farid1982
2016-11-19, 10:15
هناك حسرةٌ للكثيرين منا على ما مضى من علاقة حميمة وطيبة، ملؤها الاحترام والتقدير بين التلميذ والمعلّم، هذا المعلّم الذي عندما نراهُ في الطريق نختبئ أو نغيّر طريقنا، تقديراً واستحياءاً واحتراماً له ولشخصيته وهيبته ووقاره وقيمته العلمية، فهو الأب والمُربّي والصديق، نجدهُ اليوم ومع الأسف، يعاني من الإهمال وقلّة الاحترام!!
ما هو السبب يا ترى ؟؟ قبل أن نتحرى عن الأسباب، أتذكرُ العام 1967 م، عندما كنتُ تلميذاً في الصف السادس الابتدائي، كان هنالك معلّم درّسنا مادة اللغة العربية، نحبهُ كثيراً ونحترمهُ ،كان يتميزُ بحسن الخلق والمعشر والمظهر، فله هيبتهُ، ووقارهُ، وأسلوبهُ الخاص المشوّق في شرح المادة، وفي إحدى الأيام قام مضطراً بضرب أحد التلاميذ المشاغبين ضرباً بسيطاً ( بالمسطرة على اليد )، القصد كان التوجيه والإرشاد، فما كان من هذا التلميذ إلّا أن جاء في اليوم التالي ومعهُ والدهُ، وقدّما اعتذاريهما للمعلّم أمام أنظارنا جميعاً، بعد أن تعهد بعدمِ قيامه بأيّ عملٍ لا يرضي معلّمه ، هذه الحالة ذكّرتني بحالة مماثله لكنها متناقضة تماماً.. ففي العام 2007 م، وفي إحدى المدارس، قام أحدُ المعلّمين بتوبيخ تلميذٍ مسيء، وطرده من الصف فما كان من هذا التلميذ إلّا إن جاء ومعه والده و أخوانه، يهددون ويتوعدون المعلّم شراً ولولا تدخل البعض، لكان المعلّم ضحية سوء سلوك وتصرف هذا التلميذ وعائلته!!
إنّ ظاهرة إهانة المعلم والتجاوز على كرامته، أصبحت شائعة في وقتنا الحاضر، وتتكررُ من وقتٍ لآخر، سيّما وإن هذه الظاهرة، تركت آثاراً سلبية في المجتمع، فكم من معلّم، قُتِل أوأنتحر أو أختل عقلياً، وكم من تلميذٍ فشل وتسرب وأنحرف، وبالتالي هم خسارة في الثروة العلمية والإنسانية، وعند التحري عن أسباب سوء هذه العلاقة، نجد أن للأسرة أثرٌ كبيرٌ فيها ،بسبب فقدان بعض التلاميذ لقيمهم الأخلاقية والدينية التي تربوا عليها في بيئتهم العائلية ،ومنها التسامح واحترام المعلّم، وأدراك للقيمة المثلى للتعلم، إنّ بعض أولياء الأمور يلقون بالمسؤولية في تربية أولادهم على المدرسة، للتنصل من مسؤولياتهم، وكأن دورهم ينتهي بإرسالهم إلى المدرسة، دون متابعة لمعرفة ما كسبوا خلف جدران هذه المدرسة، وإن فقدان التواصل بين أولياء الأمور، وبين المعلّمين وإدارة المدرسة، وإخفاء الإباء بعض المعلومات عن أولادهم، وسّع فجوة هذه العلاقة، إضافة إلى المشاكل الأسرية أو العائلية التي تنعكسُ بشكلٍ أو بآخر على سلوك وتصرفات التلاميذ، وإنّ دور الآباء والأمهات، ساهم ليس فقط بسوء العلاقة وإنّما بضعف التعليم أيضاً، أن اللوم هنا لا يقعُ على التلميذ وحده، وإنّما يتحملُ المعلّم الجزء الأكبر منه، فمعلّمُ اليوم ليس بمعلّم الأمس ( وهنا لايجوز التعميم )، خصوصاً ما يتعلق( بحدود الاحترام ) الذي يفترضُ عدم تجاوزه، إذ نجدُ المعلّم اليوم، يجلسُ بين تلاميذه جلسات انسجام وراحة للآخر، سواءٌ كانت هذه الجلسات لأغراض الدروس الخصوصية، أو لغرض التسلية وقضاء الوقت، فتراهُ يأكلُ ويشرب بينهم، مما خلق حالة من التقرب الودّي و”الميانة” الزائدة، مما يفقدُ المعلم هيبته وشخصيته، خصوصاً إن تفكير بعض التلاميذ ينصبُ على إن المعلّم ( أقصد معلّم الدرس الخصوصي ) راغبٌ فيما لديهم من أموال، فظنوا أنهم هم المتفضلين عليه لا العكس، وهنا نجدُ إن العلاقة بين التلميذ والمعلّم أصبحت مادية ممقوتة، تؤثرُ على سير العملية التربوية، إضافة إلى إن البعض يطلبُ من تلاميذه السجائر !! فالتلميذُ هنا يعاملُ معلّمه وكأنهُ زميل أو صديق.. فتضيعُ الهيبة والشخصية، وإن البعض تنقصـــــــهُ الخبرة فــــــــــــــي مجال عمـــــله، مما تســـــــــــــبب فــــــــي هبوط مكانته العلمية، ولم تعد لهُ هيبة المعلّم المتعلم والنموذج والقدوة، وكما للمعلّم دورٌ في سوء هذه العلاقة، فأن لإدارة المدرسة دورٌ أيضاً، فالأسلوب السلطوي والدكتاتوري، لبعض الإدارات يدفعُ الطالب إلى النفور والتمرد في سلوكه، كما يُفترض أن تُخفف الأعباء عن المعلّم بالتقليل من زيادة حصصه التدريسية التي تبعدهُ عن متابعة سلوك تلميذه، إضافة إلى ضعف شخصية المعلّم أو المدير في إدارة المدرسة، مما يدفعُ التلاميذ الى التمادي وتجاوز الحدود، كما إنّ للإعلام والقنوات الفضائية دورٌ أيضاً من خلال بثّها أحياناً ( بقصد أو بدون قصد ) مسلسلات أو أفلام أو برامج تُنمي ثقافة العنف لدى الطلاب، وإن عرض مثل هذه البرامج، قد يكونُ ( سلاحاً ذو حدّين ) ..
كانت أجور المعلّم قليلة جدّاً في القرن الماضي.. لا تسدُ أبسط حاجاته أو حاجات عائلته، لكنهُ بالمقابل كان يقدّمُ ثروة علمية وتربوية وأخلاقية، تعادلُ أضعاف ما يتقاضاه من أجورٍ، فرسالتهُ التي وصفها أمير الشعراء- احمد شوقي، بأنها تقتربُ من رسالة الرسول ( ص ) الدينية والإصلاحية والإنسانية، بقوله : (( قم للمعلم وفّهِ التبجيلا – كاد المعلم أن يكون رسولا )) بعيدةٌ كل البعد عن الماديات والفساد الإداري الذي طال كل شيء، بما في ذلك التعليم ، صحيحٌ إن الحياة تطورت بتطور وسائلها العلمية والتكنولوجية، وتنوعت حاجات ومتطلبات المعلم الذي يسعى جاهداً لإشباعها، فكلما يشبعُ حاجة تظهرُ له حاجة أخرى، يرغبُ بإشباعها وهكذا .. مما شجّعهُ ودفعهُ إلى أعطاء الدروس الخصوصية ( بأجورها الفاحشة )، إلّا إن الوضع المادي للمعلّم تحسن الآن كثيراً، بتعديل أجوره أو مُرتبه، لذا عليه أن يتذكر دائماً إن رسالتهُ تربوية وأخلاقية لا مادية، وعليه أن يقدّم أكثر مما يأخذ ( كما كان المعلم بالأمس ) في الدول المتقدمة مثلاً ، يعتبرُ المعلم أسمى وأعلى طبقات المجتمع.. كضابط الشرطة أو القاضي.. له هيبتهُ وكرامتهُ التي من الضروري أعادتها إليه في هذا الوقت.. من خلال وضع برامج لتوجيه الطلاب من خلال المشرفين التربويين والاجتماعيين، واستخدام آلية خاصة لضمان سلامة الطلاب في المدارس، وتوفير كل متطلبات الدراسة، ونشر التوعية الاجتماعية والدينية، ونشر ثقافة الحوار السلمي بين التلميذ والمعلّم، والابتعاد عن سياسة الترهيب والعقوبات النفسية والجسدية ضدّ التلاميذ، واحتضان الطلبة المتفوقين والنابغين، والاهتمام بهم ورعايتهم، وعلى المعلّم إن يُحصّن نفسهُ علمياً، كي يكون منافساً قوياً لوسائل الإعلام والشبكات العنكبوتية التي توفرُ للطالب كل ما يحتاجه، دون عناء أو تعب، وأن يقنع طلابه بأن مالديه أكثر ..
يبقى المعلّمُ شمعة مضيئة في درب العلم والمعرفة، بعيداً عن الفساد والمفسدين والمحسوبية والطائفية المقيتة التي نخرت جسد المجتمع، وليؤدي رسالته برضاء ضمير وراحة نفس ،لتربية وإعداد الأجيال الواعدة، وكما قال الشاعر والكاتب اللبناني- جبران خليل جبران (( أيها المعلم سنكون خيوطاً في يدك وعلى نولك.. فلتنسجنا ثوباً إن أردت ، فسنكونُ قطعة في ثوب العلى المتعالي )) .
ما هو السبب يا ترى ؟؟ قبل أن نتحرى عن الأسباب، أتذكرُ العام 1967 م، عندما كنتُ تلميذاً في الصف السادس الابتدائي، كان هنالك معلّم درّسنا مادة اللغة العربية، نحبهُ كثيراً ونحترمهُ ،كان يتميزُ بحسن الخلق والمعشر والمظهر، فله هيبتهُ، ووقارهُ، وأسلوبهُ الخاص المشوّق في شرح المادة، وفي إحدى الأيام قام مضطراً بضرب أحد التلاميذ المشاغبين ضرباً بسيطاً ( بالمسطرة على اليد )، القصد كان التوجيه والإرشاد، فما كان من هذا التلميذ إلّا أن جاء في اليوم التالي ومعهُ والدهُ، وقدّما اعتذاريهما للمعلّم أمام أنظارنا جميعاً، بعد أن تعهد بعدمِ قيامه بأيّ عملٍ لا يرضي معلّمه ، هذه الحالة ذكّرتني بحالة مماثله لكنها متناقضة تماماً.. ففي العام 2007 م، وفي إحدى المدارس، قام أحدُ المعلّمين بتوبيخ تلميذٍ مسيء، وطرده من الصف فما كان من هذا التلميذ إلّا إن جاء ومعه والده و أخوانه، يهددون ويتوعدون المعلّم شراً ولولا تدخل البعض، لكان المعلّم ضحية سوء سلوك وتصرف هذا التلميذ وعائلته!!
إنّ ظاهرة إهانة المعلم والتجاوز على كرامته، أصبحت شائعة في وقتنا الحاضر، وتتكررُ من وقتٍ لآخر، سيّما وإن هذه الظاهرة، تركت آثاراً سلبية في المجتمع، فكم من معلّم، قُتِل أوأنتحر أو أختل عقلياً، وكم من تلميذٍ فشل وتسرب وأنحرف، وبالتالي هم خسارة في الثروة العلمية والإنسانية، وعند التحري عن أسباب سوء هذه العلاقة، نجد أن للأسرة أثرٌ كبيرٌ فيها ،بسبب فقدان بعض التلاميذ لقيمهم الأخلاقية والدينية التي تربوا عليها في بيئتهم العائلية ،ومنها التسامح واحترام المعلّم، وأدراك للقيمة المثلى للتعلم، إنّ بعض أولياء الأمور يلقون بالمسؤولية في تربية أولادهم على المدرسة، للتنصل من مسؤولياتهم، وكأن دورهم ينتهي بإرسالهم إلى المدرسة، دون متابعة لمعرفة ما كسبوا خلف جدران هذه المدرسة، وإن فقدان التواصل بين أولياء الأمور، وبين المعلّمين وإدارة المدرسة، وإخفاء الإباء بعض المعلومات عن أولادهم، وسّع فجوة هذه العلاقة، إضافة إلى المشاكل الأسرية أو العائلية التي تنعكسُ بشكلٍ أو بآخر على سلوك وتصرفات التلاميذ، وإنّ دور الآباء والأمهات، ساهم ليس فقط بسوء العلاقة وإنّما بضعف التعليم أيضاً، أن اللوم هنا لا يقعُ على التلميذ وحده، وإنّما يتحملُ المعلّم الجزء الأكبر منه، فمعلّمُ اليوم ليس بمعلّم الأمس ( وهنا لايجوز التعميم )، خصوصاً ما يتعلق( بحدود الاحترام ) الذي يفترضُ عدم تجاوزه، إذ نجدُ المعلّم اليوم، يجلسُ بين تلاميذه جلسات انسجام وراحة للآخر، سواءٌ كانت هذه الجلسات لأغراض الدروس الخصوصية، أو لغرض التسلية وقضاء الوقت، فتراهُ يأكلُ ويشرب بينهم، مما خلق حالة من التقرب الودّي و”الميانة” الزائدة، مما يفقدُ المعلم هيبته وشخصيته، خصوصاً إن تفكير بعض التلاميذ ينصبُ على إن المعلّم ( أقصد معلّم الدرس الخصوصي ) راغبٌ فيما لديهم من أموال، فظنوا أنهم هم المتفضلين عليه لا العكس، وهنا نجدُ إن العلاقة بين التلميذ والمعلّم أصبحت مادية ممقوتة، تؤثرُ على سير العملية التربوية، إضافة إلى إن البعض يطلبُ من تلاميذه السجائر !! فالتلميذُ هنا يعاملُ معلّمه وكأنهُ زميل أو صديق.. فتضيعُ الهيبة والشخصية، وإن البعض تنقصـــــــهُ الخبرة فــــــــــــــي مجال عمـــــله، مما تســـــــــــــبب فــــــــي هبوط مكانته العلمية، ولم تعد لهُ هيبة المعلّم المتعلم والنموذج والقدوة، وكما للمعلّم دورٌ في سوء هذه العلاقة، فأن لإدارة المدرسة دورٌ أيضاً، فالأسلوب السلطوي والدكتاتوري، لبعض الإدارات يدفعُ الطالب إلى النفور والتمرد في سلوكه، كما يُفترض أن تُخفف الأعباء عن المعلّم بالتقليل من زيادة حصصه التدريسية التي تبعدهُ عن متابعة سلوك تلميذه، إضافة إلى ضعف شخصية المعلّم أو المدير في إدارة المدرسة، مما يدفعُ التلاميذ الى التمادي وتجاوز الحدود، كما إنّ للإعلام والقنوات الفضائية دورٌ أيضاً من خلال بثّها أحياناً ( بقصد أو بدون قصد ) مسلسلات أو أفلام أو برامج تُنمي ثقافة العنف لدى الطلاب، وإن عرض مثل هذه البرامج، قد يكونُ ( سلاحاً ذو حدّين ) ..
كانت أجور المعلّم قليلة جدّاً في القرن الماضي.. لا تسدُ أبسط حاجاته أو حاجات عائلته، لكنهُ بالمقابل كان يقدّمُ ثروة علمية وتربوية وأخلاقية، تعادلُ أضعاف ما يتقاضاه من أجورٍ، فرسالتهُ التي وصفها أمير الشعراء- احمد شوقي، بأنها تقتربُ من رسالة الرسول ( ص ) الدينية والإصلاحية والإنسانية، بقوله : (( قم للمعلم وفّهِ التبجيلا – كاد المعلم أن يكون رسولا )) بعيدةٌ كل البعد عن الماديات والفساد الإداري الذي طال كل شيء، بما في ذلك التعليم ، صحيحٌ إن الحياة تطورت بتطور وسائلها العلمية والتكنولوجية، وتنوعت حاجات ومتطلبات المعلم الذي يسعى جاهداً لإشباعها، فكلما يشبعُ حاجة تظهرُ له حاجة أخرى، يرغبُ بإشباعها وهكذا .. مما شجّعهُ ودفعهُ إلى أعطاء الدروس الخصوصية ( بأجورها الفاحشة )، إلّا إن الوضع المادي للمعلّم تحسن الآن كثيراً، بتعديل أجوره أو مُرتبه، لذا عليه أن يتذكر دائماً إن رسالتهُ تربوية وأخلاقية لا مادية، وعليه أن يقدّم أكثر مما يأخذ ( كما كان المعلم بالأمس ) في الدول المتقدمة مثلاً ، يعتبرُ المعلم أسمى وأعلى طبقات المجتمع.. كضابط الشرطة أو القاضي.. له هيبتهُ وكرامتهُ التي من الضروري أعادتها إليه في هذا الوقت.. من خلال وضع برامج لتوجيه الطلاب من خلال المشرفين التربويين والاجتماعيين، واستخدام آلية خاصة لضمان سلامة الطلاب في المدارس، وتوفير كل متطلبات الدراسة، ونشر التوعية الاجتماعية والدينية، ونشر ثقافة الحوار السلمي بين التلميذ والمعلّم، والابتعاد عن سياسة الترهيب والعقوبات النفسية والجسدية ضدّ التلاميذ، واحتضان الطلبة المتفوقين والنابغين، والاهتمام بهم ورعايتهم، وعلى المعلّم إن يُحصّن نفسهُ علمياً، كي يكون منافساً قوياً لوسائل الإعلام والشبكات العنكبوتية التي توفرُ للطالب كل ما يحتاجه، دون عناء أو تعب، وأن يقنع طلابه بأن مالديه أكثر ..
يبقى المعلّمُ شمعة مضيئة في درب العلم والمعرفة، بعيداً عن الفساد والمفسدين والمحسوبية والطائفية المقيتة التي نخرت جسد المجتمع، وليؤدي رسالته برضاء ضمير وراحة نفس ،لتربية وإعداد الأجيال الواعدة، وكما قال الشاعر والكاتب اللبناني- جبران خليل جبران (( أيها المعلم سنكون خيوطاً في يدك وعلى نولك.. فلتنسجنا ثوباً إن أردت ، فسنكونُ قطعة في ثوب العلى المتعالي )) .