تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لم يعودوا يشعرون بتلك الغربة


عائشة قدوتي
2016-01-29, 19:36
السؤال:


أحسن الله إليكم شيخنا


كنت قد سمعت من أحد مشايخنا الأفاضل ـ هنا في بلدنا الجزائر ـ كلاما ـ فهمت منه ـ أن الملتزمين لم يعودوا يشعرون بتلك الغربة التي كانت ظاهرة من قبل وما ذلك إلا لرجوعهمالقهقرى ...


فما تعليقكم شيخنا ؟

وهل لزاما أن يشعر أحدنا بالغربة ـ التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ليعلم من نفسه أنه على الطريق السويّ ؟

حفظكم ربي وزادكم من فضله.

محبكم يدعو لكم.
_____________________________________________

الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

حيّاك الله أخي الفاضل أبا عبد الرّحمن.

فالحديث عن هذا الموضوع يطول، وله حواشٍ وذيول، لذلك سألجأ إلى الاختصار، وإلاّ احتاج الموضوع إلى أسفار.

فلا يخْفَى على أحدٍ أنّ المنكرات قد علت خيامها، وارتفعت أعلامها، حتى كادت تحجب شمس الحقّ، وجلبت إليها أنظار الخلق.

ومن كلام أحمد بن عاصم الأنطاكي رحمه الله:

" إنّي أدركت من الأزمنة زماناً عاد فيه الإسلام غريبا كما بدأ، وعاد وصفُ الحقّ فيه غريباً كما بدأ:

إن ترغب فيه إلى عالِمٍ وجدتَه مفتوناً بحبّ الدّنيا، يُحبّ التّعظيم والرّئاسة !

وإن ترغب فيه إلى عابد وجدته جاهلاً في عبادته، مخدوعا صريعا غدره إبليس، وقد صعد به إلى أعلى درجة من العبادة وهو جاهل بأدناها فكيف له بأعلاها ؟

وسائر ذلك من الرّعاع، همج عوج، وذئاب مختلسة، وسباع ضارية، وثعالب ضوار !

[أخرجه أبو نعيم في " الحلية "].

قال ابن رجب رحمه الله يعلّق على هذا الكلام:

" فهذا وصف أهل زمانه،فكيف بما حدث بعده من العظائم والدّواهي الّتي لم تخطر بباله،ولم تدُرْ في خياله !؟"اهـ.

فاعلم - أخي الحبيب - أنّ الغربة تُجاهَ هذا الواقع الأليم، والخطب الجسيم غربتان: ظاهرةوباطنة.

أ) فالظّاهرة: غُربة أهل الصّلاح بين الفسّاق، وغربة الصّادقين بين أهل الرّياء والنّفاق، وغربة العلماء بين أهل الجهل وسوء الأخلاق، وغربة علماء الآخرة بين علماء الدّنيا.

ب) والغربة الباطنة: فغربة الهمّة، الّذين يُصلِحون ما أفسَد النّاس؛ فيأمرون بالمعروف، وينهَون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم.

فهذا النّوع من الغربة هو الّذي قلّ أصحابُه، وعزّ طلاّبُه.

- فالغربة الظّاهرة تزول بظهور الرّقّة في الدّين:

وذلك إذا أضحى من ظاهرُه الصّلاح جليس أهل الفساد، وشريك أهل العناد: يجلس حيث يجلسون، وينصِت إلى ما يُتصِتون، وإذا تعارضت لديه النّصوص والأقوال فالعلماء مختلفون !

- والغربة الباطنة تزول بترك الدّعوة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر:

فهذا الأصل الأصيل، والرّكن الرّكين تكاد أن تضيع دعائمُه، وتنطمس معالمُه.

ورحم الله أويسَ القرني القائل:" قيام المؤمن بحقّ الله لا يبقي له صديقاً ".

فهذا ما جادَت به العبارة، والغريب تكفيه الإشارة.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

الشيخ عبد الحليم توميات ( المصدر- منتديات نبراس الحق- )

~أمة الله~
2016-01-29, 20:56
جزاكِ الله خيرا أختي
وجزى الله الشيخ أبا جابِر خيرا
نسأل الله الهِداية والرّشاد

عائشة قدوتي
2016-01-29, 21:42
جزاكِ الله خيرا أختي
وجزى الله الشيخ أبا جابِر خيرا
نسأل الله الهِداية والرّشاد

بارك الله فيك أختي و نفع بك و حفظ الله الشيخ و جزاه خيرا
اللهم آمين و شكرا على مرورك العطر