أم سمية الأثرية
2016-07-31, 07:47
بين قُلتُ...و.. نَقَلتُ..!!
في إحدى المجالس العامرة التي جمعتنا بوالدنا وشيخنا الكبير عبد الغني عوسات حفظه الله، وكان ذلك في المدينة النبوية في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الكلام مع شيخنا حول موضوع التعالم، فكان من صُور التعالم التي نبَّه عليها شيخنا حفظه الله، قول بعض طلبة العلم في كتاباتهم: قلتُ..، وقال بأن هذا التعبير مما لا ينبغي أن يُعبِّر به طالب العلم، لأن مثله إنما يقول: نَقلتُ، وليس: قلتُ! .
* ثم ذكر شيخنا حفظه الله قصةً – رواها بالمعنى - عن الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله، أنه و في مناقشته لدكتوراه أحد الطلاب، قال الطالب في بعض المواضع من رسالته: قلتُ، فقال له الشيخ حماد رحمه الله: قلتَ في الصفحة الفلانية: قلتُ، فقال الطالب: نعم، فقال له الشيخ حماد رحمه الله: من أين لك بهذا الذي قلتَه؟ ما ينبغي لك أن تقول قلتُ.. .
قال شيخنا عبد الغني معلقًا على كلام الشيخ حماد رحمه الله: لعله لو كان آخرٌ مكان الشيخ الأنصاري لقال للطالب: لعلك حرَّفت كلمة نقلتُ، وحذفتَ حرف النون فقلتَ: قلتُ! .
ثم قال شيخنا عبد الغني حفظه الله: المهم: الشيخ حمَّاد عابَ على الطالب قولَه: قلتُ، وقال له: أنت تقول: « نقلتُ، ولا تقل: قلتُ ».
ثم قال شيخنا: « على مثلِ هذا ينبغي أن يتربَّى الناس، لكن للأسف، التَّعالم صار من حُسن التَّعلم، والمتعالِم هو المتعلِّم »انتهى .
هذه فائدةٌ عزيزة من شيخنا لله درُّه، يحسن نشرها في أوساط طلبة العلم و صنوف المتعلمين، ولاسيما منهم من تصدَّر للكتابة والتأليف والتدريس و الدَّعوة! فعلى مثل هذا ينبغي أن يتربى طلبة العلم كما قال شيخنا، أي: على التواضع، ومعرفة طالب العلم لقدر نفسه، وعدم إعجابه بنفسه واعتداده برأيه، فإن ذلك نوعٌ من التعالم مذموم، يورِثُ صاحبه الغرور، و قد يفضي به إلى احتقار وازدراء من هو أكبر منه سِنًّا وعلمًا .
ومع الأسف؛ فإن هذا هو الذي آل إليه حال بعض أصحاب:« قلتُ »!
حيث وجدنا بعضهم ممن يدرِّس بعض المتون يستدرك على علماء من أهل الاجتهاد كشيخ الإسلام ابن باز والفقيه ابن عثيمين، وإذا ناقش مسألة علمية قررها العالم في المتن الذي انبرى هذا الطالب لشرحه، ناقشه فيها بقلة أدب كأنه له قرين، وجعل يستدرك عليه حتى في ما هو من اختصاص ذلك العالم! كما فعل أحدهم حيث جعل يستدرك على العلامة العثيمين رحمه الله في شروط المجتهد و آداب المفتي! كأنه هو المجتهد و المفتي الذي سارت الركبان بفتاويه!
ومن أصحاب «قلتُ» قالًا أوحالًا، من اعتدَّ ببضاعته العلمية المزجاة واستقل بدعوته عن مشايخ بلده وتفرد عنهم، و شذَّ عن جماعتهم، و رآى بأن لا حاجة له للارتباط بالمشايخ والتواصل معهم والاحتكاك بهم، ، إعجابًا منه بنفسه، و اغترارًا بنتف معلوماته، التي قد لا تسعفه في أدنى معضلة!
و من أهل «قلتُ» قالًا أو حالًا، من صار يُدرِّس في جميع الفنون والعلوم! كأنه شيخ الإسلام!
و منهم من نصَّب نفسه مفتيًا للأمة!! وفتح هاتفه للسائلين من كل مكان فلا يردُّ يد لامس! حتى في أعوص المسائل، بل في النوازل! .
ومن مضحكات أصحاب «قلتُ»، أنك تجدهم يحيل بعضهم إلى بعض وينصح بعضهم ببعض دون العلماء وكبار المشايخ، كما تجدهم يحيلون في كثير من مسائل العلم إلى كتاباتهم وسمعياتهم دون مؤلفات العلماء ربطًا منهم للناس بأشخاصهم، و اغترارًا بما عندهم من العلم .
هذا غيضٌ من فيضٍ وقطرةٌ من بحرٍ فاض بتعالم هذه الأصناف، وما أكثرهم في هذه الأزمنة المتأخرة، والسنين الخداعة لا كثرهم الله .
وكلهم معنيون بنصيحة شيخنا ومقصودون بتوجيهه لمن ألقى منهم السمع وهو شهيد « لكن للأسف: صار التعالم من حسن التَّعلم، والمتعالِم هو المتعلِّم » كما قال شيخنا سدَّده الله .
كتبه : الشيخ إبراهيم بويران حفظه الله.
