زيتوني محرز
2009-09-29, 08:40
من يفتـــــــح لي قلبــــه ؟!
آه،، أهكذا ترمينني أيتها الحافلة كما ترمي بقايا السجائر ؟! ، أمتعتي ثقيلة ، قدماي لا تقويان على حملي ،، آه منكما يا عيناي لم تعودا كما عهدتكما حادتين ،، لم تعودا تميزان بين الأشياء ، إني لا أرى إلا جدرانا وطرقا متفرعة،، إلى أين أمضي ؟! لم تبق إلاّ الذكريات أجترها في وحدتي ، هاهي القرية تستقبلني بنفس الفتور الذي ودعتني به ،، كل شيء تغير ، لكن هل تغيرت أنا في نظرهم ؟ .
مازالت النظرات تلاحقني ،تغرس سهامها الحادة في جلدي فلا أقوى على رفع عيني لتفحص الوجوه ،، آه منك أيّها الزمن القاتل ،، ألا يكفيك إنك أوهنت مني العظم وأثقلت كاهلي وجعلتني أجتر ذكريات الصبا على مضض؟! ، ألا يكفيك ذلك حتى تمتص كرامتي وتهدرها ؟! ولا أجد قلبا يفتح لي ، ها أنا ذا غريب في قريتي ، وحيد ،، أمشي أجر ثقل سنين الغربة ،، قدر عليّ أن اعيش غريبا وحيدا ، تقتلني النظرات الساهمة وتمزق الكلمات النابية التي أسمعها نياط قلبي وتتركه كذرات رماد لا حول لها ولاقوة ،، آه ، لن أسامحك يامن رميتني في أتون الحياة دون سند ودعم ، إني لا أرى كوخنا الحقير القابع جانب ذلك الوادي ،، آه ،، أأغرقتك مياه الوادي وأقام الدهر مأدبة جنائزية على شرف توديعك ؟! ربما ، ومن يدري لعل رياح الشهيلي المحرقة قد عاودت غاراتها الملتهبة لتقذف بك في عمق الجحيم!! .
ها أنا مطارد، حتى كلاب القرية أنكرتني ، كنت أمر من هذا الحي مرتفع الجبين ، ولا أدري لماذا لا أشعر بعظمتي إلا في هذا الحي ؟ّ! كنت أمر به في خيلاء أقلد – علي لبوانت - في قفزاته الرشيقة من أعلى الصخر ، كنت أمر به فأشعر بكبر نفسي ، كل الناس تحترمني في هذا الحي ، ولكن ها أنا ذا أمر وأصوات الكلاب تطاردني وأصوات آدمية تصرخ :- عاد مصطفى اللقيط نعم ،، لهم الحق أن يقولوا ذلك ، هاجرت لأنسى وينسى الناس أنني لقيط ولكني فقدت كل شيء ، فقدت سر عظمة --علي لبوانت - ، ضيعته في حانات فرنسا، نسيته في حنايا فساتين شقراوات فرنسا الناعمة، ها أنا ذا أمر على حيّنا القديم وفي نفسي ذكريات ،، من يفتح لي داره ؟! من يفتح لي قلبه لأبث فيه ذكرياتي ؟!........
ولدت، لم أر النور إلا ّ في قبو صغير بعيدا عن القرية ،يد قوية خنقتني ، منعت صراخي أن يتعالى ، لم أر وجه الحياة الجميل كما يقولون ، حاولت أن أقاوم ،كانت اليدان أقوى منى ومن صراخي ، استسلمت ليد الإنسان التي تحدت القدر ،أسرعوا بوضعي في خرقة بالية ،تقدموا بي خارج الكوخ ، لم أكن أحس إلا ّ بزفرات تلهب وجهي ، صرخت ، أعلنت لهم إني مازلت على قيد الحياة ،، كان صراخي لا يصل إلى آذان حاملي ، سوف أرمي بعد حين في مكان مجهول ، سوف أسأل بعد حين من أبوك ؟! من أمك ؟! سقطت على وجهي دموع حارة اخترقت الخرقة لتصل إلى محياي ، لن أسامحك يا حاملي رغم دموعك ، لن أسامحك ،، هاهم يضمونني إليهم بكل قوة ،يريدون أن يعيدوا لي الروح ولكن لماذا يرمونني في هذا القبو؟!،، إني أ سقط بسرعة، تمنيت أن أنام أيام ولادتي الأولى بين أحضان أم حنون وتحت بصر أب يختلف عن جميع الآباء ، تمنيت ذلك ولكن ها أنا ذا أتهاوى في قبر سحيق ،، من ينقذني ؟!! ، من ينقذني ؟!! .
لم أعد أتذكر شيئا من حياتي الأولى إلاّ وأنا شاب ينادونني – مصطفي اللقيط -، وفي المساء أعود إلى كوخ صغير يضمني وأربعة أطفال آخرين وشيخ هرم وعجوز لم يترك لها الزمن إلا ّ الابتسامة الفاترة والنظرات الحنونة ، أعود إلى الكوخ فلا أجد إلا كسرة الذرة وقليل من الماء ،وقبل أن أكمل وجبتي يلعب النعاس بأجفاني التي إ متلأت غبارا من طول الانتظار أمام رماد- الكانون- ، ويأتي يوم ، يا ليته لم يأت ،عدت لأرمي جسدي المنهوك وأنفس عن روحي المكبوتة، عدت حزينا كما خرجت أجر لعنات جديدة وآلاف الأصوات تقرع سمعي: يا لقيط،، – ولكن ليتني لم أعد ، وجدت في انتظاري امرأة شابة ، كانت الصرخات تتعالى : -هذه هي أمه ،، ولكن من أبوه ؟!! –وددت لو مادت الأرض وبلعتني ، وددت لو أخرجت قلبي من بين أضلعي التي ضاقت بحمله ، وددت،، وكم وددت ولكن ماذا أفعل وأنا الآن وجها لوجه معها ،، مع من يسمونها أمي ، تأملتها ، مستحيل أن تكون هي الأم التي رسمت لها آلاف اللوحات وسهرت الليالي لأزين أثوابها بوشاح الفضيلة،، ليست المرأة التي اعتدت أن أراها في منامي، تقبل جبيني برقة وحنان ،، إلهي ، من الذي جاء بها إلى هنا؟!من قال لها إني وليدها ؟! أسرعت لتضمني إليها ، فتحت ذراعيها ،لكنها قبضت على الريح ،، هربت ، تجهم وجهها ، آليا مددت يدي إلى جيبي لأقبض على سكين حاد ، ولكن كيف أقتل ؟! وقد شعرت بعظمة الموت وأنا صغير ، ألست أنا الذي رُمي منذ سنوات في جوف قبو صغير ؟! ألست أنا الذي ذاق الموت مرتين ، موت في القبو وموت في الكوخ !!
لابد أن أفعل شيئا أزيل به الوجوم الذي حام حول المكان ،، الهروب ، نعم علىّ أن أهرب ولكن إلى أين ؟! تذكرت أحمد الذي حثني كم من مرة على الهجرة معه إلا ّ بلاد الغربة ، وهربت ،،،
وجدت نفسي أغرق في حانات فرنسا لعلني أنسى الماضي التعيس ، ولكن من ينسيني الموت وأنا أرى كل يوم الأشباح تعود إلى أرض الوطن إمّا نعشا في تابوت أو جسما دون روح أنهكته سنوات الغربة والألم ؟! ،لا أم ولا أب ولا أخوة في انتظاري ،، ولكن وطني وأبناء جلدتي في انتظاري . فجمعت ما قدر لي أن أجمع من دراهم وقررت العودة ،، ولكن أنا ذا عدت ، هل نسوا ماضيّ الحزين ؟! لا ،، لا أنهم مازالوا ينظرون إلى النظرة نفسها، مازلت في نظرهم ذلك اللقيط الذي يسمونه مصطفى،س كيف أثبت لهم أن مصطفي تغّير، إنّ ذلك اللقيط قد وجد أمهّ فيهم قد وجد قلبا كبيرا يحويه ،، يبعده عن الضياع ، وبت ليلتها فوق الرصيف أتوسد حقيبتي وأفكر في غدي .....
وفي الغد ، اندفعت إلى العمل بكل جد ، بنيت دارا جديدة لأجمع فيها فاقدي الحنان مثلي ، ومضيت في العمل معوّضا الحنان الذي فقدته ، شعرت بقلبي يستعيد دقاته وبنفسي ترجع لها طمأنينتها ، وأصبحت حديث الجميع ،، وعدت إلى الوجود بحلم جديد وهدف نبيل ، ولم أعد أشعر وأنا أمر من حيّنا الصغير بعظمة – علي لبوانت – فقط بل إن شعوري قد تغيّر، إني أحس الآن بالحب يطغى على كامل جسدي فيزيدني تفانيا في العمل وإصرارا على فرض وجودي .
آه،، أهكذا ترمينني أيتها الحافلة كما ترمي بقايا السجائر ؟! ، أمتعتي ثقيلة ، قدماي لا تقويان على حملي ،، آه منكما يا عيناي لم تعودا كما عهدتكما حادتين ،، لم تعودا تميزان بين الأشياء ، إني لا أرى إلا جدرانا وطرقا متفرعة،، إلى أين أمضي ؟! لم تبق إلاّ الذكريات أجترها في وحدتي ، هاهي القرية تستقبلني بنفس الفتور الذي ودعتني به ،، كل شيء تغير ، لكن هل تغيرت أنا في نظرهم ؟ .
مازالت النظرات تلاحقني ،تغرس سهامها الحادة في جلدي فلا أقوى على رفع عيني لتفحص الوجوه ،، آه منك أيّها الزمن القاتل ،، ألا يكفيك إنك أوهنت مني العظم وأثقلت كاهلي وجعلتني أجتر ذكريات الصبا على مضض؟! ، ألا يكفيك ذلك حتى تمتص كرامتي وتهدرها ؟! ولا أجد قلبا يفتح لي ، ها أنا ذا غريب في قريتي ، وحيد ،، أمشي أجر ثقل سنين الغربة ،، قدر عليّ أن اعيش غريبا وحيدا ، تقتلني النظرات الساهمة وتمزق الكلمات النابية التي أسمعها نياط قلبي وتتركه كذرات رماد لا حول لها ولاقوة ،، آه ، لن أسامحك يامن رميتني في أتون الحياة دون سند ودعم ، إني لا أرى كوخنا الحقير القابع جانب ذلك الوادي ،، آه ،، أأغرقتك مياه الوادي وأقام الدهر مأدبة جنائزية على شرف توديعك ؟! ربما ، ومن يدري لعل رياح الشهيلي المحرقة قد عاودت غاراتها الملتهبة لتقذف بك في عمق الجحيم!! .
ها أنا مطارد، حتى كلاب القرية أنكرتني ، كنت أمر من هذا الحي مرتفع الجبين ، ولا أدري لماذا لا أشعر بعظمتي إلا في هذا الحي ؟ّ! كنت أمر به في خيلاء أقلد – علي لبوانت - في قفزاته الرشيقة من أعلى الصخر ، كنت أمر به فأشعر بكبر نفسي ، كل الناس تحترمني في هذا الحي ، ولكن ها أنا ذا أمر وأصوات الكلاب تطاردني وأصوات آدمية تصرخ :- عاد مصطفى اللقيط نعم ،، لهم الحق أن يقولوا ذلك ، هاجرت لأنسى وينسى الناس أنني لقيط ولكني فقدت كل شيء ، فقدت سر عظمة --علي لبوانت - ، ضيعته في حانات فرنسا، نسيته في حنايا فساتين شقراوات فرنسا الناعمة، ها أنا ذا أمر على حيّنا القديم وفي نفسي ذكريات ،، من يفتح لي داره ؟! من يفتح لي قلبه لأبث فيه ذكرياتي ؟!........
ولدت، لم أر النور إلا ّ في قبو صغير بعيدا عن القرية ،يد قوية خنقتني ، منعت صراخي أن يتعالى ، لم أر وجه الحياة الجميل كما يقولون ، حاولت أن أقاوم ،كانت اليدان أقوى منى ومن صراخي ، استسلمت ليد الإنسان التي تحدت القدر ،أسرعوا بوضعي في خرقة بالية ،تقدموا بي خارج الكوخ ، لم أكن أحس إلا ّ بزفرات تلهب وجهي ، صرخت ، أعلنت لهم إني مازلت على قيد الحياة ،، كان صراخي لا يصل إلى آذان حاملي ، سوف أرمي بعد حين في مكان مجهول ، سوف أسأل بعد حين من أبوك ؟! من أمك ؟! سقطت على وجهي دموع حارة اخترقت الخرقة لتصل إلى محياي ، لن أسامحك يا حاملي رغم دموعك ، لن أسامحك ،، هاهم يضمونني إليهم بكل قوة ،يريدون أن يعيدوا لي الروح ولكن لماذا يرمونني في هذا القبو؟!،، إني أ سقط بسرعة، تمنيت أن أنام أيام ولادتي الأولى بين أحضان أم حنون وتحت بصر أب يختلف عن جميع الآباء ، تمنيت ذلك ولكن ها أنا ذا أتهاوى في قبر سحيق ،، من ينقذني ؟!! ، من ينقذني ؟!! .
