رَكان
2016-01-29, 23:29
السلام عليكم ..
مقالة اطلعت عليها فوجدت أن كثيرا مما تضمنته ملامس لواقع الحال في أمتنا ..فرأيت مشكاركتكم بما وجدته نافع ماتع فمتابعة طيبة ..
مظاهر محاباة التشدد
والتعاطف مع الغلو
لمحاباة التشدد والغلو والتعاطف معه مظاهر ، منها :
1- اغتفار الخطأ في التشدد : فمن أخطأ في التحريم : فهو منه اجتهاد ، (هذا هو اجتهاده يا أخي) ، وهو مطلقا بين الأجر والأجرين . أما من أخطأ في الإباحة : فجاهل ، قليل ديانة ، ماجن ، منهزم نفسيا ، تغريبي ... ولا مانع من وصفه بالدياثة إذا تعلق الموضوع بأحكام النساء !!
2- استبطان التقدير في النفوس لأصحاب الغلو في التشدد !
فالتشدد عندهم ناشئ من شدة ورع صاحبه !! ومن زيادة تدينه !! وإلا : فلماذا تشدد ؟!!
مع أن صاحبنا هذا كان يجب أن يتورع عن التشدد كما يتورع عن التساهل :
- فكلاهما استدراك على الشرع وخروج عن حدوده .
- ومع أن زيادة التدين كنقصانه ، كلاهما مخالف لمراد الله تعالى مبغوض له عز وجل . وهؤلاء الخوارج ، ما ضلوا إلا بالزيادة ، لا بالنقصان !!
3- إطلاق أوصاف منفرة في التساهل وتخصيصه بها وهي تعم المتشدد معها :
فالمتساهل : متفلت ، مع أن المتشدد متفلت من أحكام الشرع أيضا .
والمتساهل : مميع ، مع أن المتشدد مميع لأحكام الشرع مثله .
والمتساهل : منهزم نفسيا أمام ضغط الواقع ، مع أن المتشدد انهزم مثله ، لكن الهروب قد يكون للخلف وقد يكون للأمام ، فكل من ترك ساحة المعركة (وهي معركة جهاد النفس في واقع شديد) بالتساهل أو بالتشدد فقد انهزم وهرب .
4- حصر الاحتياط المطلوب في التشدد : فالاحتياط للدين لا يتصورون إلا أنه احتياط بتحريم الحلال وإيجاب غير الواجب ، مع أن المحتاط يجب أن يخاف التحريم كما يخاف التحليل ، ويخاف الإلزام بما لم يُلزم به الله كما يخاف ترك الالتزام بما ألزم الله به .
لقد بلغ الأمر إلى درجة تكفير أهل الشهادتين احتياطا !! مع أن الاحتياط كان يجب أن يكون في عدم تكفيرهم !! « فإن استباحة الدماء والأموال من المصلِّين إلى القبلة المصرِّحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأٌ ، والخطأ في تَرْكِ ألف كافرٍ في الحياة أهونُ من الخطأ في سفك محجمةٍ من دمِ مسلمٍ» ، كما قال الإمام الغزالي.
وبلغ الأمر أن أصبح الاحتياط بعدم التحريم منسيا ، كأنه لا وجود له !!
5- حصر الورع في التشدد ، فالورع أصبح مرادفا للتحريم !
مع أن الورع عن التحريم إن لم يكن أولى من الورع به : فهو مثله ؛
- لأن الأصل فيما سوى العبادات هو الإباحة ، وأما التحريم : فاستثناء .
- ولأن الأصل براءة الذمة ، وانشغالها يحتاج دليلا .
- ولأن الأصل هو الإعذار بالجهل ، وأن الجهل مانع من التأثيم والتكفير .
- ولأن الشريعة جاءت بالتيسير ورفع المشقة والحرج والضيق .
- ولأنها جاءت لتحقيق سعادة الإنسان لا لشقاوته .
وغير ذلك من قواعد الإسلام وكلياته التي توجب أن يكون الورع عن التشديد أحق من الورع به ومن الورع له !!
6- الظن بأن حماية أحكام الشريعة لا تكون إلا (بسد الذريعة) ، ثم : بمجرد التوهمات والظنون الضعيفة أن هناك ذريعة !
وتوهم أن سد الذريعة لا يكون إلا بالتحريم والمنع ، مع أنه قد يكون السد بالفتح ! بتوسيع دائرة المباح ، وتنبيه الناس إلى أن لهم في الحلال غنية عن الحرام ، بما يحقق لهم غايتهم في الحرام : من تحصيل لذة ، أو جمع مال ، أو تحقيق مصلحة .
فـ(المبالغة) في سد الذرائع و(تأبيد) أحكامها و(عدم محاولة) العودة بالحكم الشرعي إلى أصله من الإباحة ، هذه الأنواع من الإخلال الثلاثة :
- فيها سوء ظن بالشريعة وأنها لا تكفي لتحقيق المصالح الدينية والدنيوية !
- وفيها مزايدة في الغيرة على الشرع ، مزايدة على الله تعالى وعلى رسوله ﷺ !!
- وفيها معارضة لحقيقة ثبات الشريعة وشمولها .
- وفيها سوء ظن بالمسلمين وتربيتهم على سوء الظن هذا ، وكأنهم لا يحول بينهم وبين المروق من أحكام الشريعة غير هذا المنع والتحريم المبدل لحكم الله تعالى .
7-التغليظ في المعاصي فوق قدرها : فالصغائر تصبح كبائر ، والكبائر يغالى في درجتها ضمن الكبائر ، فضلا عن التكفير بها .
لقد سمعنا من يصف التدخين بأنه أخبث من الخمر ، وأنه مفسد للضروريات الخمسة التي جاء الإسلام لحفظها (الدين والنفس والعقل والعرض والمال) !!
وحلق اللحية لا يشكون في كونه من الكبائر !! مع أنه مكروه عند الشافعية ، وليس محرما أصلا ، وهو كذلك عند جمع من المالكية والحنابلة ، ولهم أجوبة قوية ومقنعة على حجج المحرمين . هذا على القول بالحرمة ، أما أنها كبيرة بحجة الإصرار أو المجاهرة فهو جهل .
وإسبال الثوب بغير مخيلة ، والذي هو مكروه عند جمهور أهل العلم = كبيرة !!
وتكفير أهل الشهادتين عندهم كـ(السلام عليكم) ، وألذ عندهم من الماء البارد على الظمأ !!
وقد بينت خلل منهجهم في التكفير ببيان الصحيح فيه في كتابي (تكفير أهل الشهادتين) .
8- انتقاص المكروهات لصالح المحرمات ، والمستحبات لصالح الواجبات !
فلا تكاد تسمع كلمة مكروه في فتاواهم ؛ لأن المكروه قد أصبح حراما !! وما أكثر ما أصبح المستحب واجبا عندهم !!
وحججهم على التحريم والإيجاب حجج تضحك الثكلى وتبكي العالم !!
9- استطابة الأخذ بالقول الشاذ أو المنفرد في التحريم ، واستخباثه في التحليل .
فإن انفرد عالم بتشديد انفرادا معتبرا أو غير معتبر ، بخلاف سائغ أو غير سائغ ، مالوا إلى قوله ، مستقوين بكونهم مسبوقين للتحريم والتشديد .
وأما إن فعل أحد فعلهم في الإباحة والتخفيف ، فاستقوى بخلاف من خالف تحليلا وتسهيلا ، شنوا عليه الغارة ، وشنعوا عليه ، مستقوين بالانفراد وبدعوى شذوذ المقالة !! طبعا إذا صحت دعواهم في الانفراد أو الشذوذ ، إذ ما أكثر ما نقص اطلاعهم عن معرفة مقالات المجتهدين ، كما أنهم ما أكثر ما وصفوا بالشذوذ من غير ضوابط تسمح بتصحيح هذا التشذيذ !
فالقول بوجوب صلاة الجماعة في المسجد على الأعيان قول لم يقل به أحد من الفقهاء الأربعة ، فالأئمة الأربعة بين استحبابها وفرضها على الكفاية . فاختار القوم خلاف الأئمة الأربعة كلهم ، فأوجبوا صلاة الجماعة في المسجد على الأعيان . وليست المشكلة هنا (مع أن هذا الخلاف قد يكون بحد ذاته مشكلة فعلا) ، وإنما المشكلة في التشنيع على تقرير الأئمة الأربعة ، واستخباثه ، ووصف القائل به بالمهوّن من صلاة الجماعة وبالكاره لشعار الإسلام ، وإظهاره في ثوب الفاسق الماجن الداعي للفجور !!
فالحمد لله أن الله تعالى أنجى أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد (رضي الله عنهم) من هذا التجهيل والتفسيق ، بأن خلقهم الله تعالى قبلهم بأكثر من ألف ومائة سنة !! وإلا لنالهم ذلك التشنيع والانتقاص والاتهام في العلم والديانة !!
