن على نقل الصورة الحقيقية للقصة بتصوير جزئياتها على حقيقتها ..من أحداث وأوصاف معنوية وأخرى محسوسة ..افيكون غير منصف إذا وصف حقيقة ما كان عليه بطل القصة ؟؟؟؟
سأخبرك بشيء ..لنفترض أن كاتب القصة هو نفس بطلها ..فهل ترين برأيك أن وصف بطلها بالتفوق والذكاء والوسامة كان من غير داع لذلك ؟؟؟
أبدا ياسيدتي الكريمة فلقد كان منه ذلك ليبرر به ماجعل الوالدان يميزانه بتلك المعاملة عن بقية اخوته ..
فلما وصفته بعدم الإنصاف ضرورة لإكتمال بناء القصة ...
طيب ..أيكون مزعجا لك ..لو أعلمتني بعنوان القصة التي مررت عليها بوصف مماثل ؟؟؟؟
ومزيدا من الإثقال عليك ..ماذا كانت النهاية المتوقعة للقصة بالنسبة لك وقد خيب ظنك الكاتب فوضع ما يخالفها ؟
...........
وإنهاءً ...أسعدني تواجدك ..
.

sa78sa
2017-06-08, 17:32
ماكان لديك من احساس بالمشاهدة ..يجعلني أشعر أني وُفِّقت بعض الشيء في السرد ..فشاكر لك أخي جميل الإنطباع ..
أولا انا اخت واكيد انك وفقت فيها

رَكان
2017-06-09, 00:41
أولا انا اخت واكيد انك وفقت فيها

صحة رمضانك ياأختي الكريمة ..آسف بحجم وثقل جبال البابور والونشريش والزبربر على ما فرط مني من غفله ..

رَكان
2017-07-05, 07:55
ماشاء الله على القصة والاسلوب روعة السرد

شكرا للمغامرة

غصن البآن
2017-07-12, 06:51
سلام جمــيــلـ....
من الامور التي استمتع بها ..او اطرد بها الملل حين يستدب .هو قراءة القصص ...ولحكاياك نصيب منها ...
ذلك الواقع البسيط ...لطفل جمع بين التفوق و الشقاوة وربما التمرد ...طفل سيكون له شأن ان غرست فيه المبادئ ..فهو قوي كفايه ليدافع عن معتقده
جعلت من واقعه لوحه جميله جعلتنا نعايش ونتوقع سبب رغبته في الانتحار
على صغر سنه ...يملك ذلك الكم من الكبرياء
ما اجمله ...جمال سردك للقصه
تقديري .....

رَكان
2017-07-13, 13:25
يخجلنا اطراء كبار القامات ..كان ذلك منكم يا أم أسيل فضلا ..فزادك الله فضلا ..

عشريني متمرد
2017-07-17, 11:46
قصــــــة رائعة بارك الله فيك

رَكان
2017-07-22, 18:38
قصــــــة رائعة بارك الله فيك

ورائع حضورك يا حسام