المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقامات - بديع الزمان المــُعاصر-


السجنجل
2016-07-26, 13:15
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هنا أردت أن أضع بين أيديكم مجموعة من المقامات على نسق بديع الزمان الهداني والحريري وغيرهم ولكن بحلة عصرية تتناول قضايا هذا العصر (مقامات منقولة )

الإهــداء
إلى رحابك دبجّنا رسائلنا***تكاد تُحرق من أشواقنا لهبا

يا قارئ الحرف أهديناك أحرفنا***وقبلها قد بعثنا الدمع منسكبا

شوقاً إليك فهل ترضى محبتنا***مهراً وإلا بعثنا القلب والهدَبا

فغيرنا بمداد الحبر قد كتبوا***ومن دمانا كتبنا الشعر والخطبا

أنا الحجاز أنا نجد أنا يمن***أنا الجنوب بها دمعي وأشجاني

وفي ربى مكة تأريخ ملحمة***على ثراها بنينا العالم الثاني

في طيبة المصطفى عهدي وموعظتي***هناك ينسج تاريخي وعرفاني

بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا***بالرقمتين وبالفسطاط جيراني

النيل مائي ومن عمان تذكرتي***وفي الجزائر إخواني وتطواني

والوحي مدرستي الكبرى وغار حرا***بدايتي وبه قد شع قرآني

وثيقتي كتبت في اللوح وانهمرت***آياتاها فاقرؤوا يا قوم عنواني

فأينما ذكر اسم الله في بلدٍ***عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني

فاصلة
2016-07-26, 13:25
روووووووووووووووعة ما شاء الله. يشبه اسلوب نزار قباني

فاصلة
2016-07-26, 13:27
نحن ننتظر نتمنى لكم التالق

السجنجل
2016-07-26, 13:27
المقامة رقم 01



(بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا)
الحمد لله وليّ النعمة ، دافع النقمة ، ما غرّد طائر بنغمة ، وهبّ صبح بنسمة، وتلألأت على ثغرٍ بسمة ، والصلاة والسلام على من زيّن ببيانه الكلام ، وأذهل بفصاحته الأنام، وطرق بوعظه الأيام ، سلالة النجب ، وصفوة العرب، أجلّ من خطب ، صاحب الحسب والنسب ، محطم الأصنام والنصب ، وعلى آله والأصحاب ، ما لمع سراب ، وهمع سحاب ، وقرئ كتاب ، وبعد :
فقد أشار عليّ الشيخ الأريب ، والشاعر الأديب ، بالجامعة الإسلامية بكتابة مقامات ، هي على الفضل علامات ، فقلت له صاحب ذلك قدْ مات ، ولم يبق إلا حاسد وشمّات .
فذكرني بشريط مصارع العشّاق ، وقال : كلّ لمثله مشتاق ، فإنه للقلوب ترياق ، وليس لك عذر ولو التفت الساق بالساق ، وأحضر لي من حرصه الدفاتر ، والخاطر قبل مجيئه فاتر ، فأجّلت تفكيري ، وقد اشتعل في ليل رأسي صبح نذيري ، وقد سبقني لهذا الهمداني والحريري ، ولكن على الله المعوّل ، وكما قال الأول :
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا
لكنتُ شفيت النفس قبل التندمِ
بكاها مكان الفضل للمتقدّمِ
وقد قلت لصاحبنا لا جرم أنك استسمنت ذا ورم ، وهذه سنة أهل الكرم ، والخاطر شذر مذر ، من شجون لا تبقي ولا تذر ، ولا أقول بعدت علينا الشقة ، ولكن كما قال أبو الطيب : لولا المشقة ، واعرف أن من البشر ، كشجرة العشر ، أعدى من السوس ، وأشأم من البسوس ، يأتي على غرة ، ويبحث عن العثرة ، ويقص الجُرّة ، ولو اعتذرت لنا عنده سبعين مرة .
فأقول للمادحين ، كونوا ناصحين ، وكما قيل فعين الرضا ، والمحب يمشي على جمر الغضا ، وأقول للقادحين ، كونوا مازحين ، وتذكروا : وإذا أتتك مذمتي ، واجعلوا الخطأ في ذمتي ، فقد شابت لمتي ، فإن عثر جواد بياني ، وتلعثم لساني ، فالعيب من زماني ، فما أدركت حسّان ، وما صاحبت سحبان ، وما دخلت على النعمان ، وما لقيت صُنّاع الألفاظ ، في سوق عكاظ . ولكنني مع أقوام ، على الأدب أيتام ، كلما لمع فيهم متكلم وظهر ، وقال إن الله مبتليكم من البيان بنهر ، قالوا إنما يعلمه بشر ، ولولا سواه ما اشتهر ، فيقول الحال : لكل عين قذى ، ولن يضروكم إلا أذى ، فجِدّوا كما جَدّوا ، أو سُدوا المكان الذي سَدوا . فكم نال الحساد صاحب الأدب ، وأنه ليس له في البلاغة نسب ، وما له في الفصاحة حسب ، وجاءوا على قميصه بدم كذب .
وكم انبعث من أهل البلادة أشقاها ، فصاح بهم رسول البيان ناقة الله وسقياها . وعسى عصا موسى البيان ، تكسر رأس فرعون الطغيان .
وإذا ألقى قميص يوسف الملاحة ، على بصر يعقوب الفصاحة ، نادى لسان حال المتكلمين : ادخلوا مصر الإبداع آمنين . وقد طاولت بهذه المقامات قامات ، ولامست بها هامات ، وكلما قابلني هامّات وطامّات ، قلت : أعوذ بكلمات الله التامّات .
وسوف يقرؤها صاحب ورع بارد ، وذهن جامد فيتأفف ، ويتأسف ، ويقول الرجل تكلّف وتعسّف ، فأقول : ماذا بعشك يا حمامة فادرجي ، فقد جعلت القلم واللسان أوسي وخزرجي ، وعلمت أنه مع كل بانٍ هادم ، ومن راقب الناس فهو النادم ، وقد عاب المخلوق الخالق فقال تعالى : ( يسبني ابن آدم ) .
وإذا أراد الله لعمل بشر أن ينتشر ، قيض الله له أهل خير وشر ، فصاحب الخير له نصير ، وظهير ، وخفير ، ووزير .
وصاحب الشر سبّاب عيّاب ، له من الحسد ناب ، وله من العداوة مخلاب .
وانظر إلى المعصوم ، كيف ابتلي بالخصوم ، شق الله له القمر ، فقالوا هذا سحر مستمر ، ولما جمع قريشاً وخطبها ، قالوا أساطير الأولين اكتتبها .
وأسأل الله أن يجعل هذه المقامات ، بكل فضل ملمّات ، وأن يجعلها بالحسن رائعة ، وبالفضل ذائعة ، وبالبر شائعة ، وبالأنس ماتعة ، وبالنور ساطعة ، وبالجمال لامعة ، ولكل خير جامعة ، وعن كل سوء مانعة ، وللجدل قاطعة .
محلاة بالفوائد ، مزينة بالقلائد ، متوّجة بالفرائد ، مزدانة بالشوارد ، كالماء الزلال لكل صادر ووارد ، تضمرها العقائد ، وتنشرها القصائد ، وصلى الله وسلم على صفوة الحواضر والبوادي ، الذي تشرفت بذكره النوادي ، فهو الهادي ، وإلى كل فضل منادي ، وعلى آله البررة ، والأربعة الخيرة ، وبقية العشرة ، وأهل الشجرة .

فاصلة
2016-07-26, 13:35
الله يبارك

فاطمة شلف
2016-07-26, 14:15
السلام عليكم
الله يبارك دائما تبهرنا بكتباتك الرائعة
تحياتي

صبرينة لوتس
2016-07-26, 20:02
أحسنت

بارك الله فيكم

السجنجل
2016-07-27, 09:12
[quote=فاطمة شلف;3995907627]السلام عليكم
الله يبارك دائما تبهرنا بكتباتك الرائعة
تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا على وجودك الدائم بين كلماتي وحروفي
دمت صفية وفية

السجنجل
2016-07-27, 09:13
[quote=صبرينة لوتس;3995909277]أحسنت

بارك الله فيكم

وفيك بارك الله وأدام وجودكم بجانب حروفنا وكلماتنا البسيطة
دمت صفية وفية

السجنجل
2016-07-27, 09:14
الله يبارك
شكرا
وفيك بارك الله

السجنجل
2016-07-28, 08:06
الله يبارك
وفيك بارك الله شكرا على مرورك

لحن الحياة.
2016-07-28, 23:52
جميل جدا اخ سجنجل بارك الله فيك

السجنجل
2016-07-30, 11:48
جميل جدا اخ سجنجل بارك الله فيك

شكرا جزيلا على مرورك بارك الله فيه

السجنجل
2016-07-30, 11:58
المقامة الثانية


فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ

فيا عجباً كيف يعصى الإله***أو كيف يجحده الجاحد
وفـي كــل شـيء لـــه آيـــة***تــدل علــى أنه واحــد
التوحيد ، هو حق الله على العبيد ، وهو أول ما دعا إليه الرسل ، وبه كل كتاب نزل ، وهو أصل الأصول ، والطريق للوصول ، وبه عرف المعبود ، وعمر الوجود ، ولأجله أعدت الجنة والنار ، وسل السيف البتار ، وقوتل الكفار ، ولإقامته في الأرض دعت الأنبياء ، وعلمت العلماء ، وقتل الشهداء ، وهو أول مطلوب ، وأعظم محبوب ، وهو أشرف المقاصد ، وأعذب الموارد ، وأجل الأعمال ، وأحسن الأقوال ، وهو أول الأبواب ، وبداية الكتاب ، وأعظم القضايا ، وأهم الوصايا ، وخير زاد ، يحمله العباد ، ليوم التناد ، وهو قرة عيون الموحدين ، وبهجة صدور العابدين ، وهو غاية الآمال ، وأنبل الخصال ، بل هو أعظم الكفارات ، وأرفع الدرجات ، وأكبر الحسنات ، وهو منشور الولاية ، وتاج الرعاية ، والبداية والنهاية ، وهو الإكسير الذي إذا وضع على جبال الخطايا أصبحت تذوب ، وصارت حسنات بعد أن كانت من الذنوب .
وعلى هذا حديث (( يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )) .
وهو الذي هز في طرفة عين قلوب السحرة . فقالوا بعزم ماض : اقض ما أنت قاض ، والمرأة التي سقت الكلب ، فغفر لها الذنب ، كان معها توحيد الرب ، والرجل الذي قتل مائة رجل ، وذهب إلى القرية على عجل ، فأدركه الأجل ، غفر له بالتوحيد عز وجل . والتوحيد كنـز جليل ، في قلب الخليل ، فقال لما شاهد الكرب الثقيل ، حسبنا الله ونعم الوكيل .
ولما قال الصدّيق في الغار ، لسيد الأبرار ، لو نظر أحدهما لرآنا ولسمعنا ، قال : ] لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [ ، إنما قال ذلك بلسان الموحد ، وقد سدد بتوفيق الله وأيد .
وما فلق الله البحر للكليم ، إلا لأنه صاحب توحيد عظيم ، ونهج كريم ، ولو وضعت السموات والأرض في كفة الميزان ، ولا إله إلا الله في كفة لكان لها الرجحان ، ولو كانت في حلقة حديد لفصمتها ، وفي صخرة لفجّرتها ، ولا إله إلا الله مفتاح الجنان ، وله أسنان ، من الواجبات والأركان ، وصاحبها لا يخلد في النار ، ولا يلحق بالكفار ، وقد قالوا لأحد العلماء وقد سجن ، وفي سبيل هذه الكلمة ذاق المحن ، قل كلمة التوحيد، قال من أجلها وضعت في الحديد ، وقالوا لأحد الأولياء وقد رفع على خشبة الموت ، وقرب منه الفوت ، قل لا إله إلا الله ولا تغفل ، قال : من أجلها أقتل .
وسمع أحد الصالحين رجلاً يقول لا إله إلا الله ومد بها صوته فبكى وقال :
وإني لتعروني لذكرك هزة.
وسمع أحد العلماء رجلاً يقول : لا إله إلا الله ، قال : صدقت وبالحق نطقت .
فيا أيها العباد خذوا من التوحيد قطرة ، وضعوه على الفطرة ، وولّوا وجوهكم شطره . ويا من أثقله الهم ، وأحاط به الغم ، وهزه الألم الجم ، قل لا إله إلا الله .
ويا من أثقلته الديون ، أو غيبته الشجون ، وبات وهو محزون ، قل لا إله إلا الله .
ويا من اشتد به الكرب ، وعلاه الخطب ، اذكر الرب ، وقل لا إله إلا الله .
هي أجمل الكلمات قلها كلما
ضج الفؤاد وضاقت الأزمان.
اقرأها بعين الروح ، قبل أن تقرأها بعينك في اللوح ، واكتبها في سويداء قلبك ، لتحملها إلى ربك ، وتتخلص من ذنبك .
ولما قيل لفرعون ، قل لا إله إلا الله ، تلعثم الحمار وتعثر ، فدس أنفه في الطين وتدثر . وقيل لأبي لهب قل لا إله إلا الله ، قال الخسيس ، أبى علي الجليس ، والأخ الرئيس ، إبليس . تقيأ شاعر البعث المخذول ، ليقول :
آمنت بالبعث رباً لا شريك له
وبالعروبة ديناً ما له ثاني
قلنا يا شاعر البعث ، وعزة ربي ليخزينك يوم البعث . يا شاعر الخمر والحشيشة ، قد أرغم أنفك أبو ريشة ، فقال :
أمتي كم صنم مجدته
لم يكن يحمل طهر الصنمِ
من يأخذ تعاليمه من باريس ، حشر مع شيخه إبليس .
يا مسكين ، تتعلم حروف الهجاء من بكين ، وتهجر رسالة نزل بها الروح الأمين ، على سيد المرسلين ، من رب العالمين .
يرضع الوليد حليب التوحيد ، حتى يأتيه الحليب الصناعي من مدريد ، ليرتد المريد .
صوت التوحيد يرتفع على كل صوت ، وقوته خير من كل قوت ، لخصه أبو بكر فقال : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
لولا أن كلمة أحد ، في قلب بلال مثل جبل أحد ، ما صمد .
التوحيد له كتاب ، وله قلم جذّاب ، ومداد جميل ، وكاتب جليل ، فكتابه الكون وما فيه ، وقلمه قلبك النبيه ، ومداده دمعك المترقرق ، والكاتب إيمانك المتدفق .
التوحيد له رسالة أبدية ، ودعوة سرمدية ، ولأصحابه إلى مستقرهم ممر ، وبعد مرورهم مستقر . فرسالة التوحيد إفراد الباري بالألوهيه ، والربوبيه ، ودعوته اتباع سيد البشريه ، ورسول الإنسانيه . وممر أصحابه الصراط المستقيم ، ومستقرهم جنات النعيم .
للتوحيد منبر ، ومخبر ومظهر ، ومسك وعنبر .
فمنبره القلب ، إذا أخلص للرب ، ومخبره النيات الصالحات ، ومظهره عمل بالأركان ، وخدمة للديان ، ومسكه الدعاء والأذكار ، وعنبره التوبة والاستغفار .
للتوحيد عين وبستان ، وحرس وسلطان ، وسيف وميدان .
فعينه النصوص الواضحه ، وبستانه الأعمال الصالحه ، وحرسه الخوف والرجاء ، وسلطانه واعظ الله في القلب صباح مساء ، وسيفه الجهاد ، وميدانه حركات العباد .
وللتوحيد قضاة وشهود ، وأعلام وجنود ، وحدود وقيود .
فقضاته الرسل الكرام ، وشهوده العلماء الأعلام ، وأعلامه شعائر الدين ، وجنوده فيلق من الموحدين ، وحدوده ما جاء به الخبر ، وصح به الأثر ، وقيوده ما ورد من شروط ، للتوحيد المضبوط .
من دعائم التوحيد ، عدم صرف شيء من العبادة لغير المعبود ، وتحريم تقديم شيء من لوازم الألوهية لغير الله مما في الوجود ، وركيزته إخلاص ليس فيه رياء ، وعلامته إخبات ليس معه ادعاء .
فلا تُعبد النجوم ولكن يُعبد مُركبها ، ولا تعبد الكواكب بل يعبد مكوكبها ، ولا يُؤلّه حجر ، ولا بشر ، ولا شجر ، ولا مدر ، بل يؤلّه من فجر من الحجر الماء ، وأوجد الأحياء ، وخلق الشجر كأنها أصابع الأولياء ، فسبحان رب الأرض والسماء .
الوحي هز أبا جهل هزّا ، لأنه يتهزّى ، وسجد للاّت والعزّا . قاتل الله هبل ، ومن طاف حوله ورمل ، أو نذر له أيّ عمل ، يا من خاف على نفسه من الحريق ، والدمار والتمزيق ، احذر من الشرك ] وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [ إذا أخلصت التوحيد جاءك النصر ، وادخر لك الأجر ، ومحا عنك الوزر .
سمع أحد العباد قارئاً يتلوا ] فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ [ ، فقال أواه ، وارتفع بكاه ، وكان أحد الملوك الصالحين ، يسمع أحد القراء يقرأ بتلحين ] شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ فجلس يبكي ويقول وأنا أشهد مع الشاهدين .
