wahid
2007-04-28, 19:02
وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنا جلوساً مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إذ جاء رجل من الأنصار فسلم عليه ثم أدبر الأنصاري. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((يا أخا الأنصار كيف أخي سعد بن عبادة؟)) فقال: صالح. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((من يعوده منكم؟)) فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى جئناه، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وأصحابه الذين معه. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعن عمران بن الحصين رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أنه قال: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) قال عمران: فما أدري قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مرتين أو ثلاثاً ((ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وعن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعن عبيد اللَّه بن محصن الأنصاري الخطمي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
((سربه)) بكسر السين المهملة: أي نفسه. وقيل: قومه.
وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: ((قد أفلح من أسلم، وكان رزقه كفافاً، وقنعه اللَّه بما آتاه)) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعن أبي محمد فضالة بن عبيد الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: ((طوبى لمن هدي للإسلام، وكان عيشه كفافاً، وقنع)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً، وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبر الشعير. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعن فضالة بن عبيد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب هؤلاء مجانين. فإذا صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم انصرف إليهم فقال: ((لو تعلمون ما لكم عند اللَّه تعالى لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وقال حديث صحيح.
((الخصاصة)) : الفاقة والجوع الشديد.
وعن المقداد بن معد يكرب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: ((ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
((أكلات)) : أي لقم.
وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال ذكر أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يوماً عنده الدنيا فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((ألا تسمعون ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان)) يعني: التقحل. رواه أبو داود.
((البذاذة)): رثاثة الهيئة وترك فاخر اللباس.
وأما ((التقحل)) : الرجل اليابس الجلد من خشونة العيش وترك الترفه.
وعن أبي عبد اللَّه جابر بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال: بعثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وأَمَّرَ علينا أبا عبيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ نتلقى عيراً لقريش، وزَوَّدَنَا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة. فقيل: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليهم من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رُسُلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وفي سبيل اللَّه وقد اضطررتم فكلوا. فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سَمِنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وَقْبِ عَيْنِهِ بالقِلالِ الدُّهْنَ، ونقطع منه الفِدَرَ كالثور أو كَقَدْرِ الثور، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وَقْبِ عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وَشَائِقَ. فلما قدمنا المدينة أتينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فذكرنا ذلك له، فقال: ((هو رزق أخرجه اللَّه لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟)) فأرسلنا إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم منه فأكله. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
((الجراب)) : وعاء من جلد معروف، وهو بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح.
قوله ((الخبط)): ورق شجر معروف تأكله الإبل.
و ((الكثيب)) : التل من الرمل.
و ((الوقب)): نقرة العين.
و ((القلال)) : الجرار.
و ((الفدر)): القطع.
((رحل البعير)): أي جعل عليه الرحل.
((الوشائق)): اللحم الذي قطع ليقدد منه، والله أعلم.
وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق. فقال: ((أنا نازل)) ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً، فأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم المعول فضرب فعاد كثيباً أهيل أو أهيم. فقلت: يا رَسُول اللَّهِ ائذن لي إلى البيت. فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم شيئاً ما في ذلك صبر فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق. فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت فقلت: طُعَيْمٌ لي فقم أنت يا رَسُول اللَّهِ ورجل أو رجلان. قال: ((كم هو؟)) فذكرت له فقال: ((كثير طيب قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي)) فقال: ((قوموا)) فقام المهاجرون والأنصار فدخلت عليها فقلت: ويحك! جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم والمهاجرون والأنصار ومن معهم. قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. قال: ((ادخلوا ولا تضاغطوا)) فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا وبقي منه. فقال: ((كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال أبو طلحة لأم سليم: قد سمعت صوت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ضعيفاً أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم. فأخرجت أقراصاً من شعير ثم أخذت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت ثوبي وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فذهبت به فوجدت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم جالساً في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم. فقال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((أرسلك أبو طلحة؟)) فقلت: نعم. فقال: ((ألِطَعَامٍ؟)) فقلت: نعم. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((قوموا)) فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته. فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم. فقالت: اللَّه ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فأقبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم معه حتى دخلا، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((هلمي ما عندك يا أم سليم)) فأتت بذلك الخبز فأمر به رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ففت، وعصرت عليه أم سليم عكة فآدمته ثم قال فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ما شاء اللَّه أن يقول ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم حتى أكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون رجلاً أو ثمانون. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع، ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها.
وفي رواية: فأكلوا عشرة عشرة حتى فعل ذلك بثمانين رجلاً، ثم أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بعد ذلك وأهل البيت وتركوا سوراً.
وفي رواية: ثم أفضلوا ما بلغوا جيرانهم.
وفي رواية عن أنس قال: جئت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يوماً فوجدته جالساً مع أصحابه وقد عصب بطنه بعصابة، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بطنه؟ فقالوا: من الجوع. فذهبت إلى أبي طلحة، وهو زوج أم سليم بنت ملحان فقلت: يا أبتاه قد رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عصب بطنه بعصابة فسألت بعض أصحابه فقالوا من الجوع. فدخل أبو طلحة على أمي فقال: هل من شيء؟ فقالت: نعم عندي كسر من خبز وتمرات فإن جاءنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وحده أشبعناه، وإن جاء آخر معه قل عنهم. وذكر تمام الحديث.
وعن عمران بن الحصين رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أنه قال: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) قال عمران: فما أدري قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مرتين أو ثلاثاً ((ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وعن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعن عبيد اللَّه بن محصن الأنصاري الخطمي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
((سربه)) بكسر السين المهملة: أي نفسه. وقيل: قومه.
وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: ((قد أفلح من أسلم، وكان رزقه كفافاً، وقنعه اللَّه بما آتاه)) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعن أبي محمد فضالة بن عبيد الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: ((طوبى لمن هدي للإسلام، وكان عيشه كفافاً، وقنع)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً، وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبر الشعير. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعن فضالة بن عبيد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب هؤلاء مجانين. فإذا صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم انصرف إليهم فقال: ((لو تعلمون ما لكم عند اللَّه تعالى لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وقال حديث صحيح.
((الخصاصة)) : الفاقة والجوع الشديد.
وعن المقداد بن معد يكرب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: ((ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
((أكلات)) : أي لقم.
وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال ذكر أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يوماً عنده الدنيا فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((ألا تسمعون ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان)) يعني: التقحل. رواه أبو داود.
((البذاذة)): رثاثة الهيئة وترك فاخر اللباس.
وأما ((التقحل)) : الرجل اليابس الجلد من خشونة العيش وترك الترفه.
وعن أبي عبد اللَّه جابر بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال: بعثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وأَمَّرَ علينا أبا عبيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ نتلقى عيراً لقريش، وزَوَّدَنَا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة. فقيل: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليهم من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رُسُلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وفي سبيل اللَّه وقد اضطررتم فكلوا. فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سَمِنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وَقْبِ عَيْنِهِ بالقِلالِ الدُّهْنَ، ونقطع منه الفِدَرَ كالثور أو كَقَدْرِ الثور، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وَقْبِ عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وَشَائِقَ. فلما قدمنا المدينة أتينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فذكرنا ذلك له، فقال: ((هو رزق أخرجه اللَّه لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟)) فأرسلنا إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم منه فأكله. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
((الجراب)) : وعاء من جلد معروف، وهو بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح.
قوله ((الخبط)): ورق شجر معروف تأكله الإبل.
و ((الكثيب)) : التل من الرمل.
و ((الوقب)): نقرة العين.
و ((القلال)) : الجرار.
و ((الفدر)): القطع.
((رحل البعير)): أي جعل عليه الرحل.
((الوشائق)): اللحم الذي قطع ليقدد منه، والله أعلم.
وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق. فقال: ((أنا نازل)) ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً، فأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم المعول فضرب فعاد كثيباً أهيل أو أهيم. فقلت: يا رَسُول اللَّهِ ائذن لي إلى البيت. فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم شيئاً ما في ذلك صبر فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق. فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت فقلت: طُعَيْمٌ لي فقم أنت يا رَسُول اللَّهِ ورجل أو رجلان. قال: ((كم هو؟)) فذكرت له فقال: ((كثير طيب قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي)) فقال: ((قوموا)) فقام المهاجرون والأنصار فدخلت عليها فقلت: ويحك! جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم والمهاجرون والأنصار ومن معهم. قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. قال: ((ادخلوا ولا تضاغطوا)) فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا وبقي منه. فقال: ((كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال أبو طلحة لأم سليم: قد سمعت صوت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ضعيفاً أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم. فأخرجت أقراصاً من شعير ثم أخذت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت ثوبي وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فذهبت به فوجدت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم جالساً في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم. فقال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((أرسلك أبو طلحة؟)) فقلت: نعم. فقال: ((ألِطَعَامٍ؟)) فقلت: نعم. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((قوموا)) فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته. فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم. فقالت: اللَّه ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فأقبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم معه حتى دخلا، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((هلمي ما عندك يا أم سليم)) فأتت بذلك الخبز فأمر به رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ففت، وعصرت عليه أم سليم عكة فآدمته ثم قال فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ما شاء اللَّه أن يقول ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم حتى أكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون رجلاً أو ثمانون. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع، ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها.
وفي رواية: فأكلوا عشرة عشرة حتى فعل ذلك بثمانين رجلاً، ثم أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بعد ذلك وأهل البيت وتركوا سوراً.
وفي رواية: ثم أفضلوا ما بلغوا جيرانهم.
وفي رواية عن أنس قال: جئت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يوماً فوجدته جالساً مع أصحابه وقد عصب بطنه بعصابة، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بطنه؟ فقالوا: من الجوع. فذهبت إلى أبي طلحة، وهو زوج أم سليم بنت ملحان فقلت: يا أبتاه قد رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عصب بطنه بعصابة فسألت بعض أصحابه فقالوا من الجوع. فدخل أبو طلحة على أمي فقال: هل من شيء؟ فقالت: نعم عندي كسر من خبز وتمرات فإن جاءنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وحده أشبعناه، وإن جاء آخر معه قل عنهم. وذكر تمام الحديث.