كرماني
2016-02-04, 21:31
الفكر الاجتهادي عند الإمام محمد المكي بن عزوز الجزائري
المؤلف:
شمس الدين حماش
بسم الله الرحمن الرحيم
الفكر الاجتهادي عند الإمام محمد المكي بن عزوز الجزائري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
كان للانتشار الواسع للمذهب المالكي الدور الأساسي في تطوره وتجدده؛ من حيث التأصيل والتنزيل؛ إذ زخر بسعة أصوله، ووفرة اجتهادات أئمته، ما أكسبه مرونة لمواكبة الحوادث، وسلاسة في تكييف الوقائع وحل المسائل المشاكل.
أسهم هذا الزخم المعرفي في إرساء صبغة عملية ومنهجية تُحكَمُ مسائلُ المذهب وتضبط إثرها، وكان له الأثر الفعال في بروز علماء مغاربة أفذاذ تجشموا عبء ذلك الموروث، وسلطوا عنايتهم الفائقة في تحليل النصوص، واستنباط الأصول، وتخريج الفروع، مع لحظ لمصالح التشريع وأسراره.
إثر ذلك؛ عرف علماء المغرب استحداث وسائل اجتهادية معتبرة، ومناهج رصينة في معالجة مسائل المذهب؛ يتجلى جانب منها من خلال اعتماد أصول خاصة تعرف منها الأحكام؛ كأصل مراعاة الخلاف، وقاعدة جريان العمل.
أو اعتبار مسالك مبتكرة يستعين بها المجتهد في تمحيص الأقوال وتوجيهها والترجيح بينها؛ حيث كان أبو الحسن اللخمي رائد الاتجاه النقدي في المذهب المالكي.
من تلكم الزمرة الفذة يبرز الإمام محمد المكي بن عزوز الجزائري صاحب التواليف البديعة، والتصانيف الرفيعة؛ والذي انتهج مسلكا فريدا في التأليف الفقهي والأصولي، يُنمي عن فكر اجتهادي حاذق، تتجلى بعض جوانبه في الآتي:
- ثنائية التأصيل والتنزيل: إذ يُدْمِنُ رَبْطَ الفروع بالأصول وتخريجها إثرها؛ ما يؤكد سعة اطلاعه بمحالِّ الخلاف وأسبابه.
- معرفته الواسعة بمصادر المذهب المالكي وموارده، حيث بيّن ما يَحْسُنُ على ممارس المذهب معرفتُه؛ من قواعد في معرفة الكتب والأقوال المعتمدة، أومسالك الأئمة في فهم نصوص المذهب وتوجيهها.
- التحقيق والتوثيق في مسائل أصول مالك التي اختُلِفَ في النقل أو الفهم عنه؛ كأصل عمل أهل المدينة، مراعاة الخلاف...
ويمكن تلخيص أهداف البحث في النقاط التالية:
- الوقوف على جانب من سيرة الشيخ العطرة.
- استشفاف معالم المنهجية الاجتهادية عند ابن عزوز، وإبراز موقعه من مراتب المجتهدين.
- إبراز أثر الفكر الاجتهادي عند ابن عزوز في توجيه آرائه الفقهية.
المبحث الأول: التعريف بالشيخ محمد المكي بن عزوز
المطلب الأول: كنيته، اسمه، ولقبه: هو أبو عبد الله محمد المكي، بن مصطفى بن أبي عبد الله محمد بن عزوز الحسني، الجزائري ثم التونسي(1).
المطلب الثاني: مولده ونشأته العلمية: وُلد ابن عزوز -رحمه الله- في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، سنة سبعين ومئتين وألف بعد الهجرة النبوية (1270هـ)، والموافق سنة أربع وخمسين وثمان مئة وألف ميلادية (1854مـ).كان مولده في مدينة نفطة بأرض الجَريدِ في الجنوب التونسي.
من أبرز شيوخه بنفطة: الشيخ قاسم الخَيْراني، ابن عمه الشيخ محمد بن عبد الرحمن التَّارزي بن عزوز، عمه الشيخ محمد المدني بن عزوز.
ثم ارتحل إلى جامع الزيتونة وهو ابن الثانية والعشرين؛ سنة 1292هـ، وأتم مسيرته العلمية بالأخذ عن أطواد الجامع وأعلامه:
الشيخ عمر بن الشيخ،الشيخ سالم بوحاجب المفتي المالكي، وغيرهم كثير.
واتصل في الجزائر بالشيخ محمد ابن أبي القاسم الشريف الحسني شيخ زاوية الهامل، وأخذ عنه.
كما ارتحل إلى الإمام المعمِّر المحدث الشيخ ابن الحفاف مفتي المالكية في مدينة الجزائر، وأخذ عنه «صحيح البخاري» رواية بالسند العالي.
يتبع....
المؤلف:
شمس الدين حماش
بسم الله الرحمن الرحيم
الفكر الاجتهادي عند الإمام محمد المكي بن عزوز الجزائري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
كان للانتشار الواسع للمذهب المالكي الدور الأساسي في تطوره وتجدده؛ من حيث التأصيل والتنزيل؛ إذ زخر بسعة أصوله، ووفرة اجتهادات أئمته، ما أكسبه مرونة لمواكبة الحوادث، وسلاسة في تكييف الوقائع وحل المسائل المشاكل.
أسهم هذا الزخم المعرفي في إرساء صبغة عملية ومنهجية تُحكَمُ مسائلُ المذهب وتضبط إثرها، وكان له الأثر الفعال في بروز علماء مغاربة أفذاذ تجشموا عبء ذلك الموروث، وسلطوا عنايتهم الفائقة في تحليل النصوص، واستنباط الأصول، وتخريج الفروع، مع لحظ لمصالح التشريع وأسراره.
إثر ذلك؛ عرف علماء المغرب استحداث وسائل اجتهادية معتبرة، ومناهج رصينة في معالجة مسائل المذهب؛ يتجلى جانب منها من خلال اعتماد أصول خاصة تعرف منها الأحكام؛ كأصل مراعاة الخلاف، وقاعدة جريان العمل.
أو اعتبار مسالك مبتكرة يستعين بها المجتهد في تمحيص الأقوال وتوجيهها والترجيح بينها؛ حيث كان أبو الحسن اللخمي رائد الاتجاه النقدي في المذهب المالكي.
من تلكم الزمرة الفذة يبرز الإمام محمد المكي بن عزوز الجزائري صاحب التواليف البديعة، والتصانيف الرفيعة؛ والذي انتهج مسلكا فريدا في التأليف الفقهي والأصولي، يُنمي عن فكر اجتهادي حاذق، تتجلى بعض جوانبه في الآتي:
- ثنائية التأصيل والتنزيل: إذ يُدْمِنُ رَبْطَ الفروع بالأصول وتخريجها إثرها؛ ما يؤكد سعة اطلاعه بمحالِّ الخلاف وأسبابه.
- معرفته الواسعة بمصادر المذهب المالكي وموارده، حيث بيّن ما يَحْسُنُ على ممارس المذهب معرفتُه؛ من قواعد في معرفة الكتب والأقوال المعتمدة، أومسالك الأئمة في فهم نصوص المذهب وتوجيهها.
- التحقيق والتوثيق في مسائل أصول مالك التي اختُلِفَ في النقل أو الفهم عنه؛ كأصل عمل أهل المدينة، مراعاة الخلاف...
ويمكن تلخيص أهداف البحث في النقاط التالية:
- الوقوف على جانب من سيرة الشيخ العطرة.
- استشفاف معالم المنهجية الاجتهادية عند ابن عزوز، وإبراز موقعه من مراتب المجتهدين.
- إبراز أثر الفكر الاجتهادي عند ابن عزوز في توجيه آرائه الفقهية.
المبحث الأول: التعريف بالشيخ محمد المكي بن عزوز
المطلب الأول: كنيته، اسمه، ولقبه: هو أبو عبد الله محمد المكي، بن مصطفى بن أبي عبد الله محمد بن عزوز الحسني، الجزائري ثم التونسي(1).
المطلب الثاني: مولده ونشأته العلمية: وُلد ابن عزوز -رحمه الله- في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، سنة سبعين ومئتين وألف بعد الهجرة النبوية (1270هـ)، والموافق سنة أربع وخمسين وثمان مئة وألف ميلادية (1854مـ).كان مولده في مدينة نفطة بأرض الجَريدِ في الجنوب التونسي.
من أبرز شيوخه بنفطة: الشيخ قاسم الخَيْراني، ابن عمه الشيخ محمد بن عبد الرحمن التَّارزي بن عزوز، عمه الشيخ محمد المدني بن عزوز.
ثم ارتحل إلى جامع الزيتونة وهو ابن الثانية والعشرين؛ سنة 1292هـ، وأتم مسيرته العلمية بالأخذ عن أطواد الجامع وأعلامه:
الشيخ عمر بن الشيخ،الشيخ سالم بوحاجب المفتي المالكي، وغيرهم كثير.
واتصل في الجزائر بالشيخ محمد ابن أبي القاسم الشريف الحسني شيخ زاوية الهامل، وأخذ عنه.
كما ارتحل إلى الإمام المعمِّر المحدث الشيخ ابن الحفاف مفتي المالكية في مدينة الجزائر، وأخذ عنه «صحيح البخاري» رواية بالسند العالي.
يتبع....