حسناء العابدة
2009-09-30, 12:27
همم تناطح القمم
الهمة العالية خصلة شريفة ، وخلة حميدة ، وخلق رفيع ، وأدب سامٍ ، فمن علت همته اتصف بكل جميل ، ومن دنت همته اتصف بكل خلق رذيل ، والنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات.
والهمة العالية لا تزال بصاحبها تضربه بسياط اللوم والتأنيب، وتزجره عن مواقف الذل واكتساب الرذائل ، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من أذى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد .
ولقد ضرب النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ، والقرون المفضلة من بعده أروع وأمتع الصور والأمثلة في علو الهمة والمجد والرفعة والتسامي ، فمن نظر إلى حالنا اليوم ، وأرجع الطرف كرةً إليهم ارتد بصره خاسئاً وهو حسير ، ذلك لأنهم كانوا ذو همم ، فسموا إلى دار القمم ، فكمل مجدهم واستتم :
وقف الزمان لهم مجلاً مكبرا
سلفٌ إذا مرّ الزمان بذكرهم
وفي اليوم ثكولٌ أرمــلا
كانت الدنيا عروساً بهـــم
هذا نبينا محمد (ص) خير من وطأ الثرى ومشى على الحصى ، الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، فسئل عن ذلك فقال : " أفلا أكون عبداً شكورا " .
وبعد وفاة النبي (ص) ارتد أكثر العرب ، وعطّل أكثر الناس الزكاة ، فتسامت همة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه في نصرة الدين ، فقال " والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عناقاً – إبل صغيرة – كانوا يؤدونها إلى رسول الله (ص) لقاتلتهم على منعها .
وهذا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه سمت همته في طلب العلم وحفظ الحديث عن رسول الله (ص) ، قال عنه ابن عمر رضي الله عنهما : كان ألزمنا لرسول الله (ص) وأعلمنا بحديثه ، وقال الذهبي رحمه الله : كان حفظ أبي هريرة الخارق من معجزات النبوة " .
يقول أبو هريرة رضي الله عنه " لم يكن يشغلني عن رسول الله (ص) غرس الودي ، ولا صفق – بيع – في الأسواق ، وإنما كنت أطلب من رسول الله (ص) كلمةً يعلمنيها ، أو أكلة يطعمنيها " .
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال له " ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني منه أصحابك ؟ قلت : أسألك أن تعلمني مما علّمك الله " رواه أبو نعيم في الحلية ورجاله ثقات .
فانظر إلى همم أبي هريرة ما يسأل رسول الله (ص) شيئاً إلا العلم ، مع شدة حاجته وفقره .
وها هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما سمت همته من نعومة أظفاره ، حتى صار حبر هذه الأمة وترجمان القرآن يقول " لما توفي رسول الله (ص) قلت لرجل من الأنصار : هلمّ نسأل أصحاب رسول الله (ص) فإنهم اليوم كثير ، فقال : واعجباً لك يا ابن عباس ، أترى الناس يحتاجون إليك ، وفي الناس من أصحاب رسول الله من ترى ؟!
قال : فتركت ذلك وأقبلت على المسألة " أي سؤال العلم " فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل ، فآتيه وهو قائل ، فأتوسد ردائه على باببه ، فتسفي الريح عليَّ التراب ، فيخرج فيراني ، فيقول : يا ابن عمّ رسول الله ، ألا أرسلت إليّ فآتيك ؟! فأقول : أنا أحق أن آتيك فأسألك .
ومن أصحاب الهمة العالية ، والروح السامية سيد التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله ، يقول : ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة ، وما نظرت في قفا رجل منذ خمسين سنة " .
وقال :ما أذّن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد . نعم :
فغير جدير أن ينال المعاليا
ومن لم تبلغه المعالي نفسه
وسعيد بن جبير رحمه الله رحل في تفسير آية واحدة من الكوفة إلى المدينة .
الله أكبر ... إنها الهمم ، إن العلماء بين أيدينا والعلم كذلك ، ولكنها الهمم ..
فيا أيها الأخ المبارك :
وحمامة همته في الثريا
كن رجلاً رجله في الثرى
فهو لا يعرف ما نسج الحرير
ومن تكن همته نسيج الحصير
فشد الرحل ... وقرب المطية .. وبادر بادر ... قبل أن تبلغ الأرواح الحناجر .. ولا ترضى بالصف الاخر ..
إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعاً ألا فاجعلنّه ماضياً بالجوازم
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لامتطاء ذرى العلياء ، والسمو للسماء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم .
الهمة العالية خصلة شريفة ، وخلة حميدة ، وخلق رفيع ، وأدب سامٍ ، فمن علت همته اتصف بكل جميل ، ومن دنت همته اتصف بكل خلق رذيل ، والنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات.
والهمة العالية لا تزال بصاحبها تضربه بسياط اللوم والتأنيب، وتزجره عن مواقف الذل واكتساب الرذائل ، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من أذى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد .
ولقد ضرب النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ، والقرون المفضلة من بعده أروع وأمتع الصور والأمثلة في علو الهمة والمجد والرفعة والتسامي ، فمن نظر إلى حالنا اليوم ، وأرجع الطرف كرةً إليهم ارتد بصره خاسئاً وهو حسير ، ذلك لأنهم كانوا ذو همم ، فسموا إلى دار القمم ، فكمل مجدهم واستتم :
وقف الزمان لهم مجلاً مكبرا
سلفٌ إذا مرّ الزمان بذكرهم
وفي اليوم ثكولٌ أرمــلا
كانت الدنيا عروساً بهـــم
هذا نبينا محمد (ص) خير من وطأ الثرى ومشى على الحصى ، الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، فسئل عن ذلك فقال : " أفلا أكون عبداً شكورا " .
وبعد وفاة النبي (ص) ارتد أكثر العرب ، وعطّل أكثر الناس الزكاة ، فتسامت همة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه في نصرة الدين ، فقال " والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عناقاً – إبل صغيرة – كانوا يؤدونها إلى رسول الله (ص) لقاتلتهم على منعها .
وهذا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه سمت همته في طلب العلم وحفظ الحديث عن رسول الله (ص) ، قال عنه ابن عمر رضي الله عنهما : كان ألزمنا لرسول الله (ص) وأعلمنا بحديثه ، وقال الذهبي رحمه الله : كان حفظ أبي هريرة الخارق من معجزات النبوة " .
يقول أبو هريرة رضي الله عنه " لم يكن يشغلني عن رسول الله (ص) غرس الودي ، ولا صفق – بيع – في الأسواق ، وإنما كنت أطلب من رسول الله (ص) كلمةً يعلمنيها ، أو أكلة يطعمنيها " .
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال له " ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني منه أصحابك ؟ قلت : أسألك أن تعلمني مما علّمك الله " رواه أبو نعيم في الحلية ورجاله ثقات .
فانظر إلى همم أبي هريرة ما يسأل رسول الله (ص) شيئاً إلا العلم ، مع شدة حاجته وفقره .
وها هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما سمت همته من نعومة أظفاره ، حتى صار حبر هذه الأمة وترجمان القرآن يقول " لما توفي رسول الله (ص) قلت لرجل من الأنصار : هلمّ نسأل أصحاب رسول الله (ص) فإنهم اليوم كثير ، فقال : واعجباً لك يا ابن عباس ، أترى الناس يحتاجون إليك ، وفي الناس من أصحاب رسول الله من ترى ؟!
قال : فتركت ذلك وأقبلت على المسألة " أي سؤال العلم " فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل ، فآتيه وهو قائل ، فأتوسد ردائه على باببه ، فتسفي الريح عليَّ التراب ، فيخرج فيراني ، فيقول : يا ابن عمّ رسول الله ، ألا أرسلت إليّ فآتيك ؟! فأقول : أنا أحق أن آتيك فأسألك .
ومن أصحاب الهمة العالية ، والروح السامية سيد التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله ، يقول : ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة ، وما نظرت في قفا رجل منذ خمسين سنة " .
وقال :ما أذّن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد . نعم :
فغير جدير أن ينال المعاليا
ومن لم تبلغه المعالي نفسه
وسعيد بن جبير رحمه الله رحل في تفسير آية واحدة من الكوفة إلى المدينة .
الله أكبر ... إنها الهمم ، إن العلماء بين أيدينا والعلم كذلك ، ولكنها الهمم ..
فيا أيها الأخ المبارك :
وحمامة همته في الثريا
كن رجلاً رجله في الثرى
فهو لا يعرف ما نسج الحرير
ومن تكن همته نسيج الحصير
فشد الرحل ... وقرب المطية .. وبادر بادر ... قبل أن تبلغ الأرواح الحناجر .. ولا ترضى بالصف الاخر ..
إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعاً ألا فاجعلنّه ماضياً بالجوازم
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لامتطاء ذرى العلياء ، والسمو للسماء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم .