الأنامل الخضراء
2016-01-03, 12:13
قال فضيلة الشيخ علي محفوظ الأزهري رحمه الله تعالى :
(مما ابتلي به المسلمون وفشا بين العامة والخاصة مشاركة أهل الكتاب من اليهود والنصارى في كثير من مواسمهم كاستحسان كثير من عوائدهم ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود أن محمداً يريد ألا يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه .. فانظر هذا مع ما يقع من الناس اليوم من العناية بأعيادهم وعاداتهم ، فتراهم يتركون أعمالهم من الصناعات والتجارات والاشتغال بالعلم في تلك المواسم ويتخذونها أيام فرح وراحة يوسعون فيها على أهليهم ويلبسون أجمل الثياب ويصبغون فيها البيض لأولادهم كما يصنع أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، فهذا وما شاكله مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "لتتبعن سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم" قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال " فمن غيرهم" رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .. فعلى من يريد السلامة في دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشئوم ويمنع عياله وأهله وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم والفاسقين في أماكنهم ويظفر بإحسان الله ورحمته)ا.هـ
باختصار من كتاب الإبداع في مضار الإبتداع ص 274-276
ولذا لا نتعجب بعد هذا كله أن ينقل الإمام المحقق ابن القيم الجوزية الإتفاق على حرمة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم حيث قال رحمه الله تعالى :
(وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول : عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه .
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ، وقد كان أهل الورع من اهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه وإن بلي الرجل بذلك فتعاطاه دفعا لشر يتوقعه منهم فمشى إليهم ولم يقل إلا خيراً ودعا لهم بالتوفيق والتسديد فلا بأس بذلك وبالله التوفيق) ا.هـ
أحكام أهل الذمة (1/441-442)
يُضاف إلى ذلك ما ذكره الإمام ابن القاسم من أنه لم يعلم أن أحداً اختلف في ذلك ، وخلال بحثي القاصر في المراجع الفقهية لم أجد أحداً تساهل في هذه المسألة ، بل وجدت الأمر على العكس تماماً ، حيث يذكر كثير من الفقهاء هذه المسألة في أبواب التعزير والردة !
والخلاصة المستفادة من كلام أهل العلم في حكم التهنئة أنها إن كانت مع تعظيم فإنه يُخشى على صاحبها الكفر والعياذ بالله ، أما إن كانت من غير تعظيم فإنها مُحرمة تقتضي التعزير لما فيها من مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم ولكونها ذريعة إلى تعظيم شعائرهم وإقرار دينهم .
رابعاً : عـلام نـهـنئ الآخر ، وكيف سندعوهم ؟
ينبغي أن يتبادر إلى أذهاننا سؤال في غاية الأهمية ، وهو علام نهنئ ؟ وهل نعلم حقيقة ما نهنئ به الآخرين ؟
إن مَن نهنئهم يُجددون ذكرى مولد المسيح عيسى عليه السلام ، الذي يعتبرونه رباً ! وابناً للرب ! وثالث ثلاثة !
معاشر القراء ألا تصادم هذه العقيدةُ الخطيرة عقيدةَ التوحيد التي من أجلها بعث الله تعالى جميع الأنبياء والرسل ومن بينهم عيسى عليه السلام !
أنتبادل بطاقات التهاني وعبارات التبريكات مع من قال الواحد الأحد فيهم :
(وقالوا اتخذ الرحمن ولداً*لقد جئتم شيئاً إداً*تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً*أن دعوا للرحمن ولداً*وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً*إن كلّ من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً*لقد أحصاهم وعدّهم عدّا*وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) ! [سورة مريم:88-95]
أنتبادل بطاقات التهاني وعبارات التبريكات مع أناس شتموا الله سبحانه وتعالى ، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (4482) عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذبيه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه أياي فقوله لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا) !
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
(قال الله : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد ، لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفأ أحد) ! [رواه الإمام البخاري في صحيحه (4974-4975)]
وإذا كنا قد وصلنا إلى هذا الحال ، فكيف سندعو الآخرين إلى خاتمة الأديان ، وفي الوقت ذاته نحن نبارك لهم أعيادهم ونشاركهم في مواسمهم الدينية بالهدايا وبطاقات التهاني ؟ وأين نذهب بالشعيرة العظيمة التي هي السبب في خيريتنا بين الأمم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" !
ولا أدري هل تبنينا لموقف التهنئة مثلاً يجعل الآخرين ينظرون إلينا نظرة مغايرة أم أنهم لا يعيروننا أي اهتمام سواء خضعنا لمراسمهم أم لم نخضع !
