المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزوجة و إيقاظ الدوافع النبيلة في نفس الزوج


رشيد بوعافية
2016-07-18, 18:58
من فنون السعادَة الزوجيّة 1

في شكل خطبة جمعة لأخيكم :
" الزوجة و إيقاظ الدوافع النبيلة في نفس الزوج ".
الاستفتاح بما تيسّر ، ثم أما بعد :
معشر المؤمنين : حديثُنا اليومَ عن " مواقفَ ومعاملات تقومُ بها الزوجةُ المؤمنةُ المحتسِبَةُ لوجهِ الله تعالى ؛ توقظُ بها يقينًا الدَّوافعَ النبيلَةَ في نفسِ زوجِها ، فتنشرحُ نفسُهُ ، وتقَرُّ عينُهُ ، وتتغيَّرُ حياتُهُ طالَ الأمرُ أم قَصُر " : أقولُ أيَّتُها الزوجةُ المؤمنة : حاسبِي نفسَكِ على ما تسمعين لوجهِ اللهِ تعالى و اتَّقِ اللهِ في المحاسَبَة وسوفَ يفتحُ اللهُ عليكِ من حيثُ لا تحتسبين :
الموقفُ الأوَّل : ثقافةُ الابتسامة الدائمة و الهدوءِ التامّ في محضَرِ الزوج :
هل تعلمين أختي في الله أنَّ الابتسامةَ كهرباءٌ من نوع خاص ، و أنَّ التعابيرَ المُشرِقَةَ التي ترتسمُ على وجهِكِ و أنتِ تستقبلين الزوجَ العائدَ من تعبِ الحياة هي أجملُ في نظرِهِ و أقدَسُ من الثيابِ التي ترتدِين ،والذهبِ الذي تلبسين، والأثاثِ الغالي الذي زيّنتِ به جوانبَ البيت ؟! . و اللهِ عندما يرجعُ الزوجُ إلى البيتِ فيجدُ زوجتَهُ مهما كان ومهما حصَل طيِّبَةً مبتسِمَةً هادِئَةً راضيَة تقابلُ حُزنَهُ بابتسامةٍ مُشرقة ، و تعبَهُ بتوفيرِ الهدوءِ والراحة ، و يأسَهُ ببثِّ الأملِ و الطمأنينَة ؛ و اللهِ يتحوَّلُ تَعَبُهُ و كدُّهُ إلى راحةٍ و سعادةٍ تملأُ عليه الدنيا ! ، يُحِسُّ أنَّهُ امتلكَ قصرًا منيفًا واسِعًا مُضِيئًا بنورِ هذه المرأةِ التي فتحَ اللهُ بها عليه ، فإذا بهِ تزولُ آلامُه ، و تنبعثُ أحلامُه ، تنشرحُ نفسُهُ ، و تستيقظُ دوافعهُ النبيلة ، وتختفي المزعِجاتُ التي كان يمكنُ أن تنبعثَ لولاَ عَطَاءُ الزوجةِ و مواساتُها و احتسابُها الفيّاض ! .
و عندما يعودُ الزوجُ فيجدُ زوجةً خبيثَةَ النفس ، رافعةَ الصوت ، مقطَّبَةَ الجبين ، جاحظةَ العينين ، شاحِبَةً تعيسَة ، تزفُرُ و تتنهَّدُ وترمِي بالشَّرَر كأنَّما خرجت من الجحيم ؛ كيفَ يهدأُ له بال ، أو يهناُ له حال ؟! كيفَ تنشرحُ نفسُهُ أو تستيقظُ فيه الدوافع النبيلة ؟! ، كيف لا يفتحُ عليه الشيطانُ باب النفورِ و الاعوجاجِ والمكرِ و النشوزِ و إفسادِ العِشرَة ؟! .
عبَّرَ عن جميع هذه المعاني رسولُ اللهِ r بقوله :" خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية " ( الصحيحة : 1849 ). و بقوله : " . . مِنَ السعادة المرأةُ تراها تُعْجِبُك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ... ،ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك وإن غِبْتَ عنها لم تأمنها على نفسها ومالك " ( الصحيحة : 1047 ) . نسألُ السلامة والعافية .
و الله - معشر المؤمنين- أغلبُ المشاكلِ في الحياةِ الزوجيّةِ يقضي عليها الإيمانُ و الاحتسابُ و التضحيّةُ و العطاء ، ولكنَّ أكثرَ الأزواجِ لا يعلمون ، قال الله تعالى : ) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ( (فصلت34 ) ! .
الموقفُ الثاني : ثقافةُ الاعتذار : هذا من أجملِ خِصال الزوجةِ المؤمنةِ الطاهرة المحتسبة ،
عبّرَ عن هذه الخصلَةِ رسولُ الله r فقال :" ألا أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ " . قلنا بلى يا رسول الله قال : " الودود العؤود على زوجها ، التي إذا غَضِبَت ، أو أُسِيءَ إليها ، أو غَضِبَ زوجها ، قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى " ( الصحيحة : 287 ، صحيح الترغيب والترهيب 1941 ) .
كلماتٌ و تصرُّفاتٌ خفيفةٌ لطيفة تقومُ بها الزوجةُ المؤمنة تطلبُ بها الصفحَ والعفو ، أو تنشُدُ بها رضا الزّوج ، أو تعيدُ بها السعادةَ و الطمأنينة التي كدَّرَها خطأٌ أو سوءُ تصرُّفٍ أو جَنَت عليها كلمةٌ أو بعضُ كلمات ، المُهِم ننامُ وقد صفا الخاطرُ ، و زالت الضّغائنُ والأحقاد ، و التصرُّفُ الإيجابيُّ الفعّال تقومُ به الزوجةُ المؤمنةُ ولو كانت مظلومةً أسيءَ إليها ، تقومُ به لوجهِ اللهِ تعالى و لا تنتظرُ أن يسبقَها زوجُها إلى الاعتذار ، رعايةً لمقامِهِ الجليل ، و أحماله الثقيلة ، وطلبًا لأبوابِ الجنَّةِ الثمانية التي ستدخُلُ من أيِّها شاءت ! . أين هي هذه الثقافةُ يا معشر المؤمنات ؟! .
أين هذه الثقافةُ الرائعة من ثقافة الهجر و الترفُّعِ و الصدِّ والتمرُّد و الغضب في بيت الأهل ؟!
و اللهِ بمثلِ ثقافةِ الاعتذار تستيقظُ الدوافعُ النبيلة في أنفُسِ الأزواجِ وضمائرِهم ، وتختفي المزعِجاتُ التي كان يمكنُ أن تنبعثَ لولاَ عَطَاءُ الزوجةِ و احتسابُها الفيّاض ! .
نسأل الله السلامة والعافية و نسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب ، إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الموقفُ الثالث : غيِّري زوجَكِ بالدُّعاءِ الصادقِ في جوف الليل :
أيتها الزوجةُ المؤمنة : إن ساءت الأمورُ بينكَ وبين الزوج ، أو فسُدَ حالُه ، وتغيَّرت أحوالُه :
فو الله لن تَجِدِي مثلَ جوفِ الليلِ تشتكينَ فيهِ حالَكِ إلى علاَّمِ الغيوب ، و تسألينَهُ تفريجَ الكُرُبات ، و تنزيلَ الرَّحمات ، و تحصيلَ الهدايةِ والرعايةِ لزوجٍ ساءت عِشرَتُه ، وطالت عن الله غُربتُه ! .
يا من تشتكينَ فسادَ حالِ الزوجِ وظُلْمَهُ و بُعدَهُ وغُربَتَهُ و سوءَ حالِه : والله زوجٌ كهذا لا يزيدُهُ الصُّراخُ و الصّراعُ و النقاشُ العقيمُ و الهجرُ و المكرُ إلاَّ بُعْدًا و تشرُّدًا وضياعًا ! .
كم من زوجٍ يعلمُ أنَّ زوجته على حق و لكنَّ طريقتها في الصراخ و الصّراع و النقاش والهجر والمكر لا تزيدُهُ إلَّا إصرارًا على إصرار ! .
أين أنتِ أيتها الزوجةُ المؤمنة : من دُعاءِ الليلِ الذي لا تخطيء سِهَامُه ؟!
الدُّعاءُ الصادِقُ المُنْكَسِرُ المتواصِل : أن يهديَهُ الله ، و يُصلِحَه الله ، و يفتح عليه الله، و يسهّل عليه الله ، ويرزُقَه الله ، و يغيّرَهُ اللهُ جلَّ جلاله ، الذي يقول للشيءِ كن فيكون ؟! .
جاهدي نفسَكِ بالصبرِ الجميلِ في النهار ، وارفعي أكُفَّ الضراعةِ بالأسحار ، واللهِ سيُصلحُ اللهُ الأحوالَ بالمناجاة والتوسُّل :
حفصة أم المؤمنين طلَّقها النبيُّr لأسبابٍ شخصيّة ، فانظروا إلى سبب رجوعها إليه r : عن أنس رضي الله عنه أن النبي r طلق حفصة تطليقة فأتاه جبريل u فقال :" يا محمد راجِع حفصةَ فإنَّها صوّامَةٌ قوَّامَة، وهي زوجتك في الجنة " ( صحيح الجامع : 4351 ) .
معشر المؤمنات : هذه ثلاثة مواقف ، بل ثلاثة كنوز ، تقومُ بها الزوجةُ المؤمنة لوجه الله تعالى إيمانًا واحتسابًا ، واللهِ لها أعظمُ الأثر في استيقاظِ الدوافع النبيلةِ في ضمائر الأزواج ، و لكن أين من تعي و أين من تعقِل . . ؟! قليلٌ من قليلٍ من قليل !
نسأل الله التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل .. اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا،وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين . وصل اللهم وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . .

آسيا 25
2016-07-19, 15:06
بارك الله فيك أخي الكريم مواعظ في القمة ونحن بأمس الحاجة إليها في عصرنا هذا حيث غابت المبادئ و القيم عن نسائنا إا من رحم ربي,شكرا لك.

رشيد بوعافية
2016-07-19, 21:10
لك كلّ الشكر أخت آسيا ربي يبارك فيك و يجود عليك .

♥سهام♥
2016-07-19, 22:08
موضوع في غاية الاهمية ... شكرا علي الافادة بارك الله فيك

فضيلة.ف
2016-07-20, 11:59
شكرا موضوع قيم

رشيد بوعافية
2016-07-21, 23:05
لكما كل الشكر و التقدير الأخت سهام و الأخت فضيلة . بارك الله فيكما و نفعني الله و إياكما .