المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفِتَنُ وموقف المسلم منها .


عَبِيرُ الإسلام
2016-01-18, 12:16
https://mohammadamroudotcom.files.wordpress.com/2013/08/d8a8d8b3d985-d8a7d984d984d987-d8a7d984d8b3d984d8a7d985-d8b9d984d98ad983d985.gif

https://pbs.twimg.com/media/BaQ4EfbIIAAANae.jpg


موقف المسلم من الفتن .

للشّيخ صالح الفوزان بن عبدالله الفوزان حفظه الله.


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فإن الموضوع الذي سنتحدث عنه إن شاء الله هو كما أُعُلن "موقف المسلم من الفتن" وقانا الله وإيّاكم شرّها.

والفتن: جمع فتنة، وهي الإبتلاء والإختبار، وسُنّة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يبتليهم، ولا يتركهم من غير ابتلاء لأنّهم لو تركوا من غير ابتلاء لم يتميّز المؤمن من المنافق، ولم يتبيّن الصادق من الكاذب ولحصل الإلتباس كما قال الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُون* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين)،

فالله سبحانه يجري الفتن ليظهر ويُعلم الصادق من الكاذب، ولولا ذلك لم يميّز بين هذا وهذا ولتبس الأمر ووثق المسلمون بمن يظهر لهم الإيمان والإسلام وهو على خلاف ليخدع وليغش ، لأجل أن يحذروه ولا يثق به على أسرارهم وعلى أمورهم، ولو لم يكن هناك فتن ما عرفوه ولا، اختلط المؤمن بالمنافق، واختلط الصادق بالكاذب وحصل الفساد ولم يتميز هذا من هذا، ومن حكمته ورحمته أنّه يجري هذه الفتن لأجل أن يمايز بين الفريقين.

فالله سبحانه وتعالى حكيم في صنعه، وفي ما يجريه بهذا الكون، فالله قال لنا: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ)، (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من اختلاط المنافقين والكاذبين مع المؤمنين الصادقين لأنّ هذا يحصل به ضرر كبير على الدّين والدّنيا،

(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ) وذلك بالفتن التي يجريها على عباده، (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) أنتم لا تعلمون ما في القلوب، فكثيرون بمن أظهر لكم الولاء والصدق والمصادقة والإيمان لأنّكم لا تتطلّعون على ما في قلبه وهو عدوّ متربّص، فلمّا كان الناس لا يعلمون ما في القلوب جعل الله هذه الفتن مظهرة لما في القلوب من المحن والكذب والنّفاق، فإنها إذا جاءت الفتنة تكلّم المنافقون فعرفوا وانحازوا إلى الكفّار ولم يثبتوا، وأمّا في وقت الرّخاء فهم لا يُعرفون ويخدعون ويكذبون ويمارسون أعمالهم الخبيثة،

وأما قوله: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي) أي يختار (مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ) هذا استثناء من قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ)، فإن الله يطلع على الغيب مَن شاء من رسوله على شيء من الغيب لأجل المعجزة الدّالة على صدقهم، ولأجل أن يعالجوا هذا الخَلل الذي يحصل في المجتمع وفي الأمم (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ) كما قال الله جلَّ وعلا: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)، فالرسل قد يطلعهم الله على شيء من المغيبات لأجل مصلحة الدعوة وإثبات الرسالة، أمّا غير الأنبياء فإنّهم لا يطلعون على الغيب ولا يطلعهم الله على الغيب: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)، فهذه هي الحكمة في إجراء الفتن على العباد.

والفتن لا تكون في وقت دون وقت؛ بل الفتن في جميع أطوار الخليق كما قال الله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هذه سُنَّة الله في خلقه سبحانه وتعالى.

والفتن متنوّعة:

تكون الفتن في الدّين.

تكون الفتن في المال.

تكون الفتن في الأولاد.

تكون الفتن في المقالات والمذاهب والاختلاف، تكون متنوعة.

فالله سبحانه وتعالى يجريها على عباده لنصرة دينه وخذلان أعداءه المتربّصين: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) يعني: ينتظرون بكم، (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً* إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)، وما أكثر المنافقين في كل زمان ومكان.

والفتن على اختلاف أنواعها وتعدّدها ترجع على نوعين:

النوع الأول: فتن الشبهات: تكون في الدين وفي العقيدة.