قال أبو معاذ الرازي ، لو تكلمت الأحجار ، ونطقت الأشجار ، وخطبت الأطيار، لقالت لا إله إلا الله الملك القهار . ولما قال فرعون اللعين : ] فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى [ قال : ] رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [ ، فكأنما لكمه بالجواب ، ولطمه بالخطاب . ولما قال إمام التوحيد للنمرود العنيد ] فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ [ ، بهت وكُذّب ، وخسر وعُذِّب ، وهذا لظهور آيات التوحيد وقوة سلطانه ، وعزة أهله وأعوانه ، وقد أمهر يحيى بن زكريا التوحيد رأسه ، وقدم حمزة لما غمره من نور التوحيد رأسه ، ولما ذاقه جعفر ، تقطع وبالرمل تعفر ، وذبح الخلفاء على بساطه ، وضرب الأئمة على التوحيد بأيدي الظلم وسياطه ، ونحر الشهداء على فراش التوحيد وبلاطه ، وكم من موحد وضع في الزنزانة ، لما أعلن إيمانه .
ولما نطق حبيب بن زيد ، بكلمة التوحيد ، عند مسيلمة الكذاب العنيد . قطّعه بالسيف فما أَنْ ، ولا قال له تأن ، بل اشتاق إلى الجنة وحن ، ولما ذهبوا بعبد الله بن حذافة إلى القدور ، والجثث فيها تدور ، والتوحيد في قلبه يمور ، بكى وقال : يا ليت لي بعدد شعر رأسي أرواح ، لتذوق القتل في سبيل الله والجراح .
وضرب طلحة يوم أحد بالسيوف والرماح ، فما شكى ولا صاح ، حتى سال بالدم جبينه ، وشُلت يمينه ، ويبقى دينه ، لأن التوحيد قرينه . وقاتل مصعب قتال الأسود ، حتى وسّد اللحود ، لأنه وحّد المعبود . ولما حضر عبد الله بن جحش معركة أحد ، دعا واجتهد ، بكلام يبقى إلى الأبد ، فقال : اللهم هيئ لي عدواً لك شديد حرده ، قوي بأسه ، فيقتلني فيك فيجدع أنفي ، ويبقر بطني ، ويفقأ عيني ، ويقطع أذني ، فإذا لقيتك يا رب فقلت لي : يا عبد الله لم فعل بك هذا ؟ قلت : فيك يا رب . فهل سمعت نشيداً كهذا النشيد ، وهل أطربك قصيداً كهذا القصيد ، لأنه من ديوان التوحيد .
وضع أحدُ الظلمة أحدَ الأولياء ، بين يدي الأسد ليتركه أشلاء ، شمّه الأسد ثم تركه وذهب ، قيل للولي : لماذا تركك ؟ قال : بسبب التوحيد وهو أعظم سبب ، قالوا : فماذا كنت تفكر ؟ قال : كنت أفكر في سؤر الأسد هل هو طاهر أم نجس يطهر .
واعلم أن صدق التوحيد أقام بعض الأولياء ، في الليلة الظلماء ، في ذروة الشتاء ، يتوضأ بالماء ، ويقطع الليل بالصلاة والدعاء ، والمناجاة والبكاء ، وحرارة التوحيد أيقظت في الصالحين ، ذكر الله كل حين ، فلهم بالتسبيح زجل وحنين ، وعزيمة التوحيد دفعت المنفقين ، وجعلتهم بأموالهم متصدقين ، على الفقراء والمساكين .
إذا ناداك نوح التوحيد ، وقال اركب معنا أيها العبد الرشيد ، فلا تفوتك سفينة الحميد المجيد ، وَجَدَ إبراهيم بن أدهم ورقة مكتوب فيها الله وقد سقطت في الطريق فبكى وحملها ، وطهرها وطيبها ، فطهر الله نفسه ، وطيّب اسمه ، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل ، أن يكون أول ما يدعو إليه توحيد الله عز وجل . وكان يبدأ بالتوحيد خطبه ، ويخط به كتبه ، ويدعو إليه ليلاً ونهارا ، وسراً وجهارا .

اعجوبة الحياة
2016-07-30, 12:18
ما شاء الله اسلوب و لا اروع

بارك الله في حضرتكم

السجنجل
2016-08-01, 08:34
ما شاء الله اسلوب و لا اروع

بارك الله في حضرتكم
العفو
بارك الله فيك وأدامك في الصحة والهناء

chakibdz22
2016-08-03, 20:42
شكرااا جزيلاااا بارك الله فيك

السجنجل
2016-08-05, 09:02
شكرااا جزيلاااا بارك الله فيك
العفو أيها الكريم
وفيك بارك الله
دمت صفي وفي

الصابرة ام يحيى
2016-08-05, 19:21
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته