تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : :: فلـــــــسطين … الحقُّ الـمضاع ::


ابو اكرام فتحون
2016-03-18, 20:10
بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

فلسطين … الحقُّ الـمضاع

لا يخفى على ذي عقل أنَّ أمَّتنا في هذه الآونة تعيش ظرفًا عصيبًا وجوًّا كئيبًا، وتمرُّ بمحنة اشتدَّت نارها اشتعالًا ولهيبًا.
فهذه الدِّماء الَّتي تسيل وِدْيانًا وأنهارًا هي دماء المسلمين، وهذه الأعراض الَّتي تُنتهك سرًّا وجهارًا هي أعراض المسلمين، وهذه المقدَّسات الَّتي تخرَّب هدمًا ودمارًا هي مقدَّسات المسلمين، وسط تماطل وتواطؤ عالميٍّ رهيب، تجمَّعت فيه أحقاد المعادين لدين الإسلام، وتجلَّى فيه التَّلاعب بقيم وحقوق الأنام، يقابله صمت إسلاميٍّ عجيب تراكمت عليه أسباب الخذلان والهوان، وتمادى به التَّفريط والتَّقصير والتَّجاهل والنِّسيان، وكأنَّ المسلمين لم تحلَّ بدارهم قارعة، ولم تنزل بهم نازلة، ولم تَبْكِ فيهم باكية، ولم تُستلب منهم مقدَّسات، مع أنَّ الواجب أن يقوم المسلمون قيام رجل واحد؛ لأنَّهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى، وأرضهم أرض واحدة إذا ضاع شبر منها هبَّ الجميع لنجدته واسترجاعه.

وليس بجديد أن يطرق سمع العالم ما يحدث للمسلمين في أرض فلسطين في هذه الأيَّام، من غزو ساحق وحصار خانق دُبِّر له على مسمع من العالم وأنظاره من طرف يهود صهيون، إخوان القردة والخنازير.
وقضيَّة فلسطين ـ كجميع قضايا المسلمين ـ محنةٌ امتحن الله بها ضمائرهم وهممهم وأموالهم ووحدتهم، وحقٌّ مضاع فرَّط أهلُه في الحفاظ عليه.

ابك مثل النِّساء ملكًا مضاعًا . . . لم تحافـظ عليه مثل الرِّجال

إنَّ مشكلة المسلمين اليوم ليست في عددهم، فهم كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ»، وقد شبَّه هذه الكثرة بغثاء السَّيل، وهو ما يبس من نبات الأرض فيجرفه السَّيل ليلقيه في الجوانب، إشارة إلى حقارته ودناءته، وشبَّههم به لقلَّة شجاعتهم وضعفهم وخذلانهم، وتفريطهم في الأخذ بأسباب النَّصر الحقيقيَّة، والَّتي منها أنَّ النَّصر والتَّمكين لهذه الأمَّة إنَّما هو ثمرة لإيمانها بالله وإقامة شرعه، فإذا مكَّنوا لدين الله في حياتهم مكَّن الله لهم في الأرض وأظهرهم على أعدائهم، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور: 55]، ومنها الإعداد لتقوية شوكة المسلمين ماديًّا واقتصاديًّا ليتمكَّنوا من مواجهة أعدائهم وردِّ العدوان عن أنفسهم كما قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60].

وهذا القتال لا يمكن أن يكون إلَّا إذا اجتمعت كلمة المسلمين كما اجتمعت كلمة الكفَّار على حرب المسلمين، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)﴾ [التوبة].
قال ابن كثير: «أي كما يجتمعون إذا حاربوكم، فاجتمعوا أنتم أيضًا إذا حاربتموهم وقاتلوهم بنظير ما يفعلون».

والسُّؤال الَّذي يطرح نفسه في كلِّ مرَّة: هل اجتمعت كلمة المسلمين اليوم على الحقِّ الأبلج المبين، من الاعتقاد الصَّحيح والمنهج السَّليم والرُّؤية الصَّائبة في معاجلة المستجدَّات وقضايا الوضع الرَّاهن، منطلقين من أصول الشَّرع المطهَّر كتابًا وسنَّةً وإجماعًا؟
والجواب أنَّ الكلمة لم تجتمع بعد، ولن تجتمع ما دام في صفِّهم من يدين الله بسبِّ الصَّحابة والقول بعصمة الأئمَّة والتَّحزُّب للطَّوائف والجماعات وما إلى ذلك من المعتقدات الفاسدة والأفكار والتَّوجُّهات الدَّخيلة على أمَّة الإسلام ودينها.

ولابدَّ أن يعي المسلمون أنَّ الكفَّار لا يهدأ لهم بال، ولا يستقرُّ بهم حال، ولا يضعون أسلحتهم ولا يكفُّون ألسنتهم بالسُّوء حتَّى يتخلَّى المسلمون عن دينهم ويهجروا إلى الأبد شخصيَّتهم وتذوب هويَّتهم بين سائر الملل الضالَّة، قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217].

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد شخَّص الدَّاء وأبان عن السَّبب الَّذي جعل الكفَّار لا يكترثون بتهديد المسلمين لهم، ولا يهتمُّون بردود أفعالهم المنحصرة في المظاهرات الشَّعبيَّة والتَّنديدات الكلاميَّة والاجتماعات الطَّارئة.

أمَّا السَّبب الأوَّل: فلأنَّ المهابة والخوف قد نزعهما الله من قلوب الكافرين، فلم يعد الرُّعب يقضُّ مضاجعهم ويزلزل حصونهم كما في سابق العهد التَّليد، كما قال تعالى: ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) ﴾ [الحشر]، وكما قال أيضًا: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ…﴾[آل عمران: 151].
وأمَّا السَّبب الثَّاني: فهو أنَّ الله يقذف في قلوب المسلمين الوهن، وهو الضّعف والهوان والجبن والخذلان، وهذا ما ابتلوا به حقًّا، ووُصِفوا به الآن صدقًا وعدلًا، وموجب هذا الوهن وسببه كما بيَّنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في قوله في الحديث: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَّةُ المَوْتِ».

إنَّ القول لدى الله لا يبدَّل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
فلا سبيل لوقف جرائم الغادرين، ولا سلاح يردُّ كيد المعتدين إلَّا بمعالجة الأسباب الَّتي أوصلتنا إلى الضّعف والانتكاسة، والعمل على إزالتها وتعويضها بالأسباب الجالبة للنَّصر والتَّمكين، فإنَّ القضايا العادلة والحقوق المشروعة لا تنال بالهوينا والضّعف، ولا تنال بالأقلام والأفلام، والإعلام والأحلام، وإنَّما تنال بتغيير ما بالنُّفوس من اعوجاج وانحراف، وإصلاح العقول والقلوب قبل خوض المعارك والخطوب.
* * *
([1]) نشر في مجلَّة «الإصلاح»: العدد (7)/محرَّم ـ صفر 1429هـ.

من الموقع الرسمي للشيخ
عز الدين رمضاني حفظه الله

NEWFEL..
2016-03-19, 08:00
بارك الله فيك ............

الربيع ب
2016-03-21, 10:47
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي الفاضل فتحون وجزاك خيرا
وجزى ربنا الشيخ خير الجزاء على غيرته وتذكيره هذا في حين نسي الكثيرون القضية - أو تناسوها -
لقد حكرت فينا كامنا لا يكاد ولا تكاد هذه النوازل المتتالية علينا تزعزعه من مكان
ولست أدري ؟!!!
ألموت قلوبنا !!؟ أم تبلد الإحساس فينا !!؟ أم أننا لم نعد عضوا من جسد الأمة نألم لألمه ، ونسهر لوجعه !!؟
وإنه لا ولن يصلح حالنا إلا بما صلح به حال الأولين ، الذين فقهوا عن الله وسوله صلى الله عليه وسلم مراد التشريع وأحكام الإسلام في كل جوانب الحياة فعلموا وعملوا ..
وقد كانوا قبل ذلك بقليل أذلة فعزوا ، جهلة فتعلموا وعلموا العلماء ، عبيدا فسادوا ، قلة فكثروا ، متفرقون فاجتمعوا ، ضعفاء فقووا .. وعد ما شئت مما تميزا به وتشابهت حالنا بحالهم فيه - قبل إسلامهم طبعا - ثم انقلبوا هذا المنقلب ، وانتقلوا هذه النقلة في مدة وجيزة لا تساوي في حساب الزمن والأمم إلا يسيرا جدا ، وذلك حتى نعي الدروس ونستخلص منها العبر .. فنعتبر ، ونحذوا حذوهم ، ونسلك سبيلهم ، ونقتفي ىثارهم لنحصل ما حصلوا ونبلغ الذي بلغوا .

يقابله صمت إسلاميٍّ عجيب
لا بد من معرفة أسباب هذا الصمت ومعالجتها ، إن من جهة الأمراء أو العلماء ، وحتى هذه الشعوب التي صارت تحركها العواصف وتجري بها الرياح حيث جرت ، سلمها الله وسلمنا معها .

محنةٌ امتحن الله بها ضمائرهم وهممهم وأموالهم ووحدتهم، وحقٌّ مضاع فرَّط أهلُه في الحفاظ عليه.

بل لنقل :
محنةٌ امتحن الله بها ضمائرنا وهممنا وأموالنا ووحدتنا ، وحقٌّ مضاع فرَّطنا في الحفاظ عليه .
وإلا لكنا في منأى عن الأمر ولا يخصنا منها غلآ ما يخص سائر الملل .. وإلا لكان قولنا هذا بتهمتهم من أسباب ما آلت إليه حالنا ، وإن كانت تفصل بيننا المسافات ، فوحدة القبلة والتقاعس أو قلة الحيلة - إن شئت - توجب البذل من كل مسلم مؤمن على حسب قدرته وما آتاه الله مما سيحاسبه عليه ، بالقول أو الفعل أو غير ذلك .

والسُّؤال الَّذي يطرح نفسه في كلِّ مرَّة: هل اجتمعت كلمة المسلمين اليوم على الحقِّ الأبلج المبين، من الاعتقاد الصَّحيح والمنهج السَّليم والرُّؤية الصَّائبة في معاجلة المستجدَّات وقضايا الوضع الرَّاهن، منطلقين من أصول الشَّرع المطهَّر كتابًا وسنَّةً وإجماعًا؟

نعم ..
كما ورد في الموضوع الجواب عن السؤال ، وهو ذلك
غير أننا لم نجد العلاج وقد علمنا الأسباب ، وهذا يدل على عدم التوفيق من الله ، فتراجع كل الحسابات وعلى جميع المستويات ، لا أن نعالج جانبا ونترك جانبا أو نؤخره لنعود بعد علاج واحد فنجد أن الجوانب الأخرى قد زاد تعقيدها ، ومن ثم ترى البعض من قلة الحيلة وذات الدين يجانب الصواب بترك الحكمة واللين .

وأمَّا السَّبب الثَّاني : فهو أنَّ الله يقذف في قلوب المسلمين الوهن
عله يكفينا أن نرجع إلى كتاب الله فنجد السبب والعلاج معا ..
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة 24].

وهذا من باب فهم وتحليل خاص عله يوافق الموضوع فيجلي بعض ما يمكن أن يفهم على غير قصد كاتبه - جزاه الله خيرا - أو يضيف إلى الموضوع نقطة على ما ذُكر فيكون من باب النصح والتذكير بهذه القضية التي كادت أن تدرس وتنسى ، لكثرة القول بـ
( نفسي .. نفسي )

اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور
اللهم وحد صفنا ، وارفع رايتنا ، واجمع كلمتنا ، وأنر بصائرنا ، وقونا على أنفسنا وأعدائنا ، وردنا إليك وإلى الحق ردا جميلا
اللهم أعز الإسلام والمسلمين واخذل الشرك والمشركين ، وافضح واكفنا شر العملاء والمنافقين .

karel07
2016-03-22, 21:38
يا الله كن مع اخوننا في فلسطين