منقول من قناة تلاميذ مشايخ السلفية بالجزائر
في إحدى المجالس العامرة التي جمعتنا بوالدنا وشيخنا الكبير عبد الغني عوسات حفظه الله، وكان ذلك في المدينة النبوية في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الكلام مع شيخنا حول موضوع التعالم، فكان من صُور التعالم التي نبَّه عليها شيخنا حفظه الله، قول بعض طلبة العلم في كتاباتهم: قلتُ..، وقال بأن هذا التعبير مما لا ينبغي أن يُعبِّر به طالب العلم، لأن مثله إنما يقول: نَقلتُ، وليس: قلتُ! .
* ثم ذكر شيخنا حفظه الله قصةً – رواها بالمعنى - عن الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله، أنه و في مناقشته لدكتوراه أحد الطلاب، قال الطالب في بعض المواضع من رسالته: قلتُ، فقال له الشيخ حماد رحمه الله: قلتَ في الصفحة الفلانية: قلتُ، فقال الطالب: نعم، فقال له الشيخ حماد رحمه الله: من أين لك بهذا الذي قلتَه؟ ما ينبغي لك أن تقول قلتُ.. .
قال شيخنا عبد الغني معلقًا على كلام الشيخ حماد رحمه الله: لعله لو كان آخرٌ مكان الشيخ الأنصاري لقال للطالب: لعلك حرَّفت كلمة نقلتُ، وحذفتَ حرف النون فقلتَ: قلتُ! .
ثم قال شيخنا عبد الغني حفظه الله: المهم: الشيخ حمَّاد عابَ على الطالب قولَه: قلتُ، وقال له: أنت تقول: « نقلتُ، ولا تقل: قلتُ ».
ثم قال شيخنا: « على مثلِ هذا ينبغي أن يتربَّى الناس، لكن للأسف، التَّعالم صار من حُسن التَّعلم، والمتعالِم هو المتعلِّم »انتهى .
هذه فائدةٌ عزيزة من شيخنا لله درُّه، يحسن نشرها في أوساط طلبة العلم و صنوف المتعلمين، ولاسيما منهم من تصدَّر للكتابة والتأليف والتدريس و الدَّعوة! فعلى مثل هذا ينبغي أن يتربى طلبة العلم كما قال شيخنا، أي: على التواضع، ومعرفة طالب العلم لقدر نفسه، وعدم إعجابه بنفسه واعتداده برأيه، فإن ذلك نوعٌ من التعالم مذموم، يورِثُ صاحبه الغرور، و قد يفضي به إلى احتقار وازدراء من هو أكبر منه سِنًّا وعلمًا .
ومع الأسف؛ فإن هذا هو الذي آل إليه حال بعض أصحاب:« قلتُ »!
حيث وجدنا بعضهم ممن يدرِّس بعض المتون يستدرك على علماء من أهل الاجتهاد كشيخ الإسلام ابن باز والفقيه ابن عثيمين، وإذا ناقش مسألة علمية قررها العالم في المتن الذي انبرى هذا الطالب لشرحه، ناقشه فيها بقلة أدب كأنه له قرين، وجعل يستدرك عليه حتى في ما هو من اختصاص ذلك العالم! كما فعل أحدهم حيث جعل يستدرك على العلامة العثيمين رحمه الله في شروط المجتهد و آداب المفتي! كأنه هو المجتهد و المفتي الذي سارت الركبان بفتاويه!
ومن أصحاب «قلتُ» قالًا أوحالًا، من اعتدَّ ببضاعته العلمية المزجاة واستقل بدعوته عن مشايخ بلده وتفرد عنهم، و شذَّ عن جماعتهم، و رآى بأن لا حاجة له للارتباط بالمشايخ والتواصل معهم والاحتكاك بهم، ، إعجابًا منه بنفسه، و اغترارًا بنتف معلوماته، التي قد لا تسعفه في أدنى معضلة!
و من أهل «قلتُ» قالًا أو حالًا، من صار يُدرِّس في جميع الفنون والعلوم! كأنه شيخ الإسلام!
و منهم من نصَّب نفسه مفتيًا للأمة!! وفتح هاتفه للسائلين من كل مكان فلا يردُّ يد لامس! حتى في أعوص المسائل، بل في النوازل! .
ومن مضحكات أصحاب «قلتُ»، أنك تجدهم يحيل بعضهم إلى بعض وينصح بعضهم ببعض دون العلماء وكبار المشايخ، كما تجدهم يحيلون في كثير من مسائل العلم إلى كتاباتهم وسمعياتهم دون مؤلفات العلماء ربطًا منهم للناس بأشخاصهم، و اغترارًا بما عندهم من العلم .
هذا غيضٌ من فيضٍ وقطرةٌ من بحرٍ فاض بتعالم هذه الأصناف، وما أكثرهم في هذه الأزمنة المتأخرة، والسنين الخداعة لا كثرهم الله .
وكلهم معنيون بنصيحة شيخنا ومقصودون بتوجيهه لمن ألقى منهم السمع وهو شهيد « لكن للأسف: صار التعالم من حسن التَّعلم، والمتعالِم هو المتعلِّم » كما قال شيخنا سدَّده الله .
كتبه : الشيخ إبراهيم بويران حفظه الله.
منقول من قناة تلاميذ مشايخ السلفية بالجزائر