حافظ ابراهيم
2009-10-02, 10:00
الرجل صاحب الرسالة يعيش لفكرته ويعيش في فكرته..
فحياته فكرة مجسمة تتحرك بين الناس، تحاول أبدا أن تفرض على الدنيا نفسها، وأن تغرس في حاضر الإنسانية جذرها ليمتد على مر الأيام والليالي فروعا متشابكة تظلل المستقبل وتتغلغل فيه...
ومن ثم تبدأ الدعوات والنهضات الكبرى برجل واحد، وهو – في بداية أمره – أمة وحده.
أمة يتخيل حقيقتها في رأسه، ويحس ضرورتها في دمه، ويبشر بها في كلامه، ويحمل أثقالها على كاهله.
ولا يزال يجمع الرجل على الرجل، ويضم البيت إلى البيت، ويرسم المبدأ والوسيلة والهدف، وينفخ من روحه فيمن حوله..فإذا الأمة التي كان يتخيلها وحده قد أصبحت حقيقة واقعة تطلع الشمس عليها، ويعترف الناس بها، ويسجل التاريخ قيامها.
وهكذا بلغ النبيون رسالات ربهم، وصنعوا بأيديهم الأمم التي انتقلت بها الإنسانية من طور إلى طور.
وهكذا فعل العظماء من قادة الفكر الناضج، وأصحاب المذاهب الفعالة والتيارات العقلية الكاسحة. إن أحدهم يضع " تصميم " المجتمع الذي ينشده كما يرسم المهندس على الورق تصميم الورق الذي يريده... ثم لا يزال يرفع القواعد، ويشد الشرفات، ويستحث الفعلة، ويستكمل الأدوات حتى يستوي البناء قائما شامخا، وعليه من روح منشئه طابع وبرهان.
وأن أحدهم ليقول الكلمة في الإبانة عن دعوته فتتلقفها النفوس والعصور تلقف الأرض الخصبة للحبة التي أودع الله فيها سر النماء والازدهار..فإذا هذه الكلمة المرسلة تنشئ رجالا وتخلق أبطالا. بل تنشئ أجيالا وتزلزل جبالا.
وإن أحدهم ليولد وفي الدنيا دول قائمة، وآراء سائدة، وتقاليد مقررة، وجماهير تحيا على ذلك وتموت، كأنها فقاعات الموج، تظهر وتختفي. لا وزن لها ولا غناء..فإذا الدنيا تميد تحت قدمي صاحب الرسالة الناشئ وهو ينظر إلى الأوهام السائدة، والممالك القائمة، والأحزاب المتألبة، ثم يبتسم في قلة اكتراث ويقول قول النبي العظيم قبيل موقعة حنين.
وقد وُصِفَتْ له تجمعات أعدائه وعدتهم: " تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله ".
تأملات في الدين والحياة...لمحمد الغزالي..رحمه الله.
فحياته فكرة مجسمة تتحرك بين الناس، تحاول أبدا أن تفرض على الدنيا نفسها، وأن تغرس في حاضر الإنسانية جذرها ليمتد على مر الأيام والليالي فروعا متشابكة تظلل المستقبل وتتغلغل فيه...
ومن ثم تبدأ الدعوات والنهضات الكبرى برجل واحد، وهو – في بداية أمره – أمة وحده.
أمة يتخيل حقيقتها في رأسه، ويحس ضرورتها في دمه، ويبشر بها في كلامه، ويحمل أثقالها على كاهله.
ولا يزال يجمع الرجل على الرجل، ويضم البيت إلى البيت، ويرسم المبدأ والوسيلة والهدف، وينفخ من روحه فيمن حوله..فإذا الأمة التي كان يتخيلها وحده قد أصبحت حقيقة واقعة تطلع الشمس عليها، ويعترف الناس بها، ويسجل التاريخ قيامها.
وهكذا بلغ النبيون رسالات ربهم، وصنعوا بأيديهم الأمم التي انتقلت بها الإنسانية من طور إلى طور.
وهكذا فعل العظماء من قادة الفكر الناضج، وأصحاب المذاهب الفعالة والتيارات العقلية الكاسحة. إن أحدهم يضع " تصميم " المجتمع الذي ينشده كما يرسم المهندس على الورق تصميم الورق الذي يريده... ثم لا يزال يرفع القواعد، ويشد الشرفات، ويستحث الفعلة، ويستكمل الأدوات حتى يستوي البناء قائما شامخا، وعليه من روح منشئه طابع وبرهان.
وأن أحدهم ليقول الكلمة في الإبانة عن دعوته فتتلقفها النفوس والعصور تلقف الأرض الخصبة للحبة التي أودع الله فيها سر النماء والازدهار..فإذا هذه الكلمة المرسلة تنشئ رجالا وتخلق أبطالا. بل تنشئ أجيالا وتزلزل جبالا.
وإن أحدهم ليولد وفي الدنيا دول قائمة، وآراء سائدة، وتقاليد مقررة، وجماهير تحيا على ذلك وتموت، كأنها فقاعات الموج، تظهر وتختفي. لا وزن لها ولا غناء..فإذا الدنيا تميد تحت قدمي صاحب الرسالة الناشئ وهو ينظر إلى الأوهام السائدة، والممالك القائمة، والأحزاب المتألبة، ثم يبتسم في قلة اكتراث ويقول قول النبي العظيم قبيل موقعة حنين.
وقد وُصِفَتْ له تجمعات أعدائه وعدتهم: " تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله ".
تأملات في الدين والحياة...لمحمد الغزالي..رحمه الله.