المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع مميز أسباب السعـــــــــــــادة


أم سمية الأثرية
2015-12-31, 20:41
لأم عبد الله بنت الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله وغفر له .
ألقتها في يوم الأربعاء الموافق 1436/9/14.
الحمدلله واشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :فما من أحد منَّاإلا وهو يبحث عن طريق السعادة ويحرص للوصول إليها .
لكن كثيراً ما فهم الطريق الصحيحة. فكثيراً من الرجال والنساءإلا من رحم ربي تعلقوا بسعادة خارجية عن ذات الإنسان وظنوا أنها في المناصب والتجارات والشهادات والقصور وزخارف الدنيا ونحوها.
السعادة على ثلاثة أقســــــام :
1-سعــــــادة الحياة والمال :
و هذه السعادة ليست حقيقية ,هي سعادة وهْمية سعادة خارجة عن ذات الإنسان لأنها تزول و لا تدوم , لأنها سعادة فانية .
هذه السعادة يسميها ابن القيم في مفتاح دار السعادة (1/107):سعادة مستعارة لَهُ من غَيره يَزُول باسترداد الْعَارِية .
وذكر ابن القيم أنه يُحكى عَن بعض الْعلمَاء أنه ركب مَعَ تجار فِي مركب فَانْكَسَرت بهم السَّفِينَة فأصبحوا بعد عز الْغنى فِي ذل الْفقر وَوصل الْعَالم الى الْبَلَد فأُكرم وَقُصد بأنواع التحف والكرامات فَلَمَّا أرادوا الرُّجُوع إلى بِلَادهمْ قَالُوا لَهُ هَل لَك إلى قَوْمك كتاب اَوْ حَاجَة ؟.
فَقَالَ نعم تَقولُونَ لَهُم :إذا اتخذتم مَالاً لَا يغرق اذا انْكَسَرت السَّفِينَة فاتخذوا الْعلم تِجَارَة اهـ.
هي سعادة وهمية , سعادة خارجة عن ذات الإنسان .
2-السعـــــادة في صحة البدن و اعتدال المزاج والقوة :
و هذه أيضًا ملحقة بالأولى سعادة وهمية
يا خادم الجسم كم يشقى بخدمته
فأنتــــــ بالروح لا بالجسم إنسان
هذا الجسم و إن تمتع بما تمتع به من القوة والنشاط والصفات الجميلة فإنه لابد من التغير تغير الصفات الظاهرة والباطنة و التبديل لا بُد من الضعف قال تعالى :{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ }.
وقال سبحانه {وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [يس : 68] لابد من هذا (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ).
والله لا ينظر إلى جمال الجسد , ولا ينظر إلى النسب الرفيع و لا الأموال ولا الجاه ولا المنصب .
إنما ينظر إلى قلوبنــــــا وأعمالنــــا ..
أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ لا ينظرُ إلى صورِكُم وأموالِكُم ، ولَكِن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأعمالِكُم " .
3-سعــــــادة قلبية , روحانيـة , نفسانية و هي :
[ سعادة الدين ]
هي السعادة التي يترقى بها الإنسان إلى المعالي , هي السعادة التي لا يفهما كثير من الناس ,هي السعادة النافعة في الدنيا و الآخرة .
إذن القسمان الأول والثاني
هما سعادتان وهميتان وهي التي يضيع الناس أعمارهم في تحصيلها .
أما السعـــــادة الثالثة :-
هذه السعادة القليل من يعرفها و القليل من يصل إليها لأنها حُفت بالمكاره ليست ممهـدة بالورود والزخارف طريق شاقة طريق تحتاج إلى صبر وتعب .
هذه السعادة هي التي حرص عليها أنبياءالله ودعوا أممهم إليها .
وربنا سبحانه يُبشر عباده بالفوز بالجنة التي يسعى إليها كل مؤمن و مؤمنة وما غاية المؤمن إلا الجنة.يقول الله تعالى :
{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود : 108]
هذه بشارة لأهل الجنة لأهل السعادة عطاء غير مجذوذ أي مستمر
{لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة : 33]
ولقد بيَّن لنا الشرع أسباب السعادة و طرق السعادة لنسلكها و لنحرص عليها
من أسبـــاب السعادة : -
1. العمل الصالح :
يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} [الصف : 10-12]
( الفوز بالجنة ) هذه الآية فيها بيان ماهي التجارة الحقيقية وأنهاهي في العمل الصالح , ليس في تضييع الأوقات وليست في الدنيا وحطامها .
فالآية فيها الحث على الإقبال على الآخرة و الزهد في الدنيا و إلى مساكن طيبة في جنات عدن , والفوز بالجنة .
و يقول ربنا عز وجل :
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر : 29]
تلاوة اللفــظ و تلاوة المعنى ,
تلاوة اللفــــــظ : إقامة ألفاظ القرآن باللســان ,
تلاوة بالمعنى : العمل بالقرآن أما الذي لا يعمل بالقرآن فهذا على خطر و وعيد في حقه شديد .وقد سمَّى ربنا الذي ما يعرف إلا ألفاظ القرآن أمِّيا فقال { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } إلا أماني : أي تلاوة .
يقول الوالد العلامة مقبل الوادعي رحمه الله تعالى :
والله إننا نخشى أن الناس يدخلون الجنة ونحن واقفون على الأبواب أوقد ذُهب بنا إلى كذا وكذا والعياذبالله.
هذه هي السعادة والله ، الفوز بالجنة .
العمل الصالح هو الذي يلازم صاحبه في قبره , في ظلمة القبر حين يتخلى عنه الأصحاب والأبناء والأحباب حين يبقى وحيدًا فلا يؤنسه إلا عمله الصالح فيأتيه على صورة رجل حسن الوجه , حسن الهيئـة , طيب الرائحة , يأتيه يُبشره فيقول:أنا عملك الصالح فيقول العبد:
ربِ أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي .
الذي يلازم الإنسان هو عمله الصالح.
حتى في عرصات يوم القيامة ، يوم مظلم ما فيه إلا نور العمل الصالح فالناس واقفون في ذلك اليوم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة في يوم كان مقدره ألف سنة مما تعدون فينالون من الكرب والضيق ما لا يطيقون ولا يحتملون.
فيشفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويأتي الفرج وتحصل النجاة من المكروه بالعمل الصالح.
ويأتي القرآن شفيعًا لأصحابه ، يشفع لصاحبه .
وتأتي سورة البقرة و آل عمران تحاجان عن صاحبهما .هكذا العمل الصالح به تُحصَّل السعادة والفوز وتنال البركة و الخير .
صاحب العمل الصالح يمشي في نور عمله ، قال تعالى : { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
{ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [التحريم : 8].
عكس المُفرّط في حق ربه وفي دينه يكون في حسرات متتالية فعند الاحتضار يندم ويقع في أشد حسرة (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
وفي عرصات يوم القيامة يندم و يتحسر {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ } [الزمر : 54-56] .
يتمنى الرجوع لأجل أن يكون من المحسنين ، من المطيعين ، من المتقين من السعداء .
وفي النار يتحسر يبكي يتمنى الرجوع إلى الدنيا ليُحسن عملا .قال ربنا سبحانه وتعالى :{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} [فاطر : 37]
هذه السعادة لا يُفرّط فيها إلا خاســــــــر .ونعوذ بالله من خسارة الدين .

