كامل محمد محمد محمد
2016-05-25, 20:47
إبطال القول بالتعليل
(لغير المتخصصين)
اعداد
دكتور كامل محمد محمد عامر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، أحمده حمد العاجز عن القيام بحق حمده على ما أنعم علينا بنعم لا نستطيع لها حصراً .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيداً وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
وبعد
فجميع الصحابة رضي الله عنهم أولهم عن آخرهم لم ينقل عن أحد منهم أنه قال: إن الله تعالى حكم في شيء من الشريعة لعلَّة وإنما ظهر هذا القول بعد ذلك فلا توجد علل لأحكام الله سبحانه وتعالى البتة، ولا يوجد سبب لحكم إلا ما نص الله سبحانه وتعالى عليه أو رسوله عليه السلام فإذا وجد نص على أن أمر كذا لسبب كذا أو من أجل كذا، فإن ذلك قد جُعِل سبباً لتلك الأشياء في تلك المواضع فقط.
أدلة القائلين بالعلل
قال تعالى:{مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ} [الحشر:7] .
والجواب: أننا قد وجدنا أموالاً كثيرة لم تقسم هذه القسمة فلو كانت العِلَّة هي ألا يكون دُولَةً بين الأغنياء لكان ذلك أيضاً علة في قسمة سائر الأموال من الغنائم وغيرها.
ومنها: قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }.
والجواب: أن لو كان البغي عِلَّة في إيجاب الجزاء بذلك لكان ذلك واجباً أن يجزى به البغاة منا ومن غيرنا و هذا لم يحدث فالبغي ليس عِلَّة للجزاء بما جوزي به أولئك، لأن العلة مطردة في معلولاتها أبداً، وصح أن البغي من أولئك كان سبباً لجزائهم بما جوزوا به، وليس سبباً في غيرهم، لأن يجازوا بمثل ذلك.
ومنها: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ }[المائدة:91] قالوا: فكانت هذه علل في وجوب تحريمها، أو الانتهاء عنها.
والجواب: أن كسب المال والجاه في الدنيا أَصَدُ عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة وأوقع للعداوة والبغضاء فيما بيننا من الخمر والميسر وليس ذلك محرماً وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه رضي الله عنهم إذ يقول : "فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ" [البخارى: كتاب الجزية؛ بَاب الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ]
وأيضاً: فالميسر قبل أن يحرم ما كان سبباً لعداوة بذاته ولا كان سبباً لفقد عقل، ولا كان إلا نافعاً للناس ، وكذلك قليل الخمر لا يفسد أخلاق من يشربها.
ومنها: قوله تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً} [النساء:160]
والجواب: أننا نظلم كثيراً ولم يحرم علينا طيبات أحلت لنا، فصح أن الظلم ليس علة في تحريم الطيبات، ولا سبباً له إلا حيث جعله الله تعالى بالنص سبباً له فقط، لا فيما عدا ذلك المكان البتة.
ومنها: قوله تعالى لموسى عليه السلام: {إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }[طه:12].
والجواب: أن الوجود بالواد المقدس طوى لو كان علة لخلع النعال أو سبباً له، لوجب علينا خلع نعالنا بالوادي المقدس وبالحرم وبطوى، فلما لم يلزم ذلك بلا خلاف صح القول: إن الشيء إذا جعله الله سبباً لحكم ما، في مكان ما، فلا يكون سبباً إلا فيه وحده لا في غيره
(لغير المتخصصين)
اعداد
دكتور كامل محمد محمد عامر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، أحمده حمد العاجز عن القيام بحق حمده على ما أنعم علينا بنعم لا نستطيع لها حصراً .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيداً وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
وبعد
فجميع الصحابة رضي الله عنهم أولهم عن آخرهم لم ينقل عن أحد منهم أنه قال: إن الله تعالى حكم في شيء من الشريعة لعلَّة وإنما ظهر هذا القول بعد ذلك فلا توجد علل لأحكام الله سبحانه وتعالى البتة، ولا يوجد سبب لحكم إلا ما نص الله سبحانه وتعالى عليه أو رسوله عليه السلام فإذا وجد نص على أن أمر كذا لسبب كذا أو من أجل كذا، فإن ذلك قد جُعِل سبباً لتلك الأشياء في تلك المواضع فقط.
أدلة القائلين بالعلل
قال تعالى:{مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ} [الحشر:7] .
والجواب: أننا قد وجدنا أموالاً كثيرة لم تقسم هذه القسمة فلو كانت العِلَّة هي ألا يكون دُولَةً بين الأغنياء لكان ذلك أيضاً علة في قسمة سائر الأموال من الغنائم وغيرها.
ومنها: قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }.
والجواب: أن لو كان البغي عِلَّة في إيجاب الجزاء بذلك لكان ذلك واجباً أن يجزى به البغاة منا ومن غيرنا و هذا لم يحدث فالبغي ليس عِلَّة للجزاء بما جوزي به أولئك، لأن العلة مطردة في معلولاتها أبداً، وصح أن البغي من أولئك كان سبباً لجزائهم بما جوزوا به، وليس سبباً في غيرهم، لأن يجازوا بمثل ذلك.
ومنها: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ }[المائدة:91] قالوا: فكانت هذه علل في وجوب تحريمها، أو الانتهاء عنها.
والجواب: أن كسب المال والجاه في الدنيا أَصَدُ عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة وأوقع للعداوة والبغضاء فيما بيننا من الخمر والميسر وليس ذلك محرماً وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه رضي الله عنهم إذ يقول : "فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ" [البخارى: كتاب الجزية؛ بَاب الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ]
وأيضاً: فالميسر قبل أن يحرم ما كان سبباً لعداوة بذاته ولا كان سبباً لفقد عقل، ولا كان إلا نافعاً للناس ، وكذلك قليل الخمر لا يفسد أخلاق من يشربها.
ومنها: قوله تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً} [النساء:160]
والجواب: أننا نظلم كثيراً ولم يحرم علينا طيبات أحلت لنا، فصح أن الظلم ليس علة في تحريم الطيبات، ولا سبباً له إلا حيث جعله الله تعالى بالنص سبباً له فقط، لا فيما عدا ذلك المكان البتة.
ومنها: قوله تعالى لموسى عليه السلام: {إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }[طه:12].
والجواب: أن الوجود بالواد المقدس طوى لو كان علة لخلع النعال أو سبباً له، لوجب علينا خلع نعالنا بالوادي المقدس وبالحرم وبطوى، فلما لم يلزم ذلك بلا خلاف صح القول: إن الشيء إذا جعله الله سبباً لحكم ما، في مكان ما، فلا يكون سبباً إلا فيه وحده لا في غيره