ياسين العربي 24
2016-03-31, 19:03
الادعاء المغرض
يتمسك المنافحون على" البيلنغيسم" (bilinguisme ازدواجية اللسان واللغة) في المدرسة الجزائرية كمرحلة عبور نحو فرنسة المدرسة الجزائرية بمقولات كاذبة وأخرى فاسدة وباطلة منها أن مقولة اصلاحات بن زاغو لم تطبق أو تم التقليل من شأنها لذلك استمرت المدرسة الجزائرية في الفشل.. وفي هذا الادعاء الكاذب تحقيق غرضين ومطلبين من مطالبهم المناوراتية والافترائية.
أولهما أن المدرسة الجزائرية المنكوبة إلى هذا الحد والمنتجة للفشل لا زالت هي "مدرسة التعريب" و"المدرسة الأساسية" (وليست إصلاحات بن زاغو التي فشلت لأنها لم تطبق ولم تنفذ) وهو ادعاء يبرر هجمتهم الأيديولوجية ويسعى واهما إلى اقتلاع تأييد الشارع وإطارات التربية والرأي العام بإقحامه في طريق مسدود إما أن يختار اللغة الفرنسية وإصلاحات بن زاغو وبن غبريط ومنظرها المولع باللسانيات والطوبونيما والأمازيغية والمنتقص من قيمة وجدوى اللغة العربية والإسلام السيد فريد بن رمضان الذي يريد أن يخفي ما الله مبديه وحتى يوكل الشعب أمره اضطرارا إلى من يواصلون خط بن زاغو وجماعته ومنهم "بن غبريط نورية" والمنظر والمصمم والمهندس "فريد بن رمضان" أو يؤيد الفشل الحتمي وحالة النكبة والدمار.. وهي حالة مصطنعة تم إلباسها للمدرسة الأساسية والتعريب زورًا بعد أن دمروهما وتكون الإجابة عليها بأن المدرسة الحالية وقبلها منذ النكبة ليست هي المدرسة الأساسية ما عدا في شكلها وصورتها الباهتة بل هي نتاج الهدم والحصار والتدمير الذي اعترض المدرسة الأساسية من لوبيات "الفرنسة" المتنفذين فهي الطبعة المشوهة للمدرسة الأساسية وهي أيضا نتاج التطبيق السيء المتعمد للتعريب في المدرسة الأساسية من جهة اللوبي المتنفذ الممتدة جذوره إلى جهات أجنبية وهي صورة تمس بالأمن القومي وحالة من حالات العمالة وتكريس التبعية.. ولا يمكن أبدا التردد في التمسك بهذا الحكم أو الشعور بالنقص أمام من يتهمون كل أصيل متمسك بأنه يلجأ إلى التفسير بالمؤامرة والانغلاق على الذات.. وهنا وجب التمييز بين الانفتاح المتثاقف الواعي وهو ما نؤكد عليه بالأمس واليوم والغد من جهة والاستلاب والارتهان والتبعية والمحاكاة الببغائية لرهن قرارنا التربوي واستقلال العقل البيداغوجي ورجل التربية والتلميذ فلا نقع في استبدال حالة تبعية بأخرى وانغلاق باخر وتخلف بتخلف آخر لكن بماكياج ومساحيق الحداثة والتنوير وبناء العقل النقدي.
ثانيهما تبرير مواصلة مشوارهم الإصلاحي (العبثي) والمرور من غير تردد إلى فرنسة المدرسة الجزائرية جهرة من جهة وجعل الناس كل الناس أمام أمر واقع والانقلاب على المفاهيم والبرامج والمناهج والتكوين والقيم الوطنية واعتبارها بالية أو ساهمت في تغذية الإرهاب وإنتاجه واقتناء واعتماد الخبرة الفرنسية جهرة واللجوء إلى التكوين سرا بعيدا عن أنظار الإعلام والعلنية حيث تقام الدورات التكوينية جلها بثانوية حسيبة بن بوعلي منذ سنتين دون علم وسائل الإعلام.. و ليس الغموض الذي يكتنف عملية إعادة النظر في الكتاب المدرسي والمنهاج التي تتم في غياب "اللجنة الوطنية للمناهج" و"المعهد الوطني للبحث التربوي" و"المفتشية العامة للبيداغوجيا" التي لم تؤخذ بعين الاعتبار جهودها حيث يشاع أن العمل ينجز عبر أطر أخرى غامضة يديرها كل من "فريد بن رمضان" و"ليلى مجاهد" وربما بعض المخابر الجزائرية والفرنسية مباشرة أو عن بعد والسبب اللاشفافية التي تكتنف هندسة ومراجعة المنهاج والكتاب المدرسي والنظر إلى الإصلاح خاصة من جهة تعليمية اللغة الفرنسية بواسطة طريقة جديدة "تعليمية اللغة-الثقافة" وهي مقاربة في تدريس اللغة من زاوية الثقافة والحضارة.. والسؤال هل تقارب اللغة العربية مثلا من نفس المنظور التعليمي من زاوية الثقافة العربية والحضارة العربية لتبرز النصوص الإبداعية الكبرى القديمة والحديثة من غير اللجوء إلى "أنثولوجيا" أي مختارات بقبليات ايديولوجية مفاضلاتية غير بريئة ولا محايدة وهو الغالب على هذه الإصلاحات المؤدلجة من زاوية نظر لسانية باعتبار "فريد بن رمضان" و"ليلى مجاهد" مختصان في اللسانيات الحديثة ويدور نشاطهما أساسا حول التعليم/ تعلم الأدب والدراسات الأدبية الحديثة والمعاصرة علم التسميات "الاونوماستيك" – قاعدة البيانات المقارنة الأدبية (انظر فابيلاFabula-la recherche en littérature المعلومة منشورة في النت في اثنين فيفري الفين وخمسة عشر من طرف مارك اسكولا – المصدر ليلى مجاهد وتتعلق بدعوة للاكتتاب نشرت في اثنين مايو الفين وخمسة عشر من طرف وحدة البحث RASYD وELILAF. ملتقى دولي يمكن للقارئ والمهتم أن يكون رؤية حول من يدورون في فلك هذا الطرح وتيماته ومحاوره وأولوياته والجامعات والمعاهد والمؤسسات التي تتبناه وتشتغل على موضوعاته خاصة في فرنسا وبلجيكا وطبعا عندنا في الجامعات الجزائرية ومعاهد ومخابر ومراكز البحث ومنهم CRASC الذي كانت ترأسه الوزيرة نورية بن غبريط ويشتغل به زوجها رمعون حسان الذي أصدر قاموسا في الأنثربولوجيا في الآونة الآخيرة.. للعلم إن فريد بن رمضان وليلى مجاهد يتوقف اختصاصهما على ما سبق ذكره دون أن يكونا مختصين وخبيرين في البيداغوجيا وتحليل النظم التعليمية وهندسة وإصلاح ومراجعة البرامج والمناهج، الخ. باستثناء تخصصهما لتبقى رؤيتهما اللسانية في إطار تخصصهما لا تتعدى أن تكون رؤية من بين سيل من الرؤى اللسانية الحديثة.. ويكفي أن تمركز "بن رمضان" وتمترسه حول نفسه وأطروحته ببطانتها الأيديولوجية ونزعتها الإثنية المنغلقة وحقده على اللغة واللسان العربي والإسلام والحضارة الإسلامية والقيم الوطنية أدى به إلى اعتبار الألسني الباحث الكبير "عبد الرحمن حاج صالح" تقليديا وسكولاستيكيا لا علاقة له باللسانيات الحديثة تاركا التعليق للباحث والقارئ.. و لذلك إنصافا للحقيقة نقول للسيدة "نورية بن غبريط" أنت باحثة ومختصة في "سوسيولوجيا التربية" وليس اختصاصك سوى زاوية نظر من بين زوايا نظر علمية عديدة ولا يتعدى رأيك أن يكون قوة اقتراح وما أكثر غيرها فلا تلبسي المدرسة الجزائرية "نظرتك" ونزوعك الأيديولوجي حتى لا نرهن مستقبل أولادنا ومدرستنا إلى رؤية علمية لباحث ونقول لـ"فريد بن رمضان" أنت مختص في اللسانيات ولنقل اللسانيات الحديثة وباحث في علم ناشئ طري عوده هو "الطوبونيما" لا زال موضوع بحث فكيف تدرج في مقدمة قانونا لتوجيه عبارة "تطوير اللغة الأمازيغية عبر الطوبونيما" وتخلو الفقرة المتعلقة بالعربية من هذا.. هل هو الكيل بمكيالين.. المرور العربي لم ينعكس على أسماء الأماكن والمرور الأمازيغي أثر.. أليس الأجدر أن نبعد كل من الأمازيغية والعربية من هذا الهوس الجنوني والانغلاق الإثني ونقحم تلاميذنا في مقولات لازالت لم تتحول إلى يقينيات علمية أو تقترب من العلم.. ثم ألست ألسنيا فكيف تنتدب نفسك أنت وليلى مجاهد إلى مهمة بيداغوجية تمسكون بمقاليد كل شيء الإصلاحات – انتقاء الكفاءات ومتابعتها وإبعادها واستقدامها من لون مطابق أو تقبل الولاء - برنامج التكوين مع فرنسا في إطار التعاون والعدد الهائل من الخبراء الفرنسيين الذي استقدمتموهم خاصة في العام المنقضي ألفين وخمسة عشر لتكوين المفتشين وتم في ثانوية حسيبة بن بوعلي وسوف نتناوله لاحقا من خلال رؤية مسحية تيبولوجية تحليلية مع تناول أسماء المؤطرين.. وهو برنامج تم في سرية تامة من غير ضجيج بعيدًا عن أنظار وسائل الإعلام.. ترى ما الذي يجعله سريا.. هل فيه ما يتوقع رفضه من طرف الرأي العام.. هل فيه ما يمس بقيمنا الوطنية ومرتكزات قيم التربية في بلادنا هل فيه مفاضلة وتبجيل حتى يكون الخبراء الفرنسيين بتلك الكثافة ويكاد الخبراء العرب أو الأنجلو سكسون لا يذكرون ويكاد التعاون مع الدول العربية وإيران وتركيا والصين لا يذكر بل علمنا أن المكلفة بملف التعاون ليلى مجاهد التي تتأرجح ما بين الملف البيداغوجي والتكوين من جهة وملف التعاون – خاصة مع فرنسا - من جهة ثانية علمنا أن تعليمات الوزيرة كانت عدم التعاون مع الصين والتماطل في التعاون مع الدول العربية وإيران وتركيا.. ويكفي فريد بن رمضان أن يتعوذ بعبارة "يا لطيف" لما يسمع التعاون مع إيران وتتضايق الوزيرة عند زيارة وفود عربية حيث كانت تطلب من مدير التعليم الثانوي العام والتقني السابق أن يستقبلهم مشيرة إليه بتخليصها منهم فلا تستقبلهم إلا مكرهة.. ونحن دولة عربية مسلمة متمسكة بالبعد الأمازيغي ومنفتحة من غير انصهار وذوبان في رحم الآخر.. نقول لـ "فريد بن رمضان" بأن الألسني الكبير"حاج صالح" قامة علمية يجمع بين الدرس الألسني الحديث والدرس التقليدي وله إضافات هامة.. وأن "فريد بن رمضان" لا يقترب من مستواه.. وأنه متعصّب ضده لأن "حاج صالح" ينافح على اللغة العربية وهو صاحب مشروع "الذخيرة" على مستوى أكاديمية اللغة العربية الذي جمد سنوات متتاليات بحجة المال وغيرها من الذرائع والأصح أنه جمد من طرف اللوبيات المتنفذة وإرضاء لفرنسا نغتال لغتنا الأم ولغتنا الوطنية العربية.. لذلك أنت تنتقص يا سي "فريد بن رمضان" من قيمته العلمية فأي انفتاح وتسامح وقبول للرأي الآخر تتغنون به يا مفرنسي اللسان حتى تعلموا المعربين قبول الآخر والتسامح والمدنية والاختلاف والتنوع بل أنتم ترفضون من يختلف عنكم وتنعتونه بشتى النعوت وتتعجبون لما تظهر بيننا تيارات العنف والإرهاب بل أنتم من يغذي رفض الآخر.. ترك لكم المعربون الطريق كله فافعلوا شيئا تفتخر به الجزائر وتحملوا مسؤولياتكم التاريخية أمام الشعب واضمنوا لنا باستفزازاتكم هذه المدعومة أن لا يمس استقرار البلاد لقد دفعتم بالخنجر إلى الأعماق ولا أحسب الجرح سيبرى والدم سيكف عن النزيف.. لقد أثبت لكم المعربون أنهم مسالمون لما اصبحتم كمشة صوتها نشاز تتلاعب بمصير أبنائنا.. تبا لها ردة.. تبا له نكوص.. بل تبا لتنويركم وحداثتكم وكذبكم وافتراءكم وخدمتكم لأسيادكم.. أنتم تنتحلون النماذج والقوالب الجاهزة.. أنتم ماضويون حتى النخاع.
الفعل التغييري المخل بالعلمية والحياد المغرض والصامت أو القرينة المادية والحجة على لون التغيير وطبيعته اللابيداغوجية
المقاربة التعليمية للغة الأجنبية (طبعا الفرنسية)
"تعليمية اللغة-الثقافة" D.L.C (didactique langue-culture) هي مقاربة تدريس أعلنت الوزارة على لسان مجاهد ليلى في اجتماع بوزارة التربية الوطنية بحضور "نجاة فالو بلقاسم" وزيرة التربية الفرنسية في آخر زيارتها أنها تعتمد رسميا من طرف وزارة التربية الوطنية بالجزائر بقطاع التربية لملائمتها لتدريس الفرنسية وباحتشام أضافت والعربية (هل توصلت الوزارة الأولى ومصالح رئاسة الجمهورية بنسخ من المداخلات التي تقدمها مجاهد ليلى وفريد بن رمضان خاصة ووزيرة التربية سواء ما يقرأ داخل الجزائر أمام وزيرة التربية أو أمام الخبراء الفرنسيين بثانوية حسيبة عند افتتاح الملتقى التكويني الأخير وغيره أو خارج الوطن وهل يتم تحليل الخطابات وتقييمها من طرف المكتب المكلف بملف التربية برئاسة الجمهورية وهل يتم التحليل بكفاءة وخبرة عالية أم يتم الاكتفاء بأرشفتها).
تدرس اللغة الفرنسية عبر هذه المقاربة التعليمية من خلال الثقافة والحضارة للغة الأجنبية من أجل ترسيخ قيم هذه الثقافة valeurs de la langue enseignée طبعا من غير نقد ولا تثاقف Acculturation بل تسليم وتقبل وارتهان واستلاب غير مصرح به لكن بالرجوع إلى الدراسات بهذا الشأن يمكن الوقوف عليها في مختلف النقود أو مضامين البحوث العلمية خاصة باللغة الفرنسية.
تهدف هذه التعليمية إلى خلخلة قيم المتلقي أو المتعلم وجعله يتساءل عن جدوى قيمه ويشعر عبر حالات غرابة situations d’étrangeté يطلع عليها في نصوص اللغة الأجنبية المدرسة بضرورة استبدال قيمه والتخلي عنها وتجعله يلين ويصبح هشا vulnérable من حيث تمسكه بقيمه وتجعله يفكر في استبدالها بقيم ثقافة وحضارة اللغة التي تدرس وهي أداة والية صريحة لتبديل قيم المتعلم خاصة تلك القيم الراسخة والتي تحدد خصوصيته وملامح انتماءه وهويته الثرية بحجة أنها ستجعل منه انسانا كونيا بل الأصح واللامقال هو أنها "تجعله يتقبل الإباحية الجنسية مثلا والوحشية الليبرالية والفردانية ولا يعارض الزواج المثلي وتجعله على استعداد ان يكون مطيعا وخدوما لثقافة القوي ويشعر بتضامنه معه أكثر من تضامنه مع بني جنسه باسم الأنسنة بل تستبدل لغة تعتبرها مهيمنة حاصرت غيرها من اللغات وحالت دون تطورها وهي العربية مهيمنة على الأمازيغية حسب رأيهم باللغة الفرنسية لننتهي باللغة الأمازيغية أخت الفرنسية وتحت هيمنتها ولتنتهي إلى لغة مقهورة لا بأس أن ترفع نداء القهر والتضرر باسم الحقوق الإنسانية التي يدافع عنها المجتمع الدولي من وراء البحار وفي إطار ما يسمى بمشكلة الأقليات.
ليس هذا تخريفا إنه اللامقال، وليس هذا توجسا ولا هو التفكير بعقلية التآمر بل عين الحقيقة.
إن هذه المقاربة أداة وآلية تطويع وترويض واختراق وتحضير قبلي نفسي–ثقافي عبر التعليم من الصغر ومن مراحل الابتدائي وتنميط للمواطنة في مراحلها الجنينية تحضر إنسانا نمطيا وديعا يلتبس عليه التمييز بين التسامح والدفاع عن الهوية والخصوصية والذاتية وحرمة المكان والأرض واللغة والتاريخ والدين.. فلسنا ملوكا أكثر من الملوك كما يقول المثل الفرنسي.. ففي أرض فرنسا توجد جامعات كاثوليكية وتدرس اللغة الأم الفرنسية بعدد من الساعات مهم ولا تستوي باللغات الأجنبية بل وتقارب اللغة الأم وحتى الأجنبية عند من يعتمدون هذه المقاربة من خلال ثقافة وحضارة وقيم اللغة الأم.. في وقت تتزحزح العربية من موقعها الريادي لتقترب منها أولا من حيث الحجم الساعي اللغة الفرنسية ثم تمنح لمادة الادب العربي تسمية اللغة العربية وآدابها لتختفي الآداب التي تعتبر كنزا يساهم في طرق اللسان وعشق اللغة وترسيخ ملكة القراءة والكتابة وتقنيات الكتابة وأساليبها وفنونها وتذوقها شعرا ونثرا وتاريخ أدب عربي.. فتتقلص زاوية النظر هذه وتكاد تجر المادة لتصبح "لغة عربية" فحسب لا تختلف عن بقية اللغات.. في الوقت الذي تعتبر فرنسا بلد الحضارة والثقافة والفلسفة والمعرفة والأنوار والعقلانية والأدب أشد بلد يخشى على لغته وثقافته ولا تتعدى فيه حدودا معينة مع اللغة والثقافة.. بل يمارس التوجس والخوف على اللغة والثقافة والخصوصية.. ترى متى نكف عن المزايدات وجلد الأرداف.
لا بأس أن نشير ونذكر بأنه وكأن هذه المقاربة التعليمية موجهة للبلدان التي تعاني من أزمات هوية أين تطرح اللغة كمشكل هوية.
لابد من التمييز بين مقاربة تعليمية تسمى "اللغة- الثقافة" والتعرف على اللغة والثقافة.
وينبغي الملاحظة مثلا بأنه وفي السنوات الأخيرة يزور الآسيويون أوروبا وهم يواجهون مشاكل لغوية رهيبة تجعلهم عرضة للنصب والابتزاز وتعرضهم إلى مخاطر شتى.. الأمر الذي ينعكس على السياحة في أوروبا حيث تصبح تعليمية "اللغة–الثقافة" ضرورة استراتيجية من أجل عملية إدماج لغوي وثقافي.
لم تعرف الجزائر معارك لغوية وحول اللغة والهوية منذ خمسين سنة بل هي طارئة عليها بالصورة الطافية على سطح الخطاب السياسي والثقافي والاثني والجهوي و"النخبوي" لم تظهر بقوة إلا منذ عشرين سنة.
إن وراء هذه المقاربة خلفيات ايديولوجية وسياسية وقد تتزحزح وتنسحب انزياحا مخططا وتنتهي الى موضوع تعليم الأمازيغية التي يسعى البعض إلى تحويلها الى قضية أقليات.. ولعل الهدف ليس تعليم اللغة الفرنسية فحسب لكن لتتحول الفرنسية تدريجيا إلى لغة تحل مكان اللغة العربية الفصحى وليس عبثا طغيان ظاهرة التخاطب الرسمي كتابيا وشفاهيا في الوزارات ومختلف المفاصل الحيوية للدولة رغم أرمادا من النصوص القانونية تتعلق باللغة العربية كلغة رسمية ووطنية.. بل تتحول إلى لغة مهيمنة تكتب بها اللغة الأمازيغية أي بالحرف اللاتيني الفرنسي فننتقل من لغة مهيمنة كما يعتبرها البعض وهي العربية التي تسيطر على اللغة الأمازيغية كما ينظر إليها البعض وتمنعها من الانبعاث لنلجأ إلى بديل لساني لغوي مهيمن هو الفرنسية.. وبما أن لكل لغة تراب وأرض وإقليم فلابد أن يكون للغة الأمازيغية تراب وأرض وإقليم (أنظر أطروحة الماك MAK المفاصلاتية).
هكذا ينسى أو يتناسى البعض أنه لا يمكن تطوير اللغة إلا خارج المعارك والحروب اللسانية.
تعتبر الطريقة التعليمية "اللغة-الثقافة" بالنسبة لفرنسا أداة تعليمية ملائمة ومناسبة.
أما على مستوى الجامعات الجزائرية فقد تم تكوين وتخرج أعداد هامة من الطلبة والمسجلين في الدكتوراه والماستر في موضوعات تعليمية "اللغة-الثقافة" والذين يتم تأطير البعض منهم أو الكثير مباشرة أو بمساعدة فرنسيين حيث تقترح التيمات والموضوعات بدقة من جهة الطرف الفرنسي.. كما يحتفظ الفرنسيون بألمع الكفاءات الجزائرية على مستواهم لصالح فرنسا التي تناسبها هذه المقاربة التعليمية ويوجه البعض إلى الجزائر معبئين ومشحونين ومكلفين بمهمة ومهيئين نفسيا ومعرفيا ينشرون ما تعلموه كأنه الخلاص ناهيك عن طلبة داخل الجزائر يؤطرهم من يعتقدون في جدوى هذه الأطروحة من مختلف الجامعات ويشدهم سحرها.
و لا بأس أن نشير – على سبيل المثال - إلى أن الأطفال الذين غنوا بالفرنسية عند استقبال زيارة وزيرة التربية الفرنسية بالمؤسسة التربوية المعنية هو اختراق لمخيال الطفل ونوع من البفلفة و"الفورماتاج" وقد لا يكون المخططون كلهم على وعي بالمسألة لكنهم انخرطوا في آلية التحضير والمثال ليس لأهميته الكبرى وخطورته لكنه ذكر كجزئية تؤسس وتدشن لما هو أهم وليس العيب في الغناء بلغة نتثاقف معها لكن للأمر حمولات ودلالات رمزية لا يمكن عزلها عن السياق الذي نتناوله.
ليس غريبا أن تكون الجزائر البلد الثاني بعد فرنسا من حيث استعمال اللغة الفرنسية أمام هذا التحضير والترويض والاختراق البيداغوجي الذي زادت من حدته وتكريسه وكثافته السيدة نورية بن غبريط وزيرة التربية الوطنية.
وسؤال آخر.. أليست اسبانيا أقرب إلى وهران فتكون اللغة الاسبانية لاعتبارات عديدة أولى من الفرنسية في تلك المنطقة مثلا والحدود النيجرية مع الجزائر أولى بتعليم اللغات واللهجات الأفريقية مثل الحسانية والسولنكي وهي تدرس عند الجيران في الجهات الحدودية مثل مويتنانيا والمغرب، الخ. بل علمت أن الجامعات المغربية تدرس اللغات الأفريقية.. أليست مصالحنا مع الساحل والدول الأفريقية حيوية واستراتيجية.. وأن مستقبلنا مع أفريقيا بعد خمس إلى عشر سنوات حتمي واستراتيجي.
ليس فريد بن رمضان بالذي يجهل مهمته وهو يوظف مثلا الطوبونيما التي تحيلنا إلى الهوية ومشاريع إعادة تشكيلها.. ولا هو بالذي يجهل الدور الذي يلعبه باشتغاله باللسانيات الحديثة.
فلا بد من إشارة حول التعريب الذي أجهض ودمر بأنه ومباشرة بعد الاستقلال وجدت الجزائر نفسها أمام عدد ضئيل جدا من الأساتذة الذين يتحكمون في التدريس باللغة العربية بل من بين الأساتذة الذين درسوا باللغة العربية من كان تكوينهم مفرنسا.. وقد دشنت الجزائر مشروع تعريب فوضوي هش منح الفرصة للمفرنسين (فرنكوفيل) من عودتهم القوية على أنقاض العربية الجريحة.
تحدد المقاربة التعليمية اليوم عند وزيرة التربية الوطنية "نورية بن غبريط" هدفا استراتيجيا وإطارا عاما ترتسم فيه كل الإصلاحات خاصة اللغوية للهندسة البيداغوجية والمنهاج والكتاب المدرسي وهي ترسم ملامح الإصلاح اللساني واللغوي والثقافي الذي يبدأ أساسا من التحضيري والابتدائي ويتحرك أيضا على مستويات أعلى ليحصل التلاقي.. بن غبريط تنقلب على كل قيمي باستبداله بقيمي آخر وتعلن حربها الضروس على مخيالنا وقيمنا الوطنية ولا تتنزه أن تقصي كل من يعارضها الرؤية من الوزارة وحتى مديريات التربية وتسخر من المعربين والأساتذة الجدد ثم تتراجع لما ترى مضاعفات موقفها سلبية انتقلت الى الشارع والرأي العام.. بن غبريرط وبن رمضان وليلى مجاهد المزدادة مسعودي ومسقم المفتش العام ومنفذ مشاريعهم بولاء واخلاص وبلعابد عبد الحكيم الأمين العام يكونون فوج عمل متماسك ونواة صلبة تفكر بدل الشعب والأساتذة والمفتشين والقواعد بعد أن أسكتت النقابات التعليمية وأسكتت كل الاحتجاجات لكونها مسندة ومدعمة وموصى بها خير من الضفة الأخرى. (يتبع)
ابن العقبي
خبير في التربية
9 مارس 2016
يتمسك المنافحون على" البيلنغيسم" (bilinguisme ازدواجية اللسان واللغة) في المدرسة الجزائرية كمرحلة عبور نحو فرنسة المدرسة الجزائرية بمقولات كاذبة وأخرى فاسدة وباطلة منها أن مقولة اصلاحات بن زاغو لم تطبق أو تم التقليل من شأنها لذلك استمرت المدرسة الجزائرية في الفشل.. وفي هذا الادعاء الكاذب تحقيق غرضين ومطلبين من مطالبهم المناوراتية والافترائية.
أولهما أن المدرسة الجزائرية المنكوبة إلى هذا الحد والمنتجة للفشل لا زالت هي "مدرسة التعريب" و"المدرسة الأساسية" (وليست إصلاحات بن زاغو التي فشلت لأنها لم تطبق ولم تنفذ) وهو ادعاء يبرر هجمتهم الأيديولوجية ويسعى واهما إلى اقتلاع تأييد الشارع وإطارات التربية والرأي العام بإقحامه في طريق مسدود إما أن يختار اللغة الفرنسية وإصلاحات بن زاغو وبن غبريط ومنظرها المولع باللسانيات والطوبونيما والأمازيغية والمنتقص من قيمة وجدوى اللغة العربية والإسلام السيد فريد بن رمضان الذي يريد أن يخفي ما الله مبديه وحتى يوكل الشعب أمره اضطرارا إلى من يواصلون خط بن زاغو وجماعته ومنهم "بن غبريط نورية" والمنظر والمصمم والمهندس "فريد بن رمضان" أو يؤيد الفشل الحتمي وحالة النكبة والدمار.. وهي حالة مصطنعة تم إلباسها للمدرسة الأساسية والتعريب زورًا بعد أن دمروهما وتكون الإجابة عليها بأن المدرسة الحالية وقبلها منذ النكبة ليست هي المدرسة الأساسية ما عدا في شكلها وصورتها الباهتة بل هي نتاج الهدم والحصار والتدمير الذي اعترض المدرسة الأساسية من لوبيات "الفرنسة" المتنفذين فهي الطبعة المشوهة للمدرسة الأساسية وهي أيضا نتاج التطبيق السيء المتعمد للتعريب في المدرسة الأساسية من جهة اللوبي المتنفذ الممتدة جذوره إلى جهات أجنبية وهي صورة تمس بالأمن القومي وحالة من حالات العمالة وتكريس التبعية.. ولا يمكن أبدا التردد في التمسك بهذا الحكم أو الشعور بالنقص أمام من يتهمون كل أصيل متمسك بأنه يلجأ إلى التفسير بالمؤامرة والانغلاق على الذات.. وهنا وجب التمييز بين الانفتاح المتثاقف الواعي وهو ما نؤكد عليه بالأمس واليوم والغد من جهة والاستلاب والارتهان والتبعية والمحاكاة الببغائية لرهن قرارنا التربوي واستقلال العقل البيداغوجي ورجل التربية والتلميذ فلا نقع في استبدال حالة تبعية بأخرى وانغلاق باخر وتخلف بتخلف آخر لكن بماكياج ومساحيق الحداثة والتنوير وبناء العقل النقدي.
ثانيهما تبرير مواصلة مشوارهم الإصلاحي (العبثي) والمرور من غير تردد إلى فرنسة المدرسة الجزائرية جهرة من جهة وجعل الناس كل الناس أمام أمر واقع والانقلاب على المفاهيم والبرامج والمناهج والتكوين والقيم الوطنية واعتبارها بالية أو ساهمت في تغذية الإرهاب وإنتاجه واقتناء واعتماد الخبرة الفرنسية جهرة واللجوء إلى التكوين سرا بعيدا عن أنظار الإعلام والعلنية حيث تقام الدورات التكوينية جلها بثانوية حسيبة بن بوعلي منذ سنتين دون علم وسائل الإعلام.. و ليس الغموض الذي يكتنف عملية إعادة النظر في الكتاب المدرسي والمنهاج التي تتم في غياب "اللجنة الوطنية للمناهج" و"المعهد الوطني للبحث التربوي" و"المفتشية العامة للبيداغوجيا" التي لم تؤخذ بعين الاعتبار جهودها حيث يشاع أن العمل ينجز عبر أطر أخرى غامضة يديرها كل من "فريد بن رمضان" و"ليلى مجاهد" وربما بعض المخابر الجزائرية والفرنسية مباشرة أو عن بعد والسبب اللاشفافية التي تكتنف هندسة ومراجعة المنهاج والكتاب المدرسي والنظر إلى الإصلاح خاصة من جهة تعليمية اللغة الفرنسية بواسطة طريقة جديدة "تعليمية اللغة-الثقافة" وهي مقاربة في تدريس اللغة من زاوية الثقافة والحضارة.. والسؤال هل تقارب اللغة العربية مثلا من نفس المنظور التعليمي من زاوية الثقافة العربية والحضارة العربية لتبرز النصوص الإبداعية الكبرى القديمة والحديثة من غير اللجوء إلى "أنثولوجيا" أي مختارات بقبليات ايديولوجية مفاضلاتية غير بريئة ولا محايدة وهو الغالب على هذه الإصلاحات المؤدلجة من زاوية نظر لسانية باعتبار "فريد بن رمضان" و"ليلى مجاهد" مختصان في اللسانيات الحديثة ويدور نشاطهما أساسا حول التعليم/ تعلم الأدب والدراسات الأدبية الحديثة والمعاصرة علم التسميات "الاونوماستيك" – قاعدة البيانات المقارنة الأدبية (انظر فابيلاFabula-la recherche en littérature المعلومة منشورة في النت في اثنين فيفري الفين وخمسة عشر من طرف مارك اسكولا – المصدر ليلى مجاهد وتتعلق بدعوة للاكتتاب نشرت في اثنين مايو الفين وخمسة عشر من طرف وحدة البحث RASYD وELILAF. ملتقى دولي يمكن للقارئ والمهتم أن يكون رؤية حول من يدورون في فلك هذا الطرح وتيماته ومحاوره وأولوياته والجامعات والمعاهد والمؤسسات التي تتبناه وتشتغل على موضوعاته خاصة في فرنسا وبلجيكا وطبعا عندنا في الجامعات الجزائرية ومعاهد ومخابر ومراكز البحث ومنهم CRASC الذي كانت ترأسه الوزيرة نورية بن غبريط ويشتغل به زوجها رمعون حسان الذي أصدر قاموسا في الأنثربولوجيا في الآونة الآخيرة.. للعلم إن فريد بن رمضان وليلى مجاهد يتوقف اختصاصهما على ما سبق ذكره دون أن يكونا مختصين وخبيرين في البيداغوجيا وتحليل النظم التعليمية وهندسة وإصلاح ومراجعة البرامج والمناهج، الخ. باستثناء تخصصهما لتبقى رؤيتهما اللسانية في إطار تخصصهما لا تتعدى أن تكون رؤية من بين سيل من الرؤى اللسانية الحديثة.. ويكفي أن تمركز "بن رمضان" وتمترسه حول نفسه وأطروحته ببطانتها الأيديولوجية ونزعتها الإثنية المنغلقة وحقده على اللغة واللسان العربي والإسلام والحضارة الإسلامية والقيم الوطنية أدى به إلى اعتبار الألسني الباحث الكبير "عبد الرحمن حاج صالح" تقليديا وسكولاستيكيا لا علاقة له باللسانيات الحديثة تاركا التعليق للباحث والقارئ.. و لذلك إنصافا للحقيقة نقول للسيدة "نورية بن غبريط" أنت باحثة ومختصة في "سوسيولوجيا التربية" وليس اختصاصك سوى زاوية نظر من بين زوايا نظر علمية عديدة ولا يتعدى رأيك أن يكون قوة اقتراح وما أكثر غيرها فلا تلبسي المدرسة الجزائرية "نظرتك" ونزوعك الأيديولوجي حتى لا نرهن مستقبل أولادنا ومدرستنا إلى رؤية علمية لباحث ونقول لـ"فريد بن رمضان" أنت مختص في اللسانيات ولنقل اللسانيات الحديثة وباحث في علم ناشئ طري عوده هو "الطوبونيما" لا زال موضوع بحث فكيف تدرج في مقدمة قانونا لتوجيه عبارة "تطوير اللغة الأمازيغية عبر الطوبونيما" وتخلو الفقرة المتعلقة بالعربية من هذا.. هل هو الكيل بمكيالين.. المرور العربي لم ينعكس على أسماء الأماكن والمرور الأمازيغي أثر.. أليس الأجدر أن نبعد كل من الأمازيغية والعربية من هذا الهوس الجنوني والانغلاق الإثني ونقحم تلاميذنا في مقولات لازالت لم تتحول إلى يقينيات علمية أو تقترب من العلم.. ثم ألست ألسنيا فكيف تنتدب نفسك أنت وليلى مجاهد إلى مهمة بيداغوجية تمسكون بمقاليد كل شيء الإصلاحات – انتقاء الكفاءات ومتابعتها وإبعادها واستقدامها من لون مطابق أو تقبل الولاء - برنامج التكوين مع فرنسا في إطار التعاون والعدد الهائل من الخبراء الفرنسيين الذي استقدمتموهم خاصة في العام المنقضي ألفين وخمسة عشر لتكوين المفتشين وتم في ثانوية حسيبة بن بوعلي وسوف نتناوله لاحقا من خلال رؤية مسحية تيبولوجية تحليلية مع تناول أسماء المؤطرين.. وهو برنامج تم في سرية تامة من غير ضجيج بعيدًا عن أنظار وسائل الإعلام.. ترى ما الذي يجعله سريا.. هل فيه ما يتوقع رفضه من طرف الرأي العام.. هل فيه ما يمس بقيمنا الوطنية ومرتكزات قيم التربية في بلادنا هل فيه مفاضلة وتبجيل حتى يكون الخبراء الفرنسيين بتلك الكثافة ويكاد الخبراء العرب أو الأنجلو سكسون لا يذكرون ويكاد التعاون مع الدول العربية وإيران وتركيا والصين لا يذكر بل علمنا أن المكلفة بملف التعاون ليلى مجاهد التي تتأرجح ما بين الملف البيداغوجي والتكوين من جهة وملف التعاون – خاصة مع فرنسا - من جهة ثانية علمنا أن تعليمات الوزيرة كانت عدم التعاون مع الصين والتماطل في التعاون مع الدول العربية وإيران وتركيا.. ويكفي فريد بن رمضان أن يتعوذ بعبارة "يا لطيف" لما يسمع التعاون مع إيران وتتضايق الوزيرة عند زيارة وفود عربية حيث كانت تطلب من مدير التعليم الثانوي العام والتقني السابق أن يستقبلهم مشيرة إليه بتخليصها منهم فلا تستقبلهم إلا مكرهة.. ونحن دولة عربية مسلمة متمسكة بالبعد الأمازيغي ومنفتحة من غير انصهار وذوبان في رحم الآخر.. نقول لـ "فريد بن رمضان" بأن الألسني الكبير"حاج صالح" قامة علمية يجمع بين الدرس الألسني الحديث والدرس التقليدي وله إضافات هامة.. وأن "فريد بن رمضان" لا يقترب من مستواه.. وأنه متعصّب ضده لأن "حاج صالح" ينافح على اللغة العربية وهو صاحب مشروع "الذخيرة" على مستوى أكاديمية اللغة العربية الذي جمد سنوات متتاليات بحجة المال وغيرها من الذرائع والأصح أنه جمد من طرف اللوبيات المتنفذة وإرضاء لفرنسا نغتال لغتنا الأم ولغتنا الوطنية العربية.. لذلك أنت تنتقص يا سي "فريد بن رمضان" من قيمته العلمية فأي انفتاح وتسامح وقبول للرأي الآخر تتغنون به يا مفرنسي اللسان حتى تعلموا المعربين قبول الآخر والتسامح والمدنية والاختلاف والتنوع بل أنتم ترفضون من يختلف عنكم وتنعتونه بشتى النعوت وتتعجبون لما تظهر بيننا تيارات العنف والإرهاب بل أنتم من يغذي رفض الآخر.. ترك لكم المعربون الطريق كله فافعلوا شيئا تفتخر به الجزائر وتحملوا مسؤولياتكم التاريخية أمام الشعب واضمنوا لنا باستفزازاتكم هذه المدعومة أن لا يمس استقرار البلاد لقد دفعتم بالخنجر إلى الأعماق ولا أحسب الجرح سيبرى والدم سيكف عن النزيف.. لقد أثبت لكم المعربون أنهم مسالمون لما اصبحتم كمشة صوتها نشاز تتلاعب بمصير أبنائنا.. تبا لها ردة.. تبا له نكوص.. بل تبا لتنويركم وحداثتكم وكذبكم وافتراءكم وخدمتكم لأسيادكم.. أنتم تنتحلون النماذج والقوالب الجاهزة.. أنتم ماضويون حتى النخاع.
