تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البركة والكثرة ومدى التلازم بينهما


الأنامل الخضراء
2016-02-14, 13:13
كثرة الشيء لا تدل على خيريته، بل الخير في الشيء المبارك وإن كان قليلاً، فالمبارك وإن كان قليلاً في نظر العين فإنه أفضل من الكثير في نظر العين إذا لم يكن مباركاً، وإن كان الكثير يعجب إلا أنهما لا يستويان، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ﴾ [المائدة : 100] ، وهذه من الحقائق العظيمة التي لا ينتفع بها إلا صاحب العلم النافع واليقين الصادق، فإن البركة في الوقت، كثرة الأعمال الصالحة فيه، وفي العلم العمل به وتعميم نفعه، وفي المال كفايته والقناعة به، وفي الصحة تمامها وسلامتها، وفي الأولاد صلاحهم وبرهم، وفي الزوجة صلاحها وحسن تبعلها لزوجها وتربيتها لأولادها وطيب عشرتها وحسن تدبيرها.

فهذا الزبير بن العوام قد أوصى ولده أن يقضي عنه دينه الذي يبلغ ألفي ألف ومئتي ألف – يعني مليونان ومئتا ألف، وقد قال لولده عبدالله: "يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه بمولاي"، فوالله ما وقعت في كربة إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه وكان لم يدع ديناراً ولا درهما إلا أرضين له، ودارت الأيام وبارك الله في أرض الزبير وبيعت، فبلغت تركة الزبير خمسين ألف ألف ومئتي ألف – يعني خمسين مليوناً ومئتي ألف، وكان له أربع نسوة فصار نصيب كل واحدة منهن ألف ألف ومئتي ألف – يعني مليوناً ومئتي ألف . هذه القصة رواها البخاري في صحيحه وبوب البخاري لهذه القصة باب بركة الغازي في ماله حياً وميتاً[1].

وفي صحيح مسلم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عِنْدَ نُزولْ عِيسَى عليه السلام في آخِرِ الزَّمَانِ ((أَنَهُ تَحْصُل الْبِرَكَةُ، فيُقَالُ للأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرِّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارِكُ فِي الرِّسْلِ، حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الإِبِلِ لتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ، واللِّقْحَة مِنْ البَقَر لتَكْفِي القَبيلَةُ مِنْ النَّاسِ، واللِّقْحَة مِنْ الغَنَمِ لتَكْفِي الفَخْذ مِنْ النَّاسِ))[2].

قال ابن القيم – رحمه الله – : "ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكبر مما هي اليوم، كما كانت البركة فيها أعظم؛ فقد روى الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض بني أُمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها هذا كان ينبت أيام العدل، فهذه القصة ذكرها في مسنده على أثر حديث رواه"[3][4].

وقال أبو داود السجستاني: "شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبراً، ورأيت أترجة على بعير بقطعتين قُطعت وصُيِّرت على مثل عدلين"[5].

قال ابن القيم – رحمه الله –: فكل وقت عصيت الله فيه أو مال عُصي الله به، أو جاه، أو علم، أو عمل عُصي الله به فهو على صاحبه ليس له، فليس له من عمره وماله وقوته وجاهه وعلمه وعمله إلا ما أطاع الله به، ولهذا من الناس من يعيش في هذه الدار مئة سنة أو نحوها، ويكون عمره لا يبلغ عشرين سنة أو نحوها، كما أن منهم من يملك القناطير المقنطرة من الذهب والذهب ويكون ماله في الحقيقة لا يبلغ ألف درهم أو نحوها، وهكذا الجاه والعلم . وفي الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم قال : ((ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم))[6] [7].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ويُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه))[8]، قال بعض أهل العلم: "إن زيادة الأجل تكون بالبركة فيه، وتوفيق صاحبه بفعل الخير، وبلوغ الأغراض فينال في قصر العمر ما يناله غيره في طويله".

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث حكيم بن حزام، قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: ((يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ))[9].

قال ابن حجر: فيه ضرب المثل لما لا يعقله السامع من الأمثلة ؛ لأن الغالب من الناس لا يعرف البركة إلا في الشيء الكثير، فبين بالمثال المذكور أن البركة هي خلق من خلق الله تعالى، وضرب لهم المثل بما يعهدون، فالآكل إنما يأكل ليشبع، فإذا أكل ولم يشبع كان عناء في حقه بغير فائدة، وكذلك المال ليست الفائدة في عينه، وإنما هي لما يتحصل به من المنافع، فإذا كثر عند المرء بغير تحصيل منفعة كان وجوده كالعدم[10].

ويشهد لما قاله ابن حجر ما مر معنا في قصة أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبيصلى الله عليه وسلم لما دعا له بكثرة المال والولد لم يقتصر على ذلك، بل دعا له بالبركة فيها.

ومن فوائد هذا المبحث:
1- القصد إلى الأشياء المباركة والبحث عنها واختيارها على غيرها.
2- إذا وقع الخيار بين عدة أشياء، فإنه يختار منها ما دلت النصوص على أنه من الأشياء المباركة.
3- أن القليل المبارك خير من الكثير الذي لا بركة فيه.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/web/shigawi/0/27725/#ixzz408yqsFMf

الربيع ب
2016-02-16, 15:16
موضوع قيم جدا
بارك الله فيك على حسن انتقائك واختيارك
ولعل هذا ما نجهله من الحقيقة بين الكثرة والقلة
فسرها إذا هو ما كان مشروعا ، ومنه البركة
فحين يبارك الله في الأمر أو الشيء يجد له العباد أثرا عجيبا
وقد حصل من هذا الكثير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة رضوان الله عليهم .
ومن البركة في الوقت أن أحدهم كان يقضي عمل الأيام أو الساعات في الوقت الوجيز
فهذا ابن القيم رحمه الله يؤلف زاد المعاد في سفر ، والمنذري يؤلف الترغيب والترهيب وقد سجن في قعر بئر .
ومنه ما قيل فيالجماعة : أنها الحق ولو كنت وحدك .

نسأل الله الثبات على الحق حتى الممات .

الأنامل الخضراء
2016-02-29, 22:44
موضوع قيم جدا
بارك الله فيك على حسن انتقائك واختيارك
ولعل هذا ما نجهله من الحقيقة بين الكثرة والقلة
فسرها إذا هو ما كان مشروعا ، ومنه البركة
فحين يبارك الله في الأمر أو الشيء يجد له العباد أثرا عجيبا
وقد حصل من هذا الكثير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة رضوان الله عليهم .
ومن البركة في الوقت أن أحدهم كان يقضي عمل الأيام أو الساعات في الوقت الوجيز
فهذا ابن القيم رحمه الله يؤلف زاد المعاد في سفر ، والمنذري يؤلف الترغيب والترهيب وقد سجن في قعر بئر .
ومنه ما قيل فيالجماعة : أنها الحق ولو كنت وحدك .

نسأل الله الثبات على الحق حتى الممات .

اللهم آمين

اذا علم و استيقن المرء ان البركة مقرونة بصلاح العبد بين ذاته و ربه حينها

يجد ثمرة ما كان يصبو اليه و هو صلاح حاله

قد يكون ذلك بينه وبين الناس

او ولد يقر عينه

او مال يكفيه

او علم ينفعه

او طمانينة و سكينة تملأ حياته

لكن قد يختبر و يمتحن في النعمة التي معه

فبركة العلم عند صاحبها مقرونة بدرجة تعلق العبد بمولاه و هو حري ان يسترها