أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2016-01-22, 12:16
بــــــسم الله الرحمن الرحيــــــــــم
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إذا ارتقيت رُبوة رابية ، تُشرف على غابة مُلتفّة الأغصان ، مُكتنزة البنيان .
فإن الباديَ للعين لن يكون إلاّ بواسق الأشجار ، و عظائم الأنهار ، و كلّ شاهق في الفضاء ، سامٍ بأنفه صوب السّماء
و كل جبل شامخ الهامة ، هائل القامة ، يحتل صدر المجلس ، كأنما سلطان الأمصار أو صاحب القرار
هذا الذي يغشى البصر أوّل مرّة ، و لو كان أعشى يشتكي الغشاوة
لكنك لن ترى ضِعاف النّبات و صغار الجثّة ، لن ترى الجداول و الأخاديد ، لن ترى الصّخور و الجلاميد
و لو كان نظرك من الحِدّة بمكان ،
إلا إذا نزلت إلى الأض ، و صار مسار نظرك بموازاة خط العرض
أو دخلت تلك الغابة ، و نزّهتَ ذاتك في تلك الصّابة
عند ذلك ... ترى هاته المخلوقات الذَّليلة الضعيفة ، و قد اشتدّت عليها و طأة الكِبار
تداس بالحوافر و الأقدام ، قد التصقت بالثرى ، تُقيةً من بأس الورى
في مقالات النُّظار و الفلاسفة
هذه هي المعادلة التي تميز الأعلام عن الأقزام
مادام المرء يُرى لِأوائل الوُهَل و هو أكبر من يُستر و أعظم من أن يُشهر
فهو إلى المركز أقرب ، أو أنه هو (( هو ))
و إن كان أحقرَ من أن يُبصر و أخفى من أن يُذكر
فهو من بُغاث الطير و من سَقَط المتاع
لكن ...
قد يروج هذا عند من قد ضيعوا ألبابهم قبل أن يُضيّعوا أديانهم
أوَ يسوغ أن يكون من الأعلام من اشتهر بالسّفاسف و المجون
أوَ يكون من الأعلام من اشتهر بالبراءة من الأديان و من وجود الملك الدّيان
أوْ هل يسوغ أن يكون من الأقزام أمثال هذا الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه و سلّم :
(( طوبى لعبدٍ آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع ))
رواه البخاري. قال ابن حجر: "فيه ترك حب الرئاسة والشهرة وفضل الخمول والتواضع".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) رواه مسلم.
وجاء في حديث معاذ (إن خير عباد الله الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يفطن لهم يخرجون من كل غبراء مظلمة) رواه ابن ماجه.
وروي في الأثر : ( إن أهل الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا، وإذا قالوا لم ينصت لهم. حوائج أحدهم تتخلخل في صدره، لو قسم نوره يوم القيامة على الناس لوسعهم).
أليس من كبار المشتهرين النُّمرود و فرعون و قارون و أبو جهل و أمية بن خلف و لينين و ستالين و هتلر و ماركس
بلى ، فهم في مكاييل الفلاسفة و النّظار أعلام و هم قاب قوس أو أدنى من المركز و المحور
لكنهم في نظر العقلاء و أهل الحق أقصر من الأقزام و أحقر من ثقب الحزام
و ما زاد هوانًهم و اتِّضاعَهم عند الناس ، اشتهارهم بكل رذيلة و نقيصة
و هذه حتمية أكيدة ليكون بين مواقعهم و بين المركز ملايير السنوات الضوئية
الفرق بين نظر العقلاء و سفسطة السّفهاء كالفرق بين موازين الأمناء و موازين الخبثاء
كان أويس القرني يؤثر الخفاء و الظل ، و لم يكن يؤبه له في أوانه كيف لا و هو القائل لعمر بن الخطاب ـــ عندما أراد أن يكتب له كتابا إلى عامله على الكوفة بالوصاية به و قضاء حاجاته ـــ
قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي
ألم يكن : ابراهيم بن أدهم و الفضيل بن عياض و عبد الله بن المبارك و مالك بن دينار و الأئمة كلهم يفرون من الشهرة فرارنا من المجذوم .
أليسوا أعلاما و أنجما اليوم
الظهور و الإشتهار أو الخفاء و الإستتار إن رافقتهما التقوى و الاستقامة كان صاحبهما قريبا من المركز و المحور بحسب قوّتهما ضَعفا و قوة
و العكس بالعكس .
