تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في حكم التكسُّب بضرب الدفِّ في الأعراس


أم فاطمة السلفية
2016-08-24, 22:13
في حكم التكسُّب بضرب الدفِّ في الأعراس

السؤال:
هل يجوز أخذُ مُقابِلٍ ماليٍّ على الضَّرب بالدُّفِّ؟ وهل هو مِن باب الإجارة أو الجُعْلِ؟ وهل يَحْسُن بطالبةِ علمٍ أن تضربَ به إذا كانَتْ محتاجةً حَتَّى لا تتكفَّفَ الناسَ، أم تختصُّ الرُّخصةُ فيه بالإماءِ الجواري والبناتِ الصغيرات؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فضربُ النِّساءِ الدُّفَّ في مناسَبةِ أيَّامِ العيد أوِ العُرس ونحوِ ذلك لإشاعة الفرح وإدخالِ السُّرور وترويحِ النَّفس جائزٌ دون سائرِ آلاتِ اللَّهو والمعازف؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ»(١)، ويجوز أن يكون الدُّفُّ مصحوبًا بغنائهنَّ إذا خَلَتْ كلماتُه مِن فُحْشٍ أو تحريضٍ على إثمٍ أو ذِكْرِ محرَّمٍ، وبصوتٍ في محيطهنَّ بحيث يحصل معه الأمنُ مِن الفتنة؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الحَرَامِ وَالحَلَالِ: الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ»(٢)، والمرادُ بالدُّفِّ هو ما كان في زمنِ المتقدِّمين خاليًا مِنَ الجلاجل، ويدخل في الصَّوتِ: الغناءُ المباحُ، وصوتُ الحاضرين بالتهنئة، والنَّغمةُ في إنشاد الشِّعر المباح(٣).
والمعلومُ أنَّ الأحاديث الصحيحة الواردةَ في ضربِ الدُّفِّ والغناءِ إنَّما فيها الإذنُ للنساء، وخُصَّ بهنَّ فلا يَلْتَحق بهنَّ الرجالُ لعموم النهيِ عن التشبُّه بهنَّ(٤)، ولا يُشترط في ضربِ الدُّفِّ عند إعلان النكاح ونحوِه سنٌّ معيَّنةٌ ـ في حدودِ علمي ـ؛ لأنَّ وقوعَه مِن بناتِ الأنصار غيرِ البالغات في حديث الرُّبَيِّع بنتِ معوِّذٍ رضي الله عنهما(٥) لا يَلْزَمُ منه مَنْعُه عن البالغات، وقد ثَبَتَ مِن حديثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى»، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا»»(٦)، وله شاهدٌ مِن حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ»، قَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِكِ»»(٧).
هذا، وإذا كان الدُّفُّ للنِّساءِ مباحًا استثناءً مِن عمومِ المعازف المحرَّمة في الإسلام فإنَّ التكسُّبَ به فرعٌ عن مشروعيَّتِه؛ فالضربُ بالدُّفِّ للنساء فعلٌ يُحتاج إليه في إعلان النكاح ونحوِه ومأذونٌ فيه شرعًا، ولا يَختصُّ الإذنُ بأنْ يكونَ فاعلُه مِن أهلِ القُربة؛ فجاز الاستئجارُ عليه بدفعِ المال للدَّفَّافات لأنَّه عملٌ مُباحٌ، وقد اتَّفق الفقهاءُ على جوازِ استئجار الإنسان على الأفعال المباحة(٨).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٦ مِن المحرَّم ١٤٣٢ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٢ ديسمبر ٢٠١٠م


(١) أخرجه البزَّار في «مسنده» (٧٥١٣)، والضياء في «الأحاديث المختارة» (٢٢٠٠)، مِن حديث أنسٍ رضي الله عنه. وقال الهيثميُّ في [«مَجْمَع الزوائد» (٣/ ١٠٠)]: «رجالُه ثِقاتٌ». والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٧٩٠) رقم: (٤٢٧).
(٢) أخرجه الترمذيُّ في «النكاح» بابُ ما جاء في إعلان النكاح (١٠٨٨)، والنسائيُّ في «النكاح» بابُ إعلان النكاح بالصوت وضربِ الدفِّ (٣٣٦٩)، وابن ماجه في «النكاح» باب إعلان النكاح (١٨٩٦)، وأحمد في «مسنده» (١٥٤٥١)، مِن حديث محمَّد بن حاطبٍ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٧/ ٥٠) رقم: (١٩٩٤) وفي «آداب الزفاف» (١١١).
(٣) انظر: «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (٤/ ٢٠٩).
(٤) لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»، أخرجه البخاريُّ في «اللباس» باب: المتشبِّهون بالنِّساء والمتشبِّهات بالرِّجال (٥٨٨٥). وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (٩/ ٢٢٦)، «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (٤/ ٢١٠).
(٥) أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب ضربِ الدُّفِّ في النكاح والوليمة (٥١٤٧) عن الرُّبَيِّعِ بنتِ مُعوِّذٍ رضي الله عنهما قالت: «جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: «وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ»، فَقَالَ: «دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ»».
(٦) أخرجه الترمذيُّ في «المناقب» بابٌ في مناقبِ عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه (٣٦٩٠)، وأحمد (٢٣٠١١)، مِن حديث بريدة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ٣٣٠) رقم: (٢٢٦١).
(٧) أخرجه أبو داود في «الأيمان والنذور» بابُ ما يؤمر به مِن الوفاء بالنذر (٣٣١٢). والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٨/ ٢١٣) رقم: (٢٥٨٨).
(٨) انظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ٢٢٠ ـ ٢٢١).
موقع الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-

prettylady
2016-08-27, 22:08
جزاكي الله خيرا أختي
ان شاء الله ترجع جميعا أعراسنا خالية مما يغضب الله
اختي هل عندكي فتوى فيما يخص حكم الزغاريد؟

تصفية وتربية
2016-08-28, 23:20
بوركتِ أختي على النّقل الطيِّب

جزاكي الله خيرا أختي
ان شاء الله ترجع جميعا أعراسنا خالية مما يغضب الله
اختي هل عندكي فتوى فيما يخص حكم الزغاريد؟
حكم الزغاريد

السؤال:
ما حكمُ «الزغاريد»؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
ﻓ «الزغاريد» في الزواج تعبيرٌ عن الفرحة يُعطى حُكْمَ صوتِ المرأةِ وغنائها، لا يخرج عن جملةِ الغناء المباح في النكاح والعيد، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الحَلَالِ وَالحَرَامِ: الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ»(١)، فالسنَّةُ إعلانُ النكاحِ بضربِ الدفِّ وأصواتِ الحاضرين بالتهنئة أو النغمة في إنشاد الشعر المباح، قال المباركفوريُّ ـ رحمه الله ـ: «الظاهرُ عندي ـ واللهُ تعالى أَعْلَمُ ـ أنَّ المراد بالصوت ها هنا: الغناءُ المباح؛ فإنَّ الغناء المباحَ بالدُّفِّ جائزٌ في العرس»(٢)، ويجب أن يقتصر صوتُ الزغاريد على النساء وفي محيطهنَّ فقط، ولا يجوز أن يتعدَّى هذا الصوتُ إلى مَسامِع الرجال الأجانب.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٦ مِن ذي الحجَّة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ يناير ٢٠٠٧م

(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-545#_ftnref_545_1) أخرجه الترمذيُّ في «النكاح» بابُ ما جاء في إعلان النكاح (١٠٨٨)، والنسائيُّ في «النكاح» بابُ إعلان النكاح بالصوت وضربِ الدفِّ (٣٣٦٩)، وابن ماجه في «النكاح» باب إعلان النكاح (١٨٩٦)، وأحمد في «مسنده» (١٥٤٥١)، مِن حديث محمَّد بن حاطبٍ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٧/ ٥٠) رقم: (١٩٩٤) وفي «آداب الزفاف» (١١١).

(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-545#_ftnref_545_2) «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (٤/ ٢٠٩).

المهاجرة 50
2016-08-30, 09:08
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيك