المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم بيع المسكن الممنوح من الدولة قبل استقرار ملكيته في يد البائع


حسين البجاوي
2016-02-27, 22:05
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله، أما بعد:
فإن بيع المساكن العمومية الممنوحة من الدولة إلى الأفراد، و قبل استقرار ملكيتها في يد البائع، و دون الحصول على الإذن في بيعها، هو بيع غير مشروع. ذلك أن البائع لا يملك المسكن أولا، و عملية البيع هذه لا تسمح بانتقال ملكية المسكن إلى المشتري ثانيا، و لكون عقد البيع موقوفا على شرط التسوية، و هو شرط محتمل احتوى على جهالة مفضية إلى الغرر، و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع الغرر لما يؤدي عادة إلى النزاع و إلى إشاعة العداوة و البغضاء بين المتبايعين، فانتفاء شرط ملكية الشيء المبيع، و عدم رضا صاحبه، يفضي إلى الحكم بالمنع شرعا، لقوله تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)، و لقوله صلى الله عليه و سلم: (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)، و قوله صلى الله عليه و سلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ). و عليه، فإن المقدم على هذا العقد بيعا أو شراء و هو يعلم حرمته آثم لفعله ما حرم الله إلا أن يتوب الله عليه.
و لكون المسكن لا يزال مملوكا للدولة، و هي الجهة الوحيدة التي لها حق التصرف فيه، دون البائع و لا المشتري و لا غيرهما، فإن بيعه دون إذنها لا يصح و لا تبيحه الشريعة، و في أحسن أحواله يكون بيعه موقوفا على إجازتها له، حيث بإمكان الدولة مصادرة المساكن لعدم ثبوت يد المشتري عليها و نحو ذلك، و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع ما لا يضمن أو بيع ما ليس عندك أو بيع ما لم يستوف أو يقبض.
و متى كان مقررا أنه إذا اشترطت الجهة التي منحت المسكن عدم بيعه مراعاة للمصلحة العامة و نحو ذلك فيجب التزام شروطها و عدم مخالفتها في ذلك، لأن ذلك يمس بالنظام العام، و المرء مأمور بطاعة أولي الأمر في المعروف، و تصرفات الحاكم هذه منوط بالمصلحة العامة، و التجاسر على هذه المصلحة اعتداء و ظلم، و على من أراد ذلك أن يستأذنها فيه بيعا كان أو إجارة فإن أذنت له جاز و إلا فلا، و لا عبرة بجريان أمر الناس على مخالفة أمر الشارع و عدم مراعاتهم للضوابط الشرعية في تلك الأمور فإنه لا يغير من حكم الشارع شيئا.
كما أنه و الحال أن المشتري لن يتملك المسكن حتى يؤدي جميع ما عليه من مصاريف تسوية العقار، و هذا شرط لا يقتضي أصل العقد بل ينافيه، لأن كل بيع لا يملك المشتري المبيع بالعقد، بل يعلق كما هو الحال هنا إلى حين إنهاء شروطه، يكون البيع فيه باطلا، فلا يجوز اشتراطه و لا إمضاؤه و لا الوفاء به إن أشترط. كما لا يترتب عن عدم الوفاء به شيء لأنه باطل، لقوله صلى الله عليه و سلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، إِلا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلالا) و لقوله صلى الله عليه و سلم: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَمَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةَ).
و متى كان الحكم في البيع الباطل: أن يفسخ العقد و أن يتراد المبيعان ما قبضا، فإن المال المكتسب من طرف البائع يعتبر ليس ملكا له، و هو ملزم برده أو ضمان قيمته، و في المقابل استرداد المسكن بكل الطرق المشروعة، في حين أنه ليس من حق المشتري مطالبة البائع بثمن المسكن في الوقت الحالي و لا أخذ أية زيادة على الثمن الذي دفعه عند الشراء و إن حكم له، و ليس له إلا ماله الذي دفعه سابقا، فكما لا يجوز للبائع أن يبيع ما ليس ملكه، كذلك لا يجوز للمشتري أن يعامل البائع فيشتري منه ما ليس له.
و يمكن للطرفين التوقيع على عقد جديد للمواعدة على البيع، أو على عقد لبيع المسكن بعد تملكه و شراءه من الدولة، بما يتم الاتفاق عليه من ثمن معجل أو مؤجل، حينها فقط يمكن للبائع أن ينتفع بثمن البيع و للمشتري الانتفاع بالمسكن، و حيث تكفي التوبة من العقد الأول المحرم شرعا، و الله أعلم.
و الحمد لله رب العالمين.

asma meriem
2016-03-13, 07:07
شكراا جزيلا

mariana1
2016-03-14, 19:44
جزاكم الله خيرا على التوضيح : لا يمكن بيع ما لا تملك

sidou31
2016-05-06, 09:42
شكرا جزيل جزاك الله خيرا