الفعل التغييري المخل بالعلمية والحياد المغرض والصامت أو القرينة المادية والحجة على لون التغيير وطبيعته اللابيداغوجية
المقاربة التعليمية للغة الأجنبية (طبعا الفرنسية)
"تعليمية اللغة-الثقافة" D.L.C (didactique langue-culture) هي مقاربة تدريس أعلنت الوزارة على لسان مجاهد ليلى في اجتماع بوزارة التربية الوطنية بحضور "نجاة فالو بلقاسم" وزيرة التربية الفرنسية في آخر زيارتها أنها تعتمد رسميا من طرف وزارة التربية الوطنية بالجزائر بقطاع التربية لملائمتها لتدريس الفرنسية وباحتشام أضافت والعربية (هل توصلت الوزارة الأولى ومصالح رئاسة الجمهورية بنسخ من المداخلات التي تقدمها مجاهد ليلى وفريد بن رمضان خاصة ووزيرة التربية سواء ما يقرأ داخل الجزائر أمام وزيرة التربية أو أمام الخبراء الفرنسيين بثانوية حسيبة عند افتتاح الملتقى التكويني الأخير وغيره أو خارج الوطن وهل يتم تحليل الخطابات وتقييمها من طرف المكتب المكلف بملف التربية برئاسة الجمهورية وهل يتم التحليل بكفاءة وخبرة عالية أم يتم الاكتفاء بأرشفتها).
تدرس اللغة الفرنسية عبر هذه المقاربة التعليمية من خلال الثقافة والحضارة للغة الأجنبية من أجل ترسيخ قيم هذه الثقافة valeurs de la langue enseignée طبعا من غير نقد ولا تثاقف Acculturation بل تسليم وتقبل وارتهان واستلاب غير مصرح به لكن بالرجوع إلى الدراسات بهذا الشأن يمكن الوقوف عليها في مختلف النقود أو مضامين البحوث العلمية خاصة باللغة الفرنسية.
تهدف هذه التعليمية إلى خلخلة قيم المتلقي أو المتعلم وجعله يتساءل عن جدوى قيمه ويشعر عبر حالات غرابة situations d’étrangeté يطلع عليها في نصوص اللغة الأجنبية المدرسة بضرورة استبدال قيمه والتخلي عنها وتجعله يلين ويصبح هشا vulnérable من حيث تمسكه بقيمه وتجعله يفكر في استبدالها بقيم ثقافة وحضارة اللغة التي تدرس وهي أداة والية صريحة لتبديل قيم المتعلم خاصة تلك القيم الراسخة والتي تحدد خصوصيته وملامح انتماءه وهويته الثرية بحجة أنها ستجعل منه انسانا كونيا بل الأصح واللامقال هو أنها "تجعله يتقبل الإباحية الجنسية مثلا والوحشية الليبرالية والفردانية ولا يعارض الزواج المثلي وتجعله على استعداد ان يكون مطيعا وخدوما لثقافة القوي ويشعر بتضامنه معه أكثر من تضامنه مع بني جنسه باسم الأنسنة بل تستبدل لغة تعتبرها مهيمنة حاصرت غيرها من اللغات وحالت دون تطورها وهي العربية مهيمنة على الأمازيغية حسب رأيهم باللغة الفرنسية لننتهي باللغة الأمازيغية أخت الفرنسية وتحت هيمنتها ولتنتهي إلى لغة مقهورة لا بأس أن ترفع نداء القهر والتضرر باسم الحقوق الإنسانية التي يدافع عنها المجتمع الدولي من وراء البحار وفي إطار ما يسمى بمشكلة الأقليات.
ليس هذا تخريفا إنه اللامقال، وليس هذا توجسا ولا هو التفكير بعقلية التآمر بل عين الحقيقة.
إن هذه المقاربة أداة وآلية تطويع وترويض واختراق وتحضير قبلي نفسي–ثقافي عبر التعليم من الصغر ومن مراحل الابتدائي وتنميط للمواطنة في مراحلها الجنينية تحضر إنسانا نمطيا وديعا يلتبس عليه التمييز بين التسامح والدفاع عن الهوية والخصوصية والذاتية وحرمة المكان والأرض واللغة والتاريخ والدين.. فلسنا ملوكا أكثر من الملوك كما يقول المثل الفرنسي.. ففي أرض فرنسا توجد جامعات كاثوليكية وتدرس اللغة الأم الفرنسية بعدد من الساعات مهم ولا تستوي باللغات الأجنبية بل وتقارب اللغة الأم وحتى الأجنبية عند من يعتمدون هذه المقاربة من خلال ثقافة وحضارة وقيم اللغة الأم.. في وقت تتزحزح العربية من موقعها الريادي لتقترب منها أولا من حيث الحجم الساعي اللغة الفرنسية ثم تمنح لمادة الادب العربي تسمية اللغة العربية وآدابها لتختفي الآداب التي تعتبر كنزا يساهم في طرق اللسان وعشق اللغة وترسيخ ملكة القراءة والكتابة وتقنيات الكتابة وأساليبها وفنونها وتذوقها شعرا ونثرا وتاريخ أدب عربي.. فتتقلص زاوية النظر هذه وتكاد تجر المادة لتصبح "لغة عربية" فحسب لا تختلف عن بقية اللغات.. في الوقت الذي تعتبر فرنسا بلد الحضارة والثقافة والفلسفة والمعرفة والأنوار والعقلانية والأدب أشد بلد يخشى على لغته وثقافته ولا تتعدى فيه حدودا معينة مع اللغة والثقافة.. بل يمارس التوجس والخوف على اللغة والثقافة والخصوصية.. ترى متى نكف عن المزايدات وجلد الأرداف.
لا بأس أن نشير ونذكر بأنه وكأن هذه المقاربة التعليمية موجهة للبلدان التي تعاني من أزمات هوية أين تطرح اللغة كمشكل هوية.
لابد من التمييز بين مقاربة تعليمية تسمى "اللغة- الثقافة" والتعرف على اللغة والثقافة.
وينبغي الملاحظة مثلا بأنه وفي السنوات الأخيرة يزور الآسيويون أوروبا وهم يواجهون مشاكل لغوية رهيبة تجعلهم عرضة للنصب والابتزاز وتعرضهم إلى مخاطر شتى.. الأمر الذي ينعكس على السياحة في أوروبا حيث تصبح تعليمية "اللغة–الثقافة" ضرورة استراتيجية من أجل عملية إدماج لغوي وثقافي.
لم تعرف الجزائر معارك لغوية وحول اللغة والهوية منذ خمسين سنة بل هي طارئة عليها بالصورة الطافية على سطح الخطاب السياسي والثقافي والاثني والجهوي و"النخبوي" لم تظهر بقوة إلا منذ عشرين سنة.
