*ابو محمد الجزائري*
2016-01-02, 20:29
الحجــامة
مختصر كتاب الدواء العجيب
مبحث في الحجامة والسرطان
للعلاَّمة العربي الكبير محمد أمين شيخو ولد في دمشق (1308هـ ـ 1890م)
الحجامة والسرطان (الورم الخبيث)
هذه دعوى العلاَّمة الجليل محمد أمين شيخو مكتشف الحجامة الطبية إلى الناس أجمعين ليسلكوا سُبل الوقاية ويتجنبوا بها وديان الشقاء والغواية؛ إلى شواطئ الأمان المفعمة بالغبطة الإلهية للناجين إلى صفوف الناجحين من فئات الأنبياء والمرسلين.
فبعدم تنفيذ الحجامة ماذا يحدث؟.
تتراكم وتزداد نسبة الكريات التالفة والهرمة و.. ويصبح لها فعل سلبي معيق للدم في جريانه(1)، فتُنقِص من نسبة التروية الدموية للأنسجة والأعضاء مما يضطر القلب بفعلها المعاكس إلى بذل مجهود أكبر Work Load من الضخ الدموي لتأمين حاجة الجسم المعتادة من احتياجاته.
وذاك الكبد انشغل بما ينوء به عن استطاعته بالشوائب الدموية مما أعاق وظائفه الكبرى لنقص صبيبه الدموي وأهمها وظيفته كمرشح لإزالة المواد السامة من الدورة الدموية (تحويلها لمواد يمكن إبعادها وإبطال سمّيتها).
أما الطحال فقد تدنى بمستوى أدائه لوظيفته المناعية التي تقتضي بإنتاج أضداد وتخليص الدم من العناصر الغريبة الأخرى كالجراثيم والطفيليات والفطور والأوالي بخلاياه البالعة وخلايا لمفاويات T (مناعة خلوية) وخلايا لمفاويات B (مناعة خلطية) وما لها من دور في المناعة عظيم. وكذا الكليتين تتراجعان في عملهما.
تبدأ هذه الأجهزة بالتراجع شيئاً فشيئاً في وظائفها عن وضعها الأمثل وهذا التراجع لا يشعر به الإنسان فجأة، إنما يكون بشكل غير ملحوظ حتى إذا ما وصل لسن متقدم ظهرت المشاكل.. والأمراض (إن نسبة السرطان عند الطاعنين بالسن هي أعلى نسبة مما هي عند غيرهم) وصار الجسم عرضة للأمراض أكثر بكثير من الذي ينفِّذ الحجامة والذي يكاد أن يكون بمعزل عن الأمراض.
أما المؤثرات الخارجية وتلك التي تؤدي للسرطان (الورم الخبيث) كالمواد الكيماوية والإشعاع.. والعوامل النفسية(1) (مثال البكاء إثر مقاساة.. صدمة نفسية وما تحمل الدموع معها ليعود ذلك على الإنسان بنوع من الراحة وهبوط في شدة الصدمة)، فبدلاً من أن يتصدى الجسم لهذه التغيرات الطارئة عليه.. وبهذه العوامل التي تعترضه يصبح ضحية لما تنتجه من خلل أكبر فيه.. وأخيراً تقوده هذه الظروف.. تقود بعض خلاياه في أماكن معينة للتكاثر بشكل غير مضبوطٍ بقواعد ونظم الجسم (التورم السرطاني) وكأن الخلايا هذه ثارت وتمرَّدت على الجسم المختل.. ثارت لما عانته من مؤثِّرات داخلية ناشئة في الجسم (مثلاً الجذور الحرة في الجسم التي لها تأثير سرطاني) لم يستطع تلافيها بأجهزته المختلفة.. ومن مؤثِّرات خارجية فعلت فعلها فيه وفي بعض خلاياه لم يستطع أيضاً الجسم درء نفسه منها وكانت النتيجة بهذه الثورة العارمة فيها ونشوء الورم (مثلاً التعرُّض الطويل للزرنيخ يؤدي لسرطان جلد، رئة، كبد).. هذا التنشؤ في الحقيقة عائد لـ: أولاً خلل الأجهزة بوظيفتها وخلل التوازن الهرموني في الجسم، ثم إلى ما زاد في هذا الخلل وفاقمه من عوامل خارجية فعلت فعلها ولم يستطع الجسم بأجهزته المختلَّة الرد عليها ودرءها، ثم إنه وعند تنشُّؤ هذه الخلايا الشاذة السرطانية لم يكن باستطاعة البدن التخلص منها أو التغلب عليها بجهاز مناعته لضعف هذا الجهاز وبقية الأجهزة نتيجة الظروف السابقة وقلة التروية الدموية للأعضاء والأنسجة بشكل عام وبالتالي يصعب التعرُّض للورم بالهجمات المناعية.
أمثلة توضح ما سبق:
مثال (1): الكبد يحوي خمائر بها يخرِّب المركبات السامة، مثلاً زيادة جرع الأدوية عن حدِّها، أو إعطاء مسن جرعة دوائية مماثلة لجرعة الشاب تؤدي لحصول تسمم بالدواء.. لماذا؟.
أحد الأسباب أن الاستقلاب(1) الكبدي لهذا الدواء لم يكن بكفاءة جيدة لأن كبد هذا المسن ضعف نشاطه الأنزيمي، أو قد يكون من الأسباب أن الكلية المسؤولة أيضاً عن إطراح هذا الدواء قد قلَّ نشاطها (المقاس بتصفية الكرياتينين) بتقدُّم السن فأدَّى لعدم انطراح الدواء وتراكمه بالجسم مؤدياً إلى تسمم.
مثال (2): الطفل الخديج (الطفل المولود قبل أوانه) استقلاب وإطراح المواد الدوائية مختلف عنه في الوليد الطبيعي لعدم اكتمال نمو أجهزته المختلفة فتبقى ضعيفة النشاط أو مختلة الوظيفة خاصة الكبد والكلية (أي عدم استطاعة جسمه الرد بشكل طبيعي على العوامل الخارجية.. الأدوية مثلاً.
مثال (3): كثير من الزمر الدوائية تتحملها الحامل ولا تتناسب مع الجنين فتؤدي إلى تأثيرات مشوِّهة للجنين.. لماذا؟.
لأن أجهزة الجنين ما تزال غير مكتملة لا تعمل بالشكل الصحيح؛ مضادات السكر التي تعبر المشيمة تؤدي إلى تشوهات الجنين..
فالتالبوتاميد (دواء لمرض السكري) مئات ألوف الأجنة المشوهة في العالم.
أدوية الأورام (السرطان) تشوهات بالغة في الجنين.
مضادات التخثر الذوابة في الماء تعبر المشيمة نزوف حادة عند الجنين.
مثال: التسمُّم بالزرنيخ..
يدافع الجسم عن نفسه ضد التسمم بالزرنيخ بصور مختلفة: كالتقيؤ ـ قيام الكبد باحتجاز الزرنيخ وربطه إلى جزيئات بروتينية معينة فيغدو أقل سمية.
إن إطراح مركبات الزرنيخ يتم عن طريق: الهضم ـ الكلية (محاولة الرد على المؤثرات وتفاديها).
يقول أحد الأطباء المتخصصين: (..إن العضوية تتعرَّف على الخلايا السرطانية وتعتبرها غريبة عنها وبذلك تكوِّن الأضداد تجاه هذه الخلايا ساعيةً بذلك لضبط هذا التنشؤ الخبيث ومنع انتشار هذه الخلايا الخبيثة. يوجد توازن في معظم حالات السرطان بحيث يميل التوازن لصالح الخلايا السرطانية وبذلك يتقدَّم السرطان ويظهر إلاَّ أن سلالات من الخلايا الخبيثة تتكوَّن باستمرار طيلة الحياة ولكن تبعد بسرعة بسبب نشاط الحوادث المناعية في العضوية ويحصل السرطان فقط في حال ضعف هذه الوسائط المناعية في الجسم وهذه النظرية مهمة جداً..) .
نشأ الورم.. ازداد.. أصبح معيقاً للعضو الذي نشأ فيه ولربما انتشر عن طرق (الدم، البلغم، الأنسجة).. وحدثت الطامة الكبيرة.. فهذا السرطان ينمو عندما تتغلَّب خلاياه على جهاز المناعة، وجهاز المناعة في الجسم مرتبط ببقية الأعضاء لأنها كلها تتكامل مع بعضها بعضاً، فعندما يعمل الكبد بالشكل الأمثل.. بالكفاءة المعهودة منه ويخلص الجسم من سمومه بالشكل المطلوب.. ويفرز بما يحويه من الخلايا المصورية الغلوبولينات المناعية داعماً بذلك المناعة الخلطية أيضاً في جسم الإنسان ويؤمِّن تخزيناً جيداً لفيتامينات الجسم يُدعم الجسم بها عند الحاجة.. من وظائف هامة.
وكذا الطحال يقوم بدوره المناعي المهم جداً ودوره في الدم بالشكل المثالي.. والكليتان تصفيان الدم.. وتنظِّمان الأملاح في الجسم.. بكفاءة عالية.. عندها سيقوم الجسم تجاه كل المؤثِّرات الخارجية وسيحوِّل ما ينشأ فيه من سموم داخلية (ونواتج استقلابية) يبطل فعاليتها السمية ويطرحها، أو يطرحها قبل تراكمها في الأنسجة.. ويبقى الجسم معافى سليماً لا يؤثِّر عليه ولا تضعفه العوامل الخارجية، بل إنه ليتغلَّب عليها.
فليس الأمر ملقى على مناعة الجسم فقط، بل ملقىً ومسؤول عنه كل أجهزة الجسم، لأن المناعة وقوتها في الجسم مرتبطة أتمَّ ارتباط ببقية الأجهزة والأعضاء.. كله يدعم بعضه بعضاً وبالأساس وكما ذكرنا عندما تعمل هذه الأجهزة بكفاءتها العالية لن تسمح للعوامل والمؤثِّرات المولِّدة للسرطان أن تفعل فعلها في الجسم، بل ستتداركها وتبددها من الأساس وقبل أن تقود للسرطان، حتى يدخل أهمية وعمل جهاز المناعة الذي له دور المواجهة والتصدي فيما لو ظهر السرطان في الجسم.
فسبحان بارئ الإنسان على أبدع ما يكون من الكمال في تعامله مع المستجدات في الحياة وقد جعل له أدواراً وأطواراً من الأجهزة الدفاعية تحفظه من أمر الله وأوكلت أمرها في خطها ومسارها العام إليه يختار الخير ويميز النافع من الضار وما على الإنسان سوى تنفيذ وصايا ربه النفسية والجسدية ليهنأ ببهجة مكللة بتيجان الصحة وقد آوى قلبه إلى بارئه مطمئناً يتقلب في نفائس الإقبال على ربِّه بالوسائط المحمودة فهو من الدنيا قد غدا في جنة ولعرفانه بالفضل لأهله في الآخرة من الناجين.
وقد وجد الباحثون(1) أن إمكانية التعرُّض للإصابة بالسرطان لدى الأشخاص الذين عولجوا (أثناء عمليات نقل الكلى) بمواد مثبطة للمناعة تبلغ 35 مرة أكثر من الإنسان العادي. والباحثون الآن جاهدون في إيجاد طرق تستنفر الجهاز المناعي وتشحذه ليقضي على السرطان فهم يجرِّبون وسائط خاصة لتنشيط الدفاع في العضوية كإعطاء لقاح الـ BCG مثلاً.
ولكن ليس الأمر وكما ذكرت مسبقاً أمر المناعة فقط، بل الأمر يتعلَّق بمعظم أجهزة الجسم ككل.. فلقد ذهب العلماء يبحثون في شحذ مناعة الجسم لتتغلَّب على التورُّم ناسين الأمر الذي سمح بهذا الخلل ولم يدرأه، ناسين أن هناك ضعفاً عاماً في أجهزة الجسم فيجب تداركه، صحيح أنه علينا وقد أصبحنا حيال وقوع الكارثة أن نقوي القوة المواجهة (مناعة الجسم) ولكن أيضاً يجب علينا رفع جاهزية كامل الأعضاء لاستنفار كامل الجسم، وبذلك تزداد قوة مناعة الجسم ويستطيع الجسم دحر هذا المرض الخبيث بدون رجعة.. نكون بذلك قد اجتثثنا المشكلة من جذورها بالتغلُّب على الأسباب التي أدَّت لنشوء التورم الحادث.
الحل الوحيد هو الذي يرفع من جاهزية الأعضاء والأجهزة كاملة وخصوصاً جهاز المناعة لارتباطه ببعض أعضاء الجسم.. وهو حقّاً؛ الحجامة التي شرعها الله لعباده.
ومن الأدلة التي تربط خلل بعض الأعضاء بالسرطان:
مثال (1): سرطان الكبد البدئي وحسب الإحصائيات ، إذ يشاهد التنشؤ في (60%) من الأكباد المتشمعة و (10%) من غير المتشمعة فقد أظهرت إحدى الدراسات أن نسبة (61.3%) من السرطانات كانت متشمعة، وعلى كل حال إن (3%) من مرضى سرطان الكبد في أفريقيا كان لديهم التهاب الكبدالبدئي، دون تشمع، فمشكلة التهاب الكبد البدئي هو السبب في حدوث سرطان الكبد البدئي وهناك علاقة كبيرة بين التهاب الكبد الفيروسي مع سرطان الخلايا الكبدية. في أمريكا تصل نسبة المصابين بالسرطان ممَّن فيهم التهاب كبد فيروسي إلى (74%)، وفي أوغندا وزامبيا (96%) والسنغال (93%).. الخ من الإحصائيات حول السرطان المصحوب بخلل كبدي.
