تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : معنى حديث من هم بحسنة


أم سمية الأثرية
2016-01-30, 14:38
معنى حديث من هم بحسنة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً"([1]).

شرح الحديث :
قوله: "فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً"، يعني أراد إرادة جازمة لم يتخلف عنها العمل إلا خارج عن إرادته، فهذا يثاب على همه، فإن فعل ما هم به من الحسنة "فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ".
قوله: "وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً"، أي أراد إرادة جازمة فعل السيئة ولم تتخلف إلا لمانع من خوف الله فإنه يؤجر على تركه لها في هذه الحال.
أما لو تركها لمانع خارج عن إرادته مع إرادته الجازمة لفعلها فإنه يأثم بها.
ويدل على ذلك ما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ "([2]). والشاهد قوله: "وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ"، فإنه لإرادته إراقة الدم بغير حق كان من أبغض الناس على الله، ولو لم يفعل، وهو ظاهر. ويحققه قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، (الحج:25).
ويدل على أن الإرادة الجازمة للسيئة يأثم عليها صاحبها وإن لم يفعلها، ما جاء عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ"([3]). والشاهد في الحديث أنه حكم أن المقتول في النار، مع كونه لم يفعل، وعلل ذلك بـ "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ"، فاستحق العقوبة للإرادة الجازمة للمعصية، وتخلف الفعل لأمر خارج عنه ليس خوفا من الله.
وترك السيئة خوفا من الله يؤجر عليه صاحبه كقصة الثلاثة الذين انغلق عليهم باب المغارة؛ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: ... وذكر قصته، ثم قال:
وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ. ثم ذكر قصة الثالث"([4]).
فهذا ترك فعل الفاحشة بعد قدرته عليها وإرادته الجازمة لها، وذلك خوفاً من الله ورجاء لما عنده سبحانه، ألا ترى إلى قوله: "فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً".

--------------------------------------------------

([1]) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِسَيِّئَةٍ، تحت رقم (6491)، ومسلم في كتاب الإيمان باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، تحت رقم (131).
([2]) أخرجه البخاري في كتاب الديات، بَابُ مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، حديث رقم (6882).
([3]) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما، حديث رقم (31)، ومسلم في كتاب الفتن و أشراط الساعة، باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما"،حديث رقم (2888).
([4]) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، بَابُ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ، حديث رقم (2215)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، حديث رقم (2743).
مرسلة بواسطة الشيخ د. محمد بن عمر بازمول

lahcen0102
2016-01-30, 15:16
مشكووووووورة الاخت سمية لم تقدمه من معلومات مفيدة

ghanino112
2016-01-31, 21:35
بارك الله فيك

أم سمية الأثرية
2016-02-01, 16:43
و فيكم بارك الله وجزاكم الله خيرا

ayouboli
2016-02-01, 22:06
بارك الله فيك اخي الكريم

على المنهج
2016-02-01, 22:10
جزاك الله خيرا على الشرح القيم

amirrs
2016-02-04, 00:18
جزاك الله خيرااا

أم سمية الأثرية
2016-02-04, 18:51
و فيكم بارك الله واياكم جزى الله خيرا وزيادة

NEWFEL..
2016-02-05, 16:24
جزاك الله خيرا ..................

أم سمية الأثرية
2016-02-06, 08:36
واياكم جزى الله خيرا و زيادة

azer2010
2016-02-06, 08:39
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته