المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المتجرِّؤون على الله جلّ و علا


أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-21, 23:47
بــــسم الله الرحمن الرحيــــم

السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته

يخلق الله جل و علا المرء من ماء مهين ، و يجريه في مجرى البول مرّتين
و يُخرجه إلى الدّنيا ضعيفا عاريا جائعا ، و يكون في حفظ الله و كلئه و رعايته
فالله يُحييه و الله يكسوه و الله يرزقه و الله يشفيه و الله ينجيه و الله يقلّبه من طور إلى طور
نطفة فعلقة فمضغة فجنينا فرضيعا فصبيا فطفلا فغلاما ...
فإذا بلغ مبلغ الشّباب و أحس باكتمال الفتوة و القوة ، و كان الله ــ جلّ و علا ــ قد أسبغ عليه من نعم الدّنيا عن يمينه و عن شماله و تلقاء وجهه و من خلفه و من تحت رجليه و من فوقه ...
فإذا كان تعالى قد آتاه مع ذلك زكاء و علما و وفّقه إلى العمل الصّالح و إخلاص الدين لله وحده ، و مراعاة حدود الله ، فقد حاز الفضل و الغنيمة ، فليسأل الله الزّيادة و الثبات على ذلك حتّى الممات .
و إن كان قد ضيّع النهج الأفيح الأوضح و أخذ في تتبّع السّبُل و انتهاك الحدود و المحارم و ركب مطايا النّفس و الشيطان و و سيّب نجائب الإخلاص و الإيمان
و ظن أنّه يرزق نفسه و يكسو نفسه و يحفظ نفسه و أن حياته بيده ، و تدبير أموره ليس بيد الواحد القهار ، و نسي نفسه و جهل قدره
و جاءه الشّيطان فأسرجه و ألجمه و أرحله و أخطمه و حدا به حِداء الضُّلال و بَرْدَعَه بَرَادِع الجُهّال و أسكنه مَرَادغ الخَبال
فظن أنّ الأمر كله بيمينه ، فطغى و تجبّر ، و عتا و تكبّر
قال تعالى : (( كلاّ إن الأنسن ليطغى ، أن رّآه استغنى ))
فإذا ذُكر بالله ، و وُعظ بآياته ، و حُذّر أن يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، أخذته العِزّة بالإثم
و تطاول على الله بلسانه و جاهره بسبِّه و عصيانه
و هنا قد تؤول الأحوال إلى ثلاثة :
الحال الأولى : أن لا يُمهله الله ــ عزّ و جل ــ طرفة عين ، و يأخذه الله نكال الآخرة و الأولى .
الحال الثانية : أن يُمهله الله ، و يُصيبه ببلوى يُعذبه بها ، و تكون له نذيرا و موعظة عسى أن يتذكر أو يخشى .
الحال الثّالثة : أن يُمهله الله ، و يفتح الله عليه أبواب كلّ شيء و لا يُصيبه بشيء مما يكره ، استدراجا له ، حتى يأتيه الموت على ذلك .
فالحالان الأولى و الثانية علامة على سخط الله على العبد ، و أمارة على شقائه نسأل الله السّلامة و العافية .
أما الحال الثّانية ، فإن اتّعظ و أناب بعذ النّذير فيُرجى له ، و إن تمادى في غيِّه و ضلاله فيُخشى عليه .
و هذه قصة سمعتها من أحد المشايخ فأرويها بالمعنى لا باللفظ ، و هي لا تخلو من موعظة
قال هذا الشيخ :
كان هناك رجل غني يملك قصرا و خدما و أنعم الله عليه من كلّ شيء ، لكنه جحد النّعمة و تكبّر حتى على الله .
في ذلك اليوم بعد أن ملأ معدته من أطايب الطّعام و سائغ الشّراب ، مدّ رجليه و استلقى ، فمرّت عليه خُنفساء ، فخاطبها قائلا بكلّ و قاحة و سوء أدب
هل هذا وقتك الآن ؟ ( يقصد أنّه الآن أنهى طعامه و هي ستُخبث نفسه بمنظرها )
بعدين ما هذا الشكل ؟ ( يعني يُعيب خِلقتها و شكلها الذي خلقها الله عليه )
يقول : لكن العَتَب ليس عليك ، إنّما العَتَب على الذي خلقك ؟ ــ تعالى الله عما يقول علوّا كبيرا ــ و استغفر الله من نقل هذا الكلام الآثم الفاجر
ثمّ جاءته حكّةٌ في رجله ، فحكّها حكّا شديدا ، و لم تبرد عليه رجله ، فجيء بعود فبدأ يفرك به جلده حتى تفسّخ و لم يرتح من شدّة العناء
ثمّ انتفخت رجله حتى صار وزنها وحدها سبعين كيلا ، و استمرّ معه هذا المرض عشرين يوما ، لم يترك خلالها مستشفى قدر عليه إلاّ زاره ، و كلهم يقولون بعد التّحليلات و الفحوصات إن رجلك سليمة و لا نعرف شيئا مما أصابك .
ثم يقدّر الله أن يمرَّ عليه أعرابيٌّ من الباديّة ، فقال له : علاجك بعد الله عندي .
فقال له : إذا عالجتني أعطيك ثلث مالي ــ أو كما قال ــ .
قال الأعرابي : لا أريد مالا ، مالك خليه عندك ، أمّا فلا أبتغي إلا الأجر من الله .
فماذا تتصوّرون العلاج كان ــ بإذن الله ــ يا إخوان ؟
قال الأعرابي : إيتوني بخنفساء من أي مكان ؟
ثمّ فتح شقّا في رجله في محل المرض ، ثمّ أدخل الخنفساء في ذلك الشقّ .
لماذا ؟ لأن في رجله المريضة حشرة صغيرة كالدّودة لا تقتلها إلا الخنافس .
ثلاثة أيام و منّ الله سبحانه عليه بالشّفاء .
و انظروا ــ يا سبحان الله ــ هذه التي كان يعيبها و يتقزّز من منظرها ، و يعتب على الله خَلْقها تُمسي هي العلاج لعلته بإذن الله تعالى .
( انتهى معنى كلام الشيخ بتصرّف يسير )
فهذا ممن أمهله الله و أنذره و وعظه فإن رجع و تاب فقد فاز ، و إن أدبر و تولى و غرّه بالله الغرور فقد خاب و خسر
و قد ذكر الذهبي في السّير : أنّ المهلب ابن أبي صفرة مرّ على مالك بن دينار متبختراً فقال مالك: أما علمت أنها مشية يكرهها الله إلا بين الصفين؟! فقال المهلب: أما تعرفني؟؟ قال: بلى، أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة و أنت فيما بين ذلك تحمل العذرة. فانكسر وقال: الآن عرفتني حق المعرفة.
وقال الأحنف بن قيس–رحمه الله*:
عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر !
وقد وصف بعض الشعراء الإنسان فقال :
يا مظهر الكبر إعجابا بصورته .......... انظر خلاءك إن النتن تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم ....... ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ...وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك ............والعين مرفضة والثغر ملعوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدا ...... أقصر فإنك مأكول ومشروب

و إن مما يُدمي الفؤاد ، و يُهلك الحاضر و الباد ، انتشار السّبّ في الشّارع و النّاد
لا أقول سبّ الرجل أخاه ، بل سبّ ربّ العباد
ألا يخافون يوم التناد
سبٌّ للذّات العلية ــ جلّ و علا ــ و سبٌّ لدينه ، بل و تفنُّن في ذلك و تلذُّذ به
و لا من ناصح و لا من رادع ، بل لن يعدم الخبيثُ مؤاكلا و مُشاربا ، و مؤانسا و مُجالسا ، بل صاحبا و خليلا مجانسا
ألا فالتّوبة التّوبة ، و الأوبة الأوبة ، و البدار البِدار
فإن المرء لا يدري أوانَ الحَين ، و لا ساعة الفراق و البَين
و نسأل الثبات على الحق و اليقين إلى أن نلقاه يوم الدّين

بقلم : المهاجر إلى الله
السُّلميّ

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-22, 09:11
و هذه فتاوى في حكم سابّ الله جل و علا

http://www5.0zz0.com/2016/02/22/11/193491814.jpg


http://www5.0zz0.com/2016/02/22/11/112961002.jpg


http://www5.0zz0.com/2016/02/22/11/773965884.jpg


http://www5.0zz0.com/2016/02/22/11/343123217.jpg

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-22, 13:20
http://www8.0zz0.com/2016/02/22/15/842574851.jpg


http://www8.0zz0.com/2016/02/22/15/628289971.jpg


http://www8.0zz0.com/2016/02/22/15/578907975.jpg

nawel2016
2016-02-22, 13:51
شكرا على الموضوع

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-22, 17:33
شكرا على الموضوع

جزاك الله خيرا و أحسن إليك

عبد الباسط آل القاضي
2016-02-22, 18:34
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم

sidali75
2016-02-22, 20:37
نسأل الله العافية من شرور ذلك و أخفى باركـ اللهُ فيك أخي المهاجر
فقد بلغت فأصبت و كتبت فأجدت الوعظ وبارك الله في الشيخ الواعظ

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-23, 09:37
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم

و إياك أخي عبد الباسط
أحسن الله إليك و بارك فيك

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-23, 09:39
نسأل الله العافية من شرور ذلك و أخفى باركـ اللهُ فيك أخي المهاجر
فقد بلغت فأصبت و كتبت فأجدت الوعظ وبارك الله في الشيخ الواعظ

و فيك بارك الرحمن أخي سيد علي
جزاك الله خيرا و أحسن إليك

أم سمية الأثرية
2016-02-23, 15:14
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"إن سب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم كفر ظاهرا وباطنا سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلا أو كان ذاهلا عن إعتقاده"

الصارم المسلول


بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-23, 16:14
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"إن سب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم كفر ظاهرا وباطنا سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلا أو كان ذاهلا عن إعتقاده"

الصارم المسلول


بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا



و فيك بارك الله

الربيع ب
2016-02-25, 16:35
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي الفاضل السلمي وجزاك عنا خيرا
نسأل الله السلامة والهداية والعفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة
أمور تفتت الأكباد ، وتدمي القلوب ، وتحزن الأفئدة
ولا مفر للواحدنا من الوقوع في الذنب ، وإن كان الحديث عن الجرأة
وإنما هي ورتبة أحسن حال مما ذكرت ...
تلك مرتبة أو - أولى أن تقول - حال المنذب المخطي
تشبه إلى حد ما الحال الثانية غير أن تلك مهلة وإنذار ، وهذه مهلة وتطهير
إذ يصيب الله عبده بما يحب أن يصبه به ويبتليه ليطهره ومن درن الذنب ينقيه
ولعل هذه حالنا ..

وأما الجرأة على الله وسب الذات الإلهية والدين والرسول فهذا أمر جلل وهو من الكبار والزلل
نعوذ بالله ونستغفره ونتوب إليه ، وننكر ونزجر - ولو كان باليد نقيم الحد - ونرجو التوبة للفاعل فيقبلها الله أو يلقى الله بما تقرر فيه مما ذكره أهل العلم .
قال أبو بكر الكشناوي المالكي : ومن سب الله أو نبيا قتل دون استتابة ، يعني : أن من سب الله تعالى أو سب نبيا من الأنبياء ممن أُجمع على نبوته قتل ولا تقبل توبته ، قال في الرسالة : ومن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل .
قال القاضي عياض : لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم .

هذا قطرة من بحر مما ورد من أقوال أهل العلم في المسألة
ولو لم يكن إلا ما ذكرتم في الموضوع وهذا لكفى أن يكون زاجرا للمتجرئ على مولاه
والعاقل من اتعظ ، والأعقل منه من تجنب ما يغضب الله فضلا أن يتجرأ عليه سبحانه
اللهم اهدنا واهد بنا ويسر الهدى لنا واجعلنا سببا لمن اهتدى

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-02-25, 18:19
و فيك بارك الرحمن أخي الربيع
جزاك الله خيرا و أحسن إليك و متع بك
آمين يارب العالمين

barham
2016-08-12, 09:52
جزاك الله خير

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-08-12, 10:09
جزاكما الله خيرا و أحسن إليكما

وَحْـــ القلَمْ ـــيُ
2016-08-14, 15:02
الحمد لله الذي خلقنا من عدم وكبرنا من صغر وقوانا من ضعف وأسمعنا من صمم وأغنانا من فقر وعلمنا من جهل وأمننا من خوف ، وهدانا من ضلالة وأسبغ علينا غافر النعم
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-08-15, 05:56
الحمد لله حمدا كثيرا
آمين ، بارك الله فيك و أحسن إليك