النوع الثاني: وفتن الشهوات: تكون في السلوك والأخلاق والملذات والمشتهيات للبطون والفروج وغير ذلك من الشهوات كما قال جلَّ وعلا في سورة التوبة: (كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) يعني: بشهواتهم (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) تشبّهتم بهم في نيل الشهوات المحرمة وإن كانت على حساب دينكم وأخلاقكم،
(كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً) أنظروا الابتلاء والامتحان (كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) أي: بنصيبهم من هذه الأمور، انطلقوا معها تاركين لدينهم في فروجهم، وفي بطونهم، وفي رئاساتهم، وفي ما يشتهون: (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) تشبّه، ثم قال: (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا)هذه فتنة الشبهات الخوض في أمور الدين، ظهور المقالات المخالفة، ظهور الفرق المخالفة هذا من الفتن في الدّين فتن الشُّبهات، منها نشأ ما نشاء من الفرق في الإسلام فرقة القدرية، فرقة الجهمية، فتنة الشيعة، وفتن كثيرة انحدرت من هذه الفتن، وهذه الفرق كما قال صلى الله عليه وسلم: "ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على ما أنا عليه" أو"على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" فرقة واحدة ناجية تسمى الفرقة الناجية، لأنها نجت من النار كلها في النار إلا واحدة نجت من النار بسبب أنها تمسّكت بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وثبتوا على ذلك، وصبروا عليه رغم ما يعترضهم من الصعوبات ومن المشقات إلا أنهم صبروا، وثبتوا على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم ينجرفوا مع الفرق المنجرفة.

وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، وفي رواية: "وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ"، الرسول ما ترك شيئا إلا وضّحه لنا، وبيّنه لنا، ومن ذلك أنّه بيّن موقف المسلم من هذه الفتن: أنّه يكون على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ويلزم ذلك ويصبر عليه، ويكون على سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذا فيه النجاة من الفتن، وهذا موقف المسلم من الفتن أنه لا ينخدع ولا ينجرف معها وإنما يبقى على دينه، ويصبر عليه، وله قدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لاسيّما الخلفاء الراشدين المهديين.

وكذلك من المنجيات من هذه الفتن وموقف المسلم منها: أنه يلزم جماعة المسلمين وإمام المسلمين الموجودين في عهده، فيكون مع جماعة المسلمين وإمام المسلمين ويبتعد عن الفرق المخالفة، لأن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتن قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني من ذلك أنه سأله: ماذا يصنع؟ ما تأمرني إن أدركني ذلك؟ أي وقت الفتن الاختلاف قال: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ" ما داموا موجودين ولو كانوا قلّة، إذا كانوا على الحق تلزمهم وتكون معهم، وتكون تحت إمامهم، إمام المسلمين، لأن هذا منجاة من الفتن بإذن الله،

"تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ" ولا تنجرف مع المنجرفين باسم الحرية أو باسم الديمقراطية أو باسم العلمانية أو باسم التعددية أو ما أشبه ذلك، لا ليس هذا عندنا، نحن نتمسّك بديننا وننحاز مع جماعة المسلمين وإمام المسلمين ، هذا هو النجاة من الفتن عند حدوثها، ولا نغتر بالدعايات، ولا نعتر بزخرف القول، ولا نصغي إلى الشُّبُهات التي تحاول أن تجتثنا من جماعة المسلمين وإمام المسلمين،

قال حذيفة رضي الله عنه: فإِنْ لَمْ يكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟،- ولا حول ولا قوة إلا بالله - جاءت فتن عظيمة وليس هناك جماعة ولا إمام للمسلمين، قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا" لا تدخل في الفتن، اعتزل هذه الفرق كلها لأنها ليس لبعضها ميزة على بعض، ليس فيها جماعة وليس فيها إمام، فهي كلّها على ضلال تائة لا تدخل معها، اعتزلها ولو أن تكون وحدك: "وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ"، فهذا موقف المسلم من الفتن:

أولاً: يأخذ بكتاب الله عز وجل.

ثانياً: يأخذ بِسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه خلفاءه وأصحابه.

ثالثاً: يكون مع جماعة المسلمين أينما وجودوا ومع إمام المسلمين.

رابعاً: إذا لم يكن هناك جماعة ولا إمام فإنه ينجوا بنفسه وينحاز عن هذه الفرق كلّها حتى يدركه الموت وهو ومتمسّك بدينه وعلى سُنّة نبيّه.

إن المنافقين في كل زمان ومكان وهم يعيشون بيننا وربما يكونون من أولادنا، ومن جماعتنا إنّهم يتربصون بالمسلمين الدوائر، وينحازون مع العدو دائما، إذا جاءت الفتن انحازوا إلى العدو وتركوا المسلمين كما حصل منهم يوم الأحزاب في غزوة الأحزاب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لمّا تألّف العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءوا يريدون القضاء على الإسلام والمسلمين، يريدون القضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، جاءوا وأحاطوا بالمدينة وهم كثرة كافرة من القبائل ،عند ذلك انحاز معهم اليهود ونقضوا العهد الذي أقاموه مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وانظموا إلى صفوف الكفار وهم أهل كتاب يعرفون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم انحازوا مع أعدائه وصاروا مع الكفار وقال الله جل وعلا: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدا)

ماذا كان موقف المؤمنين وما كان موقف المنافقين؟

(وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيد* وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورا) الرسول وعدنا أنّه سينتصر وأنّه سيبسط الأمن على الجزيرة ويسير الراكب من كذا وكذا آمنا والآن يقولون ما نقدر نذهب إلى قضاء حوائجنا، وين وعد الرسول؟ (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورا) هذا موقف المنافقين.

وأمّا المؤمنون: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً* مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً* لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً* وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) هذه النتيجة الآن لمّا حصل الامتحان وامتاز المنافقون عن المؤمنين وانحاز اليهود مع الكفار وهم أهل كتاب يعرفون أنّه رسول الله: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً)

وفي مطلع هذه الآيات يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً)

ماذا حصل؟

المسلمون ما قَاتَلُوا (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) أرسل الله ريحاً شديدة باردة فكفأت صدروهم وحصبتهم وأنزل ملائكة من السماء تلقي الرعب في قلوبهم فرحلوا خائفين مهزومين (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزا* وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ) اليهود الذين أعانوهم وانحازوا معهم أنزلهم الله من حصونهم التي تحصّنوا بها وظنّوا أنّها تمنعهم من الله عز وجل: (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً* وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا) هذا في خيبر ،أوّل لم تطئوها هذه النتيجة، نتيجة الصبر؛ لكن بعد الامتحان بعدما (وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدا) (وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) لكنّهم ثبتوا، ووجدوا وعد لله سبحانه وتعالى وصبروا ،هذه هي النتيجة، إذا تميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب عند هذه المحنة والفتنة وعند غيرها، هذه حكمة الله جل وعلا في إجراء الفتن.

واليوم كما تعملون الكفار أقبلوا على المسلمين بقبضهم وقضيضهم ومختلف مكرهم وأسلحتهم وكيدهم يردون القضاء على الإسلام والمسلمين بحجة أن الشعوب مظلومة، وأنّها مقهورة، وأنّها تريد حقوقها ، وبحجة الحرية والمطالبة بالحقوق والديمقراطية وإلى آخره، وانحاز إليهم من الكتاب المغرورين والمخدوعين مَن انحاز وصاروا يتكلّمون بألسنتهم ويقولون ما يقولون؛ ولكن كل هذا لن يضر الإسلام والمسلمين،

الآن ينادون بالتعددية الفكرية وبحرية المذاهب وحرية المقالات وإلى آخره، يعني ما لنا دين؟

ألم ينزل الله علينا كتابا من السماء ويرسل إلينا رسولاً ويأمرنا باتّباع الكتاب والسُنّة، والالتزام بطاعة ولاة الأمور من: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)،

ينادون بحرية المرأة بكل ما تعنيه الحرية البهيمية ، ما هي بالحرية الطيبة التي تحرر المرأة من الخنوع والخضوع للشهوات ورغبات الكفار، وأن تكون مثل الرجل وهي ليست كرجل (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى)، يردون أن تكون مثل الرجل أن تتولى أعمال الرجال، أن تخرج من البيوت التي هي مقار عملها: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ) لا يريدون هذا، يريدون أن تكون المرأة المسلمة مثل المرأة الغربية الكافرة؛ بل وأحق منها ستكون أحق منها لأنّها كفرت نعمة الله وتركت آداب الإسلام وصارت أحق من المرأة الكافرة التي لم تعرف الإسلام ولم تعش تحت ظلهِ فترة طويلة ،فتكون أذل منها بكثير هم يريدون هذا، ويعلمون أنها إذا انجرفت النساء انجرف المجتمع لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ"، قال صلى الله عليه وسلم: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ" .

لمّا عرفوا أنّ النساء بهذه المثابة جنّدوها ضد أخلاقها، وضد دينها، وضد مجتمعها لينالوا مأربهم بها ، بالمرأة، ركزوا عليها وناصرهم من ناصرهم من المنافقين من أبنائنا ومن حولنا ناصرهم على ذلك صاروا ينعقون بآرائهم ويعلنون هذه الآراء التي لا يعرفون مغزاها ولا معناها وإنّما لأنها جاءت من قِبَل دول متقدمة بزعمهم وهي متأخرة في الحقيقة، جاءت أفكار من دول الغرب فيرونها كمالاً وأنّنا متأخرون وأننا, وأننا، نحتاج إلى إصلاح يسمّونها الإصلاح وهو الإفساد (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) كما يقول المنافقون:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) فهذا موقف هؤلاء عند الفتن ولم يصبر على ذلك إلا أهل الإيمان واليقين والثبات الذين لا يغترّون بالدعايات، نحن ولله الحمد لسنا في شك من ديننا ولسنا في شك من عقدتنا، فلماذا لا نتمسّك بديننا ونصبر عليه؟

لماذا لا نتمسّك بعقيدتنا؟

لماذا ننزل من أعلى إلى أسفل؟

هذا يريدون به أن نتخلى عن عزّتنا ، الله جلَّ وعلا يقول: (وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ) بشرط ما هو الأعلون المطلقة بشرط (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، (وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

فبالإيمان يعلو المؤمنون، وبعدم الإيمان ينخذلون ويذلّون، ولكن لابد من الامتحان والابتلاء فلا نستغرب،.


وسيأتي فتن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنّه كلّما تأخّر الزمان اشتدّت الفتن وتنوّعت ، كل فتنة أشد من التي قبلها، فتن يرقّق بعضها بعضا، فتن يكون فيه "المؤمن القابض على دينه كالقابض على الجمر"، "بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ"، قالوا يا رسول الله: ومن الغرباء؟ قال:"الَّذِينَ يَصْلَحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ"، وفي رواية: "الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسَ"، هؤلاء هم الغرباء في آخر الزمان،

لماذا كانوا غُرَباء؟ لأنّ أكثر الناس ضدّهم وعلى خلاف ، فهم غُرَباء.

والغريب: هو الذي يعيش بين أناس ليسوا من أهله، وليسوا من بلده هذا هو الغريب.

فالمؤمن يعيش في آخر الزمان بين أناس ليسوا من أهله، وليسوا من موطنه بأخلاقهم وثقافتهم وأفكارهم ليسوا من بلده، فالمؤمن يصبر على ذلك: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).

أسال الله عز وجل أن يوفّقنا وإيّاكم لصالح القول والعمل.

وصلّى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


الموقع الرّسمي للشيخ صالح الفوزان حفظه الله،

مع تعديل بعض الأخطاء المطبعية

http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13693

عَبِيرُ الإسلام
2016-01-18, 13:06
أسباب الوقاية من الفتن



عباس ولد عمر



إنَّ إخبار النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أمَّته بما يكون بعده من الفتن، لم يكن لتستسلمَ الأمَّة لوقوعها، وتنتظر نزولها؛ ولكن المقصود منه التَّحذير من ملابستها، والتَّخويف من التَّعرُّض لها، والحثُّ على مجانبتها، والتَّحريض على مدافعتها.
عن المقداد بن الأسود قال: ايم الله، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا»(1).


قوله صلى الله عليه وسلم: «فواهًا» كلمة لها استعمالات، منها الإعجاب بالشَّيء والاستطابة له، كأنَّه قال: ما أحسن وأطيب صَبْرَ مَنْ صَبَر؛ فالمؤمن مطالب بالسَّعي لمجانبة الفتن، لكن إذا نزلت وكانت حتمًا مقدَّرًا، فما عليه إلاَّ أن يجاهد ويصبر حتَّى يرفعها الله سبحانه.


وقد جاءت نصوص الوحي دالَّة على جملة من الأسباب، تقي ـ بإذن الله ـ من أخذَ بها من تلك الفتن إذا نزلت؛ فمنها:
5 دعاء الله، والاستعاذة به، والتَّضرُّع له، وانكسار القلب بين يديه، وإظهار الافتقار إليه، والتَّبرُّؤ من الحول والقوَّة إلاَّ به:


ويكون ذلك بسؤال الله سبحانه تثبيت القلب قبل نزول الفتن، والخلاص منها والنَّجاة من شرِّها إذا وقعت عن أمِّ سلمة قالت: كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ! ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، قالت: فقلت: يا رسول الله! ما أكثر دعاءك: يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك؟! قال: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ! إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلاَّ وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابعِ اللهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ»(2).


وعن زيد بن ثابت أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «تَعَوَّذُوا باللهِ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»، قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن(3).
وفي حديث اختصام الملأ الأعلى: «وَإِذَا أَرَدْتَ بعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ»(4).
***

العمل بطاعة الله، والإقبال على عبادته، وملازمة تقواه:


فقد ثبت عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَادِرُوا بالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الـمُظْلِمِ»(5)؛ والمقصود من الحديث اغتنام الأوقات، والمسابقة إلى العمل الصَّالح والخيرات، قبل نزول الفتن الَّتي تصرف عن ذلك؛ وقد رغب كذلك صلى الله عليه وسلم في الانقطاع إلى العبادة زمن الفتنة فقال: «العِبَادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ»(6)؛ وفي روايةٍ للإمام أحمد (20311): «العِبَادَةُ في الفِتْنَةِ كَالهِجْرَةِ إِلَيَّ»؛

والهرج: القتل بتفسير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم(7) وهو من الفتنة كما جاء في الرِّواية الثَّانية.


