عاشق العفة
2009-10-21, 12:52
من أخلاق الجاهلية (1)
الحمد لله وحده؛ والصلاة والسلام على رسوله وعبده؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..أما بعد..
فإن الغيرة على العرض والشرف ما تميز به العرب؛حتى قبل أن تشرق الشمس بنور الرسالة المحمدية؛فكان العرب يفخرون بذلك ويبذلون في سبيل الحفاظ على عرضهم الغالي والنفيس ؛حتى إن قائلهم كان يقول:
يهون علينا أن تصاب جسومنا * * * وتسلم أعراضٌ لنـا وعقـول
وهاهو ذا الشنفرى حتى مع شربه للخمر فإنه يحرس على أن لا يكلم عرضه ولا يخدش يقول:
فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ
لقد كان في أهل الجاهلية مكارم الأخلاق ..هذا مع جهلهم وطيشهم وفقدهم للدين الصحيح ،ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : إنما بعثت لأتمم مكارم ( وفي رواية : صالح ) الأخلاق [1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).دل هذا على أن أصل الأخلاق كان موجودا عندهم ، ونحن لما أردنا التكلم في هذا الموضوع لأننا وللأسف فقدنا محاسن الأخلاق إلا من رحم ربي وقليل ما هم ...فهاأنذا أريكم نماذج عطرة من أخلاقهم الفاضلة التي كثيرا ما نفتقدها اليوم مع أننا أولى بها منهم لأن الله كرمنا بالإسلام وتمم النبي صلى الله عليه وسلم ببعثته مكارم الأخلاق..
ومن القصص والأشعار التي تطرق كثيرا على الأسماع قصص الوفاء للسموأل :السموأل بن عادياء من وفائه أن امرأ القيس بن حجر الكندي لما أراد الخروج إلى الروم استودع السموأل دروعا له،ثم لعداوة بين امرئ القيس والنعمان بن المنذر ،طلب النعمان من السموأل أن يعطيه الأدرع التي تخص امرأ القيس فقال السموأل :والله لا أخفر ذمتي .فما كان من النعمان إلا أن يحمل بجيشه وجاء إلى حصن السموأل وهدده وحاصره أياما ،ثم صادف أن ابتلي السموأل بلاء عظيما ،إذ جاء ابنه من صيد فقبض عليه النعمان وقال للسموأل:إن لم تعطني تلك الأدرع سأقتل ولدك .فقال له السموأل :إذن أمهلني ،فأخذ مهلة ثلاثة أيام،وشدد تحصين الحصن ،ثم قال له بعد ذلك:افعل ما شئت والله لا أخفر ذمتي ،فما كان من النعمان إلا أن قتل ابن السموأل وهو يرى ، ثم بعد أن مل النعمان من حصاره رجع. ووافى السموأل امرئ القيس في فترة الحج وأعطاه أدرعه .وفي ذلك يقول :
إذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ *** فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هو لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها ** فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تـُعَـيّـِرُنا أَنّـا قـَلـيـلٌ عَـديدُنا *** فَقُلـتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَلـيلُ
وَما ضَـرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا*** عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
فأين أنتم يا من قل فيكم الوفاء! هذا جاهلي وأنتم مسلمون ..يضحي بابنه للوفاء بعهده؟! يا سبحان الله..أين أنتم يا أزواج أين الوفاء فيكم يا من تخونون زوجاتكم ..وأين أنتم يا زوجات يا من لا ترعون عهد أزواجكم ..وأين أنتم يا أصحاب ؟ يا من طغت عليكم المادة وأصبحتم تنظرون لأصحابكم على أنهم شركات ومصالح تنتهي الصداقة حال ما تنتهي تلك المصالح..ومن كان هذا حاله ليس بصديق في الحقيقة فالصديق كما قيل وقت الضيق والأخ كما قال :
إن أخاك الحق من كان معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك * * * شتت فيك شمله ليجمعك
بكى عبد الملك بن مروان حين حضرته الوفاة فقيل له ما يبكيك فقال :أما والله ما أبكي جزعا من الموت فكل نفس ذائقته ، ولكني أبكي لأني لم أجد في هذه الدنيا خلا خليلا صادقا صديقا في مودته ووفائه لي غير طامع في أموالي..
الحَمدُ لِلَّهِ لا أَشكو إِلى أَحَدٍ قَلَّ الوَفاءُ مِنَ الشُبّانِ وَالشيبِ
ومن الأخلاق العالية التي تشبع بها أهل الجاهلية الغيرة والحياء والعفة فهم يفتخرون بها ويعدونها ممن يذكر في المجالس ويباهى به في الأندية والأسواق وأمام القبائل واسمع إلى الشنفرى يقول في زوجته أميمة :
لَقَد أَعجَبَتني لا سَقوطاً قِناعُها *** إِذا ما مَشَت وَلا بِذاتِ تلَفـُتِ
تَحُلُّ بِمَنجاةٍ مِنَ اللَومِ بَيتها *** إِذا ما بُيوتٌ بِالمَذمَّةِ حُلَّتِ
أُمَيمَة ُ لا يُخزى ثناها حَليلَها***إِذا ذكَِر النِسوانُ عَفـَّت وَجَلَّتِ
إِذا هُوَ أَمسى آبَ قـُرَّةَ عَينِهِ*** مَآبَ السَعيدِ لَم يَسَل أَينَ ظَلَّتِ
فهو يمدح زوجته بالعفة وأنها تحفظه في غيبته وأنها لا تتعمد إسقاط قناعها عن وجهها وتستر نفسها عن الناس ويجعل هذا من المفاخر ومن الأمور التي يبلغ بها السؤدد بل هاهو ذا خلدها في شعر .وقال الآخر ( النابغة الذبياني) في المتجردة وهي زوجة النعمان :
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه * * * فتنـاولتـه واتقتـنا باليــد
سقط النصيف (غطاء الوجه) من غير قصد ولا عمد؛فغطت وجهها بيدها مخافة أن تـُرى!.لا تتعجبوا إخوتي بل وأكثر من هذا ؟!
هولاء ليسوا جيلا من السماء وليسوا عنا بغرباء بل هؤلاء العرب الذين أنتم من سلالتهم...إن كانت هاته المدنية هي التي أفسدت أخلاقنا وجلبت لنا الغربية النتنة فسحقا للمدنية..
فيا إخواني أفيقوا ...أفيقوا رعاكم الله وا رجعوا لأخلاقكم فو الله :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * ** فإن هم ذهبت أخلا قهم ذهبوا
وإن أعظم البلايا وأعظم الرزايا أن يصاب المرء في أخلاقه :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم * * * فأقم عليهم مأتما وعويلا
فالله الله في الأخلاق والعفة والحياء والوفاء والسماحة والكرم والغيرة على الأعراض وما أدراك ما الغيرة التي سنفرد لها موضوعا ترقبوه إن شاء الله..وعليكم بالقول الحسن والمعاملة الحسنة وكل معنى جميل
كن جميلا ترى الوجود جميلا ..وطبقوا المقولة الحكيمة:كن كالأشجار يرمونها بالأحجار فترميهم بالثمار.
هذا والله المستعان وعليه التكلان.
وفي الأخير أود مشاركاتكم القوية كما عودتمونا ليس ثناء على المقال أو انتقادا فحسب بل نريد حقا الإستفادة في هذا الموضوع بآرائكم وأفكاركم النيرة معا نتحاور للوصول إلى الغاية ..وكما أقول دائما وأكررها وسأظل كذلك ..علينا بالتطبيق ليس حبرا على ورق ..وليعدني كل واحد منكم أنه بعد قراءته للمقال سيغير ولو خلقا واحدا من أخلاقه الغير جميلة..وإن شاء أطلعنا فهو أحسن حتى نتآزر كلنا ..
تحياتي الخالصة .
