محمد أبو عثمان
2007-09-28, 23:31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الكلام على مذاهب المتصوفة الباطلة يطول وذكر عقائدهم يأخذ وقتا كبيرا جدا في تتبعه ولعلي أنقل بعض مذاهبهم على حلقات في كل حلقة أنقل عقيدة من عقائدهم وأترك المجال لمن أردا التأكد مما أكتبه ثم أكمل المهم نسأل الله أن يهدي الجميع لما فيه الخير ويثبت قلوبنا على السنة والآن مع المقصود .
أول عقيدة سأتكلم عنها الصوفية الحلول ووحدة الوجود :
كثيرا من الناس ينكر هذه العقائد وينفيها عن التصوف خوفا من الناس ولكنهم فيما بينهم يصرحون بمثل هذه العقائد الباطلة ولكن في الحقيقة إن أعلام المتصوفة يقولون بمثل هذه العقيدة ويتبنونها وهذه كتبهم ومؤلفاتهم شاهدة على ذلك يقول الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله تعالى في شرح العقيدة التدمرية في الكلام عن الصوفية :" تبدأ عقيدتهم بالحلول وتنتهي إلى الاتحاد ، الحلول كأن يدعي مدع بأن الله حال في فلان في العالم الفلاني في الولي الفلاني ، حل فيه كما ادعت غلاة الروافض بأن الله حال في علي وزعموا بأنه لا يموت ولن يموت إذ فيه جزء من الله سبحانه وتعالى هذا نوع من الحلول ليس هو الاتحاد لا يعتقدون بأن الله اتحد معه ولكن يقولون حل فيه ، فعقيدة الحلولية كثيرة عند كثير من غلاة المتصوفة وهم دون جماعة وحدة الوجود ، وحدة الوجود لم يثبتوا لله تعالى وجودا حقيقيا منفصلا عن المخلوق إلا أنه متحد مع المخلوق ، الحلولية يثبتون لله تعالى وجودا حقيقا إلا أنه يحل في بعض مخلوقاته كما حل في عيسى في زعمهم وحل في مريم وحل في علي بن أبي طالب وهكذا ضلت هذه الطوائف "
وفيما يلي بيان لبعض أعلام المتصوفة والذين تبنوا مثل هذه العقائد الباطلة :
1- محي الدين بن عربي (560 ـ 638هـ) صاحب الفتوحات المكية وفصوص الحكم :
هذا الرجل الذي تعتبره الصوفية الشيخ الأكبر والمسك الأزفر :وهو أبو بكر محيي الدين محمد بن علي بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي, الملقب بالشيخ الأكبر عند الصوفية, رئيس مدرسة وحدة الوجود, يعتبر نفسه خاتم الأولياء, استقر في دمشق حيث مات ودفن, وله فيها قبر يزار, طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه جميع الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله .
وفيما يلي بعض النقول عن ابن عربي الحاتمي الطائي :
1- يقول بن عربي في كتاب الفصوص :
فأنت عبد, وأنت رب (***) لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب، وأنت عبد (***) لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص (***) يحله من سواه عقد
2-الكون هو الرب عند بن عربي:
يقول في الفصوص :" فقل في الكون ما شئت. إن شئت قلت: هو الخلق، وإن شئت [قلت] هو الحق، وإن شئت قلت: هو الحق الخلق، وإن شئت قلت:
لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه, وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك، فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب، ولولا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه:
فلا تنظر العين إلا إليه (***) ولا يقع الحكم إلا عليه "
3- ويرى بن عربي أن فعل الرب عين فعل الخلق فيقول في فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية:
فإنا أعبد حقا (***) وإن الله مولانا
وإنا عينه، فاعلم (***) إذا ما قلت: إنسانا
فلا تحجب بإنسان (***) فقد أعطاك برهانا
فكن حقا، وكن خلقا (***) تكن بالله رحمانا"
4- المرأة رب الصوفية كما يقرر ذلك بن عربي :
يقول في كتاب الفصوص : " فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما كان شهودا في منفعل عن الحق بلا واسطة، فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل؛ لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة فلهذا أحب -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النساء، لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين، وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا "
5- الحيونات هي الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبير- يقول بن عربي :
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا (***) وما الله إلا راهب في كنيسة
هذا قليل من كثير من أقوال شيخهم الأكبر ابن عربي والتي لو ذكرتها لزلزلت منها الأرض وما أقلتني السماء وفيما يلي أنقل بعض أقوال العلماء فيه باختصار والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد :
1- رأي أبي حيان :
والإمام أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي ذكر ذلك في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17] الآية في أوائلها: "ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهرا، وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة: كالحلاج والشعوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق، وابن الفارض، وأتباع هؤلاء كابن سبعين -وعد جماعة- ثم قال:" "وإنما سردت هؤلاء نصحا لدين الله، يعلم الله ذلك، وشفقة على ضعفاء المسلمين، وليحذروا، فهم شر من الفلاسفة الذين يكذبون الله ورسله، ويقولون بقدم العالم وينكرون البعث، وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء، وادعائهم أنهم صفوة الله".
2- رأي ابن هشام :
ومنهم العلامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام صاحب المغني وغيره من المصنفات البديعة، وكتب على نسخة من كتاب الفصوص.
هذا الذي بضلاله (***) ضلت أوائل مع أواخر
من ظن فيه غير ذا (***) فلينأ عني، فهو كافر
هذا كتاب فصوص الظلم، ونقيض الحكم، وضلال الأمم، كتاب يعجز الذم عن وصفه، قد اكتنفه الباطل من بين يديه ومن خلفه، لقد ضل مؤلفه ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا: لأنه مخالف لما أرسل الله به رسله, وأنزل به كتبه وفطر عليه خليقته" ا. هـ.
3- ابن خلدون:
وقال العلامة قاضي القضاة أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون: "إن طريق المتصوفة منحصر في طريقين:
الأولى: وهي طريقة السنة، طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين(1)
والطريقة الثانية: وهي مشوبة بالبدع، وهي طريقة قوم من المتأخرين يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها، ومن هؤلاء المتوصفة ابن عربي وابن سبعين، وابن برجان وأبتاعهم ممن سلك سبيلهم، ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح [الكفر] ومستهجن البدع، وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه، وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة، أو عدها في الشريعة، ولي ثناء أحد على هؤلاء حجة، ولو بلغ المثنى ما عسى أن يبلغ [من] الفضل؛ لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلا، أو شهادة من كل أحد، وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي والبد لابن سبعين وخلع النعلين لابن قسي [وعين اليقين لابن برجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني، وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة الثانية من نظم ابن الفارض] فالحكم في هذه الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار، والغسل بالماء حتى ينمحي أثر الكتاب؛ لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين بمحو العقائد المختلفة، فيتعين على ولي الأمر إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة، ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق. "
فهؤلاء بعض من العلماء الذين حكموا بضلال بن عربي الذي تمجده الصوفية وتعتبره شيخا الأكبر وكبريتها الأصفر ويتبع بعقيدة بن الفارض إن شاء الله تعالى.
-*-*-*-*-*-*-:
المصادر والحواشي:
(1) يقول الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله في حاشية كتابه مصرع التصوف تعليقا هذا الكلام من بن خلدون رحمه الله تعالى نقلته للفائدة والتذكير:" ما كان من الصحابة، ولا من التابعين صوفي، ولم يسم واحد منهم بهذا الاسم المرادف للزنديق، والصوفية منذ نشئوا وحيث كانوا عصابة تنابذ الكتاب والسنة، لا يفترق في هذا سلفهم عن خلفهم في هذا، غير أن بعضهم كان أشد جرأة من بعض في البيان عن زندقته، ودليلنا ما سجله التاريخ الحق، وما خلفوه هم في كتبهم من تراث وثني طافح بالمجوسية الغادرة، فتقسيم ابن خلدون هذا مجاف للصواب، ولكنه خدع كغيره فيما يشقشق به الصوفية من زور النفاق, إذ يزعمون كاذبين أن طريقهم طريق الكتاب والسنة، وابن خلدون نفسه يقر بأنه بدعة، إذ يقول في مقدمته عن التصوف: "هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة! ثم هل في الكتاب والسنة أن قبر الكرخي يقسم به على الله فيستجيب، ويستشفى به فيهفو الشفاء، وأن الصوفية هم غياث الخلق؟ كما زعم القشيري في رسالته. وهو من سلف الصوفية المتقدمين، وأقلهم شناعة في إفك التصوف. أجاء في السنة أن العزوبية تباح لهذه الأمة بعد المائتين من الهجرة، وأن تربية الجرو أفضل من تربية الولد كما زعم أبو طالب المكي في قوته، ونسب فريته المانوية إلى الرسول, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أفيها أن الدين شريعة وحقيقة، وأن هذه أفضل من تلك؟ أفيها أن المريد لا بد له من شيخ، وأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان؟ أفيها أن قلب المريد بيد شيخه يصرفه بهواه؟ أفيها أن غضب الشيخ من غضب الله؟ أفيها أن المريد يجب أن يكون بين يدي شيخه كجثة الميت بين يدي الغاسل؟ أفيها أن الولي أفضل من النبي؟ أفيها أن العارف يسمع كلام الله كما سمعه موسى؟ أفيها أن الذريات تسبح بحمد الأولياء، وأن هؤلاء يفقهون تسبيحها؟ كما زعم الغزالي؟ تلك بعض مفتريات سلف الصوفية الأقدمين، بهتوا بها الحق والهدى منذ سمي أول رجل منهم بالصوفي في منتصف القرن الثاني للهجرة وبعده، وتلك بعض ضلالات أولئك الأول الذين يزعم لهم ابن خلدون -وغيره- أن طريقهم مؤيد بالكتاب والسنة، أفتنسم على روحك ما نقلته عنهم نسمات حق، أو عبير هدى؟ كلا بل إنه يحموم كفر ومجوسية ألا فلنقل الحق: ما من صوفي إلا وهو يسلك طريق الشيطان وحده من سلف ومن خلف والتقسيم الصحيح للصوفية أن يقال: إنه قسمان: عملي ونظري، وأن هذا وليد ذاك، فالنظرية وليدة التطبيق، ثم نبين خصائص كل من النوعين، مقارنين بينهما وبين الحق من الكتاب والسنة، وسترى بعد هذه المقارنة أن التصوف بينهما وبين الحق من الكتاب والسنة، سترى بعد هذه المقارنة أن التصوف في نشأته وتطوره في سلفيته وخلفيته لا ينتسب إلى الإسلام برحم: دانية، أو نائية"
هذا باختصار من كتاب مصرع التصوف للشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله تعالى .
إن الكلام على مذاهب المتصوفة الباطلة يطول وذكر عقائدهم يأخذ وقتا كبيرا جدا في تتبعه ولعلي أنقل بعض مذاهبهم على حلقات في كل حلقة أنقل عقيدة من عقائدهم وأترك المجال لمن أردا التأكد مما أكتبه ثم أكمل المهم نسأل الله أن يهدي الجميع لما فيه الخير ويثبت قلوبنا على السنة والآن مع المقصود .
أول عقيدة سأتكلم عنها الصوفية الحلول ووحدة الوجود :
كثيرا من الناس ينكر هذه العقائد وينفيها عن التصوف خوفا من الناس ولكنهم فيما بينهم يصرحون بمثل هذه العقائد الباطلة ولكن في الحقيقة إن أعلام المتصوفة يقولون بمثل هذه العقيدة ويتبنونها وهذه كتبهم ومؤلفاتهم شاهدة على ذلك يقول الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله تعالى في شرح العقيدة التدمرية في الكلام عن الصوفية :" تبدأ عقيدتهم بالحلول وتنتهي إلى الاتحاد ، الحلول كأن يدعي مدع بأن الله حال في فلان في العالم الفلاني في الولي الفلاني ، حل فيه كما ادعت غلاة الروافض بأن الله حال في علي وزعموا بأنه لا يموت ولن يموت إذ فيه جزء من الله سبحانه وتعالى هذا نوع من الحلول ليس هو الاتحاد لا يعتقدون بأن الله اتحد معه ولكن يقولون حل فيه ، فعقيدة الحلولية كثيرة عند كثير من غلاة المتصوفة وهم دون جماعة وحدة الوجود ، وحدة الوجود لم يثبتوا لله تعالى وجودا حقيقيا منفصلا عن المخلوق إلا أنه متحد مع المخلوق ، الحلولية يثبتون لله تعالى وجودا حقيقا إلا أنه يحل في بعض مخلوقاته كما حل في عيسى في زعمهم وحل في مريم وحل في علي بن أبي طالب وهكذا ضلت هذه الطوائف "
وفيما يلي بيان لبعض أعلام المتصوفة والذين تبنوا مثل هذه العقائد الباطلة :
1- محي الدين بن عربي (560 ـ 638هـ) صاحب الفتوحات المكية وفصوص الحكم :
هذا الرجل الذي تعتبره الصوفية الشيخ الأكبر والمسك الأزفر :وهو أبو بكر محيي الدين محمد بن علي بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي, الملقب بالشيخ الأكبر عند الصوفية, رئيس مدرسة وحدة الوجود, يعتبر نفسه خاتم الأولياء, استقر في دمشق حيث مات ودفن, وله فيها قبر يزار, طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه جميع الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله .
وفيما يلي بعض النقول عن ابن عربي الحاتمي الطائي :
1- يقول بن عربي في كتاب الفصوص :
فأنت عبد, وأنت رب (***) لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب، وأنت عبد (***) لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص (***) يحله من سواه عقد
2-الكون هو الرب عند بن عربي:
يقول في الفصوص :" فقل في الكون ما شئت. إن شئت قلت: هو الخلق، وإن شئت [قلت] هو الحق، وإن شئت قلت: هو الحق الخلق، وإن شئت قلت:
لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه, وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك، فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب، ولولا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه:
فلا تنظر العين إلا إليه (***) ولا يقع الحكم إلا عليه "
3- ويرى بن عربي أن فعل الرب عين فعل الخلق فيقول في فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية:
فإنا أعبد حقا (***) وإن الله مولانا
وإنا عينه، فاعلم (***) إذا ما قلت: إنسانا
فلا تحجب بإنسان (***) فقد أعطاك برهانا
فكن حقا، وكن خلقا (***) تكن بالله رحمانا"
4- المرأة رب الصوفية كما يقرر ذلك بن عربي :
يقول في كتاب الفصوص : " فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما كان شهودا في منفعل عن الحق بلا واسطة، فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل؛ لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة فلهذا أحب -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النساء، لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين، وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا "
5- الحيونات هي الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبير- يقول بن عربي :
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا (***) وما الله إلا راهب في كنيسة
هذا قليل من كثير من أقوال شيخهم الأكبر ابن عربي والتي لو ذكرتها لزلزلت منها الأرض وما أقلتني السماء وفيما يلي أنقل بعض أقوال العلماء فيه باختصار والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد :
1- رأي أبي حيان :
والإمام أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي ذكر ذلك في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17] الآية في أوائلها: "ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهرا، وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة: كالحلاج والشعوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق، وابن الفارض، وأتباع هؤلاء كابن سبعين -وعد جماعة- ثم قال:" "وإنما سردت هؤلاء نصحا لدين الله، يعلم الله ذلك، وشفقة على ضعفاء المسلمين، وليحذروا، فهم شر من الفلاسفة الذين يكذبون الله ورسله، ويقولون بقدم العالم وينكرون البعث، وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء، وادعائهم أنهم صفوة الله".
2- رأي ابن هشام :
ومنهم العلامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام صاحب المغني وغيره من المصنفات البديعة، وكتب على نسخة من كتاب الفصوص.
هذا الذي بضلاله (***) ضلت أوائل مع أواخر
من ظن فيه غير ذا (***) فلينأ عني، فهو كافر
هذا كتاب فصوص الظلم، ونقيض الحكم، وضلال الأمم، كتاب يعجز الذم عن وصفه، قد اكتنفه الباطل من بين يديه ومن خلفه، لقد ضل مؤلفه ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا: لأنه مخالف لما أرسل الله به رسله, وأنزل به كتبه وفطر عليه خليقته" ا. هـ.
3- ابن خلدون:
وقال العلامة قاضي القضاة أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون: "إن طريق المتصوفة منحصر في طريقين:
الأولى: وهي طريقة السنة، طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين(1)
والطريقة الثانية: وهي مشوبة بالبدع، وهي طريقة قوم من المتأخرين يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها، ومن هؤلاء المتوصفة ابن عربي وابن سبعين، وابن برجان وأبتاعهم ممن سلك سبيلهم، ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح [الكفر] ومستهجن البدع، وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه، وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة، أو عدها في الشريعة، ولي ثناء أحد على هؤلاء حجة، ولو بلغ المثنى ما عسى أن يبلغ [من] الفضل؛ لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلا، أو شهادة من كل أحد، وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي والبد لابن سبعين وخلع النعلين لابن قسي [وعين اليقين لابن برجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني، وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة الثانية من نظم ابن الفارض] فالحكم في هذه الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار، والغسل بالماء حتى ينمحي أثر الكتاب؛ لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين بمحو العقائد المختلفة، فيتعين على ولي الأمر إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة، ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق. "
فهؤلاء بعض من العلماء الذين حكموا بضلال بن عربي الذي تمجده الصوفية وتعتبره شيخا الأكبر وكبريتها الأصفر ويتبع بعقيدة بن الفارض إن شاء الله تعالى.
