المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة مهمة لشيخ الاسلام


عبد الباسط آل القاضي
2016-08-25, 20:38
قال في كتابه الماتع الباهر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح يردُّ على النصارى في قولهــم أن النبي صلى الله عليه وسلم انه مبعوث لجاهلية العرب وانه كان مسلطا عليهم دون غيـرهم ، وأنه رسول غضب أرسله الله إرسالا كونيا ؛لينتقم منهم كما أرسل بختنصـر وسنحاريب على بنـي إسرائيل وكما أرسل جنكس خان وغيـره من الملوك الكافرين والظالمين ، مما ينتقم به ممن عصاه . وجعل ارسال الأنبياء كإرسال الريح بالعذاب وكما يرسل الشياطين فبيَّن الشيخ رحمه الله الفرق بين الأمر الكوني والديني قال رضي الله عنه : (

قال تعالى : ( أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزَّا)

وقال تعالى :

( وقضينا إلى بنـي إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيـرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديد فجاسوا خلال الديَّار وكان وعداً مفعولا)

وهذا بخلاف قوله :

( إنَّا أرسلنا نوحا إلى قومه )

وقوله تعالى :

(إنَّا أرسلنا إليكم رسولا شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا)

وقوله -تعالى-:

( إنَّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبين من بعده واوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسـى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وأتينا داود زابورا ورسلا قصصنا عليك ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)

فإن هذا يعنـي به الإرسال الديـني ، الذي يحبه -تعالى- ويرضاه ، الذي هدى به من اتبعهم ، وأدخله في رحمته ، وعاقب من عصاهم ، وجعله من المستوجبين للعذاب وهو الإرسال الذي أوجب الله به طاعة من أرسله ، كما قال-تعالى :

( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله )

وقال تعالى :

( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )

وهذه الرسالة التـي أقام بها الحجة على الخلق ، كما قال تعالى :

( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للنَّاس على الله حجة بعد الرسل)

وقال -تعالى-

( الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس)

وهذا كما اصطفى روح القدس جبريل-عليه السلام- لنزوله بالقرآن على من اصطفاه من البشـر ،وهو محمد -صلى الله عليه وسلم-

قال تعالى ( قل من كان عدوا لجبـريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين)

وقال تعالى :

( وإنه لتنزيلُ رب العالمين نزل به الروح الأمين ، على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربيِّ مبين )

وقال -تعالى :

( وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتــر بل أكثـرهم لا يعلمون قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين)

فأخبـر أنه نزل به جبـريل ، وسماه الروح الأمين ، وسماه الروح القدس ، وقد ذكره أيضا في قوله :

( إنه لقول رسول كريم ، ذي قوة عند ذي العرش مكين ، مطاع ثم أمين)

ثم قال :

( وما صاحبكم بمجنون ، ولقد رآه بالأفق المبين ، وماهو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم ، فأين تذهبون ، إن هو إلا ذكرٌ للعالمين ، لمن شاء منكم أن يستقيم ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )

فهذا الرسول جبـريل -عليه السلام- وقال تعالى ( إنه لقول رسول كريم ، وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ، ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ، تنزيل من رب العالمين ، ولو تقول علينا بعض الأقاويل ، لأخذنا منه باليمين ، ثم لقطعنا منه الوتين ، فما منكم من أحد عنه حاجزين )

فهذا الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم -

وأما الإرسال الكوني الذي قدره وقضاه مثل إرسال الرياح وإرسال الشياطين ، فذلك نوع آخر قال -تعالى-( أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا)

وقال -تعالى -:

( وهو الذي يرسلُ الرياح بشرا بين يدي رحمته )

والله -تعالى- له الخلق والأمر فلفظ الإرسال ، والبعث ، والإرادة ، والأمر ، والأذن ، والكتاب ، والتحريم ، والقضاء ، والكلام ينقسم إلى : خلقي ، وأمري ، وكوني ، وديني ، وقد ذكرنا الإرسال.

وأما البعث ، فقال -تعالى- :

( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة )

وقال في الكوني ( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد)

وقال تعالى : ( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض)

وأما الإرادة فقال -تعالى-في الكونية :

( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا)

وقال نوح -عليه السلام-

( ولا ينفعكم نصحي إن أردتُ أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم)

وقال تعالى في الإرادة الدينية :

( يريد الله بكم اليسـر ولا يريد بكم العسر)

وقال تعالى : - ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)

وقال تعالى :

( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرجٍ ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم)

وقال تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيـرا ) .

وقال -تعالى- في الأمر الكوني :

( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)

وكذلك في أظهر القولين قوله -تعالى -:

(وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول )

واما الأمر الدينـي مثل قوله :-

( إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها)

وأما الأذن الكوني مثل قوله في السحرة :

( وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله)

والديني مثل قوله ( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراحا منيـرا)

والكتاب الكوني مثل قوله :

( كتب الله لأغلبـن أنا ورسلي)

وقوله :

( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )

والدينـي مثل قوله : ( كتاب الله عليكم )

وقوله :

( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )

وقوله : ( كتب عليكم القصاص )

والقضاء الكوني كقوله : ( فقضهن سبع سموات)

والدينـي : ( وقضـى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)

أي : أمر .

والتحريم الكوني مثل قوله :

( وحرمنا عليه المراضع من قبل )

وقوله :

( فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض )

وقوله :

( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون)

والدينـي مثل قوله :

( حرمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير)

وقوله :

( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم )

والكلمات الكونية مثل قول النبـي -صلى الله عليه وسلم -:

( اعوذ بكلمات الله التامات التـي لا يجاوزهن بر ولا فاجر) ومنه قوله تعالى (وصدقت بكلمات ربها وكتبه )

والدينية : مثل قول النبي-صلى الله عليه وسلم - : ( اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فرجوهن بكلمة الله ) ومنه قوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )

وهذا مبسوط في موضع آخر)

وهو مبسوط في الفتاوي الكبرى ج8/ 58-62

قام باعداده الفقير إلى عفو ربه :عبد الباسط آل القاضي