ابو اكرام فتحون
2016-06-09, 08:08
بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:: ما خَانَ أمِينٌ قَطُّ ولكِنِ اِئْتُمِنَ غَيْرُ أَمِينٍ فخانَ ::
وعَلَيْهِ نَبَّهَ الحَدِيثُ الصَّحيحُ أنَّه صلى الله عليه وسلم قالَ:
«لا يَقْبِضُ اللهُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ من النَّاس، ولكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلمَاءِ
حتّى إذا لَمْ يَبْقَ عالِمٌ؛ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوساً جُهَّالاً، فسُئِلوا، فأَفْتَوْا بغَيْر عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا»(10).
قال بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: تَقْدِيرُ هذا الحَدِيثِ يَدُلُّ على أنَّهُ لا يُؤْتَى النَّاسُ قَطُّ مِنْ قِبَلِ عُلَمائِهِم
وإنَّما يُؤْتَوْنَ مِنْ قِبَلِ أنَّه إذا ماتَ عُلَمَاؤُهُم، أَفْتى مَنْ ليْسَ بِعَالِمٍ؛ فَيُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِه.
وقد صُرِّفَ هذا المعْنَى تَصْريفاً فَقِيلَ: ما خَانَ أمِينٌ قَطُّ، ولكِنِ اِئْتُمِنَ غَيْرُ أَمِينٍ فخانَ.
قال: ونَحْنُ نقولُ: ما ابْتَدَعَ عَالِمٌ قَطُّ، ولكن استُفْتِيَ مَنْ ليس بعالِمٍ» اهـ .
مِنْ أَجْلِ هذا وذاك، تَعَيَّنَ على كُلّ مُسْلِمٍ
مَعْرِفَةُ السَّبيلِ الّذي يُعْرَفُ به العالِِمُ، ويُمَيَّزُ به عن غَيْرِه.
وبَيَانًا لهذا الأمْرِ يُقَالُ: إنَّهُ مِمَّا تقرَّرَ عِنْدَ أهل العِلْمِ أنَّ العالِمَ لا يُعْرَفُ إلاَّ بشَهادَة العُلَماءِ له بالعِلْمِ؛ لهذا قال الإمامُ الشَّاطبيُّ : في «الاعتصام» (ص431): «والعالِمُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ لهُ العُلَمَاءُ، فهو في الحُكْمِ بَاقٍ في الأَصْلِ مِنْ عَدَمِ العِلْمِ، حتَّى يَشْهَدَ فيه غَيْرُه، ويَعْلَمَ هو من نَفْسِهِ ما شُهِدَ لهُ بِهِ، وإلاَّ فهو على يَقينٍ مِنْ عَدَمِ العِلْمِ، أوْ على شَكٍّ؛ فاخْتِيَارُ الإِقْدَامِ في هاتَيْن الحَالَتَيْنِ على الإِحْجَامِ، لا يَكُونُ إلاّ بِاتِّبَاعِ الهَوَى؛ إذْ كان ينْبَغي له أنْ يَسْتَفْتِيَ في نَفْسِهِ غَيْرَهُ، ولَمْ يَفعَلْ، وكان مِنْ حَقِّهِ أنْ لا يُقْدِمَ إلاَّ أنْ يُقَدِّمَهُ غَيْرُهُ ولَمْ يَفْعَلْ هَذَا»اهـ.
قال العَلاَّمَةُ الألبانيُّ : مُعَلِّقًا على هذا الكلام في «السلسلة الصحيحة» (2/713): «هذه نَصِيحَةُ الإمَاِم الشَّاطِِبِي إلى «العالِمِ» الذي بإِمْكَانِه أنْ يَتَقَدَّمَ إلى النَّاسِ بِشَيْءٍ من العِلْمِ، يَنْصَحُهُ أنْ لا يَتَقَدَّمَ حتَّى يَشْهَدَ له العُلَماءُ؛ خَشْيَةَ أنْ يَكُونَ من أهل الأَهْواء، فماذا كان يَنصَحُ يا تُرى لو رَأَى بعْضَ هؤلاء المُتَعَلِّقينَ بهذا العِلْمِ في زمَنِنَا هذا؟ لاشكَّ أنَّه كان يَقُولُ لَهُ: «لَيْسَ هذا عُشَّكِ؛ فَادْرُجِي»، فهَلْ مِنْ مُعْتَبِرٍ؟!
وإنّي ـ والله ـ لأَخْشَى على هذا البَعْضِ، أنْ يَشْمَلَهُم قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «يُنْزَعُ عُقُولُ أهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، ويُخْلَفُ لَهَا هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسَبُ أَكْثَرُهُم أَنَّهُم على شَيْءٍ، ولَيْسُوا على شيْءٍ» (11)». اهـ.
هذا؛ وقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ من الآثار السَّلَفيّة تُؤَيِّدُ هذا المَنْحَى، وتُعَضِّدُ هَذَا المَعْنَى:
☆ مِنْهَا ما ذُكِرَ عن الإمام مَالكٍ : أنّه قال: «لا ينْبَغِي لِرَجُلٍ أنْ يَرَى نَفْسَهُ أهْلاً لشَيْءٍ، حتّى يسْأَلَ مَنْ كان أعْلَمَ مِنْه
ومَا أفْتَيْتُ حتّى سَأَلْتُ ربيعَةَ، ويَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، فأَمَرَانِي بذلك، ولَوْ نَهَيَاني لانتهَيْتُ» اهـ(12).
☆ وقال أيضا: «ما أَفْتَيْتُ حتَّى شَهِدَ لي سَبْعُون أنِّي أهْلٌ لذلك» اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
(10) رواه البخاري في كتاب العلم، باب: كيف يُقبَضُ العُلماء (100)، ومسلم في كتاب العلم (2673) عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص ب.
(11) صحيح: رواه أحمد، وابن ماجة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، انظر: «الصحيحة» (1682).
(12) هذا الأثر والذي بعده رواهما أبو نعيم في «الحِلْيَة» (6/316)، والخطيب في «الفقيه والمتفقِّه» (1042 ـ 1043).
فضيلة الشيخ حسن أيت علجت حفظه الله
[تنبيه الألبَّاء إلى طريق معرفة العلماء (راية الإصلاح)]
http://www.djelfa.info/vb/images/icons/b9.gif
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:: ما خَانَ أمِينٌ قَطُّ ولكِنِ اِئْتُمِنَ غَيْرُ أَمِينٍ فخانَ ::
وعَلَيْهِ نَبَّهَ الحَدِيثُ الصَّحيحُ أنَّه صلى الله عليه وسلم قالَ:
«لا يَقْبِضُ اللهُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ من النَّاس، ولكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلمَاءِ
حتّى إذا لَمْ يَبْقَ عالِمٌ؛ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوساً جُهَّالاً، فسُئِلوا، فأَفْتَوْا بغَيْر عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا»(10).
قال بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: تَقْدِيرُ هذا الحَدِيثِ يَدُلُّ على أنَّهُ لا يُؤْتَى النَّاسُ قَطُّ مِنْ قِبَلِ عُلَمائِهِم
وإنَّما يُؤْتَوْنَ مِنْ قِبَلِ أنَّه إذا ماتَ عُلَمَاؤُهُم، أَفْتى مَنْ ليْسَ بِعَالِمٍ؛ فَيُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِه.
وقد صُرِّفَ هذا المعْنَى تَصْريفاً فَقِيلَ: ما خَانَ أمِينٌ قَطُّ، ولكِنِ اِئْتُمِنَ غَيْرُ أَمِينٍ فخانَ.
قال: ونَحْنُ نقولُ: ما ابْتَدَعَ عَالِمٌ قَطُّ، ولكن استُفْتِيَ مَنْ ليس بعالِمٍ» اهـ .
مِنْ أَجْلِ هذا وذاك، تَعَيَّنَ على كُلّ مُسْلِمٍ
مَعْرِفَةُ السَّبيلِ الّذي يُعْرَفُ به العالِِمُ، ويُمَيَّزُ به عن غَيْرِه.
وبَيَانًا لهذا الأمْرِ يُقَالُ: إنَّهُ مِمَّا تقرَّرَ عِنْدَ أهل العِلْمِ أنَّ العالِمَ لا يُعْرَفُ إلاَّ بشَهادَة العُلَماءِ له بالعِلْمِ؛ لهذا قال الإمامُ الشَّاطبيُّ : في «الاعتصام» (ص431): «والعالِمُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ لهُ العُلَمَاءُ، فهو في الحُكْمِ بَاقٍ في الأَصْلِ مِنْ عَدَمِ العِلْمِ، حتَّى يَشْهَدَ فيه غَيْرُه، ويَعْلَمَ هو من نَفْسِهِ ما شُهِدَ لهُ بِهِ، وإلاَّ فهو على يَقينٍ مِنْ عَدَمِ العِلْمِ، أوْ على شَكٍّ؛ فاخْتِيَارُ الإِقْدَامِ في هاتَيْن الحَالَتَيْنِ على الإِحْجَامِ، لا يَكُونُ إلاّ بِاتِّبَاعِ الهَوَى؛ إذْ كان ينْبَغي له أنْ يَسْتَفْتِيَ في نَفْسِهِ غَيْرَهُ، ولَمْ يَفعَلْ، وكان مِنْ حَقِّهِ أنْ لا يُقْدِمَ إلاَّ أنْ يُقَدِّمَهُ غَيْرُهُ ولَمْ يَفْعَلْ هَذَا»اهـ.
قال العَلاَّمَةُ الألبانيُّ : مُعَلِّقًا على هذا الكلام في «السلسلة الصحيحة» (2/713): «هذه نَصِيحَةُ الإمَاِم الشَّاطِِبِي إلى «العالِمِ» الذي بإِمْكَانِه أنْ يَتَقَدَّمَ إلى النَّاسِ بِشَيْءٍ من العِلْمِ، يَنْصَحُهُ أنْ لا يَتَقَدَّمَ حتَّى يَشْهَدَ له العُلَماءُ؛ خَشْيَةَ أنْ يَكُونَ من أهل الأَهْواء، فماذا كان يَنصَحُ يا تُرى لو رَأَى بعْضَ هؤلاء المُتَعَلِّقينَ بهذا العِلْمِ في زمَنِنَا هذا؟ لاشكَّ أنَّه كان يَقُولُ لَهُ: «لَيْسَ هذا عُشَّكِ؛ فَادْرُجِي»، فهَلْ مِنْ مُعْتَبِرٍ؟!
وإنّي ـ والله ـ لأَخْشَى على هذا البَعْضِ، أنْ يَشْمَلَهُم قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «يُنْزَعُ عُقُولُ أهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، ويُخْلَفُ لَهَا هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسَبُ أَكْثَرُهُم أَنَّهُم على شَيْءٍ، ولَيْسُوا على شيْءٍ» (11)». اهـ.
هذا؛ وقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ من الآثار السَّلَفيّة تُؤَيِّدُ هذا المَنْحَى، وتُعَضِّدُ هَذَا المَعْنَى:
☆ مِنْهَا ما ذُكِرَ عن الإمام مَالكٍ : أنّه قال: «لا ينْبَغِي لِرَجُلٍ أنْ يَرَى نَفْسَهُ أهْلاً لشَيْءٍ، حتّى يسْأَلَ مَنْ كان أعْلَمَ مِنْه
ومَا أفْتَيْتُ حتّى سَأَلْتُ ربيعَةَ، ويَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، فأَمَرَانِي بذلك، ولَوْ نَهَيَاني لانتهَيْتُ» اهـ(12).
☆ وقال أيضا: «ما أَفْتَيْتُ حتَّى شَهِدَ لي سَبْعُون أنِّي أهْلٌ لذلك» اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
(10) رواه البخاري في كتاب العلم، باب: كيف يُقبَضُ العُلماء (100)، ومسلم في كتاب العلم (2673) عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص ب.
(11) صحيح: رواه أحمد، وابن ماجة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، انظر: «الصحيحة» (1682).
(12) هذا الأثر والذي بعده رواهما أبو نعيم في «الحِلْيَة» (6/316)، والخطيب في «الفقيه والمتفقِّه» (1042 ـ 1043).
فضيلة الشيخ حسن أيت علجت حفظه الله
[تنبيه الألبَّاء إلى طريق معرفة العلماء (راية الإصلاح)]
http://www.djelfa.info/vb/images/icons/b9.gif