لم أعد أتذكر شيئا من حياتي الأولى إلاّ وأنا شاب ينادونني – مصطفي اللقيط -، وفي المساء أعود إلى كوخ صغير يضمني وأربعة أطفال آخرين وشيخ هرم وعجوز لم يترك لها الزمن إلا ّ الابتسامة الفاترة والنظرات الحنونة ، أعود إلى الكوخ فلا أجد إلا كسرة الذرة وقليل من الماء ،وقبل أن أكمل وجبتي يلعب النعاس بأجفاني التي إ متلأت غبارا من طول الانتظار أمام رماد- الكانون- ، ويأتي يوم ، يا ليته لم يأت ،عدت لأرمي جسدي المنهوك وأنفس عن روحي المكبوتة، عدت حزينا كما خرجت أجر لعنات جديدة وآلاف الأصوات تقرع سمعي: يا لقيط،، – ولكن ليتني لم أعد ، وجدت في انتظاري امرأة شابة ، كانت الصرخات تتعالى : -هذه هي أمه ،، ولكن من أبوه ؟!! –وددت لو مادت الأرض وبلعتني ، وددت لو أخرجت قلبي من بين أضلعي التي ضاقت بحمله ، وددت،، وكم وددت ولكن ماذا أفعل وأنا الآن وجها لوجه معها ،، مع من يسمونها أمي ، تأملتها ، مستحيل أن تكون هي الأم التي رسمت لها آلاف اللوحات وسهرت الليالي لأزين أثوابها بوشاح الفضيلة،، ليست المرأة التي اعتدت أن أراها في منامي، تقبل جبيني برقة وحنان ،، إلهي ، من الذي جاء بها إلى هنا؟!من قال لها إني وليدها ؟! أسرعت لتضمني إليها ، فتحت ذراعيها ،لكنها قبضت على الريح ،، هربت ، تجهم وجهها ، آليا مددت يدي إلى جيبي لأقبض على سكين حاد ، ولكن كيف أقتل ؟! وقد شعرت بعظمة الموت وأنا صغير ، ألست أنا الذي رُمي منذ سنوات في جوف قبو صغير ؟! ألست أنا الذي ذاق الموت مرتين ، موت في القبو وموت في الكوخ !!
لابد أن أفعل شيئا أزيل به الوجوم الذي حام حول المكان ،، الهروب ، نعم علىّ أن أهرب ولكن إلى أين ؟! تذكرت أحمد الذي حثني كم من مرة على الهجرة معه إلا ّ بلاد الغربة ، وهربت ،،،
وجدت نفسي أغرق في حانات فرنسا لعلني أنسى الماضي التعيس ، ولكن من ينسيني الموت وأنا أرى كل يوم الأشباح تعود إلى أرض الوطن إمّا نعشا في تابوت أو جسما دون روح أنهكته سنوات الغربة والألم ؟! ،لا أم ولا أب ولا أخوة في انتظاري ،، ولكن وطني وأبناء جلدتي في انتظاري . فجمعت ما قدر لي أن أجمع من دراهم وقررت العودة ،، ولكن أنا ذا عدت ، هل نسوا ماضيّ الحزين ؟! لا ،، لا أنهم مازالوا ينظرون إلى النظرة نفسها، مازلت في نظرهم ذلك اللقيط الذي يسمونه مصطفى،س كيف أثبت لهم أن مصطفي تغّير، إنّ ذلك اللقيط قد وجد أمهّ فيهم قد وجد قلبا كبيرا يحويه ،، يبعده عن الضياع ، وبت ليلتها فوق الرصيف أتوسد حقيبتي وأفكر في غدي .....
وفي الغد ، اندفعت إلى العمل بكل جد ، بنيت دارا جديدة لأجمع فيها فاقدي الحنان مثلي ، ومضيت في العمل معوّضا الحنان الذي فقدته ، شعرت بقلبي يستعيد دقاته وبنفسي ترجع لها طمأنينتها ، وأصبحت حديث الجميع ،، وعدت إلى الوجود بحلم جديد وهدف نبيل ، ولم أعد أشعر وأنا أمر من حيّنا الصغير بعظمة – علي لبوانت – فقط بل إن شعوري قد تغيّر، إني أحس الآن بالحب يطغى على كامل جسدي فيزيدني تفانيا في العمل وإصرارا على فرض وجودي .