-*-*-*-*-*-*-:
المصادر والحواشي:
(1) يقول الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله في حاشية كتابه مصرع التصوف تعليقا هذا الكلام من بن خلدون رحمه الله تعالى نقلته للفائدة والتذكير:" ما كان من الصحابة، ولا من التابعين صوفي، ولم يسم واحد منهم بهذا الاسم المرادف للزنديق، والصوفية منذ نشئوا وحيث كانوا عصابة تنابذ الكتاب والسنة، لا يفترق في هذا سلفهم عن خلفهم في هذا، غير أن بعضهم كان أشد جرأة من بعض في البيان عن زندقته، ودليلنا ما سجله التاريخ الحق، وما خلفوه هم في كتبهم من تراث وثني طافح بالمجوسية الغادرة، فتقسيم ابن خلدون هذا مجاف للصواب، ولكنه خدع كغيره فيما يشقشق به الصوفية من زور النفاق, إذ يزعمون كاذبين أن طريقهم طريق الكتاب والسنة، وابن خلدون نفسه يقر بأنه بدعة، إذ يقول في مقدمته عن التصوف: "هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة! ثم هل في الكتاب والسنة أن قبر الكرخي يقسم به على الله فيستجيب، ويستشفى به فيهفو الشفاء، وأن الصوفية هم غياث الخلق؟ كما زعم القشيري في رسالته. وهو من سلف الصوفية المتقدمين، وأقلهم شناعة في إفك التصوف. أجاء في السنة أن العزوبية تباح لهذه الأمة بعد المائتين من الهجرة، وأن تربية الجرو أفضل من تربية الولد كما زعم أبو طالب المكي في قوته، ونسب فريته المانوية إلى الرسول, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أفيها أن الدين شريعة وحقيقة، وأن هذه أفضل من تلك؟ أفيها أن المريد لا بد له من شيخ، وأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان؟ أفيها أن قلب المريد بيد شيخه يصرفه بهواه؟ أفيها أن غضب الشيخ من غضب الله؟ أفيها أن المريد يجب أن يكون بين يدي شيخه كجثة الميت بين يدي الغاسل؟ أفيها أن الولي أفضل من النبي؟ أفيها أن العارف يسمع كلام الله كما سمعه موسى؟ أفيها أن الذريات تسبح بحمد الأولياء، وأن هؤلاء يفقهون تسبيحها؟ كما زعم الغزالي؟ تلك بعض مفتريات سلف الصوفية الأقدمين، بهتوا بها الحق والهدى منذ سمي أول رجل منهم بالصوفي في منتصف القرن الثاني للهجرة وبعده، وتلك بعض ضلالات أولئك الأول الذين يزعم لهم ابن خلدون -وغيره- أن طريقهم مؤيد بالكتاب والسنة، أفتنسم على روحك ما نقلته عنهم نسمات حق، أو عبير هدى؟ كلا بل إنه يحموم كفر ومجوسية ألا فلنقل الحق: ما من صوفي إلا وهو يسلك طريق الشيطان وحده من سلف ومن خلف والتقسيم الصحيح للصوفية أن يقال: إنه قسمان: عملي ونظري، وأن هذا وليد ذاك، فالنظرية وليدة التطبيق، ثم نبين خصائص كل من النوعين، مقارنين بينهما وبين الحق من الكتاب والسنة، وسترى بعد هذه المقارنة أن التصوف بينهما وبين الحق من الكتاب والسنة، سترى بعد هذه المقارنة أن التصوف في نشأته وتطوره في سلفيته وخلفيته لا ينتسب إلى الإسلام برحم: دانية، أو نائية"
هذا باختصار من كتاب مصرع التصوف للشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله تعالى .