محبكم في الله : عاشق العفة
[1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) صححه الألباني في الصحيحة
الحمد لله وحده؛ والصلاة والسلام على رسوله وعبده؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..أما بعد..
فإن الغيرة على العرض والشرف ما تميز به العرب؛حتى قبل أن تشرق الشمس بنور الرسالة المحمدية؛فكان العرب يفخرون بذلك ويبذلون في سبيل الحفاظ على عرضهم الغالي والنفيس ؛حتى إن قائلهم كان يقول:
يهون علينا أن تصاب جسومنا * * * وتسلم أعراضٌ لنـا وعقـول
وهاهو ذا الشنفرى حتى مع شربه للخمر فإنه يحرس على أن لا يكلم عرضه ولا يخدش يقول:
فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ
لقد كان في أهل الجاهلية مكارم الأخلاق ..هذا مع جهلهم وطيشهم وفقدهم للدين الصحيح ،ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : إنما بعثت لأتمم مكارم ( وفي رواية : صالح ) الأخلاق [1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).دل هذا على أن أصل الأخلاق كان موجودا عندهم ، ونحن لما أردنا التكلم في هذا الموضوع لأننا وللأسف فقدنا محاسن الأخلاق إلا من رحم ربي وقليل ما هم ...فهاأنذا أريكم نماذج عطرة من أخلاقهم الفاضلة التي كثيرا ما نفتقدها اليوم مع أننا أولى بها منهم لأن الله كرمنا بالإسلام وتمم النبي صلى الله عليه وسلم ببعثته مكارم الأخلاق..
ومن القصص والأشعار التي تطرق كثيرا على الأسماع قصص الوفاء للسموأل :السموأل بن عادياء من وفائه أن امرأ القيس بن حجر الكندي لما أراد الخروج إلى الروم استودع السموأل دروعا له،ثم لعداوة بين امرئ القيس والنعمان بن المنذر ،طلب النعمان من السموأل أن يعطيه الأدرع التي تخص امرأ القيس فقال السموأل :والله لا أخفر ذمتي .فما كان من النعمان إلا أن يحمل بجيشه وجاء إلى حصن السموأل وهدده وحاصره أياما ،ثم صادف أن ابتلي السموأل بلاء عظيما ،إذ جاء ابنه من صيد فقبض عليه النعمان وقال للسموأل:إن لم تعطني تلك الأدرع سأقتل ولدك .فقال له السموأل :إذن أمهلني ،فأخذ مهلة ثلاثة أيام،وشدد تحصين الحصن ،ثم قال له بعد ذلك:افعل ما شئت والله لا أخفر ذمتي ،فما كان من النعمان إلا أن قتل ابن السموأل وهو يرى ، ثم بعد أن مل النعمان من حصاره رجع. ووافى السموأل امرئ القيس في فترة الحج وأعطاه أدرعه .وفي ذلك يقول :
إذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ *** فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هو لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها ** فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تـُعَـيّـِرُنا أَنّـا قـَلـيـلٌ عَـديدُنا *** فَقُلـتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَلـيلُ
وَما ضَـرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا*** عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
فأين أنتم يا من قل فيكم الوفاء! هذا جاهلي وأنتم مسلمون ..يضحي بابنه للوفاء بعهده؟! يا سبحان الله..أين أنتم يا أزواج أين الوفاء فيكم يا من تخونون زوجاتكم ..وأين أنتم يا زوجات يا من لا ترعون عهد أزواجكم ..وأين أنتم يا أصحاب ؟ يا من طغت عليكم المادة وأصبحتم تنظرون لأصحابكم على أنهم شركات ومصالح تنتهي الصداقة حال ما تنتهي تلك المصالح..ومن كان هذا حاله ليس بصديق في الحقيقة فالصديق كما قيل وقت الضيق والأخ كما قال :
إن أخاك الحق من كان معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك * * * شتت فيك شمله ليجمعك
بكى عبد الملك بن مروان حين حضرته الوفاة فقيل له ما يبكيك فقال :أما والله ما أبكي جزعا من الموت فكل نفس ذائقته ، ولكني أبكي لأني لم أجد في هذه الدنيا خلا خليلا صادقا صديقا في مودته ووفائه لي غير طامع في أموالي..
