المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل خُطبة العيدين خُطبةٌ واحدةٌ أم ثنتان ؟ و ما حكم الانصراف عنها ...


علي الجزائري
2016-07-05, 16:09
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده أما بعد :

ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع :
" وقوله : " خطبتين " هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان ؛ لأنه ورد هذا في حديث أخرجه
ابن ماجه بإسناد فيه نظر ، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين . ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين
وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة ، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى
توجه إلى النساء ووعظهن ، فإن جعلنا هذا أصلا في مشروعية الخطبتين فمحتمل ، مع أنه بعيد ؛
لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهن لعدم وصول الخطبة إليهن ، وهذا احتمال . ويحتمل أن يكون الكلام
وصلهن ولكن أراد أن يخصهن بخصيصة ، ولهذا ذكرهن ووعظهن بأشياء خاصة بهن "
انتهى من "الشرح الممتع" (5/191) .



وسئل كذلك رحمه الله : هل يخطب الإمام في العيد خطبة واحدة أو خطبتين ؟
فأجاب :
" المشهور عند الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان ، لحديث ضعيف ورد في هذا ،

لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخطب
إلا خطبة واحدة ، وأرجو أن الأمر في هذا واسع " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/246) .


وقال أيضاً (16/248) :
" السنة أن تكون للعيد خطبة واحدة ، وإن جعلها خطبتين فلا حرج ؛ لأنه قد رُوِيَ ذلك عن النبي

صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا ينبغي أن يهمل عظة النساء الخاصة بهن . لأن النبي عليه الصلاة

والسلام وعظهن .
فإن كان يتكلم من مكبر تسمعه النساء فليخصص آخر الخطبة بموعظة خاصة للنساء ، وإن كان
لا يخطب بمكبر وكان النساء لا يسمعن فإنه يذهب إليهن ، ومعه رجل أو رجلان يتكلم

معهن بما تيسر " انتهى .





*******************




السؤال :
ما حكـم تقديم خطبة العيد على الصلاة؟ وما حكم حضور خطبة العيد؟
وهل هي شرط لصحة الصلاة؟

الجواب :
تقديم خطبة العيدين على الصلاة بدعة أنكرها الصحابة رضي الله عنهم.
وأما حضورها فليس بواجب، فمن شاء حضر واستمع وانتفع، ومن شاء انصرف.
وليست شرطاً لصحة صلاة العيد، لأن الشرط يتقدم المشروط، وهي متأخرة
عن صلاة العيد .

المصدر :
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد
السادس عشر - باب صلاة العيدين.



وفي الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين 5/192 :

قوله : ( كخطبتي الجمعة ) أي يخطب خطبتين على الخلاف الذي أشرنا إليه سابقاً ،
كخطبتي الجمعة في الأحكام حتى في تحريم الكلام ، لا في وجوب الحضور ،
فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى : ( يا آيها الذين آمنوا إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) وخطبتا العيد لا يجب
الحضور إليهما ، بل للإنسان أن ينصرف ، لكن إذا بقي يجب عليه أن لا يكلم أحداً ،
وهذا ما يشير إليه قول المؤلف : ( كخطبتي الجمعة ) .

وقال بعض أهل العلم ، لا يجب الإنصات لخطبتي العيدين ، لأنه لو وجب الإنصات
لوجب الحضور ، ولحرم الإنصراف ، فكما كان الإنصراف جائزاً ..
فالاستماع ليس بواجب .

ولكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلام التشويش على الحاضرين حَرُم الكلام
من أجل التشويش ، لا من أجل الاستماع ، بناء على هذا لو كان مع الإنسان كتاب
أثناء خطبة الإمام خطبة العيد فإنه يجوز أن يراجعه ، لأنه لا يشوش على أحد .
أما على المذهب الذي مشى عليه المؤلف ، فالاستماع واجب ما دام حاضراً ..

علي الجزائري
2016-07-05, 16:10
السؤال:
هل خُطبة العيدين خُطبةٌ واحدةٌ أم ثنتان كخطبتَيِ الجمعة؟ وإذا أُقيمت صلاة العيد في المسجد:
فهل يُلقي الإمامُ الخطبةَ على المنبر أو قائمًا على الأرض كما تؤدَّى في المصلَّى؟
وبارك الله فيكم.

الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالأقربُ إلى الصواب مِن قَوْلَيِ العلماءِ أنَّ خُطبة العيد خطبةٌ واحدةٌ لم يَثْبُتِ الجلوسُ
في وسطها كهيئة الجمعة، وهو المنقول عن الخلفاء: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ
والمغيرة بنِ شعبة رضي الله عنهم، خلافًا لِمَا عليه المذاهبُ الأربعةُ وابنُ حَزْمٍ
وهو مذهب الجمهور؛ لأنَّ إطلاق الخُطبة ـ في الأصل ـ ينصرف إلى الواحدة إلَّا إذا جاء
دليلٌ على أنها خُطبتان، وقد ورد في السُّنَّة الصحيحة وغيرِها مثلُ هذا الإطلاق كما جاء
مِن حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ»(١)،
وكذا ثبت عن ابن عمر(٢) وجابرِ بنِ عبد الله(٣) رضي الله عنهم، وأمَّا إطلاقُ الخطبة
على خطبتَيِ الجمعة فلوجود ما يرجِّحه، ويؤيِّد هذا المعنى ما ثبت في الصحيحين مِن
جواز خطبة العيد على الراحلة مِن حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: «لَمَّا كَانَ ذَلِكَ
اليَوْمُ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ… «أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ»…»(٤)، ومفادُ مشروعية الخُطبة على الراحلة
عدمُ الفصل بين الخطبتين بجلوسٍ؛ لأنه إنما خطب جالسًا على راحلته، وقد كان يفعله
الصحابةُ رضي الله عنهم، فقد نُقِل عن إبراهيم النخعيِّ قولُه: «كَانَ الإِمَامُ يَوْمَ العِيدِ يَبْدَأُ
فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَخْطُبُ»(٥)، وعن ميسرة أبي جميلة قال: «شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ العِيدَ،
فَلَمَّا صَلَّى خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ»، قَالَ: «وَكَانَ عُثْمَانُ يَفْعَلُهُ»(٦).
نعم لو ثبت أثرُ عبد الله بنِ عُتبة قال: «السُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ الإِمَامُ فِي العِيدَيْنِ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ
بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ»(٧)، وما أخرجه ابن ماجه مِن حديث جابرٍ رضي الله عنه قال:
«خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَخَطَبَ قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ
قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ»(٨)؛ لَلَزم حملُ الدليلين المتعارضين على تغايُر الحال فيجوز الأمران جمعًا
بين الأدلَّة وهو أَوْلَى مِن الترجيح، لكنَّ كِلَا الحديثين ضعيفٌ لا يُحتجُّ به. قال النوويُّ:
«ولم يثبت في تكرير الخُطبة شيءٌ، ولكنَّ المعتمد فيه القياسُ على الجمعة»(٩)،
وقال الصنعانيُّ: «وليس فيه أنها خطبتان كالجمعة وأنه يقعد بينهما، ولعلَّه لم يثبت ذلك
مِن فعلِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنما صَنَعه الناسُ قياسًا على الجمعة»(١٠).

ولا يخفى أنَّ هذا اعتمادٌ على قياسٍ لم تُدْرَكْ عِلَّتُه وطريقُ صحَّته غيرُ ناهضٍ لعدم
معقولية المعنى فيه مِن جهةٍ، ولأنه ـ مِن جهةٍ أخرى ـ ثبتت خُطبتا الجمعة بالدليل
خروجًا عن الأصل، و«مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ القِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لَا يُقَاسُ»،
ولو صحَّ القياسُ لَلزم ما يَلزم الجمعةَ مِن جملة أحكامٍ مغايرةٍ للعيد مِن حيث إيقاعُها بعد
الخُطبة وجوازُ صلاتها قبل الزوال وبعده وغيرُها مِن الأحكام، وإذا بَطَلَ اللَّازِمُ بَطَلَ
الملزومُ، ثمَّ لِمَ لا يقاس بما هو أقربُ منها وهي خُطبة يومِ عَرَفَةَ بِنَمِرَةَ؟ فقد كانت خُطبةً
واحدةً على الصحيح، قال ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ: «وَهِمَ مَن زعم أنه خطب بعرفة
خُطبتين جلس بينهما ثمَّ أذَّن المؤذِّن، فلمَّا فرغ أخذ في الخطبة الثانية، فلمَّا فرغ منها
أقام الصلاةَ، وهذا لم يجئ في شيءٍ مِن الأحاديث ألبتَّةَ، وحديثُ جابرٍ صريحٌ في أنه
لمَّا أكمل خُطبتَه أذَّن بلالٌ وأقام الصلاةَ فصلَّى الظهرَ بعد الخطبة»(١١).

هذا، والمعلوم في السنَّة أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يصلِّ العيدَ إلَّا في المصلَّى
ولم يثبت عنه أنه كان يُخْرِجُ المنبرَ إلى أرضية المصلَّى، ولا أنه كان يرتقي على شيءٍ
إلَّا على راحلته، فتحقَّق أنَّ خُطْبتَهُ إمَّا على الراحلة كما تقدَّم، وإمَّا قائمًا على الأرض.
وقد صحَّ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم «كَانَ
يَخْرُجُ يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ، فَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ قَامَ [قَائِمًا](١٢)
[عَلَى رِجْلَيْهِ](١٣) فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ [بِوَجْهِهِ](١٤) وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ
لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ:
«تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا»، وَكَانَ أَكْثَرَ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ»(١٥)،
وفيه دليلٌ على قيام الإمام في خُطبة العيد على رجليه، فظهر مِن الحالتين أنْ لا تعدُّدَ
في الخطبة ولا فَصْلَ بينها بالجلوس، إذ يتعذَّر في الأولى ولم يُنقل في الثانية.

ويمكن الاستئناسُ بمرسَلِ عطاءٍ عندما سُئل عن الخروج يوم الفطر إلى الصلاة أنه قال:
«مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ حَتَّى مَاتَ، مَا كَانَ يَخْطُبُ إِلَّا قَائِمًا،
فَكَيْفَ يُخْشَى أَنْ يَحْبِسُوا النَّاسَ؟ وَإِنَّمَا كَانُوا يَخْطُبُونَ قِيَامًا لَا يَجْلِسُونَ، إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَرْتَقِي أَحَدُهُمْ عَلَى المِنْبَرِ فَيَقُومُ كَمَا
هُوَ قَائِمًا، لَا يَجْلِسُ عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى يَرْتَقِيَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا يَنْزِلُ،
وَإِنَّمَا خُطْبَتُهُ جَمِيعًا وَهُوَ قَائِمٌ، إِنَّمَا كَانُوا يَتَشَهَّدُونَ مَرَّةً وَاحِدَةً، الأُولَى» قَالَ:
«لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ إِلَّا مِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ مُعَاوِيَةُ حِينَ حَجَّ بِالمِنْبَرِ
فَتَرَكَهُ»، قال: «فَلَا يَزَالُونَ يَخْطُبُونَ عَلَى المَنَابِرِ بَعْدُ»(١٦). فهذا الأثر يفيد أنَّ الخُطبةَ
كانت واحدةً ولم يكن لهم مِنْبَرٌ في المصلَّى حيث كانوا يخطبون قيامًا مِن جلوسٍ.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين،
وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين،
وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٧ ربيع الأوَّل ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ مارس ٢٠٠٧م

موقع الشيخ فركوس حفظه الله تعالى (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-701)