والحديث قد دلَّ على التَّرغيب في العبادة زمن الفتنة، وعلى فضل العبادة ومضاعفة أجرها فيها؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جعلها كالهجرة إليه، وسبب ذلك أنَّ النَّاس في زمن الفتنة يشتغلون بها، ويغفلون عن العبادة، فلا ينتبه لها إلاَّ القليل.


وفي حديث الوليِّ، قال الله تعالى: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ, وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ, وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ, فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بهَا, وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ, يَكْرَهُ المَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ»(8)(9).


فقوله سبحانه: «كُنْتُ سَمْعَهُ» إلى قوله: «يَمْشِي بهَا»، معناه كما ذكر العلماء: أنْ يوفِّقه الله ويسدِّده، فيكون عمله كلُّه في طاعة الله، وسعيه في محابِّ مولاه، ولا يستعمل أعضاءه وجوارحه إلاَّ فيما فيه رضاه؛ فلازمه أنَّ مَنِ اجتهد في تكميل الواجبات، وزاد عليها بالإكثار من المستحبَّات، لا سيما قبل حلول الفتن المدلهمَّات، فإنَّه سيجد ثمرة تقرُّبه إلى ربِّه، بتثبيته وعصمته من تلك الفتن؛ لأنَّ الله وعد ـ ووعده حقٌّ ـ بحفظ أوليائه وتثبيتهم، وعصمتهم وتسديدهم.


ونظير هذا ما جاء في وصيَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لابن عبَّاس: «اِحْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ»(10).


وقال سبحانه: ﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم﴾[الأنفال:29]، فوعد ـ سبحانه ـ من عمل بتقواه بأن يجعل له فرقانًا، وهو الهُدى والبصيرة الَّتي يفرِّق بها المؤمن بين الحقِّ والباطل، والهدى والضَّلال، والسُّنَّة والبدعة، ودعاة الرُّشد ودعاة الفتنة.
***
الإعتصام بالكتاب والسُّنَّة، والتَّزوُّد من علومهما، والتَّمسُّك بما عليه العلماء، ولزوم غَرزهم:


عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم »(11).


وفي حديث حذيفة رضي الله عنه: «كان النَّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشَّرِّ مخافة أن يدركني»، جاء في رواية أبي داود، قال: «يَا حُذَيْفَةُ! تَعَلَّمْ كِتَابَ اللهِ، وَاتَّبعْ مَا فِيهِ» (ثلاث مرار)، فما زال حذيفة يسأل والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يردِّد له هذه الوصيَّة ثلاثًا(12).


ومِنْ أنفع ما يَقي مِنَ الفتن كذلك العلم الشَّرعي المستنبط من الكتاب والسُّنَّة، المنضبط بأصول سلف الأمَّة؛ لأنَّه كما قال ابن سيرين: «إِنَّ هَذَا العِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ»(13)، فبالعلم يهتدي المسلم إلى الصِّراط المستقيم، وبالعلم يعرف الحقَّ من الباطل، وبالعلم يميز بين السُّنَّة والبدعة، وبالعلم يدرك الفتنة.
ولَمَّا كان العلم من أنفع أسباب الوقاية من الفتن، كان أهله ـ وهم العلماء ـ أوَّل من يتفطَّن لها قبل نزولها، كما قال الحسن البصري: «إنَّ هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كلُّ عالم، وإذا أدبرت عرفها كلُّ جاهل»(14).


قال الإمام البخاري في «صحيحه»: وقال ابن عيينة عن خلف بن حوشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلوا بهذه الأبيات عند الفتن، قال امرؤ القيس:
الحرب أوَّل ما تكـون فتــيـــة تســـعى بزينتها لكـلِّ جـهـولِ
حتَّى إذا اشـتعلت وشـبَّ ضِرَامُهَا ولَّـت عـجـوزا غـيـرَ ذاتِ حلِـيلِ
شمطاءَ يُــنْكَرُ لَــــوْنُهَا وتغيَّــــرَتْ مـكـروهــةً لــلـشَّـمِّ والـتَّـقبـيـلِ


فإذا علم هذا كان الواجب على أهل الإيمان أن يسيروا خلف علمائهم في زمن الفتنة، حتَّى لا يجرفهم سَيْلُها، لا أن يتقدَّموهم، كما يقع أحيانًا كثيرة؛ تجد العلماء مغيَّبين، والَّذي يتكلَّم ويتصدَّر، ويقود وينظِّر، هم حدثاء الأسنان، وسفهاء الأحلام؛ لا يراعون مصلحة، ولا ينظرون إلى عاقبة؛ دافعهم الحماس والعاطفة، وقائدهم التَّهوُّر والعجلة، فيَجْنُونَ على أنفسهم، ويجرُّون الويلات إلى أمَّتهم.


يدلُّ على هذا قول ربِّنا سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾[النساء:83].
***
حمل النَّفس على الصَّبر، وتحديثها بالإحتساب:


قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾[آل عمران:200]، وقال جلَّ ذكره: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب﴾[الزُّمَر:10].


وعن أبي سعيد الخدري أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ»(15).


فنبيُّنا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إنَّما أكثر من ذكر الفتنة، وأفاض في وصفها؛ حتَّى يستعدَّ لها المؤمن، ويقاومها ويدافعها ما استطاع، ويكون ذلك بحَثِّ النَّفس على الصَّبر، وتذكيرها بما أعدَّ لها من عظيم الأجر، لا سيما إذا قوي داعي الفتنة، وكثر الهالكون فيها؛ عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ, وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ, فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا, وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»(16).


وعن عُتْبَةَ بنِ غزوان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ, لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ»، قالوا: يا نبيَّ الله! أو منهم? قال: «بَلْ مِنْكُمْ»(17).
***
إنكار الفتن بالقلب، وعدم الرُّكون إليها، وترك الخَوْض فيها، والإقلال من الحركة، والتَّحلِّي بالأناة والتُّؤدة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية لتلميذه ابن القيِّم: «لا تجعل قلبك للإيرادات والشُّبهات مثل السّفنجة، فيتشرَّبها فلا ينضح إلاَّ بها، ولكن اجعله كالزُّجاجة المُصْمَتَة، تمرُّ الشُّبهات بظاهرها ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبَك كلَّ شبهة تمرُّ عليها، صار مقرًّا للشُّبهات»(18).


ويشهد لهذه الوصيَّة النَّافعة، ما جاء في روايةٍ لحديث حذيفة السَّابق الَّذي ذكر فيه الفتنة الَّتي تموج كموج البحر، ففيها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ، عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالكُوزِ مُجَخِّيًا، لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»(19).


ففي هذا الحديث: شبَّه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى، بعرض قضبان الحصير على ناسجه واحدًا بعد واحد، «فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا» أي: رَضِيَ بها واطمأنَّ إليها، نقطت فيه نقطة سوداء، وتركت فيه أثرًا، «وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا» أي: ردَّها ورفضها، نقطت فيه نقطة بيضاء، حتَّى يصير قلبًا أبيض مصقولاً مثل الصَّفا، وهو الحَجَر الأملس الَّذي لا يعلق به شيء.


وأمَّا القلب الآخر فيصبح أسود مُربَادًّا من الرُّبدة، وهو لونٌ بين السَّواد والغُبرة، «كَالكُوزِ» إناء معروف، وهو الكوب الَّذي له عروة، «مُجَخِّيًا» أي مائلاً أو منكوسًا، شبَّه القلب المفتون بالإناء إذا انكبَّ؛ انصب ما فيه ولم يعلق به شيء، كذلك القلب المفتون، ظلمة الفتن تخرج نور الإسلام منه، فلا يعلق به خيرٌ ولا حكمة، ولا يعرف معروفًا، ولا يُنكر منكرًا، إلاَّ ما وافق الهوى الَّذي خضع لسلطانه(20).


وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَتَكُونُ فِتَنٌ، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي؛ مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بهِ»(21).


دلَّ هذا الحديث على أنَّ إضلال الفتنة للإنسان يكون بقدر موقفه منها، ومشاركته فيها، فكلَّما تعرَّض لها أكثر، كانت هلكته فيها أعظم، لذلك من استطاع أن يغيب عنها فليفعل، فذلك له أسلم.


وممَّا ينبَّه عليه في هذا المقام؛ أنَّه لا يجب على المسلم أن يكون له حكم أو موقف من كلِّ أمرٍ يحدثُ؛ لأنَّ شأن الفتن ـ لا سيّما في زمن اشتدادها ـ الخفاء والإلتباس؛ لذلك عليه أن يتأنَّى ويتريَّث، ويتوقَّف ويتثبَّت، فذلك خيرٌ له وأحسن تأويلاً.


فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «التَّأَنِّي مِنَ اللهِ، وَالعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ»(22).


وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إنَّها ستكون أمور مشتبهات! فعليكم بالتُّؤدة؛ فإنَّك أن تكون تابعًا في الخير خيرٌ من أن تكون رأسًا في الشَّرِّ»(23).
***
الاعتزال في الفتنة، والفرار من مواطنها، والإقبال على النَّفس ومحاسبتها، وترك أمر العامَّة:


فعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ، يتبع بهَا شَعَفَ الجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ»(24).


بوَّب البخاري لهذا الحديث في كتاب الإيمان من «صحيحه» بقوله: «باب من الدِّين الفرار من الفتن».


وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافَرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي»، قالوا: فما تأمرنا؟! قال: «كُونُوا أَحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ»(25).
قوله: «أَحْلاَس»: «جَمْع حِلْس، وهو الكِسَاء الَّذي يَلِي ظَهْر البعير تحت القَتَب»(26)، والمعنى: الْزَمُوهَا.


وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ بالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ؛ فَوَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يُبْعَثُ بهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ»(27).


دلَّت هذه الأحاديث على أنَّ سلامة المؤمن في زمن الفتنة، ونجاته منها؛ تكون بالإعتزال فيها، ولزوم البيت، والإقبال على النَّفس.


والمقصود من الإعتزال ولزوم البيت: مفارقة الشَّرِّ وأهله، فلا يمنع ذلك من شهود الجمعة والجماعة، والقيام بما وجب من الحقوق، ومناصحة الإخوان، والاجتماع معهم على الخير، والتَّواصي بالحقِّ والصَّبر.


كما دلَّ حديث عمران بن حصين على وجوب الإبتعاد عن مواطن الفتنة، ومجانبة مواضع الشُّبهة، وأن لا يزكِّي المؤمن نفسه، ويعجب بإيمانه؛ لأنَّه قد يوكل إليها، فيهلك مع من أهلكته الفتنة.


وممَّا يدخل تحت ذلك: مصاحبة أهل الأهواء، والنَّظر في كتبهم، وحضور مجالسهم، فإنَّها من أكبر الفتن الَّتي تُفسد على المؤمن دينه.


ذكر الذَّهبيُّ في ترجمة الإمام سفيان الثَّوري قوله: «منْ أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم، خرج من عصمة الله، ووكل إلى نفسه».


***


لزوم جماعة المسلمين، والسَّمع والطَّاعة في المعروف لإمامهم:
وهذا ممَّا تتأكَّد الوصيَّة به في فتن الخروج على الحكَّام، ومنازعة الأمر أهله، الَّتي يحدثها دعاة الثَّورات، ومَن يسلك مسلك التَّغيير بالإنقلابات، وهم في ذلك لخطى الخوراج مقتفون، ولمذهبهم معتقدون، وإن خدعوا النَّاس بالتَّبرُّؤ من رأيهم المأفون.


يدلُّ على هذه الوصيَّة حديث حذيفة: «كان النَّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشَّرِّ مخافة أن يدركني»، فممَّا ورد فيه: «فقلت: هل بعد ذلك الخير من شرٍّ؟ قال: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا، قال: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا»، قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»(28).


قال ابن حجر رحمه الله: «و[المراد] بالدُّعاة على أبواب جهنَّم، من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله: «الْزَمْ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، يعني وَلَوْ جَارَ»(29).


وأمَّا جماعة المسلمين؛ فالمقصود بها كما قال الإمام الطَّبري:
«والصَّواب أنَّ المراد من الخبر، لزوم الجماعة الَّذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة»(30).


ولخطورة هذا الأمر، قد جاءت النُّصوص مستفيضة تأمر بالسَّمع والطَّاعة في المعروف لأولياء الأمور وإن جاروا، وتزجر عن منازعة الأمر أهله، ونزع اليد من الطَّاعة وإن حادوا(31).


وحسبنا أن نذكر من ذلك وصيَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: «أُوصِيكُمْ بتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ...»(32).


وأمَّا إن لم يكن للنَّاس إمامٌ تجتمع عليه الكلمة، فتنازعوا في الأمر قددًا، وتفرَّقوا أحزابًا وشِيَعًا، فالواجب عند ذلك اعتزال جميع المختلفين، وعدم التَّحيُّز إلى أيِّ فئة من المتنازعين، كما دلَّ عليه تمام الحديث(33).


***


هذا ما يسَّر الله جمعه من أسباب الوقاية من الفتن، نسأله ـ سبحانه ـ أن يعصمنا من شرِّها، ويسلِّمنا من ضَرَرِها.


وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم إلى يوم الدِّين.


(1) رواه أبو داود (4263)، «الصحيحة» (975).

(2) رواه أحمد (26679)، والتِّرمذي (3522)، «الصَّحيحة» (2091).

(3) رواه مسلم (2867).

(4) رواه أحمد (3484)، والتِّرمذي (3233) عن ابن عبَّاس، «صحيح التَّرغيب» (408).

(5) رواه مسلم (118).

(6) رواه مسلم (2948) عن معقل بن يسار.

(7) رواه البخاري (6037) ومسلم (157).

(8) رواه البخاري (6502).

(9) ينظر لمزيد الفائدة حول نسبة التردد إلى الله سبحانه «مجموع الفتاوى» (18/129ـ135) فإنه نفيس.

(10) رواه التِّرمذي (2516) وهو صحيح.

(11) رواه الحاكم (318)، «صحيح التَّرغيب» (40).

(12) رواه أبو داود (4246)، وهو حسن.

(13) رواه مسلم في مقدِّمة الصَّحيح.

(14) رواه ابن سعد في «الطَّبقات» (7/166).

(15) رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053).

(16) رواه التِّرمذي (2396)، وابن ماجه (4031)، «الصَّحيحة» (146).

(17) رواه الطَّبراني في «الكبير» (289)، والمروزي في «السُّنَّة»، «الصَّحيحة» (494).

(18) «مفتاح السعادة» (1/443).

(19) رواه مسلم (144).

(20) انظر «شرح النَّووي على مسلم» و«النِّهاية في غريب الحديث والأثر».

(21) رواه البخاري (3601)، ومسلم (2886) واللَّفظ له.

(22) رواه البيهقي (20767)، وأبو يعلى (4256)، «الصَّحيحة» (1795).

(23) رواه ابن أبي شيبة (37177)، والبيهقي في «الشُّعب» (10371).

(24) رواه البخاري (19).

(25) رواه أحمد (19662)، وأبو داود (4262)، صحيح.

(26) «النِّهاية في غريب الحديث والأثر».

(27) رواه أحمد (19875)، وأبو داود (4319)، «صحيح الجامع» (6301).

(28) رواه البخاري (3606، 7084)، ومسلم (1847).

(29) «فتح الباري» (13/46).

(30) نقل كلامه هذا والَّذي يأتي بعده ابن حجر في «فتح الباري» (13/47).

(31) يراجع كتاب الإمارة من «صحيح الإمام مسلم» فقد أودع فيه المهمَّ من أخبار الباب.

(32) رواه أحمد (17144، 17145)، وأبو داود (4607)، والتِّرمذي (2676)، وابن ماجه (42)، «صحيح الجامع» (2549).

(33) وانظر كلام الطبري في «فتح الباري» (2/463).

* منقول من (مجلة الإصلاح العدد 20)





http://www.rayatalislah.com/index.php/qadaya-minhajia/item/457-2013-09-22-15-31-40

الربيع ب
2016-01-18, 17:59
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

هي الفتن إذا ... ؟
والتي حذر منها الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وأخبر عن وقوع أكثرها في آخر الزمن
وهاهي نبوءته تتحقق وتزيد الصادقين إيمانا وتمسكا بسنته عليه الصلاة والسلام
وها هي الفتن تترى وقد صارت كقطع الليل يتبع بعضها بعضا
الفتن لمن لا يعرفها قتَّالة ، فلا يغترن أحد بما هو عليه ، فإنها تُصيِّر الحلماء حيارى ..!!!

اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن
اللهم أحينا على سنة نبيك ، وأمتنا على ملته ، واحشرنا في زمرته ، واسقنا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبدا
اللهم أحينا على الإيمان وتوفنا على الإسلام لا ضالين ولا مضلين غير فاتنين ولا مفتونين .

بارك الله فيك أيتها الفاضلة
وجزى الشيخ خيرا على نصحه وتوجيهه
نفع الله به الأمة والمسلمين .

عَبِيرُ الإسلام
2016-01-18, 19:45
آمين ، وفيكم بارك الرّحمن ، الله يرضى عنكم إمامنا الفاضل ، جعلكم قدوة خير لنا ولجميع مَن اتّعظوا بمقالاتكم .

وسهّل لكم طريق الجنّة وأعانكم على الخير كلّه .

أم سمية الأثرية
2016-01-18, 21:31
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن

يا مقلب القلوب و الابصار ثبتنا على دينك

جزاك الله خيرا أختي و بارك الله فيك على هذا النقل الطيب

عَبِيرُ الإسلام
2016-01-19, 12:41
آمين وفيك بارك الله أخيّتي أم سميّة ، حفظك الله وأهلك ورعاكم

على المنهج
2016-01-19, 18:31
بارك الله فيك وفي العلامة بقية السلف الفوزان حفضه الله اللهم جنبنا الفتن

سلفي وأفتخر
2016-01-20, 09:43
لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

عَبِيرُ الإسلام
2016-01-21, 19:46
آمين ، وفيكم بارك الله ، حفظكم الله