منقور للامانة
(مما ابتلي به المسلمون وفشا بين العامة والخاصة مشاركة أهل الكتاب من اليهود والنصارى في كثير من مواسمهم كاستحسان كثير من عوائدهم ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود أن محمداً يريد ألا يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه .. فانظر هذا مع ما يقع من الناس اليوم من العناية بأعيادهم وعاداتهم ، فتراهم يتركون أعمالهم من الصناعات والتجارات والاشتغال بالعلم في تلك المواسم ويتخذونها أيام فرح وراحة يوسعون فيها على أهليهم ويلبسون أجمل الثياب ويصبغون فيها البيض لأولادهم كما يصنع أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، فهذا وما شاكله مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "لتتبعن سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم" قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال " فمن غيرهم" رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .. فعلى من يريد السلامة في دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشئوم ويمنع عياله وأهله وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم والفاسقين في أماكنهم ويظفر بإحسان الله ورحمته)ا.هـ
باختصار من كتاب الإبداع في مضار الإبتداع ص 274-276
ولذا لا نتعجب بعد هذا كله أن ينقل الإمام المحقق ابن القيم الجوزية الإتفاق على حرمة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم حيث قال رحمه الله تعالى :
(وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول : عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه .
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ، وقد كان أهل الورع من اهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه وإن بلي الرجل بذلك فتعاطاه دفعا لشر يتوقعه منهم فمشى إليهم ولم يقل إلا خيراً ودعا لهم بالتوفيق والتسديد فلا بأس بذلك وبالله التوفيق) ا.هـ
أحكام أهل الذمة (1/441-442)
يُضاف إلى ذلك ما ذكره الإمام ابن القاسم من أنه لم يعلم أن أحداً اختلف في ذلك ، وخلال بحثي القاصر في المراجع الفقهية لم أجد أحداً تساهل في هذه المسألة ، بل وجدت الأمر على العكس تماماً ، حيث يذكر كثير من الفقهاء هذه المسألة في أبواب التعزير والردة !
والخلاصة المستفادة من كلام أهل العلم في حكم التهنئة أنها إن كانت مع تعظيم فإنه يُخشى على صاحبها الكفر والعياذ بالله ، أما إن كانت من غير تعظيم فإنها مُحرمة تقتضي التعزير لما فيها من مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم ولكونها ذريعة إلى تعظيم شعائرهم وإقرار دينهم .
رابعاً : عـلام نـهـنئ الآخر ، وكيف سندعوهم ؟
ينبغي أن يتبادر إلى أذهاننا سؤال في غاية الأهمية ، وهو علام نهنئ ؟ وهل نعلم حقيقة ما نهنئ به الآخرين ؟
إن مَن نهنئهم يُجددون ذكرى مولد المسيح عيسى عليه السلام ، الذي يعتبرونه رباً ! وابناً للرب ! وثالث ثلاثة !
معاشر القراء ألا تصادم هذه العقيدةُ الخطيرة عقيدةَ التوحيد التي من أجلها بعث الله تعالى جميع الأنبياء والرسل ومن بينهم عيسى عليه السلام !
أنتبادل بطاقات التهاني وعبارات التبريكات مع من قال الواحد الأحد فيهم :
(وقالوا اتخذ الرحمن ولداً*لقد جئتم شيئاً إداً*تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً*أن دعوا للرحمن ولداً*وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً*إن كلّ من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً*لقد أحصاهم وعدّهم عدّا*وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) ! [سورة مريم:88-95]
أنتبادل بطاقات التهاني وعبارات التبريكات مع أناس شتموا الله سبحانه وتعالى ، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (4482) عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذبيه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه أياي فقوله لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا) !
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
(قال الله : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد ، لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفأ أحد) ! [رواه الإمام البخاري في صحيحه (4974-4975)]
وإذا كنا قد وصلنا إلى هذا الحال ، فكيف سندعو الآخرين إلى خاتمة الأديان ، وفي الوقت ذاته نحن نبارك لهم أعيادهم ونشاركهم في مواسمهم الدينية بالهدايا وبطاقات التهاني ؟ وأين نذهب بالشعيرة العظيمة التي هي السبب في خيريتنا بين الأمم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" !
ولا أدري هل تبنينا لموقف التهنئة مثلاً يجعل الآخرين ينظرون إلينا نظرة مغايرة أم أنهم لا يعيروننا أي اهتمام سواء خضعنا لمراسمهم أم لم نخضع !
منقور للامانة