المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح الأدعية


〆 بٰٰاولو 乄
2016-02-05, 16:28
شرح دعاء "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم "





رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ[([1] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3082#_ftn1)).
هذه الدعوات هي في غاية الأهمية، ذكرها ربنا تبارك وتعالى لأهل الإيمان المخلصين من بعد الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين من التابعين وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، دعوات تدلّ على المحبة والتآخي في قلوب المؤمنين؛ فإن حقوق المؤمن على المؤمن كثيرة، ومنها الدعاء له في غيبته: في حياته، وبعد موته .
بعد أن أثنى اللَّه عز وجل على المهاجرين ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّه وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّه وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾([2] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3082#_ftn2)).
ثم ثنَّى بالأنصار: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾ .
ثم الصنف الثالث من المؤمنين الذين جاؤوا من بعدهم إلى يوم القيامة: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، فاستوعبت هذه الآيات جميع المسلمين، وليس أحدٌ إلاّ له فيها حق .
﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾: ذكروهم في الثناء عليهم في محبتهم بالسبق بالإيمان، اعترافاً بفضلهم؛ لأن الأخوّة في الدين عندهم أعزّ وأشرف من أخوَّة النسب، فجمعوا في الدعاء بطلب المغفرة لهم وللسابقين، وهذا من كمال الدعوات وأحسنها وأنفعها.
قال العلامة ابن سعدي رحمه اللَّه : ((وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين من السابقين من الصحابة، ومن قبلهم، ومن بعدهم، وهذا من فضائل الإيمان، أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان، المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين، التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضاً؛ ولهذا ذكر اللَّه تعالى في هذا الدعاء نفي الغل في القلب الشامل لقليله وكثيره، الذي إذا انتفى، ثبت ضده، وهو المحبّة بين المؤمنين))([3] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3082#_ftn3)) .
فجمعوا في هذه الدعوة المباركة بين سلامة القلب، وسلامة الألسن، فليس في قلوبهم أي ضغينة، ولا وقيعة، ولا استنقاص لأحد بالذكر في اللسان، دلالة على جماع المحبّة الصادقة للَّه ربِّ العالمين.
قال أبو مظفر السمعاني رحمه اللَّه : ((وفي الآية دليل على أن الترحم للسلف، والدعاء لهم بالخير، وترك ذكرهم بالسوء من علامة المؤمنين))([4] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3082#_ftn4)) .
ثم أكّدوا في تضرّعهم بإجابة دعائهم: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾: توسّلوا إليه تعالى باسمين كريمين دالَّين على كمال رحمة اللَّه تعالى، أي: يا ربنا ما دعوناك بهذا السؤال والدعاء إلا لأنك رؤوف رحيم. والرؤوف: اسم للَّه تعالى يدلّ على شدّة الرحمة وأعلاها، فهو أخصُّ من الرحمة.
ومن كانت هذه خصالهم في الحبّ والمودّة في القلب واللسان بالدعاء والثناء لإخوانهم المؤمنين، جازاهم اللَّه تعالى خير الجزاء، قال تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾([5] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3082#_ftn5))، وقد تقدّمت بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن دعا لإخوانه المؤمنين ((من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب اللَّه له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة))([6] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3082#_ftn6)) .
ولا يخفى يا عبد اللَّه أن في الإكثار من هذه الدعوة العظيمة خيرات كثيرة في الدنيا والآخرة؛ لما في ذلك من الاستجابة لأمر اللَّه تعالى، وكثرة الحسنات التي لا تُعدُّ ولا تُحصى للداعي بها كما تقدم، وأن الدعاء بهذه الدعوات الطيبة يثمر في قلب العبد حب المؤمنين، والبُعد عن الكراهية، والحسد، والغلّ فتطهر بذلك القلوب، وهذا من أعظم مقاصد الدين.
الفوائد:
1- أهمية هذه الدعوة المباركة التي ينبغي لكل مسلم الإكثار منها في ليله ونهاره، فإن ثمارها ومنافعها لا تُحصى في الدنيا والآخرة.
2- أن من أعظم حقوق المؤمن على المؤمن الدعاء .
3- أهمية سؤال اللَّه تبارك وتعالى المغفرة؛ لأن من عظيم ثمارها زوال السيئات والمكروهات، وحصول النعم والخيرات، والفوز بالجنات.
4- ينبغي للمؤمن ألا ينسى فضل من سبقه بالإيمان، فيذكره بالثناء والدعاء.
5- جمع هذا الدعاء توسلين جليلين من التوسلات المهمة، وهما:
أ‌- التوسل إليه بربوبيته، كما في قوله: ﴿رَبَّنَا﴾، وباسمين من أسمائه الحسنى: ﴿رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ .
ب‌- وتوسل إليه تعالى بنعمته عليهم بالإيمان، وعلى من قبلهم، وهو توسّل بسابق الإحسان .

〆 بٰٰاولو 乄
2016-02-05, 16:34
شرح دعاء " رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي "



رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي[([1] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3075#_ftn1)). هذه الدعوة الثانية ذكرها المؤلف لموسى عليه السلام هي من ضمن عدة دعوات في أمور مهمّات، سطَّرها كتاب ربنا بأساليب عديدة، في مواضع كثيرة، تنبئ عن أهمّيتها وشدّة العناية بها، وتبيّن ما ينبغي للعبد أن يكون عليه في مواطن الفتن والشدائد، وكيفيّة التعامل بها على منهج اللَّه القويم، والصراط المستقيم، الذي من تمسّك به، فلن يضلّ في الدنيا، ولن يشقى في الآخرة .
وسبب هذه الدعوة أن موسى عليه السلام قتل رجلاً قبطياً خطأً دون قصد أو تعمّد، حين أقدم رجل إسرائيلي من شيعته على الاستنصار به على القبطي، فضربه بقبضة يده فمات في الحال، وعدَّ ذلك ذنباً لأنه قتل نفساً لم يأمره اللَّه بقتلها .
قوله: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ اعترافٌ وندمٌ منه، فحمله ندمه على الخضوع لربه، والاستغفار من ذنبه، قال قتادة رحمه اللَّه عن الأية: ((عَرَفَ نَبِيُّ اللَّهِ عليه السلام مِنْ أَيْنَ الْمَخْرَجِ))([2] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3075#_ftn2))، ((ثم لم يزل يعدد ذلك على نفسه، مع علمه بأنه قد غفر له، حتى أنه في القيامة يقول: إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها، وإنما عدده على نفسه ذنباً من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر؛ فإن الأنبياء يُشفقون مما لا يشفق منه غيرهم))([3] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3075#_ftn3)) .
فإذا كان نبي اللَّه عليه السلام يعدد ذنبه على نفسه، مع علمه بمغفرة اللَّه له، فكيف بنا نحن لا نعدد ذنوبنا وسيئاتنا التي نجترحها في الليل والنهار، ولا نعلم هل يغفر لنا أم لا! فإن العبد ينبغي له أن يقف متأملاً في حاله، وفي مصيره، وإنه مسؤول عن كل صغير وكبير، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
ذكر العلامة ابن سعدي رحمه اللَّه من فوائد هذه القصة: ((أن قتل الكافر الذي له عهد بعقد، أو عرف، لا يجوز، وأن الذي يقتل النفوس بغير حقٍّ يُعدُّ من الجبارين المفسدين في الأرض، ولو كان غرضه من ذلك الإرهاب، ولو زعم أنه مصلح، حتى يرد في الشرع بما يبيح قتل النفس))([4] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3075#_ftn4))، ومن الفوائد: أن العبد ينبغي له أن يستعظم الذنب، ويخاف عاقبته، ويتوسّل إلى اللَّه بذكر مظلمته، وعزمه على التوبة والأوبة.
فكأنه رحمه اللَّه يحكي حال اليوم وما يقوم به المتجاهلون على الدين والشرع، من قتل الأبرياء، واستحلال الدماء والأموال والأنفس بدعوى الجهاد، وإنما هو ضلال وفساد، نسأل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة .
الفوائد:
1- إن الاعتراف بالذنب توبة وندم، مع الإقلاع عن الذنب، والعزيمة على أن لا يعود إليه .
2- تقديم الاعتراف بالذنب وظلم النفس قبل الطلب، من موجبات الإجابة.
3- ينبغي لمن وقع في ذنب المبادرة إلى التوبة والأوبة في الحال .
4- إن الاعتراف بظلم النفس، وطلب المغفرة من اللَّه من سنن الأنبياء والمرسلين، كما قال أبوينا عليهما السلام: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾([5] (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/3075#_ftn5)).
5- إن هذه الدعوة من أهم الدعوات في طلب المغفرة؛ حيث ذكرها تعالى في سياق الثناء المقتضي للتأسي والاقتداء .
6- دلّت هذه الدعوة الكريمة على محبة اللَّه للتوبة والمغفرة؛ لقوله: ﴿فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾، حي ث رتب المغفرة بـ(الفاء) التي تفيد السببية، والتعقيب، والترتيب دون مهلة .
7- إن التوسل إلى اللَّه تعالى بهذا الاسم (الرب) يناسب الدعاء به في أي مطلوب؛ لأن ربوبية اللَّه تعالى من لوازمها إجابة الدعوات كما تقدم.

La reine Nour
2016-02-05, 16:50
بارك الله فيك

〆 بٰٰاولو 乄
2016-02-05, 17:16
بارك الله فيك

وفيك البركة

mohamedfon
2016-02-12, 23:41
جزاك الله خيرااا

NEWFEL..
2016-02-13, 09:32
جزاك الله خيرا ..............

أصيل الـمـسـلـم
2016-12-21, 22:02
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

〆 بٰٰاولو 乄
2016-12-21, 22:03
وفيك البركة أخي