إن وراء هذه المقاربة خلفيات ايديولوجية وسياسية وقد تتزحزح وتنسحب انزياحا مخططا وتنتهي الى موضوع تعليم الأمازيغية التي يسعى البعض إلى تحويلها الى قضية أقليات.. ولعل الهدف ليس تعليم اللغة الفرنسية فحسب لكن لتتحول الفرنسية تدريجيا إلى لغة تحل مكان اللغة العربية الفصحى وليس عبثا طغيان ظاهرة التخاطب الرسمي كتابيا وشفاهيا في الوزارات ومختلف المفاصل الحيوية للدولة رغم أرمادا من النصوص القانونية تتعلق باللغة العربية كلغة رسمية ووطنية.. بل تتحول إلى لغة مهيمنة تكتب بها اللغة الأمازيغية أي بالحرف اللاتيني الفرنسي فننتقل من لغة مهيمنة كما يعتبرها البعض وهي العربية التي تسيطر على اللغة الأمازيغية كما ينظر إليها البعض وتمنعها من الانبعاث لنلجأ إلى بديل لساني لغوي مهيمن هو الفرنسية.. وبما أن لكل لغة تراب وأرض وإقليم فلابد أن يكون للغة الأمازيغية تراب وأرض وإقليم (أنظر أطروحة الماك MAK المفاصلاتية).
هكذا ينسى أو يتناسى البعض أنه لا يمكن تطوير اللغة إلا خارج المعارك والحروب اللسانية.
تعتبر الطريقة التعليمية "اللغة-الثقافة" بالنسبة لفرنسا أداة تعليمية ملائمة ومناسبة.
أما على مستوى الجامعات الجزائرية فقد تم تكوين وتخرج أعداد هامة من الطلبة والمسجلين في الدكتوراه والماستر في موضوعات تعليمية "اللغة-الثقافة" والذين يتم تأطير البعض منهم أو الكثير مباشرة أو بمساعدة فرنسيين حيث تقترح التيمات والموضوعات بدقة من جهة الطرف الفرنسي.. كما يحتفظ الفرنسيون بألمع الكفاءات الجزائرية على مستواهم لصالح فرنسا التي تناسبها هذه المقاربة التعليمية ويوجه البعض إلى الجزائر معبئين ومشحونين ومكلفين بمهمة ومهيئين نفسيا ومعرفيا ينشرون ما تعلموه كأنه الخلاص ناهيك عن طلبة داخل الجزائر يؤطرهم من يعتقدون في جدوى هذه الأطروحة من مختلف الجامعات ويشدهم سحرها.
و لا بأس أن نشير – على سبيل المثال - إلى أن الأطفال الذين غنوا بالفرنسية عند استقبال زيارة وزيرة التربية الفرنسية بالمؤسسة التربوية المعنية هو اختراق لمخيال الطفل ونوع من البفلفة و"الفورماتاج" وقد لا يكون المخططون كلهم على وعي بالمسألة لكنهم انخرطوا في آلية التحضير والمثال ليس لأهميته الكبرى وخطورته لكنه ذكر كجزئية تؤسس وتدشن لما هو أهم وليس العيب في الغناء بلغة نتثاقف معها لكن للأمر حمولات ودلالات رمزية لا يمكن عزلها عن السياق الذي نتناوله.
ليس غريبا أن تكون الجزائر البلد الثاني بعد فرنسا من حيث استعمال اللغة الفرنسية أمام هذا التحضير والترويض والاختراق البيداغوجي الذي زادت من حدته وتكريسه وكثافته السيدة نورية بن غبريط وزيرة التربية الوطنية.
وسؤال آخر.. أليست اسبانيا أقرب إلى وهران فتكون اللغة الاسبانية لاعتبارات عديدة أولى من الفرنسية في تلك المنطقة مثلا والحدود النيجرية مع الجزائر أولى بتعليم اللغات واللهجات الأفريقية مثل الحسانية والسولنكي وهي تدرس عند الجيران في الجهات الحدودية مثل مويتنانيا والمغرب، الخ. بل علمت أن الجامعات المغربية تدرس اللغات الأفريقية.. أليست مصالحنا مع الساحل والدول الأفريقية حيوية واستراتيجية.. وأن مستقبلنا مع أفريقيا بعد خمس إلى عشر سنوات حتمي واستراتيجي.
ليس فريد بن رمضان بالذي يجهل مهمته وهو يوظف مثلا الطوبونيما التي تحيلنا إلى الهوية ومشاريع إعادة تشكيلها.. ولا هو بالذي يجهل الدور الذي يلعبه باشتغاله باللسانيات الحديثة.
فلا بد من إشارة حول التعريب الذي أجهض ودمر بأنه ومباشرة بعد الاستقلال وجدت الجزائر نفسها أمام عدد ضئيل جدا من الأساتذة الذين يتحكمون في التدريس باللغة العربية بل من بين الأساتذة الذين درسوا باللغة العربية من كان تكوينهم مفرنسا.. وقد دشنت الجزائر مشروع تعريب فوضوي هش منح الفرصة للمفرنسين (فرنكوفيل) من عودتهم القوية على أنقاض العربية الجريحة.
تحدد المقاربة التعليمية اليوم عند وزيرة التربية الوطنية "نورية بن غبريط" هدفا استراتيجيا وإطارا عاما ترتسم فيه كل الإصلاحات خاصة اللغوية للهندسة البيداغوجية والمنهاج والكتاب المدرسي وهي ترسم ملامح الإصلاح اللساني واللغوي والثقافي الذي يبدأ أساسا من التحضيري والابتدائي ويتحرك أيضا على مستويات أعلى ليحصل التلاقي.. بن غبريط تنقلب على كل قيمي باستبداله بقيمي آخر وتعلن حربها الضروس على مخيالنا وقيمنا الوطنية ولا تتنزه أن تقصي كل من يعارضها الرؤية من الوزارة وحتى مديريات التربية وتسخر من المعربين والأساتذة الجدد ثم تتراجع لما ترى مضاعفات موقفها سلبية انتقلت الى الشارع والرأي العام.. بن غبريرط وبن رمضان وليلى مجاهد المزدادة مسعودي ومسقم المفتش العام ومنفذ مشاريعهم بولاء واخلاص وبلعابد عبد الحكيم الأمين العام يكونون فوج عمل متماسك ونواة صلبة تفكر بدل الشعب والأساتذة والمفتشين والقواعد بعد أن أسكتت النقابات التعليمية وأسكتت كل الاحتجاجات لكونها مسندة ومدعمة وموصى بها خير من الضفة الأخرى. (يتبع)
ابن العقبي
خبير في التربية
9 مارس 2016