المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في حكم الموعظة الليلية في بيت أهل الميِّت


أم فاطمة السلفية
2016-04-01, 18:36
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في حكم الموعظة الليلية في بيت أهل الميِّت

السؤال:
ما حكمُ مَنْ يقوم بالموعظة في الليل عند أهلِ الميِّت مع العلم أنَّ هذا الإنسانَ يفعل هذا الأمرَ ـ دائمًا ـ عند كُلِّ ميِّتٍ بِنِيَّةِ الموعظة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا يُعْلَمُ في الاجتماعِ للعزاءِ أو لتوزيع الطعام وقراءةِ القرآن ونحوِ ذلك أصلٌ مشروعٌ عند السلف، بل كان معدودًا ـ عندهم ـ مِنَ النياحة؛ فقَدْ صحَّ مِنْ حديثِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ رضي الله عنه أنه قال: «كُنَّا نَعُدُّ ـ وفي روايةٍ: نَرَى ـ(١) الاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ»(٢)، والنياحةُ مِنْ كبائِرِ المَعاصي؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ»(٣)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ»(٤)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ»(٥)، وإذا كان الاجتماعُ غيرَ مشروعٍ فإنَّ الخُطْبةَ أوِ الوعظَ يتبعه في الحكم؛ إذ الخُطْبةُ أو الوعظُ مُقْترِنٌ بالاجتماع، ولوازمُ الشيءِ منه.
هذا، وعلى المسلم تجنُّبُ المَناهي والبِدَع؛ إذ ليسَتْ سبيلًا للخير وإقامةِ دعوة الله بها؛ لأنَّ «كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٦).
علمًا أنَّ السنَّة فيمَنْ أُصيبَ بموتِ قريبٍ أو حبيبٍ أَنْ يصبر ويرضى بالقَدَرِ ويسترجعَ فيقولَ: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾؛ عملًا بمقتضى الآيةِ في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ ١٥٧﴾ [البقرة]، وله أَنْ يُضيفَ عليه قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللهمّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا»؛ لحديثِ أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها(٧)، وليس له انتظارُ الناسِ للتعزية، أو جَلْبُهم للاجتماع للموعظة وقراءةِ القرآن، وصنيعةُ الطعام وإظهارُ بيتِ الميِّتِ مَظْهَرَ ليلة زِفافِ عرسٍ بإنارة الأضواء وجمعِ الكراسيِّ وتصفيفِها، ونحوها ممَّا يفعله عامَّةُ الناس؛ فإنَّ ذلك ليس مِنْ هَدْيِ الصحابة رضي الله عنهم؛ إذ ليس المرادُ بالتعزية التهنئةَ، وإنما المرادُ منها تقويةُ المُصابِ على تحمُّلِ المصيبة والصبرِ عليها؛ ولهذا وَرَدَ في بعض صِيَغِ التعزية: «إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى؛ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»(٨).
أمَّا السنَّةُ في حقِّ الميِّت فأَنْ ندعوَ له بالمغفرة والرحمةِ على ما ثَبَتَ في الأحاديث الصحيحة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٦ مِنْ ذي القعدة ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ ديسمبر ٢٠٠٥م

(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_1)أخرجها ابنُ ماجه في «الجنائز» بابُ ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل الميِّت وصنعةِ الطعام (١٦١٢).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_2)أخرجه أحمد (٦٩٠٥) مِنْ حديثِ جرير بنِ عبد الله البَجَليِّ رضي الله عنه. وصحَّحه النوويُّ في «شرح المهذَّب» (٥/ ٣٢٠)، والألبانيُّ في «تلخيص أحكام الجنائز» (٧٣).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_3)أخرجه مسلمٌ في «الجنائز» (٩٣٤) مِنْ حديثِ أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه.
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_4)أخرجه مسلمٌ في «الإيمان» (٦٧) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_5)أخرجه البزَّار (٧٥١٣) مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٤٢٧).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_6)أخرجه مسلمٌ في «الجمعة» (٨٦٧) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_7)أخرجه مسلمٌ في «الجنائز» (٩١٨) مِنْ حديثِ أمِّ سَلَمةَ رضي الله عنها.
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-75#_ftnref_75_8)أخرجه البخاريُّ في «الجنائز» بابُ قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إذا كان النوحُ مِنْ سنَّتِه (١٢٨٤)، ومسلمٌ في «الجنائز» (٩٢٣)، مِنْ حديثِ أسامة بنِ زيدٍ رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-

أم الشَّيماء
2016-04-01, 18:57
بارك الله فيك أختي على النقل الطيب ، وأصلح الله مجتمعاتنا وردّنا إلى السنة ردا جميلا .

*جزائرية مسلمة*
2016-04-11, 22:36
جزاك الله خيرا وبارك فيك

صابرة محتسبة
2016-04-12, 08:09
جزاك الله خيرا وبارك فيك وجعله في ميزان حسناتك

أم فاطمة السلفية
2016-04-14, 13:12
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكن جميعا أخواتي الفاضلات أم الشيماء وجزائرية مسلمة وصابرة محتسبة ووفقني واياكن للاقتداء بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام والابتعاد عن البدع وشرورها .

طالبة النجاحْ~
2016-05-07, 22:52
نسال الله العفو والعافية
بارك الله فيك اختي وجزاكي خيرااا

آيات سرمدية
2016-05-08, 20:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.......

جزاك الله خيرا......وبارك فيك على النقل الطيب الهادف.......

لقد كنت بصدد البحث وتجميع بعض الفتاوى في أمور الجنازة والتعزية ونحوهما.....لما رأيت وأرى من بعد كبير.....أو لنقل جهل كبير بما جاء به قرءاننا وسنة نبينا........غلبت عليها العادات والتقاليد.....
آخرها أني كنت منذ أيام في جنازة.......وقد حيرني قول احداهن عندما هممت بالإدبار و جمع من النسوة.........(((( أنه لا يجوز ترك بيت العزاء.....إلا بعد انقضاء الدفن وعودة الرجال))))......فرغم علمي بأنها قد تكون بدعة لأني لم أقرأ عنها قط..... ورغم ذلك.... قلت ربما قد تكون قد فاتتني هكذا معلومة.......فبحثت ولحد الساعة لم أجد لها دليلاً.........فسبحان الله......

اللّهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.......

صابرة محتسبة
2018-11-24, 08:52
موضوع قيم بارك الله فيك اختي