الأنامل الخضراء
2016-08-09, 01:29
وصية عمرو بن كلثوم بنيه
عن ابن الكلبي، عن رجل من النمر بن قاسط قال:
لما حضرَتْ عمرَو بنَ كلثوم الوفاةُ - وقد أتت عليه خمسون ومائة سنة - جمع بنيه فقال:
(( يا بَنِيَّ، قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولا بد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت. وإني واللهِ ما عيَّرْتُ أحدًا بشيء إلا عُيِّرْتُ بمثله، إن كان حقًّا فحقًّا، وإن كان باطلاً فباطلاً.
ومَن سَبَّ سُبَّ؛ فكُفُّوا عن الشتم؛ فإنه أسلم لكم.
وأحسنوا جواركم؛ يَحْسُنْ ثناؤكم.
وامنعوا من ضَيْم الغريب؛ فرُبَّ رجلٍ خيرٌ من ألفٍ، وردٍّ خيرٌ من خُلْفٍ.
وإذا حُدِّثْتُم فَعُوا، وإذا حَدَّثْتُم فأوجزوا؛ فإن مع الإكثار تكون الأهذار[2].
وأَشْجَعُ القومِ العَطُوفُ بعد الكَرّ، كما أن أكرم المنايا القتل.
ولا خير فيمن لا رَوِيَّة له عند الغضب، ولا مَن إذا عُوتب لم يُعْتِب[3].
ومِنَ الناس مَن لا يُرْجَى خيرُه، ولا يُخاف شرُّه؛ فبَكْؤُه خير من دَرِّه[4]، وعقوقُه خير من بِرِّه.
ولا تتزوجوا في حَيِّكم؛ فإنه يؤدي إلى قبيح البغض )).
[رواها أبو الفرج في "الأغاني" (11/40)].
[1] أصل الدِّمن: ما تُدَمِّنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها ، أي: تُلَبِّده في مرابضها ، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير . وفي الحديث الضعيف [ وهو صحيح المعنى وإن كان غير صحيح المبنى]: (( إياكم وخضراءَ الدِّمَن )) . قيل: وما خضراء الدِّمَن ؟ قال: (( المرأة الحسناء في الْمَنْبَت السُّوء )) . شَبَّه المرأة بما ينبت في الدِّمن من الكلإِ ، يُرى له غضارة وهو وَبِيءُ الْمَرْعَى مُنْتِن الأصل . وقال أبو عبيد في "غريب الحديث": (( أراد فساد النسب إذا خيف أن تكون لغير رِشْدة . وإنما جعلها خضراء الدِّمَن ؛ تشبيهًا بالبقلة الناضرة في دِمنة البعير . "اللسان" .
[2] الأهذار: جمع: ( هَذَر)، وهو الهذيان، وسَقَط الكلام. وانظر وصية الهيثم بن صالح ابنه، وقد مرت بك. وقالوا: ما قل وقر، خير مما كثر وفر. ومن أحاسين الحِكَم المنظومة:
عَوِّدْ لِسَانَكَ قِلَّةَ اللَّفْظِ
وَاحْفَظْ كَلَامَك أَيَّمَا حِفْظِ
إيَّاكَ أَنْ تَعِظَ الرِّجَالَ وَقَدْ
أَصْبَحْتَ مُحْتَاجًا إلَى الْوَعْظِ
[3] أي: لم يعطِ العُتْبَى، وهي الرجوع إلى ما يحبه المعاتب.
[4] أي: هِجرانه خير من وصله، وحرمانه خير من إعطائه.
عن ابن الكلبي، عن رجل من النمر بن قاسط قال:
لما حضرَتْ عمرَو بنَ كلثوم الوفاةُ - وقد أتت عليه خمسون ومائة سنة - جمع بنيه فقال:
(( يا بَنِيَّ، قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولا بد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت. وإني واللهِ ما عيَّرْتُ أحدًا بشيء إلا عُيِّرْتُ بمثله، إن كان حقًّا فحقًّا، وإن كان باطلاً فباطلاً.
ومَن سَبَّ سُبَّ؛ فكُفُّوا عن الشتم؛ فإنه أسلم لكم.
وأحسنوا جواركم؛ يَحْسُنْ ثناؤكم.
وامنعوا من ضَيْم الغريب؛ فرُبَّ رجلٍ خيرٌ من ألفٍ، وردٍّ خيرٌ من خُلْفٍ.
وإذا حُدِّثْتُم فَعُوا، وإذا حَدَّثْتُم فأوجزوا؛ فإن مع الإكثار تكون الأهذار[2].
وأَشْجَعُ القومِ العَطُوفُ بعد الكَرّ، كما أن أكرم المنايا القتل.
ولا خير فيمن لا رَوِيَّة له عند الغضب، ولا مَن إذا عُوتب لم يُعْتِب[3].
ومِنَ الناس مَن لا يُرْجَى خيرُه، ولا يُخاف شرُّه؛ فبَكْؤُه خير من دَرِّه[4]، وعقوقُه خير من بِرِّه.
ولا تتزوجوا في حَيِّكم؛ فإنه يؤدي إلى قبيح البغض )).
[رواها أبو الفرج في "الأغاني" (11/40)].
[1] أصل الدِّمن: ما تُدَمِّنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها ، أي: تُلَبِّده في مرابضها ، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير . وفي الحديث الضعيف [ وهو صحيح المعنى وإن كان غير صحيح المبنى]: (( إياكم وخضراءَ الدِّمَن )) . قيل: وما خضراء الدِّمَن ؟ قال: (( المرأة الحسناء في الْمَنْبَت السُّوء )) . شَبَّه المرأة بما ينبت في الدِّمن من الكلإِ ، يُرى له غضارة وهو وَبِيءُ الْمَرْعَى مُنْتِن الأصل . وقال أبو عبيد في "غريب الحديث": (( أراد فساد النسب إذا خيف أن تكون لغير رِشْدة . وإنما جعلها خضراء الدِّمَن ؛ تشبيهًا بالبقلة الناضرة في دِمنة البعير . "اللسان" .
[2] الأهذار: جمع: ( هَذَر)، وهو الهذيان، وسَقَط الكلام. وانظر وصية الهيثم بن صالح ابنه، وقد مرت بك. وقالوا: ما قل وقر، خير مما كثر وفر. ومن أحاسين الحِكَم المنظومة:
عَوِّدْ لِسَانَكَ قِلَّةَ اللَّفْظِ
وَاحْفَظْ كَلَامَك أَيَّمَا حِفْظِ
إيَّاكَ أَنْ تَعِظَ الرِّجَالَ وَقَدْ
أَصْبَحْتَ مُحْتَاجًا إلَى الْوَعْظِ
[3] أي: لم يعطِ العُتْبَى، وهي الرجوع إلى ما يحبه المعاتب.
[4] أي: هِجرانه خير من وصله، وحرمانه خير من إعطائه.