وأخيراً وحسب هذه الإحصائيات تم الاستنتاج أن التهاب الكبد البدئي العامل الأهم لتطور سرطان الكبد.
إذاً فصاحب الخلل بالكبد يكون عرضة أكثر لسرطان الكبد البدئي من الصحيح الكبد.. إذاً أليس هذا يدعم ما ذكرنا من قبل.
وعندما تكون الحجامة وقاية ومعالجة للكبد.. ضد التهابه(1).. (والتجربة أعدل الشهود)، إذ عندما تزيد ترويته الدموية وتنقص عن كاهله الكثير من التالف والمقبل على التلف من الكريات الحمراء.. ونقوي الطحال في وظيفته (المزدوجة) ونخفِّف الضغط عنه ونقلِّل من الشوائب الدموية التي تلقي بعبئها عليه.. و.. هذا كله يقويه ويحفزه على الكفاءة العالية في عمله والتغلُّب على ما يعانيه (بالمساعدة الرئيسية الفعالة من جهاز المناعة) في الجسم ككل بشكل عام وبقوة نفس المريض لِما يهبه الله من قوة نفسية أثناء عملية الحجامة.. ليعود جسمه لوضعه الأمثل متغلباً على أعظم العلل.. وبهذه العودة للكبد لحالته الطبيعية نكون قد اتقينا ليس سرطان الكبد البدئي فحسب، بل ساهمنا في وقاية الجسم بشكل عام لما يقوم به الكبد من دور مهم في التخلُّص من السموم وتنقية الدم (كمرشح للدم) وعمليات استقلابية.. كاستقلاب الفيتامينات وتحويلها للشكل الفعَّال في الجسم وما لها من دور عظيم في حياة الجسم وعملياته الاستقلابية الأخرى كوسائط لهذه التفاعلات.. فهذا (vit C) فيتامين ث وكم له من دور عظيم في تقوية جهاز المناعة في جسم الإنسان الذي يقوى على السرطان حتى راح العلماء يبحثون فيما إذا كان (vit C) دواء للسرطان، إذ لاحظوا أن مرضى السرطان يبدون نقصاً في فاعلية آلية الدفاع المناعية الطبيعية عندهم ولديهم مخزون منخفض تقريباً من فيتامين ث في كرياتهم البيض اللمفاوية..
مثال (2): تجربة فشر وفشر(2) Fisher and Fisher عام 1969: حقن 50 فأراً (لكل منهم) بخمسين خلية من خلايا السرطان الخبيث جداً ووجد العالمان أن الفئران التي تركت على حالها لمدة عشرين أسبوعاً بعد الحقن لم تظهر عليها أعراض الإصابة بالسرطان، أما الفئران التي أجريت لها عملية فتح البطن فقد نما فيها السرطان بعد مدة قصيرة من الجراحة بما في ذلك الفئران التي ظلَّت خلايا السرطان بها قبلاً في طور السبات لعدة شهور.
لماذا حدثت هذه النتيجة؟.
الحقن بالخلايا السرطانية للفئران وتركها على حالها (بدون شق بطن) يعني؛ لا خلل في جسمها وأعضاؤها فاعلة وهرموناتها متوازنة متوفرة وتحصيل حاصل جهازها المناعي بكفاءة عالية لم يسمح للمرض بالنمو والانتشار، إذ أن عوامل نمو وانتشار المرض مغلوبة وغير موجودة وذلك لصحة أجسام الفئران وقوة فاعلية جهازها المناعي.
أما لمَّا حدث شق بطن فهذا أدى لإنهاكٍ عام؛ فمن المعروف في علم الجراثيم أن العمل الجراحي(1) يساعد على زيادة القدرة الإمراضية للجرثوم، فالعملية الجراحية تستدعي اتجاهاً معيناً لترميم الجرح ويسعى الجسم بفعاليته لترميم الجرح الحادث وجهاز المناعة يسعى للتغلب على ما حدث خلال العملية كالتلوث بأجسام غريبة.. الخ من عمليات بيولوجية تحدث عند العملية هذه وبعدها، وهذا الاتجاه نتيجة العمل الجراحي الذي استقطب جهاز المناعة وغيره كالكبد في إنشاء الحموض الأمينية للترميم ولدعم بناء الكريات الحمراء وعناصر الدم الأخرى لتعويض المفقود إثر الجراحة، وهذا من كمال خلْق الله تعالى لعامة الأجساد (كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)، كما أن سوء التغذية الحاصل لفقد الشهية إثر العمل الجراحي وأثره في خفض سوية أعضاء وأجهزة الجسم عامة، كل هذا مجتمعاً يؤدي لإعطاء الفرصة لهذه الخلايا السرطانية المزروعة بالتكاثر.
مختصر كتاب الدواء العجيب
مبحث في الحجامة والسرطان
للعلاَّمة العربي الكبير محمد أمين شيخو ولد في دمشق (1308هـ ـ 1890م)
الحجامة والسرطان (الورم الخبيث)
هذه دعوى العلاَّمة الجليل محمد أمين شيخو مكتشف الحجامة الطبية إلى الناس أجمعين ليسلكوا سُبل الوقاية ويتجنبوا بها وديان الشقاء والغواية؛ إلى شواطئ الأمان المفعمة بالغبطة الإلهية للناجين إلى صفوف الناجحين من فئات الأنبياء والمرسلين.
فبعدم تنفيذ الحجامة ماذا يحدث؟.
تتراكم وتزداد نسبة الكريات التالفة والهرمة و.. ويصبح لها فعل سلبي معيق للدم في جريانه(1)، فتُنقِص من نسبة التروية الدموية للأنسجة والأعضاء مما يضطر القلب بفعلها المعاكس إلى بذل مجهود أكبر Work Load من الضخ الدموي لتأمين حاجة الجسم المعتادة من احتياجاته.
وذاك الكبد انشغل بما ينوء به عن استطاعته بالشوائب الدموية مما أعاق وظائفه الكبرى لنقص صبيبه الدموي وأهمها وظيفته كمرشح لإزالة المواد السامة من الدورة الدموية (تحويلها لمواد يمكن إبعادها وإبطال سمّيتها).
أما الطحال فقد تدنى بمستوى أدائه لوظيفته المناعية التي تقتضي بإنتاج أضداد وتخليص الدم من العناصر الغريبة الأخرى كالجراثيم والطفيليات والفطور والأوالي بخلاياه البالعة وخلايا لمفاويات T (مناعة خلوية) وخلايا لمفاويات B (مناعة خلطية) وما لها من دور في المناعة عظيم. وكذا الكليتين تتراجعان في عملهما.
تبدأ هذه الأجهزة بالتراجع شيئاً فشيئاً في وظائفها عن وضعها الأمثل وهذا التراجع لا يشعر به الإنسان فجأة، إنما يكون بشكل غير ملحوظ حتى إذا ما وصل لسن متقدم ظهرت المشاكل.. والأمراض (إن نسبة السرطان عند الطاعنين بالسن هي أعلى نسبة مما هي عند غيرهم) وصار الجسم عرضة للأمراض أكثر بكثير من الذي ينفِّذ الحجامة والذي يكاد أن يكون بمعزل عن الأمراض.
أما المؤثرات الخارجية وتلك التي تؤدي للسرطان (الورم الخبيث) كالمواد الكيماوية والإشعاع.. والعوامل النفسية(1) (مثال البكاء إثر مقاساة.. صدمة نفسية وما تحمل الدموع معها ليعود ذلك على الإنسان بنوع من الراحة وهبوط في شدة الصدمة)، فبدلاً من أن يتصدى الجسم لهذه التغيرات الطارئة عليه.. وبهذه العوامل التي تعترضه يصبح ضحية لما تنتجه من خلل أكبر فيه.. وأخيراً تقوده هذه الظروف.. تقود بعض خلاياه في أماكن معينة للتكاثر بشكل غير مضبوطٍ بقواعد ونظم الجسم (التورم السرطاني) وكأن الخلايا هذه ثارت وتمرَّدت على الجسم المختل.. ثارت لما عانته من مؤثِّرات داخلية ناشئة في الجسم (مثلاً الجذور الحرة في الجسم التي لها تأثير سرطاني) لم يستطع تلافيها بأجهزته المختلفة.. ومن مؤثِّرات خارجية فعلت فعلها فيه وفي بعض خلاياه لم يستطع أيضاً الجسم درء نفسه منها وكانت النتيجة بهذه الثورة العارمة فيها ونشوء الورم (مثلاً التعرُّض الطويل للزرنيخ يؤدي لسرطان جلد، رئة، كبد).. هذا التنشؤ في الحقيقة عائد لـ: أولاً خلل الأجهزة بوظيفتها وخلل التوازن الهرموني في الجسم، ثم إلى ما زاد في هذا الخلل وفاقمه من عوامل خارجية فعلت فعلها ولم يستطع الجسم بأجهزته المختلَّة الرد عليها ودرءها، ثم إنه وعند تنشُّؤ هذه الخلايا الشاذة السرطانية لم يكن باستطاعة البدن التخلص منها أو التغلب عليها بجهاز مناعته لضعف هذا الجهاز وبقية الأجهزة نتيجة الظروف السابقة وقلة التروية الدموية للأعضاء والأنسجة بشكل عام وبالتالي يصعب التعرُّض للورم بالهجمات المناعية.
أمثلة توضح ما سبق:
مثال (1): الكبد يحوي خمائر بها يخرِّب المركبات السامة، مثلاً زيادة جرع الأدوية عن حدِّها، أو إعطاء مسن جرعة دوائية مماثلة لجرعة الشاب تؤدي لحصول تسمم بالدواء.. لماذا؟.
أحد الأسباب أن الاستقلاب(1) الكبدي لهذا الدواء لم يكن بكفاءة جيدة لأن كبد هذا المسن ضعف نشاطه الأنزيمي، أو قد يكون من الأسباب أن الكلية المسؤولة أيضاً عن إطراح هذا الدواء قد قلَّ نشاطها (المقاس بتصفية الكرياتينين) بتقدُّم السن فأدَّى لعدم انطراح الدواء وتراكمه بالجسم مؤدياً إلى تسمم.
مثال (2): الطفل الخديج (الطفل المولود قبل أوانه) استقلاب وإطراح المواد الدوائية مختلف عنه في الوليد الطبيعي لعدم اكتمال نمو أجهزته المختلفة فتبقى ضعيفة النشاط أو مختلة الوظيفة خاصة الكبد والكلية (أي عدم استطاعة جسمه الرد بشكل طبيعي على العوامل الخارجية.. الأدوية مثلاً.
مثال (3): كثير من الزمر الدوائية تتحملها الحامل ولا تتناسب مع الجنين فتؤدي إلى تأثيرات مشوِّهة للجنين.. لماذا؟.
لأن أجهزة الجنين ما تزال غير مكتملة لا تعمل بالشكل الصحيح؛ مضادات السكر التي تعبر المشيمة تؤدي إلى تشوهات الجنين..
فالتالبوتاميد (دواء لمرض السكري) مئات ألوف الأجنة المشوهة في العالم.
أدوية الأورام (السرطان) تشوهات بالغة في الجنين.
مضادات التخثر الذوابة في الماء تعبر المشيمة نزوف حادة عند الجنين.
مثال: التسمُّم بالزرنيخ..
يدافع الجسم عن نفسه ضد التسمم بالزرنيخ بصور مختلفة: كالتقيؤ ـ قيام الكبد باحتجاز الزرنيخ وربطه إلى جزيئات بروتينية معينة فيغدو أقل سمية.
إن إطراح مركبات الزرنيخ يتم عن طريق: الهضم ـ الكلية (محاولة الرد على المؤثرات وتفاديها).
يقول أحد الأطباء المتخصصين: (..إن العضوية تتعرَّف على الخلايا السرطانية وتعتبرها غريبة عنها وبذلك تكوِّن الأضداد تجاه هذه الخلايا ساعيةً بذلك لضبط هذا التنشؤ الخبيث ومنع انتشار هذه الخلايا الخبيثة. يوجد توازن في معظم حالات السرطان بحيث يميل التوازن لصالح الخلايا السرطانية وبذلك يتقدَّم السرطان ويظهر إلاَّ أن سلالات من الخلايا الخبيثة تتكوَّن باستمرار طيلة الحياة ولكن تبعد بسرعة بسبب نشاط الحوادث المناعية في العضوية ويحصل السرطان فقط في حال ضعف هذه الوسائط المناعية في الجسم وهذه النظرية مهمة جداً..) .
نشأ الورم.. ازداد.. أصبح معيقاً للعضو الذي نشأ فيه ولربما انتشر عن طرق (الدم، البلغم، الأنسجة).. وحدثت الطامة الكبيرة.. فهذا السرطان ينمو عندما تتغلَّب خلاياه على جهاز المناعة، وجهاز المناعة في الجسم مرتبط ببقية الأعضاء لأنها كلها تتكامل مع بعضها بعضاً، فعندما يعمل الكبد بالشكل الأمثل.. بالكفاءة المعهودة منه ويخلص الجسم من سمومه بالشكل المطلوب.. ويفرز بما يحويه من الخلايا المصورية الغلوبولينات المناعية داعماً بذلك المناعة الخلطية أيضاً في جسم الإنسان ويؤمِّن تخزيناً جيداً لفيتامينات الجسم يُدعم الجسم بها عند الحاجة.. من وظائف هامة.
وكذا الطحال يقوم بدوره المناعي المهم جداً ودوره في الدم بالشكل المثالي.. والكليتان تصفيان الدم.. وتنظِّمان الأملاح في الجسم.. بكفاءة عالية.. عندها سيقوم الجسم تجاه كل المؤثِّرات الخارجية وسيحوِّل ما ينشأ فيه من سموم داخلية (ونواتج استقلابية) يبطل فعاليتها السمية ويطرحها، أو يطرحها قبل تراكمها في الأنسجة.. ويبقى الجسم معافى سليماً لا يؤثِّر عليه ولا تضعفه العوامل الخارجية، بل إنه ليتغلَّب عليها.
فليس الأمر ملقى على مناعة الجسم فقط، بل ملقىً ومسؤول عنه كل أجهزة الجسم، لأن المناعة وقوتها في الجسم مرتبطة أتمَّ ارتباط ببقية الأجهزة والأعضاء.. كله يدعم بعضه بعضاً وبالأساس وكما ذكرنا عندما تعمل هذه الأجهزة بكفاءتها العالية لن تسمح للعوامل والمؤثِّرات المولِّدة للسرطان أن تفعل فعلها في الجسم، بل ستتداركها وتبددها من الأساس وقبل أن تقود للسرطان، حتى يدخل أهمية وعمل جهاز المناعة الذي له دور المواجهة والتصدي فيما لو ظهر السرطان في الجسم.
فسبحان بارئ الإنسان على أبدع ما يكون من الكمال في تعامله مع المستجدات في الحياة وقد جعل له أدواراً وأطواراً من الأجهزة الدفاعية تحفظه من أمر الله وأوكلت أمرها في خطها ومسارها العام إليه يختار الخير ويميز النافع من الضار وما على الإنسان سوى تنفيذ وصايا ربه النفسية والجسدية ليهنأ ببهجة مكللة بتيجان الصحة وقد آوى قلبه إلى بارئه مطمئناً يتقلب في نفائس الإقبال على ربِّه بالوسائط المحمودة فهو من الدنيا قد غدا في جنة ولعرفانه بالفضل لأهله في الآخرة من الناجين.
وقد وجد الباحثون(1) أن إمكانية التعرُّض للإصابة بالسرطان لدى الأشخاص الذين عولجوا (أثناء عمليات نقل الكلى) بمواد مثبطة للمناعة تبلغ 35 مرة أكثر من الإنسان العادي. والباحثون الآن جاهدون في إيجاد طرق تستنفر الجهاز المناعي وتشحذه ليقضي على السرطان فهم يجرِّبون وسائط خاصة لتنشيط الدفاع في العضوية كإعطاء لقاح الـ BCG مثلاً.
ولكن ليس الأمر وكما ذكرت مسبقاً أمر المناعة فقط، بل الأمر يتعلَّق بمعظم أجهزة الجسم ككل.. فلقد ذهب العلماء يبحثون في شحذ مناعة الجسم لتتغلَّب على التورُّم ناسين الأمر الذي سمح بهذا الخلل ولم يدرأه، ناسين أن هناك ضعفاً عاماً في أجهزة الجسم فيجب تداركه، صحيح أنه علينا وقد أصبحنا حيال وقوع الكارثة أن نقوي القوة المواجهة (مناعة الجسم) ولكن أيضاً يجب علينا رفع جاهزية كامل الأعضاء لاستنفار كامل الجسم، وبذلك تزداد قوة مناعة الجسم ويستطيع الجسم دحر هذا المرض الخبيث بدون رجعة.. نكون بذلك قد اجتثثنا المشكلة من جذورها بالتغلُّب على الأسباب التي أدَّت لنشوء التورم الحادث.
الحل الوحيد هو الذي يرفع من جاهزية الأعضاء والأجهزة كاملة وخصوصاً جهاز المناعة لارتباطه ببعض أعضاء الجسم.. وهو حقّاً؛ الحجامة التي شرعها الله لعباده.
ومن الأدلة التي تربط خلل بعض الأعضاء بالسرطان:
مثال (1): سرطان الكبد البدئي وحسب الإحصائيات ، إذ يشاهد التنشؤ في (60%) من الأكباد المتشمعة و (10%) من غير المتشمعة فقد أظهرت إحدى الدراسات أن نسبة (61.3%) من السرطانات كانت متشمعة، وعلى كل حال إن (3%) من مرضى سرطان الكبد في أفريقيا كان لديهم التهاب الكبدالبدئي، دون تشمع، فمشكلة التهاب الكبد البدئي هو السبب في حدوث سرطان الكبد البدئي وهناك علاقة كبيرة بين التهاب الكبد الفيروسي مع سرطان الخلايا الكبدية. في أمريكا تصل نسبة المصابين بالسرطان ممَّن فيهم التهاب كبد فيروسي إلى (74%)، وفي أوغندا وزامبيا (96%) والسنغال (93%).. الخ من الإحصائيات حول السرطان المصحوب بخلل كبدي.
وأخيراً وحسب هذه الإحصائيات تم الاستنتاج أن التهاب الكبد البدئي العامل الأهم لتطور سرطان الكبد.
إذاً فصاحب الخلل بالكبد يكون عرضة أكثر لسرطان الكبد البدئي من الصحيح الكبد.. إذاً أليس هذا يدعم ما ذكرنا من قبل.
وعندما تكون الحجامة وقاية ومعالجة للكبد.. ضد التهابه(1).. (والتجربة أعدل الشهود)، إذ عندما تزيد ترويته الدموية وتنقص عن كاهله الكثير من التالف والمقبل على التلف من الكريات الحمراء.. ونقوي الطحال في وظيفته (المزدوجة) ونخفِّف الضغط عنه ونقلِّل من الشوائب الدموية التي تلقي بعبئها عليه.. و.. هذا كله يقويه ويحفزه على الكفاءة العالية في عمله والتغلُّب على ما يعانيه (بالمساعدة الرئيسية الفعالة من جهاز المناعة) في الجسم ككل بشكل عام وبقوة نفس المريض لِما يهبه الله من قوة نفسية أثناء عملية الحجامة.. ليعود جسمه لوضعه الأمثل متغلباً على أعظم العلل.. وبهذه العودة للكبد لحالته الطبيعية نكون قد اتقينا ليس سرطان الكبد البدئي فحسب، بل ساهمنا في وقاية الجسم بشكل عام لما يقوم به الكبد من دور مهم في التخلُّص من السموم وتنقية الدم (كمرشح للدم) وعمليات استقلابية.. كاستقلاب الفيتامينات وتحويلها للشكل الفعَّال في الجسم وما لها من دور عظيم في حياة الجسم وعملياته الاستقلابية الأخرى كوسائط لهذه التفاعلات.. فهذا (vit C) فيتامين ث وكم له من دور عظيم في تقوية جهاز المناعة في جسم الإنسان الذي يقوى على السرطان حتى راح العلماء يبحثون فيما إذا كان (vit C) دواء للسرطان، إذ لاحظوا أن مرضى السرطان يبدون نقصاً في فاعلية آلية الدفاع المناعية الطبيعية عندهم ولديهم مخزون منخفض تقريباً من فيتامين ث في كرياتهم البيض اللمفاوية..
مثال (2): تجربة فشر وفشر(2) Fisher and Fisher عام 1969: حقن 50 فأراً (لكل منهم) بخمسين خلية من خلايا السرطان الخبيث جداً ووجد العالمان أن الفئران التي تركت على حالها لمدة عشرين أسبوعاً بعد الحقن لم تظهر عليها أعراض الإصابة بالسرطان، أما الفئران التي أجريت لها عملية فتح البطن فقد نما فيها السرطان بعد مدة قصيرة من الجراحة بما في ذلك الفئران التي ظلَّت خلايا السرطان بها قبلاً في طور السبات لعدة شهور.
لماذا حدثت هذه النتيجة؟.
الحقن بالخلايا السرطانية للفئران وتركها على حالها (بدون شق بطن) يعني؛ لا خلل في جسمها وأعضاؤها فاعلة وهرموناتها متوازنة متوفرة وتحصيل حاصل جهازها المناعي بكفاءة عالية لم يسمح للمرض بالنمو والانتشار، إذ أن عوامل نمو وانتشار المرض مغلوبة وغير موجودة وذلك لصحة أجسام الفئران وقوة فاعلية جهازها المناعي.
أما لمَّا حدث شق بطن فهذا أدى لإنهاكٍ عام؛ فمن المعروف في علم الجراثيم أن العمل الجراحي(1) يساعد على زيادة القدرة الإمراضية للجرثوم، فالعملية الجراحية تستدعي اتجاهاً معيناً لترميم الجرح ويسعى الجسم بفعاليته لترميم الجرح الحادث وجهاز المناعة يسعى للتغلب على ما حدث خلال العملية كالتلوث بأجسام غريبة.. الخ من عمليات بيولوجية تحدث عند العملية هذه وبعدها، وهذا الاتجاه نتيجة العمل الجراحي الذي استقطب جهاز المناعة وغيره كالكبد في إنشاء الحموض الأمينية للترميم ولدعم بناء الكريات الحمراء وعناصر الدم الأخرى لتعويض المفقود إثر الجراحة، وهذا من كمال خلْق الله تعالى لعامة الأجساد (كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)، كما أن سوء التغذية الحاصل لفقد الشهية إثر العمل الجراحي وأثره في خفض سوية أعضاء وأجهزة الجسم عامة، كل هذا مجتمعاً يؤدي لإعطاء الفرصة لهذه الخلايا السرطانية المزروعة بالتكاثر.