فريد الفاطل
2016-09-16, 21:33
https://www.alaraby.co.uk/File/GetImageCustom/c3971f7f-0103-4229-931a-00e84e222c38/612/349
كان يمكن القول إن مقال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في صحيفة نيويورك تايمز، قبل أيام، بعنوان "لنخلص العالم من الوهابية"، وهاجم فيه المملكة العربية السعودية، إنما يدخل في سياق التنافس المحموم والعداء المعلن بين إيران والسعودية، لولا أنه جاء في سياق تصعيدٍ أميركيٍّ مواز مع المملكة، وافتراق مواقفهما حيال ملفاتٍ إقليميةٍ كثيرة. وبالتالي، لا ينبغي التهوين أبداً من شأن ذلك المقال، والإزاحات التي تجري في واشنطن، لناحية إعادة تعريف نطاق التحالفات الأميركية في الشرق الأوسط وطبيعتها، خصوصا أن كثيرين هناك في واشنطن ممن يشاطر ظريف طروحاته أن "الوهابية" تمثل المذهب الذي استوحت منه الحركات المتطرفة، مثل "داعش" و"القاعدة" و"بوكو حرام" إيديولوجياتها. ولعل التوافق الضمني والزمني بين تحميل ظريف "الوهابية المسلحة" مسؤولية هجمات "11سبتمبر" 2001 في نيويورك وواشنطن، وإقرار الكونغرس الأميركي، قبل ذلك بأيام، "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب"، والذي يسمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة المملكة طلباً لتعويضات، ما يغنينا عن كثير شرح في هذه النقطة. إذن، ليس سراً أن ثمة توترات أميركية-سعودية حقيقية، وهي غير مقتصرة على افتراق حسابات الحليفين في ملفاتٍ إقليميةٍ، كالاتفاق النووي مع إيران وسورية واليمن.. إلخ، بل إنها تطاول أسس التحالف نفسها المستمرة منذ عقود طويلة. وأي محاولةٍ لتبسيط مدى التوترات بين الطرفين وعمقها، وحجم التغييرات التي تعرفها المقاربات الأميركية في المنطقة، منذ هجمات 2001، أي ما قبل إدارتي باراك أوباما، سيقود إلى نتائج كارثيةٍ على المنظومة الأمنية الخليجية، والعربية عموماً، في ظل غياب بدائل للتحالف مع واشنطن، فالأمر غير مرتبط، فحسب، بتضاؤل اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي والخليجي، ولا كذلك باتجاه المقاربة الخارجية الأميركية للتركيز أكثر على حوض المحيط الهادئ، آسيوياً، في مقابل التخفف قليلاً من أعباء الشرق الأوسط، بقدر ما أنه مرتبط بإعادة تعريف مصدر التهديد الأساس للأمن القومي الأميركي، والمصالح الأميركية الحيوية في الشرق الأوسط والعالم. ومنبع هذا التهديد، حسب هذه المقاربة، "الإسلام السني" اليوم، وتحديداً "المذهب الوهابي"، الملهم للحركات المتطرفة والإرهابية، كما تزعم هذه المقاربة. ولمن لا يزال يعيش في الأوهام، هنا، نذكّره بأن "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" حظي بإجماعٍ في مجلس الشيوخ الأميركي، وبأغلبيةٍ مطلقةٍ في مجلس النواب، بمعنى أنه تمَّ بتوافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو أمر ينبئ بالكثير حول حقيقة التغيرات الجارية في واشنطن لمن أراد أن يفهم، وبأن الأمر أكبر من أن ينتهي مع مغادرة الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض.
ضمن السياق السابق، قد يكون مفيداً التذكير ببعض ما نقلته مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية في ربيع العام الجاري، بعنوان "عقيدة أوباما" في السياسة الخارجية. إذ لم يكتف أوباما بمطالبة السعودية، والدول الخليجية الأخرى، بـ"مشاركة المنطقة" مع إيران، بل ذهب إلى حد تحميلها، وتحديدا السعودية، مسؤولية تأجيج "الغضب الإسلامي"، وتصدير نسخةٍ "وهابيةٍ" أكثر "أصولية" من الإسلام. إنها الاتهامات نفسها التي حفلت بها مقالة ظريف، والتي تزامنت مع الذكرى الخامسة عشرة لهجمات سبتمبر/أيلول 2001، ما يحيلنا مجدّدا إلى تقرير "ذا أتلانتيك"، سالف الذكر، والذي ينقل عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إنه كثيراً ما تسمع مستشاري أوباما في مجلس الأمن القومي الأميركي، يُذَكِّرونَ زائري البيت الأبيض أن غالب مرتكبي هجمات "11 سبتمبر" كانوا سعوديين، وليسوا إيرانيين. ومرة أخرى، نعيد التشديد، هنا، على أن تبسيط الأمر ومقاربة إرهاصات افتراق الأجندتين الأميركية - السعودية في إدارة أوباما، سيكون ذا نتائج كارثية على أمن المملكة والخليج العربي، ذلك أن ترسيم معالم الافتراق الأميركي - السعودي أصبح حديثاً يتشارك فيه الحزبان، الديمقراطي والجموري، فضلا عن دوائر التفكير السياسي الأميركي.
لنتجاوز الاستطراد في توصيف إرهاصات الافتراق وأسبابه، ولنعرج قليلا على المطلوب سعوديا.
العربي الجديد
كان يمكن القول إن مقال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في صحيفة نيويورك تايمز، قبل أيام، بعنوان "لنخلص العالم من الوهابية"، وهاجم فيه المملكة العربية السعودية، إنما يدخل في سياق التنافس المحموم والعداء المعلن بين إيران والسعودية، لولا أنه جاء في سياق تصعيدٍ أميركيٍّ مواز مع المملكة، وافتراق مواقفهما حيال ملفاتٍ إقليميةٍ كثيرة. وبالتالي، لا ينبغي التهوين أبداً من شأن ذلك المقال، والإزاحات التي تجري في واشنطن، لناحية إعادة تعريف نطاق التحالفات الأميركية في الشرق الأوسط وطبيعتها، خصوصا أن كثيرين هناك في واشنطن ممن يشاطر ظريف طروحاته أن "الوهابية" تمثل المذهب الذي استوحت منه الحركات المتطرفة، مثل "داعش" و"القاعدة" و"بوكو حرام" إيديولوجياتها. ولعل التوافق الضمني والزمني بين تحميل ظريف "الوهابية المسلحة" مسؤولية هجمات "11سبتمبر" 2001 في نيويورك وواشنطن، وإقرار الكونغرس الأميركي، قبل ذلك بأيام، "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب"، والذي يسمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة المملكة طلباً لتعويضات، ما يغنينا عن كثير شرح في هذه النقطة. إذن، ليس سراً أن ثمة توترات أميركية-سعودية حقيقية، وهي غير مقتصرة على افتراق حسابات الحليفين في ملفاتٍ إقليميةٍ، كالاتفاق النووي مع إيران وسورية واليمن.. إلخ، بل إنها تطاول أسس التحالف نفسها المستمرة منذ عقود طويلة. وأي محاولةٍ لتبسيط مدى التوترات بين الطرفين وعمقها، وحجم التغييرات التي تعرفها المقاربات الأميركية في المنطقة، منذ هجمات 2001، أي ما قبل إدارتي باراك أوباما، سيقود إلى نتائج كارثيةٍ على المنظومة الأمنية الخليجية، والعربية عموماً، في ظل غياب بدائل للتحالف مع واشنطن، فالأمر غير مرتبط، فحسب، بتضاؤل اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي والخليجي، ولا كذلك باتجاه المقاربة الخارجية الأميركية للتركيز أكثر على حوض المحيط الهادئ، آسيوياً، في مقابل التخفف قليلاً من أعباء الشرق الأوسط، بقدر ما أنه مرتبط بإعادة تعريف مصدر التهديد الأساس للأمن القومي الأميركي، والمصالح الأميركية الحيوية في الشرق الأوسط والعالم. ومنبع هذا التهديد، حسب هذه المقاربة، "الإسلام السني" اليوم، وتحديداً "المذهب الوهابي"، الملهم للحركات المتطرفة والإرهابية، كما تزعم هذه المقاربة. ولمن لا يزال يعيش في الأوهام، هنا، نذكّره بأن "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" حظي بإجماعٍ في مجلس الشيوخ الأميركي، وبأغلبيةٍ مطلقةٍ في مجلس النواب، بمعنى أنه تمَّ بتوافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو أمر ينبئ بالكثير حول حقيقة التغيرات الجارية في واشنطن لمن أراد أن يفهم، وبأن الأمر أكبر من أن ينتهي مع مغادرة الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض.
ضمن السياق السابق، قد يكون مفيداً التذكير ببعض ما نقلته مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية في ربيع العام الجاري، بعنوان "عقيدة أوباما" في السياسة الخارجية. إذ لم يكتف أوباما بمطالبة السعودية، والدول الخليجية الأخرى، بـ"مشاركة المنطقة" مع إيران، بل ذهب إلى حد تحميلها، وتحديدا السعودية، مسؤولية تأجيج "الغضب الإسلامي"، وتصدير نسخةٍ "وهابيةٍ" أكثر "أصولية" من الإسلام. إنها الاتهامات نفسها التي حفلت بها مقالة ظريف، والتي تزامنت مع الذكرى الخامسة عشرة لهجمات سبتمبر/أيلول 2001، ما يحيلنا مجدّدا إلى تقرير "ذا أتلانتيك"، سالف الذكر، والذي ينقل عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إنه كثيراً ما تسمع مستشاري أوباما في مجلس الأمن القومي الأميركي، يُذَكِّرونَ زائري البيت الأبيض أن غالب مرتكبي هجمات "11 سبتمبر" كانوا سعوديين، وليسوا إيرانيين. ومرة أخرى، نعيد التشديد، هنا، على أن تبسيط الأمر ومقاربة إرهاصات افتراق الأجندتين الأميركية - السعودية في إدارة أوباما، سيكون ذا نتائج كارثية على أمن المملكة والخليج العربي، ذلك أن ترسيم معالم الافتراق الأميركي - السعودي أصبح حديثاً يتشارك فيه الحزبان، الديمقراطي والجموري، فضلا عن دوائر التفكير السياسي الأميركي.
لنتجاوز الاستطراد في توصيف إرهاصات الافتراق وأسبابه، ولنعرج قليلا على المطلوب سعوديا.
العربي الجديد