بقلم المهاجر إلى الله
السُّلمي
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إذا ارتقيت رُبوة رابية ، تُشرف على غابة مُلتفّة الأغصان ، مُكتنزة البنيان .
فإن الباديَ للعين لن يكون إلاّ بواسق الأشجار ، و عظائم الأنهار ، و كلّ شاهق في الفضاء ، سامٍ بأنفه صوب السّماء
و كل جبل شامخ الهامة ، هائل القامة ، يحتل صدر المجلس ، كأنما سلطان الأمصار أو صاحب القرار
هذا الذي يغشى البصر أوّل مرّة ، و لو كان أعشى يشتكي الغشاوة
لكنك لن ترى ضِعاف النّبات و صغار الجثّة ، لن ترى الجداول و الأخاديد ، لن ترى الصّخور و الجلاميد
و لو كان نظرك من الحِدّة بمكان ،
إلا إذا نزلت إلى الأض ، و صار مسار نظرك بموازاة خط العرض
أو دخلت تلك الغابة ، و نزّهتَ ذاتك في تلك الصّابة
عند ذلك ... ترى هاته المخلوقات الذَّليلة الضعيفة ، و قد اشتدّت عليها و طأة الكِبار
تداس بالحوافر و الأقدام ، قد التصقت بالثرى ، تُقيةً من بأس الورى
في مقالات النُّظار و الفلاسفة
هذه هي المعادلة التي تميز الأعلام عن الأقزام
مادام المرء يُرى لِأوائل الوُهَل و هو أكبر من يُستر و أعظم من أن يُشهر
فهو إلى المركز أقرب ، أو أنه هو (( هو ))
و إن كان أحقرَ من أن يُبصر و أخفى من أن يُذكر
فهو من بُغاث الطير و من سَقَط المتاع
لكن ...
قد يروج هذا عند من قد ضيعوا ألبابهم قبل أن يُضيّعوا أديانهم
أوَ يسوغ أن يكون من الأعلام من اشتهر بالسّفاسف و المجون
أوَ يكون من الأعلام من اشتهر بالبراءة من الأديان و من وجود الملك الدّيان
أوْ هل يسوغ أن يكون من الأقزام أمثال هذا الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه و سلّم :
(( طوبى لعبدٍ آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع ))
رواه البخاري. قال ابن حجر: "فيه ترك حب الرئاسة والشهرة وفضل الخمول والتواضع".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) رواه مسلم.
وجاء في حديث معاذ (إن خير عباد الله الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يفطن لهم يخرجون من كل غبراء مظلمة) رواه ابن ماجه.
وروي في الأثر : ( إن أهل الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا، وإذا قالوا لم ينصت لهم. حوائج أحدهم تتخلخل في صدره، لو قسم نوره يوم القيامة على الناس لوسعهم).
أليس من كبار المشتهرين النُّمرود و فرعون و قارون و أبو جهل و أمية بن خلف و لينين و ستالين و هتلر و ماركس
بلى ، فهم في مكاييل الفلاسفة و النّظار أعلام و هم قاب قوس أو أدنى من المركز و المحور
لكنهم في نظر العقلاء و أهل الحق أقصر من الأقزام و أحقر من ثقب الحزام
و ما زاد هوانًهم و اتِّضاعَهم عند الناس ، اشتهارهم بكل رذيلة و نقيصة
و هذه حتمية أكيدة ليكون بين مواقعهم و بين المركز ملايير السنوات الضوئية
الفرق بين نظر العقلاء و سفسطة السّفهاء كالفرق بين موازين الأمناء و موازين الخبثاء
كان أويس القرني يؤثر الخفاء و الظل ، و لم يكن يؤبه له في أوانه كيف لا و هو القائل لعمر بن الخطاب ـــ عندما أراد أن يكتب له كتابا إلى عامله على الكوفة بالوصاية به و قضاء حاجاته ـــ
قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي
ألم يكن : ابراهيم بن أدهم و الفضيل بن عياض و عبد الله بن المبارك و مالك بن دينار و الأئمة كلهم يفرون من الشهرة فرارنا من المجذوم .
أليسوا أعلاما و أنجما اليوم
الظهور و الإشتهار أو الخفاء و الإستتار إن رافقتهما التقوى و الاستقامة كان صاحبهما قريبا من المركز و المحور بحسب قوّتهما ضَعفا و قوة
و العكس بالعكس .
بقلم المهاجر إلى الله
السُّلمي