أبو أنس ياسين
2016-08-08, 14:42
الرجوع إلى الحق
ليس عيبا أن يقع المرء في الخطأ والزلل, وإنما العيب أن يقيم على خطئه, ويبقى مصمما على غلطه, بعد ظهور الحق وانكشافه; وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية لمن رجع عن خطئه , فقال: «كل بني آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون ».
إن الموفق من كان رجاعا إلى الحق, سريع الفيئة إليه دون تعال أو تردد; لأنه بذلك قد وافق الشريعة فيما أوجبت, وخالف هوى النفس الأمارة بالسوء فيما أرادت, وتحلى بحلية أهل الصدق والفضل, فإن الرجوع إلى الحق فريضة وفضيلة.
وأما من استعصى عليه ذلك, ورأى أن المضي في الخطإ أهون عليه من نقض ما أبرم, وأخذ في اللجاج والعناد, وتَبرّم من الناصح, وتضجر من المُراجِع, وضاق ذرعًا بالمخالف, فهو ناء بنفسه عن أسباب التوفيق ومنازل الفلاح.
وما زال النبلاء يتواصون بهذه الفضيلة, ففي كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: «لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع فيه إلى الحق; فإن الحق قديم, والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل».
فلو لزم هذه الوصيةَ العمريةَ الغاليةَ المتمادون في الباطل, المجادلون بما ليس تحته طائل; لسلموا وغنموا, وأراحوا واستراحوا; ولانحسر كثير من الخلاف, وحفظت الأوقات والأنفاس; فالرجوع عن الخطإ أيسر من تكلف الحجة ومؤنة اللجاج.
وما يصد كثيرا من هؤلاء عن العودة إلى الحق إلا توهمهم أن ذلك ينقص القدر, ويحط المنزلة, ويغض الرياسة, ولا ريب أن منشأ هذا الوهم نزغات الشيطان وغلبة الهوى, وإيثار الدنيا.
إن نفوس سلفنا الطاهر نبلت بتعظيمها للحق وانصياعها له, فلم يكن هَمُّ أحدِهم سوى ظهور الحق وانكشاف الصواب ولو على لسان خصمِه ومُناظِره, ولا يتناظرون إلا على وجه الإرشاد والاسترشاد لا على وجه الغلبة والاستذلال; قال الشافعي رحمه الله: «ما ناظرت أحدا على الغلبة» أي لا يناظر إلا على وجه النصيحة.
فالواجب رد جميع المخاصمات في العلم إلى ما دل عليه الكتاب والسنة على فهم السلف, ومجاهدة النفس على التسليم للحق في يُسرٍ وسهولة, فالعود إلى الحق أحمد, والرجوع إليه أسعف وأسعد في الدنيا والآخرة.
كتبه الشيخ توفيق عمروني حفظه الباري عز وجل
مدير مجلة الإصلاح.
ليس عيبا أن يقع المرء في الخطأ والزلل, وإنما العيب أن يقيم على خطئه, ويبقى مصمما على غلطه, بعد ظهور الحق وانكشافه; وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية لمن رجع عن خطئه , فقال: «كل بني آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون ».
إن الموفق من كان رجاعا إلى الحق, سريع الفيئة إليه دون تعال أو تردد; لأنه بذلك قد وافق الشريعة فيما أوجبت, وخالف هوى النفس الأمارة بالسوء فيما أرادت, وتحلى بحلية أهل الصدق والفضل, فإن الرجوع إلى الحق فريضة وفضيلة.
وأما من استعصى عليه ذلك, ورأى أن المضي في الخطإ أهون عليه من نقض ما أبرم, وأخذ في اللجاج والعناد, وتَبرّم من الناصح, وتضجر من المُراجِع, وضاق ذرعًا بالمخالف, فهو ناء بنفسه عن أسباب التوفيق ومنازل الفلاح.
وما زال النبلاء يتواصون بهذه الفضيلة, ففي كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: «لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع فيه إلى الحق; فإن الحق قديم, والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل».
فلو لزم هذه الوصيةَ العمريةَ الغاليةَ المتمادون في الباطل, المجادلون بما ليس تحته طائل; لسلموا وغنموا, وأراحوا واستراحوا; ولانحسر كثير من الخلاف, وحفظت الأوقات والأنفاس; فالرجوع عن الخطإ أيسر من تكلف الحجة ومؤنة اللجاج.
وما يصد كثيرا من هؤلاء عن العودة إلى الحق إلا توهمهم أن ذلك ينقص القدر, ويحط المنزلة, ويغض الرياسة, ولا ريب أن منشأ هذا الوهم نزغات الشيطان وغلبة الهوى, وإيثار الدنيا.
إن نفوس سلفنا الطاهر نبلت بتعظيمها للحق وانصياعها له, فلم يكن هَمُّ أحدِهم سوى ظهور الحق وانكشاف الصواب ولو على لسان خصمِه ومُناظِره, ولا يتناظرون إلا على وجه الإرشاد والاسترشاد لا على وجه الغلبة والاستذلال; قال الشافعي رحمه الله: «ما ناظرت أحدا على الغلبة» أي لا يناظر إلا على وجه النصيحة.
فالواجب رد جميع المخاصمات في العلم إلى ما دل عليه الكتاب والسنة على فهم السلف, ومجاهدة النفس على التسليم للحق في يُسرٍ وسهولة, فالعود إلى الحق أحمد, والرجوع إليه أسعف وأسعد في الدنيا والآخرة.
كتبه الشيخ توفيق عمروني حفظه الباري عز وجل
مدير مجلة الإصلاح.