نينا الجزائرية
2009-10-12, 12:28
أنا المسئول
http://www.abunawaf.com/images/dot.gif (http://www.abunawaf.com/post-7759.html)http://www.abunawaf.com/images/dot.gif
كان الخليفة الفاروق يمارس عادته اليومية في تفقد الرعية و أداء حقهم عليه و بينما هو يتجول في أزقة المدينة و شوارعها لفت نظره بيت لعابر سبيل على أطراف المدينة فذهب إلى هناك ليكتشف حال هذا النازل الجديد، و بينما هو يقترب من البيت شده صوت أطفال يصرخون و يتألمون و منظر أم تضع القدر الممتلئ بالماء و الحجارة فقط على النار لكي يهدأ الصغار و يعيشون على أمل أن هناك طعام يعد و جوع سوف يسد
دخل عمر على المرأة و تفقد حالتها و إذا بها تعيش الفقر بكل صوره و الحرمان بكل تجلياته و ليس لها في إطعام نفسها و أولادها الثلاثة لا حول و لا قوة
سألها الفاروق عن حالها و لم يعرفها بنفسه فشكت إليه الحال و قالت كلمة كانت قاصمة لظهر عمر رضي الله عنه
" الله الله على عمر "
فسألها عمر باستغراب لم تدعين عليه ؟؟
فقالت أيلي أمرنا و يغفل عنا !!
صدم الفاروق رضي الله عنه بهذا الكلام و هو الذي لا يضع نفسه إلا في محل تقصير رغم عظمة عهده و انتشار عدله و سعة أفقه و سداد حكمته و تميز إدارته للأمور، خرج عمر مسرعا إلى بيت مال المسلمين و طلب من الحارس بسرعة كبيرة أن يحضر الدقيق و الزيت و العسل، و فعلا كان ذلك
فقال عمر للحارس: احمل علي
فقال الحارس بتردد: (( أحمل عنك أم أحمل عليك يا أمير المؤمنين
فقال عمر: احمل علي
فقال الحارس: أحمل عنك أم أحمل عليك يا أمير المؤمنين
فقال عمر: ثكلتك أمك أأنت تحمل عني ذنوبي يوم القيامة ؟؟
فزع الحارس , و حمل عمر كل هذه الأغذية على ظهره و اتجه مسرعا إلى بيت أم المساكين، و هو يعاقب نفسه في كل خطوة يخطوها
أعد بنفسه الطعام و خدم الأطفال و أمهم بيديه و هو بغاية السعادة
قاطعت المرأة عمل عمر قائلة: ليتك أنت كنت الخليفة بدل عن عمر
لم يعلق أبا حفص و خرج بعد أن أنهى مهمته و كان الوقت قرابة الفجر، و تخبأ خلف شجرة على مقربة من بيت أم المساكين و أطفالها، و كان معه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الذي ألح عليه أن يعود فقد حان وقت صلاة الفجر
رفض عمر و قال كلمة عظيمة لو مزجت بماء البحر لمزجته: " و الله لا أتركهم حتى أراهم يضحكون مثلما أتيتهم يبكون
حتى في دقائق الأمور كان يحسب المسؤولية و لم يكن يعظم عمله أو يضخم دوره أو يلقي باللائمة على الآخرين تهربا أو ضعفا
عاد الفاروق من رحلته الاستكشافية تحت إلحاح من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، و صلى بالمسلمين الفجر فكان يبكي بكاء الثكالى عند كل آية من آيات القرآن الكريم و هو يستحضر رب السموات و الأرض و هو واقف بين يديه و يقول في نفسه إن لم يسامحني فلقد هلكت - في مشهد لفت أنظار الصحابة الكرام و أثار تساؤلاتهم
في الغد كان في مجلس الخلافة وعلى يمينه و شماله على بن أبي طالب و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم
فأقبلت المرأة أم المساكين على مجلس الخلافة لتقابل خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم
و بالصدفة سمعت أحد الصحابة يقول لعمر يا أمير المؤمنين
فصدمت
هذا الذي أطعمنا و سقانا و اهتم بنا بالأمس, و هذا الذي دعوت عليه و لم يقل لي شيئاً
قدمت لعمر الاعتذار فبادرها عمر بقول يدل على أن ضميره الطاهر ما زال يؤنبه
(( بكم تبيعين مظلمتك ))
ردت الأم باستغراب: لقد سامحت و انتهى كل شيء بالأمس فلقد عملت لنا كل شيء
أصر عمر و قال: سوف أشتري مظلمتك بستمائة درهم من مالي، و سوف يشهد على ذلك علي و ابن مسعود
وافقت المرأة على مضض بعد إلحاح عمر
دفع المال و كتب هذا العفو عن عمر على رقعة و شهد الصحابة على ذلك
لم يكتف عمر بذلك إنما أوصى الصحابة بوصية خالدة إلى الآن تدل على ورعه و تقواه و تحمله للمسؤولية بكل شهامة و جرأة و بكل عدل و إنصاف
و كانت وصيته ضعوا هذه الرقعة التى تنازلت بها أمة الله عن حقها بين جسدي و كفني بعد أن أموت حتى ألقى بها وجه الله يوم القيامة
ما أروع هذه القصة التي أستشهد بها في موضوع مهم و محوري هو الإحساس بالمسؤولية في جميع أنواعها و أصنافها
فأنت مسؤول أمام نفسك و أهلك و عائلتك و وطنك و أمتك
فهل نعيش إحساسا بالمسؤولية عن كل ما يدور حولنا أم أننا نكتفي فقط بسعادة النفس و تلبية رغباتها و إشباع غرورها بغض النظر عما يدور حولنا
لقد تطور الغرب و تقدم بسبب الإحساس بالمسؤولية، فعلى سبيل المثال عدد المتطوعين في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 94 مليون متطوع أي أن حوالي ثلث الشعب ملتحق بأعمال خيرية أو إنسانية تطوعية كان منبعها و المحرك لها الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع و تجاه الأمة الأمريكية
و أيضا على الجانب الآخر ساد المسلمون طوال ثلاثة عشر قرنا من خلال الإحساس بالمسؤولية و نبذ الأنانية و الإفراط في حب الذات كسلوك و تصرف ممقوت
اللذين هما دخيلين على المجتمعات الإسلامية التي تؤمن بالعمل الجماعي و تؤسس له، و أنه لا مكان لأي صوت نشاز يحفز على اللامبالاة و الاستهتار و عدم الاكتراث بما يحدث هنا أو هناك فهذه الأمة بجميع أقطارها و أفرادها جسد واحد و كما هو مطلوب منا أن نسعد الجميع يجب علينا أن نمسح دموع الجميع بكل إيجابية و تألق
و هي مطلب تربوي مهم يجب أن يعلم عليه الصغير و الكبير و المرأة و الرجل و تلتف حوله الأسرة في النقاش و الحوار
فالمرأة التي دخلت النار كان ذلك بسب مسؤوليتها عن تلك الهرة التي حبستها، و على النقيض تماما فلقد غفر الله للمرأة الزانية حينما أسقت الكلب العطشان بخفها
هنا يكون معدن الإنسان نفيسا و غاليا كالذهب حينما يحس بالمسؤولية في عمله و في معاملاته و في عبادته في حله و في ترحاله، تجاه القاصي و الداني و تجاه الكبير و الصغير
يقول علي بن أبي طالب ماقتا السلبية و التخلي و التخاذل: أن تعطي القليل خير من الحرمان
و لتكن تربية روحية قيّمة لنا جميعا تبدأ من إحساسنا بالمسؤولية أمام العلي القدير سبحانه عن كل سلوكياتنا و تصرفاتنا و أقوالنا
و من ثم إحساسنا بالمسؤولية تجاه أسرنا و عائلاتنا و مجتمعنا و أمتنا
فما أجمل أن تحس بمسؤوليتك عن أخطائك و عثراتك و هفواتك تجاه الله تعالى خالقك و محييك و المنعم عليك، ثم تجاه خلقه الذين يشاركونك العيش و الحياة و تشاركهم الماء و الغذاء و الهواء فتجبر ما انكسر و تأخذ العبر و تفتح نافذة جديدة على حياة أجمل و أحلى و أسعد و أبقى
و تقول في نفسك و أنت مسرور بكل شجاعة
أنا المسئول
http://www.abunawaf.com/images/dot.gif (http://www.abunawaf.com/post-7759.html)http://www.abunawaf.com/images/dot.gif
كان الخليفة الفاروق يمارس عادته اليومية في تفقد الرعية و أداء حقهم عليه و بينما هو يتجول في أزقة المدينة و شوارعها لفت نظره بيت لعابر سبيل على أطراف المدينة فذهب إلى هناك ليكتشف حال هذا النازل الجديد، و بينما هو يقترب من البيت شده صوت أطفال يصرخون و يتألمون و منظر أم تضع القدر الممتلئ بالماء و الحجارة فقط على النار لكي يهدأ الصغار و يعيشون على أمل أن هناك طعام يعد و جوع سوف يسد
دخل عمر على المرأة و تفقد حالتها و إذا بها تعيش الفقر بكل صوره و الحرمان بكل تجلياته و ليس لها في إطعام نفسها و أولادها الثلاثة لا حول و لا قوة
سألها الفاروق عن حالها و لم يعرفها بنفسه فشكت إليه الحال و قالت كلمة كانت قاصمة لظهر عمر رضي الله عنه
" الله الله على عمر "
فسألها عمر باستغراب لم تدعين عليه ؟؟
فقالت أيلي أمرنا و يغفل عنا !!
صدم الفاروق رضي الله عنه بهذا الكلام و هو الذي لا يضع نفسه إلا في محل تقصير رغم عظمة عهده و انتشار عدله و سعة أفقه و سداد حكمته و تميز إدارته للأمور، خرج عمر مسرعا إلى بيت مال المسلمين و طلب من الحارس بسرعة كبيرة أن يحضر الدقيق و الزيت و العسل، و فعلا كان ذلك
فقال عمر للحارس: احمل علي
فقال الحارس بتردد: (( أحمل عنك أم أحمل عليك يا أمير المؤمنين
فقال عمر: احمل علي
فقال الحارس: أحمل عنك أم أحمل عليك يا أمير المؤمنين
فقال عمر: ثكلتك أمك أأنت تحمل عني ذنوبي يوم القيامة ؟؟
فزع الحارس , و حمل عمر كل هذه الأغذية على ظهره و اتجه مسرعا إلى بيت أم المساكين، و هو يعاقب نفسه في كل خطوة يخطوها
أعد بنفسه الطعام و خدم الأطفال و أمهم بيديه و هو بغاية السعادة
قاطعت المرأة عمل عمر قائلة: ليتك أنت كنت الخليفة بدل عن عمر
لم يعلق أبا حفص و خرج بعد أن أنهى مهمته و كان الوقت قرابة الفجر، و تخبأ خلف شجرة على مقربة من بيت أم المساكين و أطفالها، و كان معه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الذي ألح عليه أن يعود فقد حان وقت صلاة الفجر
رفض عمر و قال كلمة عظيمة لو مزجت بماء البحر لمزجته: " و الله لا أتركهم حتى أراهم يضحكون مثلما أتيتهم يبكون
حتى في دقائق الأمور كان يحسب المسؤولية و لم يكن يعظم عمله أو يضخم دوره أو يلقي باللائمة على الآخرين تهربا أو ضعفا
عاد الفاروق من رحلته الاستكشافية تحت إلحاح من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، و صلى بالمسلمين الفجر فكان يبكي بكاء الثكالى عند كل آية من آيات القرآن الكريم و هو يستحضر رب السموات و الأرض و هو واقف بين يديه و يقول في نفسه إن لم يسامحني فلقد هلكت - في مشهد لفت أنظار الصحابة الكرام و أثار تساؤلاتهم
في الغد كان في مجلس الخلافة وعلى يمينه و شماله على بن أبي طالب و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم
فأقبلت المرأة أم المساكين على مجلس الخلافة لتقابل خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم
و بالصدفة سمعت أحد الصحابة يقول لعمر يا أمير المؤمنين
فصدمت
هذا الذي أطعمنا و سقانا و اهتم بنا بالأمس, و هذا الذي دعوت عليه و لم يقل لي شيئاً
قدمت لعمر الاعتذار فبادرها عمر بقول يدل على أن ضميره الطاهر ما زال يؤنبه
(( بكم تبيعين مظلمتك ))
ردت الأم باستغراب: لقد سامحت و انتهى كل شيء بالأمس فلقد عملت لنا كل شيء
أصر عمر و قال: سوف أشتري مظلمتك بستمائة درهم من مالي، و سوف يشهد على ذلك علي و ابن مسعود
وافقت المرأة على مضض بعد إلحاح عمر
دفع المال و كتب هذا العفو عن عمر على رقعة و شهد الصحابة على ذلك
لم يكتف عمر بذلك إنما أوصى الصحابة بوصية خالدة إلى الآن تدل على ورعه و تقواه و تحمله للمسؤولية بكل شهامة و جرأة و بكل عدل و إنصاف
و كانت وصيته ضعوا هذه الرقعة التى تنازلت بها أمة الله عن حقها بين جسدي و كفني بعد أن أموت حتى ألقى بها وجه الله يوم القيامة
ما أروع هذه القصة التي أستشهد بها في موضوع مهم و محوري هو الإحساس بالمسؤولية في جميع أنواعها و أصنافها
فأنت مسؤول أمام نفسك و أهلك و عائلتك و وطنك و أمتك
فهل نعيش إحساسا بالمسؤولية عن كل ما يدور حولنا أم أننا نكتفي فقط بسعادة النفس و تلبية رغباتها و إشباع غرورها بغض النظر عما يدور حولنا
لقد تطور الغرب و تقدم بسبب الإحساس بالمسؤولية، فعلى سبيل المثال عدد المتطوعين في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 94 مليون متطوع أي أن حوالي ثلث الشعب ملتحق بأعمال خيرية أو إنسانية تطوعية كان منبعها و المحرك لها الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع و تجاه الأمة الأمريكية
و أيضا على الجانب الآخر ساد المسلمون طوال ثلاثة عشر قرنا من خلال الإحساس بالمسؤولية و نبذ الأنانية و الإفراط في حب الذات كسلوك و تصرف ممقوت
اللذين هما دخيلين على المجتمعات الإسلامية التي تؤمن بالعمل الجماعي و تؤسس له، و أنه لا مكان لأي صوت نشاز يحفز على اللامبالاة و الاستهتار و عدم الاكتراث بما يحدث هنا أو هناك فهذه الأمة بجميع أقطارها و أفرادها جسد واحد و كما هو مطلوب منا أن نسعد الجميع يجب علينا أن نمسح دموع الجميع بكل إيجابية و تألق
و هي مطلب تربوي مهم يجب أن يعلم عليه الصغير و الكبير و المرأة و الرجل و تلتف حوله الأسرة في النقاش و الحوار
فالمرأة التي دخلت النار كان ذلك بسب مسؤوليتها عن تلك الهرة التي حبستها، و على النقيض تماما فلقد غفر الله للمرأة الزانية حينما أسقت الكلب العطشان بخفها
هنا يكون معدن الإنسان نفيسا و غاليا كالذهب حينما يحس بالمسؤولية في عمله و في معاملاته و في عبادته في حله و في ترحاله، تجاه القاصي و الداني و تجاه الكبير و الصغير
يقول علي بن أبي طالب ماقتا السلبية و التخلي و التخاذل: أن تعطي القليل خير من الحرمان
و لتكن تربية روحية قيّمة لنا جميعا تبدأ من إحساسنا بالمسؤولية أمام العلي القدير سبحانه عن كل سلوكياتنا و تصرفاتنا و أقوالنا
و من ثم إحساسنا بالمسؤولية تجاه أسرنا و عائلاتنا و مجتمعنا و أمتنا
فما أجمل أن تحس بمسؤوليتك عن أخطائك و عثراتك و هفواتك تجاه الله تعالى خالقك و محييك و المنعم عليك، ثم تجاه خلقه الذين يشاركونك العيش و الحياة و تشاركهم الماء و الغذاء و الهواء فتجبر ما انكسر و تأخذ العبر و تفتح نافذة جديدة على حياة أجمل و أحلى و أسعد و أبقى
و تقول في نفسك و أنت مسرور بكل شجاعة
أنا المسئول