الحَمدُ لِلَّهِ لا أَشكو إِلى أَحَدٍ قَلَّ الوَفاءُ مِنَ الشُبّانِ وَالشيبِ
ومن الأخلاق العالية التي تشبع بها أهل الجاهلية الغيرة والحياء والعفة فهم يفتخرون بها ويعدونها ممن يذكر في المجالس ويباهى به في الأندية والأسواق وأمام القبائل واسمع إلى الشنفرى يقول في زوجته أميمة :
لَقَد أَعجَبَتني لا سَقوطاً قِناعُها *** إِذا ما مَشَت وَلا بِذاتِ تلَفـُتِ
تَحُلُّ بِمَنجاةٍ مِنَ اللَومِ بَيتها *** إِذا ما بُيوتٌ بِالمَذمَّةِ حُلَّتِ
أُمَيمَة ُ لا يُخزى ثناها حَليلَها***إِذا ذكَِر النِسوانُ عَفـَّت وَجَلَّتِ
إِذا هُوَ أَمسى آبَ قـُرَّةَ عَينِهِ*** مَآبَ السَعيدِ لَم يَسَل أَينَ ظَلَّتِ
فهو يمدح زوجته بالعفة وأنها تحفظه في غيبته وأنها لا تتعمد إسقاط قناعها عن وجهها وتستر نفسها عن الناس ويجعل هذا من المفاخر ومن الأمور التي يبلغ بها السؤدد بل هاهو ذا خلدها في شعر .وقال الآخر ( النابغة الذبياني) في المتجردة وهي زوجة النعمان :
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه * * * فتنـاولتـه واتقتـنا باليــد
سقط النصيف (غطاء الوجه) من غير قصد ولا عمد؛فغطت وجهها بيدها مخافة أن تـُرى!.لا تتعجبوا إخوتي بل وأكثر من هذا ؟!
هولاء ليسوا جيلا من السماء وليسوا عنا بغرباء بل هؤلاء العرب الذين أنتم من سلالتهم...إن كانت هاته المدنية هي التي أفسدت أخلاقنا وجلبت لنا الغربية النتنة فسحقا للمدنية..
فيا إخواني أفيقوا ...أفيقوا رعاكم الله وا رجعوا لأخلاقكم فو الله :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * ** فإن هم ذهبت أخلا قهم ذهبوا
وإن أعظم البلايا وأعظم الرزايا أن يصاب المرء في أخلاقه :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم * * * فأقم عليهم مأتما وعويلا
فالله الله في الأخلاق والعفة والحياء والوفاء والسماحة والكرم والغيرة على الأعراض وما أدراك ما الغيرة التي سنفرد لها موضوعا ترقبوه إن شاء الله..وعليكم بالقول الحسن والمعاملة الحسنة وكل معنى جميل
كن جميلا ترى الوجود جميلا ..وطبقوا المقولة الحكيمة:كن كالأشجار يرمونها بالأحجار فترميهم بالثمار.
هذا والله المستعان وعليه التكلان.
وفي الأخير أود مشاركاتكم القوية كما عودتمونا ليس ثناء على المقال أو انتقادا فحسب بل نريد حقا الإستفادة في هذا الموضوع بآرائكم وأفكاركم النيرة معا نتحاور للوصول إلى الغاية ..وكما أقول دائما وأكررها وسأظل كذلك ..علينا بالتطبيق ليس حبرا على ورق ..وليعدني كل واحد منكم أنه بعد قراءته للمقال سيغير ولو خلقا واحدا من أخلاقه الغير جميلة..وإن شاء أطلعنا فهو أحسن حتى نتآزر كلنا ..
تحياتي الخالصة .
محبكم في الله : عاشق العفة
[1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) صححه الألباني في الصحيحة