تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فضل شهر رمضان


أبو بكر
2007-09-22, 16:24
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد :

شهر رمضان شهر كريم ، ورد ذكره في القرآن، وخصه الله سبحانه وتعالى بعبادة عظيمة القدر، عظيمة الأجر، فيها ليلة عظيمة شريفة، نزل فيها أشرف الملائكة على أشرف الخلق بأشرف كتاب: قال الله سبحانه وتعالى: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلامٌ هي حتّى مطلع الفجر)

شهر رمضان، شهر القرآن، شهر الصيام: قال الله تعالى(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينّات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)

إنّ مقدار الأجر الذي قد يفوت الإنسان من ترك صيام هذا الشهر كبير ، ففي الحديث القدسي قال الله سبحانه وتعالى (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا:إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).متفق عليه.

في هذا الشهر يمن الله على عباده بأسر ألدّ أعدائه له، الشيطان، فيصبح العبد مقبلاً على طاعة ربه من غير صادٍّ يمنعه عن الخير غير النفس الأمّارة بالسوء، فإن زكّى هذه النفس فقد أفلح وأنجح، ومن أتبعها شهواته فقد خاب وخسر. فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ)رواه البخاري ومسلم.

ومع تسهيل الربّ عزّ وجلّ لنا سبل الطاعات، نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يرغبّنا في الإكثار من الباقيات الصالحات بقوله وفعله، فكما ورد في صحيح البخاري فيما يرويه عنه حبر هذه الأمة وابن عمّه: ابن عباس رضي الله عنه فيقول (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ)

أخي المسلم، يبعث الله في أول ليلة من هذا الشهر المبارك منادياً ينادي ويرشد إلى ما يحبّه الله ويرضاه كما جاء في الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم(إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ . وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ)

ولا يسعنا إلا أن نذكّر الأخوة أن الكرام أن أحد أبواب الجنة الثمانية قد خصه الله بالصائمين فقط لا يدخله غيرهم. فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ)رواه البخاري.

وأنهي هذه الكلمة بذكر ثلاث غنائم قد خصها الله تعالى لطائفة من الناس في هذا الشهر الكريم، هذه الطائفة قد بينّها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث ثلاثة متفقٌ على صحتها فقد رواها البخاري ومسلم في صحيحهما

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

وعنه أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

وأخيراً عنه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

فهذه الطائفة هي من صام أو قام رمضان أو قام ليلة القدر إيماناً بالله مخلصاً له العمل والنية، واحتساباً للأجر عند الله بهذا العمل. هذه الطائفة هي التي تغنم بغفران ما سبق لها من المعاصي والذنوب في الماضي فيخرج المؤمن المحتسب من رمضان كحال المولود الجديد في هذه الدنيا.

وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك


لا تنسونا باالدعاء الصالح

boulboul
2007-09-22, 23:57
تحياتي اليك ابو بكر

benguesmia_med
2007-09-25, 18:00
خير الصدقة الماء والمنيحة

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحيم







قالَ المحدثُ الشيخ عبدالله الهري



حَفِظَهُ اللهُ تَعَالى :



الحمدُ للهِ وصَلَّى اللهُ على رَسُولِ اللهِ أما بعدُ، فَقَدْ ثَبَتَ في الحَديثِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ المَاءُ والمَنِيحَةُ"، المَنِيحَةُ: هي الشَّاةُ الَّلبونُ يُعيرُها لِشَخْصٍ حتَّى يَشْرَبَ حليبَها ثُمَّ يَرُدَّها له وَقولُهُ: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ" مَعْنَاهُ من أفْضَلِ الصَّدَقَاتِ. في الماضي الماءُ كانَ يُبَاعُ لِلحُجَّاجِ يَدُورونَ في المسْجِدِ وهم يَحْمِلونَ القِرْبَةَ التي فيها ماءٌيَسْقُونَ هذا ويأخذونَ منهُ شيئاً ويَسْقُونَ هذا وَيَأخُذُونَ منه شيئاً وهكذا يَدُورُونَ على الآلافِ، في تِلكَ الأيامِ الذي يَسْقِي شَخصَاً واحِداً ماءً من غَيْرِ أنْ يَأخُذَ مِنْهُ أُجْرَةً أجْرُهُ عظيمٌ عندَ اللهِ لأنَّ الحَرَّ كانَ شديداً أمَّا الذينَ كانوا يَدُورُونَ لأِجْلِ المالِ فقط فَلَيْسَ لهُم أجرٌ إنَّما الذي يَتَبرَّعُ هو الذي لَهُ هذا الأجْرُ العَظِيمُ، الحاجُّ في ذلكَ الوقتِ الماءُ أحبُّ شئٍ إليهِ فَمَن سَقَى وَاحِداً مِنَ الحُجَّاجِ فَأجرُهُ عظيمٌ عِندَ اللهِ، في الماضي كانوا يَحْمِلونَ الماء على ظُهورِهِم وَيَبيعُونَهُ هذا كانَ شُغْلَهُم، حتى لِلْوُضُوءِ في ذلك الزَّمَنِ أي مِن نحو خَمْسٍ وعِشْرينَ سَنةً كُنَّا نَشْتَرِي المَاءَ في مَكَّةَ والمَدِينَةِ، لَكِنَّ زُبَيدةَ رَحِمهَا الله وهي امْرَأةُ هَارونَ الرَّشيدِ رَحِمَهُ اللهُ عَمِلَتْ عَمَلاً كبيراً أجْرَتِ الماءَ مِنْ أرضٍ بَعيدَةٍ إلى عَرَفَاتَ يُقَالُ لهُ ماءُ زُبَيْدَةَ لَوْلا هذا الماءُ لَهَلكَ كَثيرٌ منَ الحُجَّاجِ، هي عَمِلَتْ ذلِكَ لِوَجْهِ اللهِ رَأَتْ مَنَاماً أنَّ كُلَّ النَّاسِ يُجَامِعُونَها، فَقَصَّتْ لِمُعَبِّرٍ عَالِمٍ يَعْرِفُ التَّعْبيرَ فَقَالَ لها تَعْمَلينَ عَمَلاً يَنْتَفِعُ بهِ النَّاسُ فأجْرَتْ هذا المَاءَ مِنْ أرضٍ بَعيدةٍ تَحْتَ الأرْضِ، إلى الآنَ هذا المَاءُ مَوْجودٌ، في الماضي نِسَاءُ المُلوكِ كُنَّ يَعْمَلْنَ مَبَرَّاتٍ فيها خِدْمَةٌ كبيرَةٌ لِلْمُسْلمينَ، أما اليَوْمَ صارَ التَّنافُسُ بَيْنَهُنَّ في بِنَاءِ القُصُورِ وما أشبهَ ذلِك، الآنَ هؤلاءِ الوهَّابِيَةُ يقولونَ الأميرةُ فلانَةٌ بَنَتْ كذا في مكانِ كذا في مِنَى وفي مكَّةَ لِلتَّفاخُرِ، وهُنَّ لا يَحْتَجْنَهُ لأنَّها تَسْكُنُ في الرِّيَاضِ وقدْ تَسكُنُهُ مُدَةً في وقتِ الحج ثمَّ تَتْرُكُهُ. هذه الأموالُ الكثيرةُ التي تُحيِي ءالافاً مِنَ الفُقراءِ يَصْرِفْنَ المالَ الكثيرَ وَرِجَالُهم كذلِكَ يَفْعلونَ، وهُم يَعْلَمونَ أنَّ المُسلِمينَ في بَعْضِ النَّواحي يَقْتُلُهُم الجُوعُ. أحَدُهُم بَنَى بِنَاءً بمِلياريْ رِيالٍ ولا يَسْكُنُهُ في العامِ إلا نحوَ خَمْسَة عَشَرَ يَوْماً وَقدْ لاَ يَسْكُنُهُ.



معنى ما جاء في الحديثِ "رَجُلٌ تصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفاهَا حتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما أنْفَقَتْ يَمِينُهُ" أيْ بِحَيثُ لا يرى مَنْ على شِمَالِهِ ما تُنْفِقُ يَدُهُ اليُمْنَى، مَعْنَاهُ يُخْفي إخْفاءً شَديداً صَدَقَتُهُ لَمَّا يُنَاوِلُ الفقيرَ المُحتاجَ، يُبَالِغُ في الإخْفاءِ بِحَيْثُ لا يَنتَبِهُ مَنْ على يَسَارِهِ حِينَ يُعْطي الصَّدقةَ لِهذا الفقيرِ المحتاجِ، من يُخفي الصَّدَقةَ التي يُنفِقُها من مالٍ حلالٍ قَلَّتْ أوْ كَثُرَتْ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ لِوَجْهِ اللهِ اللهُ يُظِلُّهُ في ظِلِّ عَرْشِهِ يومَ القِيامَةِ فلا يُصيِبُهُ أذى حَرِّ الشَّمسِ يَوْمَ القِيَامَةِ.



المَوْقِفُ يَوْمَ القِيامَةِ واسِعٌ، الأرضُ تُمَدُّ مَدَّاً ليسَ فيها جِبَالٌ ولاَ وِهَادٌ ولاَ أشْجارٌ ولاَ يُوجَدُ هُناكَ طريقٌ مَسْلوكٌ، الملائِكَةُ تَسُوقُ النَّاسَ إلى حَيْثُ أمَرَهُمُ اللهُ فَقِسْمٌ يُوقِفونَهُم في الشَّمسِ وَقِسْمٌ يَأخُذُونَهم إلى مَكانٍ لاَ تَصِلُ إلَيهِ الشَّمْسُ تَحْتَ ظِلِّ العَرْش، ذَلكَ اليَومُ بِحِسابِ أيَّامِنا هَذهِ خَمْسُونَ ألفَ سَنَةٍ، مِنْ وَقْتِ خُروجِ النَّاسِ منَ القَبْرِ إلى اسْتِقْرارِ أهلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ وَأهْلِ النَارِ في النَّارِ هذا اليَومُ الطَّويلُ اللهُ يَجْعَلُهُ لِلتَّقِيِّ كَتَدَلِّي الشَّمْسِ لِلغُروبِ قَدْرَ ساعَةٍ تَقْريباً اللهُ يَمْلأُ قَلْبَ التَّقِيِّ سُرُوراً فلا يَمَلُّ ولاَ يُحِسُّ بِطولِ الوقْتِ لأنَّ اللهَ ملأَ قَلْبَهُ سُرُوراً أمرُ الآخِرَةِ غريبٌ، وَهكذَا لمَّا يكونُ المُؤمِنُونَ في الجَنَّةِ لاَ يَمَلُّونَ ولاَ يَحْتَاجونَ لِلنَّوْمِ من شِدَّةِ الفَرَحِ نُفُوسُهُمْ وَأبدَانُهُم لاَ تَحْتَاجُ لِلنَومِ وهذا كُلُهُ بعدَ أن تُدَكَّ أي تَتَحَطَّمَ هذهِ الأرْضُ، جِبَالُها وأشْجَارُها وَالأبْنيَةُ التي كانتْ عَلَيْها كلُّها تَنْدَكُّ ثُمَّ قَبْلَ ذلكَ اللهُ يَحْمِلُ العِبَادَ إلى ظُلمَةٍ عِنْدَ الصِّراطِ يُحْمَلُونَ بِقُدْرَةِ اللهِ إلى هُناكَ ثُمَ بَعْدَ دَكِّ الأرْضِ وَتَحْويلِها أرْضاً بَيْضاءَ يُعِيدُهُمُ اللهُ إلَيْها وَهُنَاكَ في قِسْمٍ مِنَ الوقتِ النَّاسُ يَكونونَ وُقوفاً بِلا كلامٍ لا يُسْألونَ عن أعْمَالِهِم ثُمَّ يَأتي إذْنٌ فَيَتَكلَّمُونَ جُمْلَةً. الأوْقَاتُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُوَزَّعَةٌ عَلَى أشْيَاءَ قَالَ اللهُ تَعَالى: {فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْألُ عَنْ ذَنبِهِ إنْسٌ وَلاَ جَانٌّ} أيْ قِسْمٌ مِنْ يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ يُسْألُ أحَدٌ فيهِ عَنْ ذَنْبِهِ يُتْرَكونَ سُكُوتاً وَهَذا الوَقْتُ الذي لا يُسْألُ فِيهِ أحَدٌ قَدْرُ ألْفِ سَنَةٍ. وَيَوْمُ القِيَامَةِ لا يُوجَدُ فيهِ شُرُوقٌ وَلا غُرُوبٌ الشَّمْسُ تكونُ واقِفَةً في الفَضَاءِ ثُمَّ بَعدَ انتِهاءِ الحِسَابِ هذهِ الأرْضُ تُرْمَى في جَهَنَّمَ أمّا السَّمَاواتُ تُوضَعُ في الجَنَّةِ وَالمسَاجِدُ تُنْقَلُ إلى الجَنَّةِ وَرَدَ في الحَديثِ أنَّ المسَاجِدَ تُزَفُّ إلى الجَنَّةِ كَمَا تُزَفُّ العرُوسُ. أمّا مَسْجِدُ الرَّسُولِ الذي يَكْتَنِفُ اليَوْمَ القُبُورَ الثَّلاثَةَ قَبْرَ الرَّسُولِ وَأبي بَكْرٍ وَعَمَرَ التي صَارتْ في وَسَطِ المَسْجِدِ فَهَذا لاَ شَكَّ أنَّهُ يُنْقَلُ إلى الجَنَّةِ الرَّسُولُ أوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنهُ القَبْرُ ثُمَّ بَعْدَهُ سَائِرُ البَشَرِ تَنْشَقُّ عَنْهُم القُبورُ هذِهِ الأمورُ الرَّسولُ أخبَرَ عَنها، الأنْبياءُ أوَّلاً تَنْشَقُّ عَنْهُمُ القُبورُ ثُمَّ أتْبَاعُهُم، الآنَ العرشُ وَاقِفٌ في الفَضَاءِ بِقُدْرَةِ اللهِ، اللهُ أمْسَكَهُ بِقُدْرَتِهِ مِنْ أنْ يَهوِيَ إلى أسْفَلَ، وَالسَّماواتُ السَّبْعُ وَاقِفَةٌ في الفَضَاءِ مِنْ غَيْرِ أعْمِدَةٍ كَذلِكَ البَشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَعْدَ أنْ تُدَكَ الأرضُ اللهُ يَحْمِلُهُم بِقُدْرَتِهِ في تلكَ الظُّلمَةِ ثُمَّ بَعْدَ تَحْوِيلِ الأرْضِ إلى أرْضٍ بَيْضَاءَ يُعِيدُهُم إليْها وَهَذهِ الأرْضُ كذلكَ مَحْمُولَةٌ بِقُدْرَةِ اللهِ وَلولاَ أنَّ اللهَ أمسَكَها بِقُدْرَتِهِ لَهَوَتْ إلى أسفَلَ كذلكَ الأرضُ التي تَحْتَها مَحْمُولَةٌ بِقُدْرَةِ اللهِ لَيْسَ لها أعْمِدَةٌ تَرْتَكِزُ عَلَيْها. البَشَرُ لَمَّا يَخْرُجُونَ مِنَ القُبُورِ المَلائِكةُ يَسُوقُونَهُم إلى بَرِّ الشَّامِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْقَلونَ إلى تِلْكَ الظُّلمَةِ عِنْدَ الصِّرَاطِ ثُمَّ بَعْدَ تَبْديلِ الأرْضِ يُعَادونَ إلَيْها فَيَكونُ الحِسَابُ علَيْها ثُمَّ بَعْدَ أنْ يَنْقُلوا قِسْماً إلى الجَنَّةِ وَقِسماً إلى النَّارِ وَلاَ يَبْقى فيها أحَدٌ يَرْمِي اللهُ الأرْضَ في جَهَنَّمَ حَتَّى تَكُونَ زِيَادَةً في الوَقُودِ للكُفَّارِ. وَمِمَّا يَحْصُلُ يَوْمَ القِيَامَةِ أنَّ الكُفَّارَ يُسْألونَ فَيُنْكِرُونَ مَا كانوا عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ فَيَخْتِمُ اللهُ على أفْواهِهِم فَتَنْطِقُ أيْدِيَهُم وَأرْجُلَهُم فَتَشْهَدُ عَلَيْهِم بِما كانُوا يَفْعَلُونَ فَيَزدَادونَ خِزيَاً وَحُزْناًكَذلِكَ الأرْضُ التي فَعَلَ عَليها الإنْسَانُ مِنْ حَسَنَةٍ أوْ مَعْصِيَةٍ في هذهِ الدُّنيا اللهُ تَعَالى يُعِيدُهَا فَتَشْهَدُ عَليْهِ تَنْطِقُ وَتَقُولُ فُلانٌ فَعَلَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا في وَقْتِ كَذَا وَكَذَا، هَذا مِنَ الأمُورِ الغَريبَةِ التي تَحْصُلُ في ذَلِكَ اليَوْمِ وَفي هَذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا يأتي يَوْمٌ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ تُكَلِّمُ فيهِ السِّبَاعُ الإنْسَ اللهُ يُنْطِقُ السِّبَاعَ فَيَتَحَدَّثُونَ مَعَ الإنْسِ وَعَذَبَةُ السُّوْطِ تُكَلِّمُ صَاحِبَهَا اللهُ تَعَالى يُنْطِقُهَا، عَذَبَةُ السَّوْطِ أيْ طَرَفُهَا الَّليِّنُ رَأسُها، أمُورٌ غَريبَةٌ جِداً تَظْهَرُ وَمِنْ ذَلِكَ أنَّ الملائِكَةَ قَبْلَ إدْخَالِ الكُفَّارِ إلى جَهَنَّمَ يَأخُذُونَ قِطْعَةٍ مِن جَهَنَّمَ وَيَأتُونَ بِها إلى جِهَةِ المَوْقِفِ. الكُفَّارُ يَنْظُرُونَ إليْها فَيَقْلَقُونَ قَلَقاً شَدِيداً مِنْ رُؤيَتِها أمّا المُؤمِنُونَ فلا يَقْلقُونَ لأِنَّهُم ءَامِنُونَ بِأنَّ هَذِهِ لِلْكُفَّارِ ثُمَّ يُعَادُ هَذا العُنقُ إلى أصْلِ جَهَنَّمَ هَذِهِ القِطْعَةُ الكبيرةُ تُعَادُ إلى جَهَنَّمَ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ مِنَ المَلائِكَةِ يَجُرُّونَ تِلْكَ القِطْعَةَ بِسَلاَسِلَ. ثُمَّ كُلُّ شَخْصٍ مِنْ أوَّلِ مَا يَخْرُجُ مِنَ القَبْرِ يَكونُ مَعَهُ مَلَكانِ مَلَكٌ خَلْفُهُ وَمَلَك أمَامَهُ يَسُوقَانِهِ إلى حَيْثُ أمَرَهُمُ اللهُ أنْ يَأخُذُوهُ هَذِهِ القِطْعَةُ مِن كِبَرِهَا وَعِظَمِهَا يُؤتَى بِها إلى مَسَافَةٍ يَكُونُ مَا بَيْنَها وَبَيْنَ المَوْقِفِ أرْبَعُونَ سَنَةً مِنْ عِظَمِهَا وَكِبَرِها يَرَوْنَهَا وَهُم بَعِيدُونَ مِنْهَا مِنْ مَسَافَةِ أرْبَعِينَ سَنَةٍ كَما أنَّنَا نَرى هذِهِ السَّمَاءَ وَهِيَ بعيدةٌ مِنَّا مَسَافَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ السَّماءُ أكْبَرُ مِنَ الأرضِ بِمَرَّاتٍ عَديدَةٍ بَابٌ مِن أبْوَابِ السَّماءِ مَسِيرَةُ عَرْضِهِ سَبْعُونَ سَنَةٍ وَيُوجَدُ أبْوابٌ أُخرى غَيْرُ هَذِهِ فَماذَا يَكُونُ جُمْلَةُ السَّمَاءِ إذا كانَ بابٌ مِنْهَا هذا مِسَاحَتُهُ لِذَلِكَ السَّماءُ يَرَاها أهْلُ الأرْضِ بِدونِ تَعَبٍ أيْنَما كَانوا السَّماءُ دُونَها طَبَقَاتٌ مِنَ الغُيُومِ وَالسَّحَابِ السَّمَاءُ هي هَذِهِ التي لَوْنُهَا تُسَمُّونَهُ أزْرَقَ لَكِنَّ الرَّسُولَ سَمَّاهَا خَضْرَاءَ كُلُّ مَا سِوَى الأبيَضِ والأحمَرِ في لُغَةِ العَرَبِ يُقَالُ لَهُ أخْضَرُ هَذِهِ السَّمَاءُ لَمَّا يَكُونُ صَحْوٌ نَرَاهَا. قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ شَاعِرٌ مِن شُعَراءِ العَرَبِ وَكانَ أسْوَدَ اللّوْنِ:



وَأنا الأخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُني أخْضَرُ الجِلْدَةِ مِنْ نَسْلِ العَرَبِ



الأرْضُ تُسَمَّى غبراءَ والسَّمَاءُ تُسَمَّى خَضْراء والأراضي السِّتَةُ غَيْرُ أرْضِنا هَذِهِ كَذَلِكَ تُرْمَى يَوْمَ القِيَامَةِ في جَهَنّمَ الأراضي السِّتَّةُ الآنَ فيها مِثْلُ الذي عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مِنْ أنْهَارٍ وبِحَارٍ وأشْجَارٍ وَوُحُوشٍ وَبَهَائِمَ وغَيْرِ ذلِكَ إلاّ الإنْسُ، في كُلِّ أرْضٍ نَحْوُ مَا عَلى هَذِهِ الأرْضِ قَالَ سَيِّدُنا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: عِنْدَ تَفسيرِ ءَايةِ {اللهُ الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاواتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ} قَالَ في كُلِّ أرْضٍ نَحْوُ مَا عَلى هَذِهِ الأرْضِ أي مِنَ المَخْلُوقَاتِ أي غَيْرِ البَشَرِ.

charef17
2007-09-26, 03:15
نشالله ربي يغفرلك و يرحمك.بارك الله فيك