تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ....... ويدفع الموج إعصارا


زيتوني محرز
2009-10-07, 20:02
.. و يدفع الموج إعصارا ..
هامش : عندما كان الموج رفيقي , كنت المركب الذي أنقذني , لذلك و لذلك فقط أقسمت أن تكون سعادتنا ملفا للقضية .

المركب يخوض عباب البحر, و البحر هائج , و هياج البحر يزيدني حزما وجدا , يتحرك مع ضرب المجاذيف فيتحرك قلبي , تنجذب الشرايين , تتقلص , ترتبط مع أرضية الميناء برباط رباني شفاف , يندفع المركب في إتجاه الميناء , الشمس تودع الدنيا في إستحياء, تحمر خجلا ثم تختفي وراء الأفق فتتركني أسبح في عالم أخر ليس ككل العوالم الدنيوية في عالم منسوج من ذرات – الكريستال – و أحلم بشمس تشرق على الجميع توزع نورها بالعدل بين بني البشر.
- هيا , تحركوا نحو الميناء ,, هناك تنتظر أمنا .
صوت رئيس المركب يهزني من شرودي , أعود إلى ذاتي , أبحث عن كلمات أقولها لأزيد حماس رفاقي في دفع المركب إلى الشاطئ الأخر , الموج يصطدم بالصخر , يعود متقهقرا باكيا لكن لا يفشل , يواصل الهجوم تلو الأخر و في الأخير يستسلم الصخر و يتآكل عنوة ثم يتلاشى – حوت يأكل حوت و قليل الجهد يموت - , زبد البحر في إندفاعه أمام المركب يعيدني إلى أرشيف ذاكرتي فأستسلم مرغما إلى سلطان الذكريات و أرحل ,, أرحل .
كان ذلك منذ خمس سنوات عندما أرغمنا على مغادرة مهد الطفولة و ملتقى الأحبة , حملونا في شاحنة كما تحمل البضائع ، تكدست الأجساد ، اختلطت الأنات والزفرات ، انطلقت الشاحنة فارتفعت وراءها الأتربة حاجبة عنا الشمس و أهل القرية الذين تحدوا إرادة القهر و خرجوا لتوديعها ,, مئات الأذرع تترائ لنا من خلال ذرات الغبار المتصاعد ,ترتسم – شارات النصر – على الأصابع المكدودة , ثم لاشيء سوى صوت المحرك يمزق سكون المكان , و الحوقلات المنبعثة من هنا و هناك , و منظر الأشجار و هي تتسابق في جنون من الهزيمة المنتظرة و عندما ينتهي السباق تتنهد الشاحنة تنهيدة قوية فتقذف بنا أرضا كنفايات المصانع ,, نصطف في صفوف طويلة على صوت قاس منبعث من أعماق قائد العسكر :- إعتدلوا يا كلاب .. أعقاب البنادق تترك أثارها على صدورنا المسلولة من برد الزنزانات , نتقدم بخطوات وئيدة منتظمة إلى الميناء , ندفع داخل مركب صغير , نسقط , نداس بالأرجل , تختلط على وجوهنا الأتربة و نفايات السجائر , نرمى في دهاليز مظلمة فلا نرى البحر و لا الشمس و لا النوارس …
عندما خرجنا من الأقبية لم نبصر إلا أبنية عالية تحجب نور الشمس و رائحة المصانع التي تقتل فينا جذوة الأمل , ووجوها تقطر سما و عنصرية :- هذا منفاكم - , كم هو جميل هذا المنفي بالمقارنة مع الزنزانة التي خرجنا منها , حتى الكوة الوحيدة فيها أغلقوها بالثياب البالية .. و …
أنظروا إلى الأمام ها هي القرية تفتح ذراعيها لاستقبالنا … استعدوا صوت الرفاق يعيدني إلى ذاتي , أبحث عن كلمات مشابهة أعبر بها عن فرحتي , شوارع القرية الضيقة ,ملامح رجالها تزرع الأمن في أعماقي , عمي – رابح – و دكانه المتواضع الذي كان ملاذنا الوحيد عند اشتداد الأزمات حتى حجارة القرية و غبارها اشتقنا إليه , كم هو جميل أن يغترب المرء ثم يعود إلى النبع الصافي و إلى الأم الحنون، أتذكر عمي – رابح – و حركاته السريعة المضطربة عندما باغتنا العدو و نحن نعد العدة لهجوم جديد , حاول أن يغلق باب دكانه بسرعة لكن رصاصة استقرت في صدره , سقط أرضا ’ تلوى من الألم ، تطحلب على أديمها كأني به أراد أن يغرز كيانه في تربة الوطن , ثم رفع سبابة يده اليمنى و تشهد , و خمدت أنفاسه بسرعة ,, كانت أعيننا مبحلقة في الخارج حتى تسورت جثة فارهة الطول الباب فسدت عنا ضوء الشمس ثم تبعتها جثثا أخرى ,, فتشوا و كسروا كل شيء ,, ساقونا إلى الزنزانات و لما يئسوا من تعذيبنا قرروا نفينا إلى إحدى مدنهم الساحلية علنا نندمج في مجتمعهم و ننسى هويتنا …
المجاذيف تتحرك في جنون , يندفع المركب , تزداد نبضات القلب , يتكهرب الجو , تنبعث أناشيد الحماس من أفواه الجميع , ننسى و لو للحظات إن في انتظارنا هناك على الميناء : ألاف البنادق و وجوه مصفرة و عيون زائغة و لكن على أرض طيبة و بين أحضان أم حنون …
صوت رئيس المركب يقطع نشيدنا و أحلامنا :
- إلى أمنا , إلى الموت بين أحضانها .
الاهداء : إلى أهل غزة المقاومين لآلة الظلم الاسرائلي وآلة التخاذل العربي

صَمْـتْــــ~
2009-10-08, 23:06
.. و يدفع الموج إعصارا ..
هامش : عندما كان الموج رفيقي , كنت المركب الذي أنقذني , لذلك و لذلك فقط أقسمت أن تكون سعادتنا ملفا للقضية .

المركب يخوض عباب البحر, و البحر هائج , و هياج البحر يزيدني حزما وجدا , يتحرك مع ضرب المجاذيف فيتحرك قلبي , تنجذب الشرايين , تتقلص , ترتبط مع أرضية الميناء برباط رباني شفاف , يندفع المركب في إتجاه الميناء , الشمس تودع الدنيا في إستحياء, تحمر خجلا ثم تختفي وراء الأفق فتتركني أسبح في عالم أخر ليس ككل العوالم الدنيوية في عالم منسوج من ذرات – الكريستال – و أحلم بشمس تشرق على الجميع توزع نورها بالعدل بين بني البشر.
- هيا , تحركوا نحو الميناء ,, هناك تنتظر أمنا .
صوت رئيس المركب يهزني من شرودي , أعود إلى ذاتي , أبحث عن كلمات أقولها لأزيد حماس رفاقي في دفع المركب إلى الشاطئ الأخر , الموج يصطدم بالصخر , يعود متقهقرا باكيا لكن لا يفشل , يواصل الهجوم تلو الأخر و في الأخير يستسلم الصخر و يتآكل عنوة ثم يتلاشى – حوت يأكل حوت و قليل الجهد يموت - , زبد البحر في إندفاعه أمام المركب يعيدني إلى أرشيف ذاكرتي فأستسلم مرغما إلى سلطان الذكريات و أرحل ,, أرحل .
كان ذلك منذ خمس سنوات عندما أرغمنا على مغادرة مهد الطفولة و ملتقى الأحبة , حملونا في شاحنة كما تحمل البضائع ، تكدست الأجساد ، اختلطت الأنات والزفرات ، انطلقت الشاحنة فارتفعت وراءها الأتربة حاجبة عنا الشمس و أهل القرية الذين تحدوا إرادة القهر و خرجوا لتوديعها ,, مئات الأذرع تترائ لنا من خلال ذرات الغبار المتصاعد ,ترتسم – شارات النصر – على الأصابع المكدودة , ثم لاشيء سوى صوت المحرك يمزق سكون المكان , و الحوقلات المنبعثة من هنا و هناك , و منظر الأشجار و هي تتسابق في جنون من الهزيمة المنتظرة و عندما ينتهي السباق تتنهد الشاحنة تنهيدة قوية فتقذف بنا أرضا كنفايات المصانع ,, نصطف في صفوف طويلة على صوت قاس منبعث من أعماق قائد العسكر :- إعتدلوا يا كلاب .. أعقاب البنادق تترك أثارها على صدورنا المسلولة من برد الزنزانات , نتقدم بخطوات وئيدة منتظمة إلى الميناء , ندفع داخل مركب صغير , نسقط , نداس بالأرجل , تختلط على وجوهنا الأتربة و نفايات السجائر , نرمى في دهاليز مظلمة فلا نرى البحر و لا الشمس و لا النوارس …
عندما خرجنا من الأقبية لم نبصر إلا أبنية عالية تحجب نور الشمس و رائحة المصانع التي تقتل فينا جذوة الأمل , ووجوها تقطر سما و عنصرية :- هذا منفاكم - , كم هو جميل هذا المنفي بالمقارنة مع الزنزانة التي خرجنا منها , حتى الكوة الوحيدة فيها أغلقوها بالثياب البالية .. و …
أنظروا إلى الأمام ها هي القرية تفتح ذراعيها لاستقبالنا … استعدوا صوت الرفاق يعيدني إلى ذاتي , أبحث عن كلمات مشابهة أعبر بها عن فرحتي , شوارع القرية الضيقة ,ملامح رجالها تزرع الأمن في أعماقي , عمي – رابح – و دكانه المتواضع الذي كان ملاذنا الوحيد عند اشتداد الأزمات حتى حجارة القرية و غبارها اشتقنا إليه , كم هو جميل أن يغترب المرء ثم يعود إلى النبع الصافي و إلى الأم الحنون، أتذكر عمي – رابح – و حركاته السريعة المضطربة عندما باغتنا العدو و نحن نعد العدة لهجوم جديد , حاول أن يغلق باب دكانه بسرعة لكن رصاصة استقرت في صدره , سقط أرضا ’ تلوى من الألم ، تطحلب على أديمها كأني به أراد أن يغرز كيانه في تربة الوطن , ثم رفع سبابة يده اليمنى و تشهد , و خمدت أنفاسه بسرعة ,, كانت أعيننا مبحلقة في الخارج حتى تسورت جثة فارهة الطول الباب فسدت عنا ضوء الشمس ثم تبعتها جثثا أخرى ,, فتشوا و كسروا كل شيء ,, ساقونا إلى الزنزانات و لما يئسوا من تعذيبنا قرروا نفينا إلى إحدى مدنهم الساحلية علنا نندمج في مجتمعهم و ننسى هويتنا …
المجاذيف تتحرك في جنون , يندفع المركب , تزداد نبضات القلب , يتكهرب الجو , تنبعث أناشيد الحماس من أفواه الجميع , ننسى و لو للحظات إن في انتظارنا هناك على الميناء : ألاف البنادق و وجوه مصفرة و عيون زائغة و لكن على أرض طيبة و بين أحضان أم حنون …
صوت رئيس المركب يقطع نشيدنا و أحلامنا :
- إلى أمنا , إلى الموت بين أحضانها .
الاهداء : إلى أهل غزة المقاومين لآلة الظلم الاسرائلي وآلة التخاذل العربي

أحسنت التصوير أخي محرز،
صِدقا انساقت مخيّلتي عبر مركبِ كلِماتِك الموشّحة بصدقِ مشاعِرك..
فاستشعرتُ نبضاً كان يقتاتُ على بقايا الأمل
رغم مرارة السِّقَاء و ضرباتِ الجبابِرة،
رغم المعاناة و سياط العذاب،
لن تقوى القيود،
إذا ما انتعشت الوطنيّة في رِحابِ الصّمود،
،،،
راقٍ حرفُك أخي محرز
تقبّل اعجابي بقلمك

زيتوني محرز
2009-10-10, 18:50
بعد السلام ....
للأسف أو للحظ لما يبقى قلمك الوحيد المتنقل بين ابداعات المشاركين ...
حقيقة أنت كالفراشة تنشرين أجنحتك على الجميع ، وكالنحلة تتحرك يمنة وشمالا تنثرين عطر كلماتك بكل جمالية وتألق
إذا لم يكن في هذا المنتدى إلا حروفك ،،لكان كافيا لكي يتزيين ويبرز نوره .. دمت نعم الأخت المبدعة ..
ولدي مجموعتين قصصيتين كاملتين ، فيا حبذا أجد لديكم مكانا أنثر كلماتهما سواء دور نشر أو مواقع تقيم الحرف وتدفع للإبداع والمواصلة .

صَمْـتْــــ~
2009-10-10, 19:38
بعد السلام ....
للأسف أو للحظ لما يبقى قلمك الوحيد المتنقل بين ابداعات المشاركين ...
حقيقة أنت كالفراشة تنشرين أجنحتك على الجميع ، وكالنحلة تتحرك يمنة وشمالا تنثرين عطر كلماتك بكل جمالية وتألق
إذا لم يكن في هذا المنتدى إلا حروفك ،،لكان كافيا لكي يتزيين ويبرز نوره .. دمت نعم الأخت المبدعة ..
ولدي مجموعتين قصصيتين كاملتين ، فيا حبذا أجد لديكم مكانا أنثر كلماتهما سواء دور نشر أو مواقع تقيم الحرف وتدفع للإبداع والمواصلة .
أتعلم أخي أصبحت على يقين، أنّ الكثير من الأعضاء
يتحاشون قراءة أو الردّ على نوعين من النّصوص،
فالأوّل منهما هو النصّ الرّمزي الذي يخيفهم غموضُ كلِماته
وبالتّالي يضيعون معناه
والثّاني هو النصّ الذي يتميّز بطوله..
أجل أخي، وبالخصوص ما يكتب على هذا النّحو..
لكِن أقول لهؤلاء لا يجِب أن تختاروا المواضيع بأعيُنِكم،
إن أردتُم فعلا اكتِشاف بعض النّصوص وربّما أروعِها.
و أقول لبعض الكتّاب أن تحاولوا الاعتناء أيضاً بمظهرِ نصوصِكم،
ففي حالة طولها يمكنُ تجزئتها الى جزئين مثلا..
وفي حالة غموضِها فلا بأس إن سبِقتها مقدّمة بسيطة تفيدُ وتشجّع
من يخشون الكلمات الرّمزيّة..
وهذا ما أفكّر انتِهاجه مستقبلا إن شاء الله
،،،،
وعودةً لكلامِك المشجّع، أقول أنّي لولا تشتتي بين 10 منتديات لما فوتّ نصًّا دون إعطائه حقّه..
لهذا أحيانا تفوتني قراءة بعضِها أو أكتفي بقراءة سطحيّة..
المهمّ أخي أرجو أن يحاول القراء تغيير نظرتِهم إن كانوا يسعون فعلا للتعلّم من غيرِهم.

بالنّسبة للمجموعتين القصصيّتين، فأرى أن تقوم بتنزيلِها عبر أجزاء
وبطريقة واضحة قد تسحب القراء، ريثما نجِد حلاّ لإنشاء قسم مخصّص للقصّة..
و سأفعل ما وسعي إن شاء الله

تحياتي لك ولحرفِك القيّم
دمت بودّ/ أختك..