2-الاهتمام بالقرآن العظيــــم :
فإن ربنا يقول :
{إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء : 9]
والقرآن مبارك، بركاته كثيرة على من اعتنى به وقرأه وتدبر معانيه و عمل به ، بركاته متتالية في الدنيا والآخرة .
من تمسك بالقرآن كان أمانًا له من الانحراف ، قال تعالى :
{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ} [طه : 123]
ونحن في زمن اختلط فيه الحق بالباطل فإذا لم يكن عندنا نور نهتدي به نتخبط في ظلمات البدع والأهواء .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم " إني تاركٌ فيكم ما إنْ تمسكتُم به لن تضلُّوا كتابَ اللهِ " .
فالغذاء الروحـــي في القرآن الكريم ، فينبغي أن نعطي القرآن حقه ، ونحن الآن في شهر رمضان المبارك شهر القرآن ، وينبغي أن نمر على القرآن كله في هذا الشهر.
علينا أن نهتم بالقرآن العظيم وأن نحذر من التفريط في القرآن لنكون من أهل السعادة ،
" خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه "
3-تعلم العلم النافع :
والله إنها سعادة عظيمة، يقول ربنا عز وجل :
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } [الزمر : 9]
الملائكـــة لكرامةِ طالب العلم و منزلته تضع أجنحتها له كما ثبت من حديث صفوان بن عسال عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :" إنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ " .
وليس معناه:أن الطالب يطأ على أجنحة الملائكة لا ، إنما تحترم الملائكة طالب العلم وتدعو له .
هذا من فضل طلب العلم الذي غفل عنه الناس و شُغِلوا عنه ، القليل من يحبه ، والقليل من يصبر على تحصيله.
يقول ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة:
من علامة السعادة :محبة العلم، ومن علامة الشقاوة :بغض العلـــــــــم.
سعادة العلم لها حلاوة لا يذوقها الأثرياء ولا الوزراء ولا الأمراء ،كما قال الحسن البصري رحمه الله :
" لو يعلم الملوك و أبناء الملوك لجالدونا عليه بالسيوف "
لكنه لا يذوق حلاوة العلم إلا من وفقه الله لطلب العلم .
فعلينـــــا أن نصبر على طلب العلم ونعمل به لنكون من أهل السعادة .
4-المداومـــة على طاعة الله وعدم الانقطاع عنها
قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر : 99]
اليقين : المراد به هنا الموت هذا ما أجمع عليه العلماء وليس كما فسرها الزنادقة
فسّروها بالمعرفة .ولهذا عندهم من وصل إلى هذه المرحلة سقطت عنه التكاليف والعياذ بالله.
يفعل ما يشاء من الفواحش وليس عليه صلاة ولا صيام لأنه وصل إلى مرتبة الإباحية .وهذا غلو وكفر وزندقة .
وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلَّ.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية .
5- الإنشغال بعيوب النفس عن عيوب الآخرين :
هذا من أسباب السعادة الانشغال بمحاسبة النفس ولا يخفى ما يؤدي إلى الجهل الوقيعة في أعراض الناس ، ومن شُغِل بعيب غيره غفل عن عيب نفسه .
الاشتغال بعيوب النفس عن عيوب الآخرين هذا -والله - من أعظم السعادة لأنه ما اشتغل بما لا يعنيه ولما يعود على صاحبه من الخير وقد ثبت من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
الحديث وفيه و كرِه لكم قيل وقال وكثرةَ السُّؤالِ وإضاعةَ المالِ ".
قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء (6/369) رَوَى: مِسْعَرٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذِكْرُ النَّاسِ دَاءٌ، وَذِكْرُ اللهِ دَوَاءٌ.
علق عليه الذهبي وقال : قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، فَالعجَبُ مِنَّا، وَمِنْ جَهلِنَا، كَيْفَ نَدَعُ الدَّوَاءَ، وَنقتحِمُ الدَّاءَ؟! قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {فَاذْكُرُوْنِي أَذْكُرْكُمْ} [البَقَرَةُ: 153] ، {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ} [العَنْكَبُوْتُ: 46] ، وَقَالَ: {الَّذِيْنَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوْبُهُم بِذِكْرِ اللهِ، أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوْبُ} [الرَّعْدُ: 29] وَلَكِنْ لاَ يَتَهَيَّأُ ذَلِكَ إِلاَّ بِتوفِيْقِ اللهِ، وَمَنْ أَدْمَنَ الدُّعَاءَ، وَلاَزَمَ قَرْعَ البَابِ، فُتِحَ لَهُ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ أُوتِيَ حِلماً وَعِلماً، وَنَفْسُه زَكِيَّةٌ تُعِيْنُ عَلَى التَّقوَى، فَطُوْبَى لَهُ اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في «مفتاح دار السعادة» (2/297):
طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وويل لمن نسي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس، هذا من علامات الشقاوة. اهـ المراد.
وَأهل العلم يقولون :مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ.
فهنيئًا لمن اعتنى بنفسه وضبط لسانه ولم يتدخل في شؤون الناس .
6- تقوى الله:
مفتاح لطريق السعادة، مفتــاح لطريق الجنة .
ولست أرى السعادة جمع مالٍ
وإنما التقي هو السعيد.
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال : 29]
وتقوى الله من أسباب تفريج الهم و الكرب:
قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق : 2]
كل من أقدم على طاعة الله وتقـواه كان أيسر له طريق السعادة و أقرب ، قال تعالى:
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)} [الليل : 5-7]
7-التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " كلُّ أمتي يدخلون الجنةَ إلا من أبى . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنةَ ، ومن عصاني فقد أبى" .
وإن من أعظــــــم السعادة :
أن ينشأ على السنة ويتربى على السنة من بداية العمر. يقول أيوب ابن أبي تميمة :من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفق للسنة من أول وهلة .
أن يُوفَّق من أول وهلة للمنهج السلفي لطريق الحق، هذا من نِعم الله ومن أعظم السعادة .
ومن الناس من يمضي شيء من عمره في الأحزاب وفي البدع وفي الضياع والتميع ثم يهتدي للسنة وهذا خير لكنه ليس كمن كان من البداية على السنة والثبات ثبتنا الله .
فمن أسباب السعادة:لــــــزوم السنة، والحرص على التمسك بالدليل وترك التقاليد في ديننا .
8-لـزوم الصمت إلا في خير :
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :
"مَن كانَ يؤمِنُ باللهِ و اليَومِ الآخرِ فليقُل خيرًا أو ليَصمُتْ"
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قليل الكلام، كثير الصمت .
فينبغي ألا نتكلم إلا بذكر الله ، في الدعوة ، في تلاوة القرآن .
الألسنة زلاتها كثيرة ،و العزلة تعين على قلة الكلام ،
العزلة ولزوم المرأة بيتها والصمت يعينها على الإقبال على الله ،
فلنجاهد أنفسنا و إصلاح ألستنـــا وتعويدها على كثرة ذكر الله ،
لزوم الصمت إلا في خير سلامة ونجاة ، صفة من صفات المتقين، من صفات السعداء .
وقد قال محمد بن عبد الوهاب السكري:
"رأيت الصمت يجمع للمرء خصلتيــــــن:
السلامة في دينه ، والفهم عن صاحبـــــــه ".
9- اجتناب الفتن:
روى أبو داود في سننه:
من حديث المقداد بن الأسود عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن ، ولمن ابتلي فصبر فواها" .
والفتـــــــن كثيرة :
فتنةالدنيا ،فتنة الأولاد ، فتنة الأصحاب، فتنة الجيران، فتنة الشهوات، والشبهات، فتنة فراق الأوطان، فتنة الضرائر،فتنة النساء، فتنة البلايا والأمراض.
لكن قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ولمن ابتُلي فصبر فواها"
فواها : فوا عجبًا يتعجب النبي صلى الله عليه وسلم لِعِظَمِ الصبر ولأن القليل من يصبر. فنسأل الله العافيـــة .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الفتن فقال " استعيذوا بالله من الفتن " رواه مسلم .
10- الصبــــــــــر:
قال ربنا سبحانه {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر : 7] أي لحكم ربك اصبر.الحكم الكوني القدري والحكم الشرعي الديني .
وقال سبحانه {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ} [القلم : 48]
الصبر شاقٌ فيه مرارة عظيمة على النفس لكن تعلم العقيدة ، تعلم التوحيد، يبعث في القلب التسليم والصبر.
قال سبحانه وتعالى:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن : 11]
حين يعلم العبد المسلم أن كل ذلك مقدر عليه .ونحن في دار مُنغصّة بالمكدرات والمنغصات .
الصبر يجلب الراحة والطمأنينة .
ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :"وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ" .
هذه بعض أنواع السعادة وكل قُربة وطاعة لرب العالمين فإنها تُنال بها السعادة بإذن الله .
تم بحمد الله الانتهاء من
تفريغ المادة ليلة الأحد

الموافق 17/10/ 1436هـ .
وقد قام بتفريغ المادة أختنا أسماء البريطانية حفظها الله وأعانها .

جهينة اليقين
2016-01-01, 08:10
بارك الله اختي على الطرح المميز اسعدك الله في الدارين وسد خطاك

kadrad2002
2016-01-01, 08:28
بارك الله فيكم

kadrad2002
2016-01-01, 08:28
بارك الله فيكم ,

NEWFEL..
2016-01-01, 08:33
بارك الله فيك ................

أم سمية الأثرية
2016-01-01, 12:28
بارك الله اختي على الطرح المميز اسعدك الله في الدارين وسد خطاك

وفيك بارك الله اختي
جزاك الله خيرا
حفظكم الله

أم سمية الأثرية
2016-01-01, 12:29
بارك الله فيكم , بارك الله فيكم



وفيكم بارك الله
جزاكم الله خيرا

oum salim
2016-01-01, 20:58
((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لاَ قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلاَ بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلاَ هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ، وَلاَ مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، وَرَحْمَتِكَ، وَفَضْلِكَ، وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لاَ يَحُولُ وَلاَ يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ إِنّا نعوذ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَنَا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزِيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا مُسْلِمِينَ و تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ مَفْتُونِينَ))

بارك الله فيك

أم سمية الأثرية
2016-01-01, 21:54
وفيك بارك الله أم سليم