عاشق العفة
2009-10-09, 17:06
إصدارات: عاشق العفة ـــ من دروس سالم العجمي ـــ الابتـــــــلاء
اعلم رحمني الله وإياك أن الدنيا داربلاء وفتنة، لا تثبت على قدم ولا يدوم لها حال، ولا يطمئن لها بال، ومن عرف الدنياحق المعرفة لم يفرح فيها برخاء ولم يحزن على بلوى.
قال ابن القيم رحمه الله:
"إذا ابتلى الله عبده بشىء من أنواعالبلايا والمحن، فإن ردّه ذلك الابتلاء والمحن إلى ربه وجمعه عليه وطرحه ببابه فهوعلامة سعادته وإرادة الخير به، والشدة بتراء لا دوام لها وإن طالت، فتقلع عنه حينتقلع وقد عوض منها أجل عوض وأفضله، وهو رجوعه الى الله بعد أن كان معرضا، وللوقوفعلى أبواب غيره متعرضا، وكانت البلية في حق هذا عين النعمة وإن ساءته وكرهها طبعهونفرت منها نفسه، فربما كان مكروه النفوس أن محبوبها سبب ما مثله سبب، وقوله تعالىفى ذلك هو الشفاء والعصمة: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، وإن لميرده ذلك البلاء إليه بل شرد قلبه عنه ورده إلى الخلق وأنساه ذكر ربه والضراعة إليهوالتذلل بين يديه والتوبة والرجوع إليه فهو علامة شقاوته وإرادة الشرّ به فهذا إذاأقلع عنه البلاء ردّه إلى حكم طبيعته وسلطان شهوته ومرحه وفرحه، فجاءت طبيعتهبأنواع الأشر والبطر والإعراض عن شكر المنعم عليه بالسراء كما أعرض عن ذكره والتضرعإليه في الضراء، فبلية هذا وبال عليه وعقوبة ونقص في حقه، وبلية الأول تطهير لهورحمة وتكميل".
وبالابتلاء يعلم العبد أنه لا يستغنيعن تثبيت الله له طرفة عين، فإن لم يثبته وإلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهم،وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله: {ولولا أن ثبتناكلقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}.
فكلنا ضعيف، ولولا فضل الله جل وعلاعلى عباده ورحمته بهم لما قويت قلوبهم على ثقل الحمل، مع ما يمر لهم عليهم في هذهالدنيا من أصناف الهموم والمنغصات.
فلا تستطيل البلاء فلعله أن يكون سبباًلك في الخير إذا ما اقترن بصدق التوبة واللجوء إلى الله، وتأمل كم سيعيش المرء فيهذه الدنيا وماذا يأمل؟
إن الدنيا طويلها قصير، وكثيرها حقير،ومتأمل السعادة فيها إنما يعيش في غرور، فمن نجا من البلاء ومن سلم من الابتلاء..؟،ولكن السعيد من لجأ الى ربه وخالقه عند حلول الابتلاء ووقوع النقم.
قال ابن القيم رحمه الله:
"إذا أراد الله بعبده خيرا فتح لهأبواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به، وصدق اللجأ إليهودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون السيئة به سببرحمته حتى يقول عدوّ الله ياليتني تركته ولم أوقعه، وهذا قول بعض السلف: "إن العبدليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار. قالو: كيف؟ قال: يعملالذنب فلا يزال نصب عينيه خائفا منه مشفقا وجلا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالىناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له، فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بماترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخولالجنة، ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه شيئا ويعجب بهاويستطيل بها ويقول فعلت وفعلت، فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكونسبب هلاكه".
فإذا أراد الله بهذا المسكين خيراابتلاه بأمر يكسره به ويذلّ به عنقه ويصغر به نفسه عنده، وإذا أراد به غير ذلكخلاّه وعجبه وكبره، وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه، فإن العارفين كلهم مجمعون علىأن التوفيق هو ألا يكلك الله إلى نفسك، والخذلان أن يكلك الله إلى نفسك.
فمن أراد الله به خيرا فتح له باب الذلوالانكسار ودوام اللجأ إلى الله تعالى والافتقار إليه ورؤية عيوب نفسه وجهلهاوعدوانه، ومشاهدة فضل ربه وإحسانه ورحمته وجوده وبره وغناه وحمده.
فالعارف سائر إلى الله تعالى بين هذينالجناحين، لايمكنه أن يسير إلا بهما، فمتى فارقه واحد منهما فهو كالطير الذى فقدأحد جناحيه، قال شيخ الاسلام: "العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيبالنفس، فمشاهدة المنة توجب له المحبة والشكر لولى النعمة، ومطالعة عيب النفس والعملتوجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت، وألا يرى نفسه إلامفلساً".
أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد،وأن يرزقنا من اليقين ما يهون به علينا مصائب الدنيا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلىآله وصحبه أجمعين.
اعلم رحمني الله وإياك أن الدنيا داربلاء وفتنة، لا تثبت على قدم ولا يدوم لها حال، ولا يطمئن لها بال، ومن عرف الدنياحق المعرفة لم يفرح فيها برخاء ولم يحزن على بلوى.
قال ابن القيم رحمه الله:
"إذا ابتلى الله عبده بشىء من أنواعالبلايا والمحن، فإن ردّه ذلك الابتلاء والمحن إلى ربه وجمعه عليه وطرحه ببابه فهوعلامة سعادته وإرادة الخير به، والشدة بتراء لا دوام لها وإن طالت، فتقلع عنه حينتقلع وقد عوض منها أجل عوض وأفضله، وهو رجوعه الى الله بعد أن كان معرضا، وللوقوفعلى أبواب غيره متعرضا، وكانت البلية في حق هذا عين النعمة وإن ساءته وكرهها طبعهونفرت منها نفسه، فربما كان مكروه النفوس أن محبوبها سبب ما مثله سبب، وقوله تعالىفى ذلك هو الشفاء والعصمة: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، وإن لميرده ذلك البلاء إليه بل شرد قلبه عنه ورده إلى الخلق وأنساه ذكر ربه والضراعة إليهوالتذلل بين يديه والتوبة والرجوع إليه فهو علامة شقاوته وإرادة الشرّ به فهذا إذاأقلع عنه البلاء ردّه إلى حكم طبيعته وسلطان شهوته ومرحه وفرحه، فجاءت طبيعتهبأنواع الأشر والبطر والإعراض عن شكر المنعم عليه بالسراء كما أعرض عن ذكره والتضرعإليه في الضراء، فبلية هذا وبال عليه وعقوبة ونقص في حقه، وبلية الأول تطهير لهورحمة وتكميل".
وبالابتلاء يعلم العبد أنه لا يستغنيعن تثبيت الله له طرفة عين، فإن لم يثبته وإلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهم،وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله: {ولولا أن ثبتناكلقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}.
فكلنا ضعيف، ولولا فضل الله جل وعلاعلى عباده ورحمته بهم لما قويت قلوبهم على ثقل الحمل، مع ما يمر لهم عليهم في هذهالدنيا من أصناف الهموم والمنغصات.
فلا تستطيل البلاء فلعله أن يكون سبباًلك في الخير إذا ما اقترن بصدق التوبة واللجوء إلى الله، وتأمل كم سيعيش المرء فيهذه الدنيا وماذا يأمل؟
إن الدنيا طويلها قصير، وكثيرها حقير،ومتأمل السعادة فيها إنما يعيش في غرور، فمن نجا من البلاء ومن سلم من الابتلاء..؟،ولكن السعيد من لجأ الى ربه وخالقه عند حلول الابتلاء ووقوع النقم.
قال ابن القيم رحمه الله:
"إذا أراد الله بعبده خيرا فتح لهأبواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به، وصدق اللجأ إليهودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون السيئة به سببرحمته حتى يقول عدوّ الله ياليتني تركته ولم أوقعه، وهذا قول بعض السلف: "إن العبدليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار. قالو: كيف؟ قال: يعملالذنب فلا يزال نصب عينيه خائفا منه مشفقا وجلا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالىناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له، فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بماترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخولالجنة، ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه شيئا ويعجب بهاويستطيل بها ويقول فعلت وفعلت، فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكونسبب هلاكه".
فإذا أراد الله بهذا المسكين خيراابتلاه بأمر يكسره به ويذلّ به عنقه ويصغر به نفسه عنده، وإذا أراد به غير ذلكخلاّه وعجبه وكبره، وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه، فإن العارفين كلهم مجمعون علىأن التوفيق هو ألا يكلك الله إلى نفسك، والخذلان أن يكلك الله إلى نفسك.
فمن أراد الله به خيرا فتح له باب الذلوالانكسار ودوام اللجأ إلى الله تعالى والافتقار إليه ورؤية عيوب نفسه وجهلهاوعدوانه، ومشاهدة فضل ربه وإحسانه ورحمته وجوده وبره وغناه وحمده.
فالعارف سائر إلى الله تعالى بين هذينالجناحين، لايمكنه أن يسير إلا بهما، فمتى فارقه واحد منهما فهو كالطير الذى فقدأحد جناحيه، قال شيخ الاسلام: "العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيبالنفس، فمشاهدة المنة توجب له المحبة والشكر لولى النعمة، ومطالعة عيب النفس والعملتوجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت، وألا يرى نفسه إلامفلساً".
أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد،وأن يرزقنا من اليقين ما يهون به علينا مصائب الدنيا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلىآله وصحبه أجمعين.