كامل محمد محمد محمد
2016-05-11, 23:04
تبسيط علوم السلف
أقل ما قيل
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف
من كتاب
البحر المحيط في أصول الفقه
للإمام أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي
1435هـ ــــ 2014م
(الطبعة الأولي)
الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ
أَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ
وَحَقِيقَتُهُ: أَنْ يَخْتَلِفَ العُلَمَاءِ فِي شيئ مُقَدَّرٍ بِالِاجْتِهَادِ (ليس فيه نص) عَلَى أَقَاوِيلَ ، فَيُؤْخَذُ بِأَقَلِّهَا إذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الزِّيَادَةِ دَلِيلٌ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ : هُوَ أَنْ يَرِدَ الْفِعْلُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا لِمُجْمَلٍ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِهِ ، فَيُصَارُ إلَى أَقَلِّ مَا يُؤْخَذُ.
وَقَالوا : هُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ الصَّحَابَةُ فِي تَقْدِيرٍ ، فَيَذْهَبُ بَعْضُهُمْ إلَى مِائَةٍ مَثَلًا ، وَبَعْضُهُمْ إلَى خَمْسِينَ فَإِنْ كَانَتْ دَلَالَةً تُعَضِّدُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ صِيرَ إلَيْهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَلَالَةً فَقَدْ اخْتَلَفوا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : نَأْخُذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ مِنْ حَيْثُ كَانَ أَقَلَّ وَقَسَّموا الْمَسْأَلَةَ إلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا أَصْلُهُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
· فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ الْحَقِّ وَسُقُوطِهِ ,كَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى ، لِمُوَافَقَةِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ الْوُجُوبِ.
· وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ ، كَدِيَةِ الذِّمَّةِ إذَا وَجَبَتْ عَلَى قَاتِلِهِ ، فَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِأَقَلِّهِ دَلِيلًا ؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ فِيمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ ، كَالْجُمُعَةِ الثَّابِتِ فَرْضُهَا ، اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ انْعِقَادِهَا ، فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ دَلِيلًا لِارْتِهَانِ الذِّمَّةِ بِهَا فَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِالشَّكِّ ، وَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ دَلِيلًا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ :
· أَحَدُهُمَا : يَكُونُ دَلِيلًا وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ ، لِأَنَّ الذِّمَّةَ تَبْرَأُ بِالْأَكْثَرِ إجْمَاعًا ، وَبِالْأَقَلِّ خِلَافًا ، فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا الشَّافِعِيُّ تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ ، لِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ أَكْثَرُ مَا قِيلَ .
· الثَّانِي : لَا يَكُونُ دَلِيلًا ، لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْخِلَافِ دَلِيلٌ فِي حُكْمٍ ، وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْأَرْبَعِينَ بِدَلِيلٍ آخَرَ .
قَالوا: يَتِمُّ الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ بِشُرُوطٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الشَّيْءِ .
ثَانِيهَا : أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ قَالَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ.
ثَالِثُهَا : أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ أَخَذَ غَيْرَ الْأَقَلِّ.
رَابِعُهَا : أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى مَا هُوَ زَائِدٌ.
وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ الشَّافِعِيُّ بِانْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِثَلَاثَةِ ، وَلَا بِالْغُسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثًا ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّ مَا قِيلَ ، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى اشْتِرَاطِ مَا صَارَ إلَيْهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ : الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَخْذِ بِالْمُحَقَّقِ وَطَرْحِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فِيمَا أَصْلُهُ الْبَرَاءَةُ ، وَالْأَخْذُ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فِيمَا أَصْلُهُ اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ .
وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فِي الْأَحْكَامِ " فَأَنْكَرَ الْأَخْذَ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ ، وَقَالَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا أَمْكَنَ ضَبْطُ أَقْوَالِ جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ .
أقل ما قيل
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف
من كتاب
البحر المحيط في أصول الفقه
للإمام أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي
1435هـ ــــ 2014م
(الطبعة الأولي)
الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ
أَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ
وَحَقِيقَتُهُ: أَنْ يَخْتَلِفَ العُلَمَاءِ فِي شيئ مُقَدَّرٍ بِالِاجْتِهَادِ (ليس فيه نص) عَلَى أَقَاوِيلَ ، فَيُؤْخَذُ بِأَقَلِّهَا إذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الزِّيَادَةِ دَلِيلٌ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ : هُوَ أَنْ يَرِدَ الْفِعْلُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا لِمُجْمَلٍ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِهِ ، فَيُصَارُ إلَى أَقَلِّ مَا يُؤْخَذُ.
وَقَالوا : هُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ الصَّحَابَةُ فِي تَقْدِيرٍ ، فَيَذْهَبُ بَعْضُهُمْ إلَى مِائَةٍ مَثَلًا ، وَبَعْضُهُمْ إلَى خَمْسِينَ فَإِنْ كَانَتْ دَلَالَةً تُعَضِّدُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ صِيرَ إلَيْهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَلَالَةً فَقَدْ اخْتَلَفوا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : نَأْخُذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ مِنْ حَيْثُ كَانَ أَقَلَّ وَقَسَّموا الْمَسْأَلَةَ إلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا أَصْلُهُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
· فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ الْحَقِّ وَسُقُوطِهِ ,كَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى ، لِمُوَافَقَةِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ الْوُجُوبِ.
· وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ ، كَدِيَةِ الذِّمَّةِ إذَا وَجَبَتْ عَلَى قَاتِلِهِ ، فَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِأَقَلِّهِ دَلِيلًا ؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ فِيمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ ، كَالْجُمُعَةِ الثَّابِتِ فَرْضُهَا ، اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ انْعِقَادِهَا ، فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ دَلِيلًا لِارْتِهَانِ الذِّمَّةِ بِهَا فَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِالشَّكِّ ، وَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ دَلِيلًا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ :
· أَحَدُهُمَا : يَكُونُ دَلِيلًا وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ ، لِأَنَّ الذِّمَّةَ تَبْرَأُ بِالْأَكْثَرِ إجْمَاعًا ، وَبِالْأَقَلِّ خِلَافًا ، فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا الشَّافِعِيُّ تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ ، لِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ أَكْثَرُ مَا قِيلَ .
· الثَّانِي : لَا يَكُونُ دَلِيلًا ، لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْخِلَافِ دَلِيلٌ فِي حُكْمٍ ، وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْأَرْبَعِينَ بِدَلِيلٍ آخَرَ .
قَالوا: يَتِمُّ الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ بِشُرُوطٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الشَّيْءِ .
ثَانِيهَا : أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ قَالَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ.
ثَالِثُهَا : أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ أَخَذَ غَيْرَ الْأَقَلِّ.
رَابِعُهَا : أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى مَا هُوَ زَائِدٌ.
وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ الشَّافِعِيُّ بِانْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِثَلَاثَةِ ، وَلَا بِالْغُسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثًا ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّ مَا قِيلَ ، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى اشْتِرَاطِ مَا صَارَ إلَيْهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ : الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَخْذِ بِالْمُحَقَّقِ وَطَرْحِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فِيمَا أَصْلُهُ الْبَرَاءَةُ ، وَالْأَخْذُ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فِيمَا أَصْلُهُ اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ .
وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فِي الْأَحْكَامِ " فَأَنْكَرَ الْأَخْذَ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ ، وَقَالَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا أَمْكَنَ ضَبْطُ أَقْوَالِ جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ .