المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل من أخطأ علنا يرد عليه علنا أم أن هناك أحوال


عبد القادر الطالب
2016-01-10, 09:01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:

هل القولُ بأنَّ من أخطأ علنًا يُرَدُّ عليه علنًا على إطلاق؟ أو أنَّ هناك أحوالًا ؟


قال الشيخ محمد المدخلي حفظه الله
من أخطأ أمام العامّة يُبيّن له، فَإِن رَجَع عَنه وإلا رُدَّ على خطئه أمام العامّة، إذ مصلحة العامة مقدمة على مصلحة الخاصّة، والرد عليه أمام العامة نصيحة له، فإِنِ انتفع فالحمد لله، وإلا نُصِحَ للناس حتى لا يغتّروا به، وأما الوُلاة فلا، الوُلاة إذا أخطأوا فنحن مزمومون بزمام النص، النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ نَصِيحَةٌ لِذِي سُلْطَان فَلَا يُبْدِهِ عَلَانِيَة" فَلفظة (عَلَن) موجودة بحروفها، لا يجوز، ﻷنَّ هذا مما يثير النفوس على وُلاة أمر المسلمين، إلا إذا كان عنده وتستطيع أن تُنكر عليهِ إذا وقعَ في المُنكّر فتوَكّل على الله، لا تكن كمن قالَ فيهِ القائِل:
وَإذا ما خَلا الجَبَانُ بأرْضٍ : طَلَبَ الطّعْنَ وَحدَهُ وَالنّزَالا
لأنه بعيد يتكلم أما إذا وَصَلَ عنده ارتَجَف، لا، فإنَّ رَسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ". فإذا كنت عنده وتستطيع فنعم، إذا وقعَ في مُنكرٍ علنًا أمام الناس كما في حديث أبي سعيد في الصحيح، أما هذا فقد أدّى الذي عليه لمّا أنكّر في مسألة الخُطبة وتقديمها في العيد على المرواني فإذا كُنت كذلك توكل على الله، أما أن تنشُر معايب الولاة في المجامع، مجامع الناس، وفي الصحف والإعلام هذا غلط، هذا خلافُ هديّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويجب على من فعل هذا أن يتوب منه، ولا يتأول لنفسه، العاقِل هو الذي يزّم نفسه بزمام النصّ، وإذا جاءهُ كلامُ الله، وكلام رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الرأس والعين.
هكذا كانَ أصحابُ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وهكذا كانَ التابعون- رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُم -وهكذا أئمة الهُدى- رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُم-واليوم بعض الناس إذا أخطأ في مثل هذا الباب وأمثاله تقول له، يتأوّل لِئَلا يقول عن نفسه أخطأ، أخطأت وماذا فيها؟ إذا كُنتُ أجهل النصّ أو خالفتُ الصريح الصحيح، ما أبردها على قلبي أن أقول أخطأت، وتبرأ بهذا ذمتُك، تسلّم من تبعة الناس، فإنّ الناس أجناس فمنهم الجاهِل وربما المتعصّب لك يُقلِدُك في الحقّ والباطِل فيزِل بزلتِك أقوام ويضلّ بضلالِك فئام.
فالواجِب علينا جميعًا أن ننطلق من هذا المُنطلَق، وذلك لأنَّ هؤلاء الوُلاة لهُم في نفوس الناس هيبة وحُرمة ومكانة فإذا انتُزعت من قلوب الناس اجتُرئ عليهم، وإذا اجترئ عليهم اختّلَ نظامُ العقد وحينئذٍ يحصل الشر، نسألُ الله العافية والسلامة.