قارف
2016-07-29, 01:31
للشَّيخ الأُصوليّ المُحقِّق الفقيه
أ.د سليمان الرحيلي
حفظه الله
أحسن اللهُ إليكم وبارك فيكم، ما هو ضابط المسائل الَّتي يدخُلُها الاجتِهاد؟
المسائلُ الّّتي يدخُلُها الاجتِهاد! طبعًا يا إخوة هُناك فرقٌ بين المسائل الاجتِهاديَّة والمسائل الخلافيَّة.
المسائل الخِلافيَّة أوسع مِن دائرة المسائل الاجتِهاديَّة؛ لأنَّه ليس كُلُّ خِلافٍ مُعتبرًا، قد تكون المسألةُ خلافيَّة لكنها ليستْ اجتِهاديَّة.
أُعطيكم توضيحًا:
قد يُختلَف في المسألة على قوليْن؛ فيحتجُّ أحدُ العُلماء بحديثٍ صحيحٍ، ويحتجُّ أحدُهم بالرَّأي (بالقياس)؛ لأنَّه لم يبلُغْهُ الحديث الصَّحيح؛ المسألة هُنا خِلافيَّة لاشكَّ لوُقوع الخِلاف، لكنَّها ليستْ اجتِهاديَّة.
المسألةُ الاجتِهاديَّة: هي الَّتي تتقاربُ فيها الأدِلَّة، يعني يكون لكُلِّ قول دليل لهُ قُوَّة؛ قتتقاربُ الأدِلَّة، حتَّى لو رجَّحتَ؛ لا يكون ذلك مانعًا مِن الرَّأي الآخَر؛ فالأدِلَّة مُتقاربة.
مِثلما قُلنا مسألة مسِّ المُصحف، مِثل مسألة بِما يحصُلُ التَّحلُّل الأوَّل، هل يحصُل باثنيْن مِن ثلاثة أو يحصُل بالرَّميِ؛ الأدِلَّة مُتقاربة، وهذا الحديث فيه ضَعف وهذا الحديث فيه ضَعف؛ فهذه مسائل اجتِهاديَّة.
والقاعدة الصَّحيحة: أنَّه لا إنكار في مسائل الاجتِهاد.
فلو أنَّ زميلَك رمى الجَمرةَ، وتحلَّل؛ ما تُنكر عليه، ولو أنَّ زميلك الآخَر قال: ما أتحلَّل حتَّى أرمي، وأحلِق؛ ما تُنكر عليه؛ لأنَّ المسألة اجتِهاديَّة، ليس فيها إنكار.
ولكن لا بأس مِن النَّظر العِلميِّ، أنْ تقول لهُ: لِمَ؟ ويقول لك: لِمَ؟ وتُورِدان الحُجَجَّ، هذا لا بأس به، لكن لا تُنكرْ عليه على أنَّه فعل مُنكَرًا؛ فلا إنكار في مسائل الاجتِهاد.
ويُخطئ بعضُهم، فيقول: لا إنكار في مسائل الخِلاف! وهذا غيرُ صحيح؛ مسائل الخِلاف قد يكون فيها إنكار، فإذا كان القولُ المُخالِف غير مُستنِدٍ إلى الحديث، وكان القولُ الآخَر مُستنِدًا إلى حديث صحيحٍ؛ فَفِيها إنكارٌ، وإنْ كان صاحبُ القولِ معذُورًا، فالَّذي علِمَ ليس معذُورًا.
مثلا: قد يأتي أبو حنيفة رحمهُ اللهُ، ويقول قوْلا بناءً على القياس؛ لأنَّ الحديثَ لم يبلُغْهُ، هو مُجتهدٌ مأجورٌ، معذُورٌ.
لكن الحنَفيُّ اليوم الَّذي علِمَ بالحديثِ، وأنَّه صحيحٌ، وأنَّه يُخالِفُ هذا القولَ ليس معذُورًا، ولا يجوز له أنْ يحتجَّ بأبي حنيفة رحمهُ اللهُ؛ لأنَّه علِمَ اليوم ما يمنَعُ أنْ يقول بذلك القول، ولو كان أبو حنيفة رحمهُ اللهُ عالِمًا بهذا الحديث؛ لَمَا قال بهذا القول؛ فهُنا يُنكَرُ عليه.
فلو جاءنا شخصٌ ورأيناهُ يُصلِّي، وينقُرُ صلاتَهُ نقرَ الغُراب؛ فقُلنا لهُ يا أخي: ما هذه الصَّلاة؟ قال: هذا مذهبُنا! نحنُ أحنافٌ، وهذا مذهبُنا!
نُنْكِرُ عليه، ونُورِدُ عليه الأحاديث الكثيرة الدَّالَة على حُرمةِ هذا بألفاظِها المُختلِفة مِن جهة تشبيهِها بالحيوانات، مِن جهة وصْفِها بكوْنِها سرقةً إلى غير ذلك، وحديث المُسيء صلاتِه؛ ففيه إنكارٌ، وإنَّما لا إنْكار في مسائل الاجتِهاد.
فإذا أصبحتْ المسألةُ اجتِهاديَّةً، تقاربتْ الأدِلَّة؛ فإنَّه لا إنكار، ولا يمنع هذا أنْ تُرجِّحَ، يُمكن أنْ تُرجِّح قولا، ولكنَّك لا تُنكر على مَن خالَف هذا القول.
وهذه مسألةٌ مُهمَّةٌ جدًا، ونافعةٌ جدًا في كُلِّ ما يقعُ فيه الخِلاف بين مَن يُعتبرُ قولُهم في الشَّأن.
منتديات الآجري
أ.د سليمان الرحيلي
حفظه الله
أحسن اللهُ إليكم وبارك فيكم، ما هو ضابط المسائل الَّتي يدخُلُها الاجتِهاد؟
المسائلُ الّّتي يدخُلُها الاجتِهاد! طبعًا يا إخوة هُناك فرقٌ بين المسائل الاجتِهاديَّة والمسائل الخلافيَّة.
المسائل الخِلافيَّة أوسع مِن دائرة المسائل الاجتِهاديَّة؛ لأنَّه ليس كُلُّ خِلافٍ مُعتبرًا، قد تكون المسألةُ خلافيَّة لكنها ليستْ اجتِهاديَّة.
أُعطيكم توضيحًا:
قد يُختلَف في المسألة على قوليْن؛ فيحتجُّ أحدُ العُلماء بحديثٍ صحيحٍ، ويحتجُّ أحدُهم بالرَّأي (بالقياس)؛ لأنَّه لم يبلُغْهُ الحديث الصَّحيح؛ المسألة هُنا خِلافيَّة لاشكَّ لوُقوع الخِلاف، لكنَّها ليستْ اجتِهاديَّة.
المسألةُ الاجتِهاديَّة: هي الَّتي تتقاربُ فيها الأدِلَّة، يعني يكون لكُلِّ قول دليل لهُ قُوَّة؛ قتتقاربُ الأدِلَّة، حتَّى لو رجَّحتَ؛ لا يكون ذلك مانعًا مِن الرَّأي الآخَر؛ فالأدِلَّة مُتقاربة.
مِثلما قُلنا مسألة مسِّ المُصحف، مِثل مسألة بِما يحصُلُ التَّحلُّل الأوَّل، هل يحصُل باثنيْن مِن ثلاثة أو يحصُل بالرَّميِ؛ الأدِلَّة مُتقاربة، وهذا الحديث فيه ضَعف وهذا الحديث فيه ضَعف؛ فهذه مسائل اجتِهاديَّة.
والقاعدة الصَّحيحة: أنَّه لا إنكار في مسائل الاجتِهاد.
فلو أنَّ زميلَك رمى الجَمرةَ، وتحلَّل؛ ما تُنكر عليه، ولو أنَّ زميلك الآخَر قال: ما أتحلَّل حتَّى أرمي، وأحلِق؛ ما تُنكر عليه؛ لأنَّ المسألة اجتِهاديَّة، ليس فيها إنكار.
ولكن لا بأس مِن النَّظر العِلميِّ، أنْ تقول لهُ: لِمَ؟ ويقول لك: لِمَ؟ وتُورِدان الحُجَجَّ، هذا لا بأس به، لكن لا تُنكرْ عليه على أنَّه فعل مُنكَرًا؛ فلا إنكار في مسائل الاجتِهاد.
ويُخطئ بعضُهم، فيقول: لا إنكار في مسائل الخِلاف! وهذا غيرُ صحيح؛ مسائل الخِلاف قد يكون فيها إنكار، فإذا كان القولُ المُخالِف غير مُستنِدٍ إلى الحديث، وكان القولُ الآخَر مُستنِدًا إلى حديث صحيحٍ؛ فَفِيها إنكارٌ، وإنْ كان صاحبُ القولِ معذُورًا، فالَّذي علِمَ ليس معذُورًا.
مثلا: قد يأتي أبو حنيفة رحمهُ اللهُ، ويقول قوْلا بناءً على القياس؛ لأنَّ الحديثَ لم يبلُغْهُ، هو مُجتهدٌ مأجورٌ، معذُورٌ.
لكن الحنَفيُّ اليوم الَّذي علِمَ بالحديثِ، وأنَّه صحيحٌ، وأنَّه يُخالِفُ هذا القولَ ليس معذُورًا، ولا يجوز له أنْ يحتجَّ بأبي حنيفة رحمهُ اللهُ؛ لأنَّه علِمَ اليوم ما يمنَعُ أنْ يقول بذلك القول، ولو كان أبو حنيفة رحمهُ اللهُ عالِمًا بهذا الحديث؛ لَمَا قال بهذا القول؛ فهُنا يُنكَرُ عليه.
فلو جاءنا شخصٌ ورأيناهُ يُصلِّي، وينقُرُ صلاتَهُ نقرَ الغُراب؛ فقُلنا لهُ يا أخي: ما هذه الصَّلاة؟ قال: هذا مذهبُنا! نحنُ أحنافٌ، وهذا مذهبُنا!
نُنْكِرُ عليه، ونُورِدُ عليه الأحاديث الكثيرة الدَّالَة على حُرمةِ هذا بألفاظِها المُختلِفة مِن جهة تشبيهِها بالحيوانات، مِن جهة وصْفِها بكوْنِها سرقةً إلى غير ذلك، وحديث المُسيء صلاتِه؛ ففيه إنكارٌ، وإنَّما لا إنْكار في مسائل الاجتِهاد.
فإذا أصبحتْ المسألةُ اجتِهاديَّةً، تقاربتْ الأدِلَّة؛ فإنَّه لا إنكار، ولا يمنع هذا أنْ تُرجِّحَ، يُمكن أنْ تُرجِّح قولا، ولكنَّك لا تُنكر على مَن خالَف هذا القول.
وهذه مسألةٌ مُهمَّةٌ جدًا، ونافعةٌ جدًا في كُلِّ ما يقعُ فيه الخِلاف بين مَن يُعتبرُ قولُهم في الشَّأن.
منتديات الآجري