10- تخصيص التسهيل بالتنفير من خلال عبارة (( من تتبع رخص الفقهاء تزندق)) !! مع أن هذه العبارة إن قُصد بها الخطأ في التسهيل ، فهي عبارة خاطئة ؛ لأن التسهيل ليس أولى بالذم من التشديد . وإن قُصد بها زلات العلماء (تسهيلا وتشديدا معًا) فلا معنى لتخصيص إطلاقها والتشنيع بها على المتساهلين المتتبعين للإباحات من الخلاف غير المعتبر ، بل هي تشمل المتتبعين للتشديد من الخلاف غير المعتبر أيضا ، كما شملت التسهيل من الخلاف غير المعتبر سواء .
11- تحريم ما لم يُسبقوا لتحريمه قط ، وابتداع مقالات في التشدد خلافا للأمة منذ بزوغ فجر الإسلام إلى اليوم !
أسمعتم بفتوى تحريم أن تجمع المرأة شعرها على أعلى رأسها ؛ بحجة حديث : «صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر ، يضربون بها الناس . ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» ، وهو حكم ما سبقهم إليه أحد ، وفهم من الحديث لم بذهب إليه أحد من شراح الحديث . لا مُفتو الإنس ولا فقهاء الجن !! ومن زعم غير ذلك في الجن ، فاليثبته ! وأما الإنس فلا سبيل لهم إلى ادعائه !! وأما حجتهم عليه فهي فهم لم يفهمه فقيه قبلهم ، ولن يفقهه فقيه بعدهم !!
ثم هل سمعتم بتحريم أن يقول الرجل ((ونعم بالله)) ، بحجة أنها عامية !!
وهل سمعتم بتحريم إهداء الزهور للمرضى في المستشفيات ؛ لأنه إسراف وتشبه بالكفار !!
في قائمة طويلة من عجائب الفتاوى !!
ثم نتساءل : من أين جاء الغلو ؟!
ثم نتساءل : من أين تعلم طلاب العلم هذه السطحية في تناول مسائل العلم ؟!
تاريخ النشر : 1437/02/01 هـ
منقول
مقالة اطلعت عليها فوجدت أن كثيرا مما تضمنته ملامس لواقع الحال في أمتنا ..فرأيت مشكاركتكم بما وجدته نافع ماتع فمتابعة طيبة ..
مظاهر محاباة التشدد
والتعاطف مع الغلو
لمحاباة التشدد والغلو والتعاطف معه مظاهر ، منها :
1- اغتفار الخطأ في التشدد : فمن أخطأ في التحريم : فهو منه اجتهاد ، (هذا هو اجتهاده يا أخي) ، وهو مطلقا بين الأجر والأجرين . أما من أخطأ في الإباحة : فجاهل ، قليل ديانة ، ماجن ، منهزم نفسيا ، تغريبي ... ولا مانع من وصفه بالدياثة إذا تعلق الموضوع بأحكام النساء !!
2- استبطان التقدير في النفوس لأصحاب الغلو في التشدد !
فالتشدد عندهم ناشئ من شدة ورع صاحبه !! ومن زيادة تدينه !! وإلا : فلماذا تشدد ؟!!
مع أن صاحبنا هذا كان يجب أن يتورع عن التشدد كما يتورع عن التساهل :
- فكلاهما استدراك على الشرع وخروج عن حدوده .
- ومع أن زيادة التدين كنقصانه ، كلاهما مخالف لمراد الله تعالى مبغوض له عز وجل . وهؤلاء الخوارج ، ما ضلوا إلا بالزيادة ، لا بالنقصان !!
3- إطلاق أوصاف منفرة في التساهل وتخصيصه بها وهي تعم المتشدد معها :
فالمتساهل : متفلت ، مع أن المتشدد متفلت من أحكام الشرع أيضا .
والمتساهل : مميع ، مع أن المتشدد مميع لأحكام الشرع مثله .
والمتساهل : منهزم نفسيا أمام ضغط الواقع ، مع أن المتشدد انهزم مثله ، لكن الهروب قد يكون للخلف وقد يكون للأمام ، فكل من ترك ساحة المعركة (وهي معركة جهاد النفس في واقع شديد) بالتساهل أو بالتشدد فقد انهزم وهرب .
4- حصر الاحتياط المطلوب في التشدد : فالاحتياط للدين لا يتصورون إلا أنه احتياط بتحريم الحلال وإيجاب غير الواجب ، مع أن المحتاط يجب أن يخاف التحريم كما يخاف التحليل ، ويخاف الإلزام بما لم يُلزم به الله كما يخاف ترك الالتزام بما ألزم الله به .
لقد بلغ الأمر إلى درجة تكفير أهل الشهادتين احتياطا !! مع أن الاحتياط كان يجب أن يكون في عدم تكفيرهم !! « فإن استباحة الدماء والأموال من المصلِّين إلى القبلة المصرِّحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأٌ ، والخطأ في تَرْكِ ألف كافرٍ في الحياة أهونُ من الخطأ في سفك محجمةٍ من دمِ مسلمٍ» ، كما قال الإمام الغزالي.
وبلغ الأمر أن أصبح الاحتياط بعدم التحريم منسيا ، كأنه لا وجود له !!
5- حصر الورع في التشدد ، فالورع أصبح مرادفا للتحريم !
مع أن الورع عن التحريم إن لم يكن أولى من الورع به : فهو مثله ؛
- لأن الأصل فيما سوى العبادات هو الإباحة ، وأما التحريم : فاستثناء .
- ولأن الأصل براءة الذمة ، وانشغالها يحتاج دليلا .
- ولأن الأصل هو الإعذار بالجهل ، وأن الجهل مانع من التأثيم والتكفير .
- ولأن الشريعة جاءت بالتيسير ورفع المشقة والحرج والضيق .
- ولأنها جاءت لتحقيق سعادة الإنسان لا لشقاوته .
وغير ذلك من قواعد الإسلام وكلياته التي توجب أن يكون الورع عن التشديد أحق من الورع به ومن الورع له !!
6- الظن بأن حماية أحكام الشريعة لا تكون إلا (بسد الذريعة) ، ثم : بمجرد التوهمات والظنون الضعيفة أن هناك ذريعة !
وتوهم أن سد الذريعة لا يكون إلا بالتحريم والمنع ، مع أنه قد يكون السد بالفتح ! بتوسيع دائرة المباح ، وتنبيه الناس إلى أن لهم في الحلال غنية عن الحرام ، بما يحقق لهم غايتهم في الحرام : من تحصيل لذة ، أو جمع مال ، أو تحقيق مصلحة .
فـ(المبالغة) في سد الذرائع و(تأبيد) أحكامها و(عدم محاولة) العودة بالحكم الشرعي إلى أصله من الإباحة ، هذه الأنواع من الإخلال الثلاثة :
- فيها سوء ظن بالشريعة وأنها لا تكفي لتحقيق المصالح الدينية والدنيوية !
- وفيها مزايدة في الغيرة على الشرع ، مزايدة على الله تعالى وعلى رسوله ﷺ !!
- وفيها معارضة لحقيقة ثبات الشريعة وشمولها .
- وفيها سوء ظن بالمسلمين وتربيتهم على سوء الظن هذا ، وكأنهم لا يحول بينهم وبين المروق من أحكام الشريعة غير هذا المنع والتحريم المبدل لحكم الله تعالى .
7-التغليظ في المعاصي فوق قدرها : فالصغائر تصبح كبائر ، والكبائر يغالى في درجتها ضمن الكبائر ، فضلا عن التكفير بها .
لقد سمعنا من يصف التدخين بأنه أخبث من الخمر ، وأنه مفسد للضروريات الخمسة التي جاء الإسلام لحفظها (الدين والنفس والعقل والعرض والمال) !!
وحلق اللحية لا يشكون في كونه من الكبائر !! مع أنه مكروه عند الشافعية ، وليس محرما أصلا ، وهو كذلك عند جمع من المالكية والحنابلة ، ولهم أجوبة قوية ومقنعة على حجج المحرمين . هذا على القول بالحرمة ، أما أنها كبيرة بحجة الإصرار أو المجاهرة فهو جهل .
وإسبال الثوب بغير مخيلة ، والذي هو مكروه عند جمهور أهل العلم = كبيرة !!
وتكفير أهل الشهادتين عندهم كـ(السلام عليكم) ، وألذ عندهم من الماء البارد على الظمأ !!
وقد بينت خلل منهجهم في التكفير ببيان الصحيح فيه في كتابي (تكفير أهل الشهادتين) .
8- انتقاص المكروهات لصالح المحرمات ، والمستحبات لصالح الواجبات !
فلا تكاد تسمع كلمة مكروه في فتاواهم ؛ لأن المكروه قد أصبح حراما !! وما أكثر ما أصبح المستحب واجبا عندهم !!
وحججهم على التحريم والإيجاب حجج تضحك الثكلى وتبكي العالم !!
9- استطابة الأخذ بالقول الشاذ أو المنفرد في التحريم ، واستخباثه في التحليل .
فإن انفرد عالم بتشديد انفرادا معتبرا أو غير معتبر ، بخلاف سائغ أو غير سائغ ، مالوا إلى قوله ، مستقوين بكونهم مسبوقين للتحريم والتشديد .
وأما إن فعل أحد فعلهم في الإباحة والتخفيف ، فاستقوى بخلاف من خالف تحليلا وتسهيلا ، شنوا عليه الغارة ، وشنعوا عليه ، مستقوين بالانفراد وبدعوى شذوذ المقالة !! طبعا إذا صحت دعواهم في الانفراد أو الشذوذ ، إذ ما أكثر ما نقص اطلاعهم عن معرفة مقالات المجتهدين ، كما أنهم ما أكثر ما وصفوا بالشذوذ من غير ضوابط تسمح بتصحيح هذا التشذيذ !
فالقول بوجوب صلاة الجماعة في المسجد على الأعيان قول لم يقل به أحد من الفقهاء الأربعة ، فالأئمة الأربعة بين استحبابها وفرضها على الكفاية . فاختار القوم خلاف الأئمة الأربعة كلهم ، فأوجبوا صلاة الجماعة في المسجد على الأعيان . وليست المشكلة هنا (مع أن هذا الخلاف قد يكون بحد ذاته مشكلة فعلا) ، وإنما المشكلة في التشنيع على تقرير الأئمة الأربعة ، واستخباثه ، ووصف القائل به بالمهوّن من صلاة الجماعة وبالكاره لشعار الإسلام ، وإظهاره في ثوب الفاسق الماجن الداعي للفجور !!
فالحمد لله أن الله تعالى أنجى أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد (رضي الله عنهم) من هذا التجهيل والتفسيق ، بأن خلقهم الله تعالى قبلهم بأكثر من ألف ومائة سنة !! وإلا لنالهم ذلك التشنيع والانتقاص والاتهام في العلم والديانة !!
10- تخصيص التسهيل بالتنفير من خلال عبارة (( من تتبع رخص الفقهاء تزندق)) !! مع أن هذه العبارة إن قُصد بها الخطأ في التسهيل ، فهي عبارة خاطئة ؛ لأن التسهيل ليس أولى بالذم من التشديد . وإن قُصد بها زلات العلماء (تسهيلا وتشديدا معًا) فلا معنى لتخصيص إطلاقها والتشنيع بها على المتساهلين المتتبعين للإباحات من الخلاف غير المعتبر ، بل هي تشمل المتتبعين للتشديد من الخلاف غير المعتبر أيضا ، كما شملت التسهيل من الخلاف غير المعتبر سواء .
11- تحريم ما لم يُسبقوا لتحريمه قط ، وابتداع مقالات في التشدد خلافا للأمة منذ بزوغ فجر الإسلام إلى اليوم !
أسمعتم بفتوى تحريم أن تجمع المرأة شعرها على أعلى رأسها ؛ بحجة حديث : «صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر ، يضربون بها الناس . ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» ، وهو حكم ما سبقهم إليه أحد ، وفهم من الحديث لم بذهب إليه أحد من شراح الحديث . لا مُفتو الإنس ولا فقهاء الجن !! ومن زعم غير ذلك في الجن ، فاليثبته ! وأما الإنس فلا سبيل لهم إلى ادعائه !! وأما حجتهم عليه فهي فهم لم يفهمه فقيه قبلهم ، ولن يفقهه فقيه بعدهم !!
ثم هل سمعتم بتحريم أن يقول الرجل ((ونعم بالله)) ، بحجة أنها عامية !!
وهل سمعتم بتحريم إهداء الزهور للمرضى في المستشفيات ؛ لأنه إسراف وتشبه بالكفار !!
في قائمة طويلة من عجائب الفتاوى !!
ثم نتساءل : من أين جاء الغلو ؟!
ثم نتساءل : من أين تعلم طلاب العلم هذه السطحية في تناول مسائل العلم ؟!
تاريخ النشر : 1437/02/01 هـ
منقول