تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هلّا نملة واحدة


أم سمية الأثرية
2016-02-19, 18:55
عاتب الله جل وعلا نبياً من أنبيائه بقتل النمل وهدم بيتها فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:”نَزَلَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً“. رواه البخاري (3319), ومسلم (2241).

فعاتب الله عزوجل نبيه عليه السلام لإحراق بيت النمل وقتل غير النملة الجانية ([1]), يا سبحان الله هذا في نمل فكيف إن كان المقتول والذي هدم بيته جموع من البشر.

للأسف هذا ما شاع وانتشر, وأصبح من السهل على البشر, قتل الأنفس المعصومة بكل سهولة ومن دون عذر, فكم رأت الأعين سفك الدماء, وقتل الدهماء بل حتى الرضع والنساء, كل يوم أمّ بولدها مفجوعة, وابن أمه أمامه مقتولة, وولد أو أب أسرته مفقودة, بل وقرية تحت يد المجرمين دماؤها مهدورة!!!

لا عقل محكم, ولا دين مانع, ولا رحمة تنفع….ماتت القلوب, وذهبت العقول, وحرف الدين, فأصبح هذا الإرهاب والتدمير باسم الدين والإسلام -والإسلام منه بريء- أو باسم حقوق الإنسان التي ضيعها أعداء الإسلام.

وهذا كله مصداق قول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم:”إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ“.رواه البخاري(7063), ومسلم (2672).

وقد حرم الله قتل الأنفس وتوعد قاتلها بأشد الوعيد فقال تعالى:{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} النساء:93

وقال صلى الله عليه وسلم:”لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُسْلِمٍ“رواه الترمذي(1395)وغيره.

بل وقال صلى الله عليه وسلم:”لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ لَكَبَّهَمُ اللهُ جَمِيعًا عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ“رواه الطبراني في المعجم الصغير(565), وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(2443).

بل حتى الكفار من أهل العهد والأمان حرم الإسلام قتلهم فقال صلى الله عليه وسلم:”مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا“.رواه البخاري (3166).

ونادى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بتلك الكلمات والوصايا التي كان فيها التحذير من سفك الدماء وانتهاك الإعراض وسلب الأموال فقال صلى الله عليه وسلم:”أَلَا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثًا وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ انْظُرُوا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ“. رواه البخاري(4403), ومسلم(1679).

مع كل هذه النصوص الجلية والأحاديث الصحيحة المروية إلا أن الخوارج التكفيريين الدمويين كداعش والنصرة وما يسمى بالقاعدة, أو الرافضة الحوثيين لا يرعون في مؤمن إلّاً ولا ذمة.

فإخواننا في اليمن يقتلون على يد القاعدة والحوثيين….

وإخواننا في العراق يقتلون على يد الخوارج الدواعش…

وإخواننا في غزة يقتلون بسبب الأحزاب التي تقتل قليلاً من العدو الغاصب الكافر , فينهال العدو سفكاً وقتلاً في المسلمين الأبرياء.

فصدق فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”يَقْتُلُونَ أَهْلَالإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ“.رواه البخاري(3344), ومسلم(1064).

فالواجب علينا معاشر أهل الإسلام الحق: التحصن بالعلم إذ برفعه كثر الهرج , وعلينا تقرير عقيدة أهل السنة في باب السمع والطاعة للحكام بالمعروف ووجوب لزوم جماعتهم, وتقرير حقن دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم, دوماً وأبداً في كل محفل ومجمع.

والواجب على كل من أتاه الله علماً أن يحذر من هذه الفرق الهالكة الخارجية سواء تسمت بجبهات داعش أو النصرة أو كانت حوثية رافضية, وسواء رفعت شعارات دينية أو نادت بالخلافة الإسلامية, فلا يغتر مسلم بهم وإن كثرت عبادتهم ونداءاتهم فهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ“.رواه البخاري(5058), ومسلم(1064).

وقال صلى الله عليه وسلم:”إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ“.رواه البخاري(3344), ومسلم(1064).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفهم:” يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ فَمَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ“.رواه ابن أبي عاصم في السنة(941),وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم:”يَخْرُجُ فِيكُمْ أَوْ يَكُونُ فِيكُمْ قَوْمٌ يَتَعَبَّدُونَ وَيَتَدَيَّنُونَ حَتَّى يُعْجِبُوكُمْ وَتُعْجِبُهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ”. رواه ابن أبي عاصم في السنة(645),وصححه الألباني.

فهذه النصوص نور مبين في كشف أوصاف هؤلاء المنحرفين المفسدين التكفيريين, فمن تمسك بها نجا ومن ترك العمل بها وقع في الردى.

وفي الختام لا طريق إلى النجاة إلا بالتمسك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ“.رواه ابن ماجه (43) وغيره وصححه الألباني.

فالواجب علينا كما قال ابن عاصم الأندلسي المالكي:”فالواجب علينا أن نجتمع ونأتلف ونتفق ولا نختلف, ونعتمد صريح الفقه أخذاً وتركاً, ونتبع صحيح النقل الذي لا يدع ريباً ولا شكاً, ونسأل من الله الهداية إلى سبيل السلف الذين سبقوا ونعزم العزم على أمر الله في قوله:{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرّقُواْ }[آل عمران:103] “.([2])

أسأل الله أن يثبتنا على التوحيد والسنة وأن يجنبنا طرق أهل الأهواء المضلة

---------------------

([1]) يدل هذا على جواز قتل النملة الجانية وإحراقها في شرع من قبلنا, وإما في شرعنا فلا يجوز قتل النمل ولا يجوز القتل بالإحراق مطلقاً.ينظر: فتح الباري(7/597)،وشرح النووي على مسلم(14/458).

([2]) . ينظر: أزهار الرياض في أخبار عياض التلمساني(1/165).
أحمد بن مبارك المزروعي
http://www.baynoona.net/ar/article/67