المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوادث التفجير في ميزان الإسلام


أم سمية الأثرية
2016-01-05, 21:06
حوادث التفجير في ميزان الإسلام
إنَّ الحدث الأليم والتفجير المدمِّر الذي حدث في مدينة الرياض ليلة الثلاثاء الموافق 12/3/1424 والذي راح ضحيته عددٌ من الأنفس المعصومة وتلف عددٌ من الأموال المحرمة يُعدُّ عملاً إجراميًّا ، ونوعاً من البغي والعدوان، وضرباً من الفساد في الأرض ، وأمراً مخالفاً للدِّين الإسلامي الحنيف في غاياته الرشيدة وأحكامه السديدة وآدابه الحميدة ؛ وفيما يلي عرضٌ لجانب من أدلَّة الشريعة الدَّالَّة على فساد هذا العمل وعظَم هذا الجُرم ، وبيان حال هذه الجريمة وحكمها في ميزان الإسلام .

1- في الإسلام أمرٌ بالعدل والإحسان والرحمة ، ونهي عن المنكر والبغي ، كما قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل:90] ، وهذا العمل الإجرامي لا عدل فيه ولا إحسان ولا رحمة ، بل هو منكر من الفعل وبغيٌ في العمل .

2- وفي الإسلام تحريم للعدوان ونهي عن الظلم ، كما قال تعالى: { وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [البقرة:190] ، وفي الحديث القدسي : ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا)) [1] ، وهذا العمل قائمٌ على العدوان ، مبنيٌّ على الظلم.

3- وفي الإسلام تحريمٌ للفساد في الأرض، كما قال تعالى: { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ } [البقرة:205] ، وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } [البقرة:11] ، وهذا العمل نوعٌ من الفساد في الأرض ، بل هو من أشدِّ ذلك وأنكاه.

4- ومن قواعد الإسلام العظيمة (( دفع الضرر )) ، ومن شواهد ذلك في السنَّة قول النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم: ((لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)) [2] روي عن غير واحد من الصحابة مرفوعاً . وعن أبي صرمة صاحب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ)) [3] ؛ فإنَّ الجزاءَ من جنس العمل، وكما يدين المرء يُدان ، فلا يحلُّ لمسلم أن يضارَّ مسلماً لا في قول ولا فعل، وفعلة هؤلاء قائمة على أعظم الضرر وأفظع الإضرار.

5- ومن قواعد الإسلام العظيمة جلب المصالح ودرء المفاسد ، وعمل هؤلاء لا مصلحة فيه ولا منفعة ، ومفاسدُه لا حصر لها.

6- وفي الإسلام تحريم لقتل النفس (( الانتحار )) ، قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } [النساء:29-30] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا )) [4] ، وهؤلاء قتلوا أنفسهم في هذه الجريمة النَّكراء.

7- وفي الإسلام تحريم لقتل الأنفس المسلمة المعصومة بغير حقٍّ ، قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ } [الإسراء:33] ، وقال في أوصاف المؤمنين عبادِ الرحمن: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا } [الفرقان:68-69] ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : النَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ)) [5] ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)) [6] ، وكم من مسلم قُتل في هذه الجريمة.

8- وجاء الإسلام بالرحمة، وأنَّ من لا يرحم لا يُرحَم ، وأنَّ الراحمين يرحمهم الرحمن ، وفي هذا المعنى أحاديث عديدة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تُنزَع الرحمة إلاَّ من شقيٍّ)) [7] بل إنَّها رحمةٌ شملت حتى البهائم والدواب ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من رحم ولو ذبيحة رحمه الله يوم القيامة )) [8] ، وعن قرة قال : قال رجلٌ : يا رسول الله، إنِّي لأذبحُ الشاةَ فأرحمها ، قال صلى الله عليه وسلم : (( والشاةُ إن رحمتَها رحمَك الله )) [9] ، وغُفر لرجل بسبب رحمته لكلب رآه يأكل الثرى من شدَّة العطش، فنزل بئراً فملأ خفَّه ثم أمسكها بفيه فسقى الكلبَ فشكر الله له فغفر له [10] ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (( مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا )) [11] فانظر إلى هذه الرحمة العظيمة التي دعا إليها الإسلام ، ثم تأمَّل ما قام به منفِّذوا هذه الجرائم ؛ أطفال يُتِّموا، ونساء رملن، وأرواح أزهقت، وقلوب روِّعت، وأموال أُتلفت، فأين رحمةُ الإسلام لو كان يعقلون.

9- وفي الإسلام نهيٌ عن ترويع المؤمنين وإرعاب المسلمين، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا )) [12]. وكم من مسلم رُوِّع وفزِع وفُجِع تلك الليلة .

10- وفي الإسلام نهيٌ عن حمل السلاح على المؤمنين ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : ((مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا)) [13] ، وعن أبي موسى رضي الله عنه : عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ )) [14] ، في هذه الجريمة إلقاء للمتفجِّرات المهلكة والأسلحة المدمِّرة في أوساط المسلمين وداخل مساكنهم.

11- جاء في الإسلام النهي عن الإشارة إلى المسلم بسلاح أو نحوه ، سواء كان جادًّا أو مازحاً ، وعن تعاطي السيف مسلولاً ، حفظاً للناس وتحقيقاً للسلامة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ)) [15] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول : قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ )) [16] ، وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يُتعاطى السيف مسلولاً [17] ، وكلُّ ذلك من باب المحافظة ؛ لئلاَّ يقع إضرارٌ غير مقصود ، وتأمَّل الوعيد: ((فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ))، ((فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ))، فكيف إذاً بمثل هذه الجرائم الشنيعة، والإضرار المتعمد.

12- وفي الإسلام تحريمٌ للخيانة والغدر، قال الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ } [الأنفال: 58] ، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } [النساء:107] ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ)) [18] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) [19] ، وعن بُريدة رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ، ثُمَّ قَالَ : (( اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ...)) [20] ، وما أعظمَ الغدر الذي قام به هؤلاء ، وما أشدَّ خيانتهم .

13- وفي الإسلام تحريمٌ لقتل الصبيان والنساء والشيوخ الكبار، ففي حديث بُريدة ((وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا )) ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما : ((أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ)) [21] ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً ... )) [22] ، وفي هذه الجريمة لم يُفرَّق بين صغير وكبير، ولا ذكَر وأنثى، بل ذهب ضحيَّتها من الكبار والنساء والأطفال.

14- وفي الإسلام حفظٌ للمواثيق والعهود، وتحريمٌ لقتل المعاهَدين والمستأمَنين ، قال الله تعالى : { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا } [الإسراء:34] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } [المائدة:1] ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)) [23] ، وعن عمرو بن الحمِق الخزاعي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من آمن رجلا على دمه ، فقتلَهُ فأنا بريءٌ من القاتل ، وإن كان المقتول كافراً )) [24] ، ومَن دخل من الكفار ديار المسلمين بعقد أمان أو بعهد من وليِّ الأمور لا يجوز الاعتداء عليه، لا في نفسه ولا في ماله، وأهل الإسلام ذمَّتهم واحدة . فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ... )) [25] ، وهؤلاء المعتدون لم يُراعوا ذمَم المسلمين، ولم يحفظوا المواثيق والعهود ، وقتلوا المعاهدين والمستأمنين .

15- وفي الإسلام تحريمُ الاعتداء على الآخرين وتدمير ممتلكاتهم ، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال النَّبي صلى الله عليه وسلم : ((فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا)) [26] ، وهؤلاء الجُناة المعتدون كم دمَّروا من المباني والمساكن، وكم أتلفوا من الأموال والممتلكات.

16- ونهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن رمي الناس ليلاً حالَ هجعتهم وسكونهم وراحتهم وتوعَّد فاعله ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَن رمانا بالليل فليس منَّا )) [27] ، وهؤلاء تخيَّروا جنح الليل لتنفيذ جريمتهم النَّكراء وفعلتهم الشنعاء.

وعلى كلٍّ ، فإنَّ كلَّ مَن عرف الإسلامَ بأُسسه العظيمة وقواعده المتينة وتوجيهاته الحكيمة يُدرك تمام الإدراك ويعلم علم اليقين مفارقة هذه الأعمال الإجرامية لهذا الدِّين ، وأنَّها محرَّمةٌ في الشريعة لا يُقرُّها الدِّين الإسلامي الحنيف . ولا يجوز أن تُنسَب هذه الأعمالُ الإجرامية إلى الدِّين، أو أن تُلصق بالمتديِّنين ، أو أن ينتقص لأجلها من شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قوام الدين ، أو من مناهج تعليم الدين أو غير ذلك ، بل هي مواقف شاذة تمثل أصحابها ومنفِّذيها ، ويبوء بإثمها من قام بها وأعان عليها {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء:15] والإسلام من هذه الأعمال براء .

أقول ذلك نصيحة لدين الله من أن يُنسب إليه ما ليس منه ، ونصيحة لعباد الله المؤمنين من أن يُضاف إليهم ما ليس من أعمالهم ، ولئلا يغتر جاهل وينخدع غافل ، وقطعاً للطريق على من يريد الإساءة إلى هذا الدين العظيم من خلال مواقف لا تمثله وليست نابعةً من توجيهاته القويمة وإرشاداته الحكيمة {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88] .

والله وحده المسؤول أن يُوفِّقنا لكلِّ خير، وأن يهدينا سواء السبيل ، ونعوذ به سبحانه من مضلاَّت الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ونسأله سبحانه أن يحفظ على المسلمين أمنَهم وإيمانهم ، وأن يصرف عنهم الشرورَ والفتنَ بمنِّه وكرمه ، إنَّه سميعٌ مجيب .

*********

________________

[1] رواه مسلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه .

[2] رواه ابن ماجه (2341) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه الألباني رحمه الله بطرقه وشواهده في (الصحيحة) (250) .

[3] رواه أبو داود (3635) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (3091) .

[4] رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) .

[5] رواه البخاري (6878) ، ومسلم (1676) .

[6] رواه الترمذي (1395) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي) (1126) .

[7] رواه أبو داود (4942) ، والترمذي (1923) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح الجامع) (7467) .

[8] رواه البخاري في (الأدب المفرد) (381) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح الأدب المفرد) (294) .

[9] رواه البخاري في (الأدب المفرد) (373) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح الأدب المفرد) (287) .

[10] رواه البخاري (2466) ، ومسلم (2244) عن أبي هريرة رضي الله عنه .

[11] رواه أبو داود (2675). وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (2329) .

[12] رواه أبو داود (5004) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (4184) .

[13] رواه البخاري (7070) ، ومسلم (98) .

[14] رواه البخاري (7075) ، ومسلم (2615) .

[15] رواه البخاري (7072) ، ومسلم (2617) .

[16] رواه مسلم (2616) .

[17] رواه أبو داود (2588) ، والترمذي (2163) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح الجامع) (6819).

[18] رواه مسلم [16- (1738) ] .

[19] رواه البخاري (3188) ، ومسلم (1735) .

[20] رواه مسلم (1731).

[21] رواه البخاري (3014) ، ومسلم (1744) .

[22] رواه أبو داود (2614) ، وضعفه الألباني رحمه الله في (ضعيف سنن أبي داود) (561) .

[23] رواه البخاري (3166).

[24] رواه ابن حبان في صحيحه (5982) ، والطبراني في (الصغير) (38) واللفظ له ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح الترغيب) (3007) .

الشيخ عبدا لرزاق البدر

http://al-badr.net/muqolat/2491

تومي لحسن
2016-01-06, 10:06
جزاكم الله خيرا

أم سمية الأثرية
2016-01-06, 17:39
واياكم جزى الله خيرا وزيادة

ها جر2000
2016-01-06, 21:46
باركالله فيك

أم سمية الأثرية
2016-01-07, 08:41
وفيكم بارك الله

nanossim
2016-01-07, 17:45
للهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم