المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استعمال عبارة « لا تُلْزِمْنــــي » و« لم أقتنــــع » لردِّ الحقِّ !!!


ابو اكرام فتحون
2015-12-24, 16:48
بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استعمال عبارة «لا تُلْزِمْني» و«لم أقتنع» لردِّ الحقِّ

السؤال:
نودُّ سؤالكم -شيخَنا- عمَّن يردُّ على نصيحة الناصحين من بعض الدعاة أو أتباعهم -وخاصَّةً في أثناء مناقشته في مسائل
علميةٍ- بعباراتٍ مختلفةٍ مثل أن يقول: «لا تُلزمْني»، أو «لا يَلزمُني»، أو «أنا لست بمقلِّدٍ»، أو «لم أقتنع»
أو «هذه نصيحةٌ لا يراد بها وجه الله»، علمًا أنه قد تكون النصيحة في مسائل ثابتةٍ بالدليل القطعيِّ من نصٍّ أو إجماعٍ.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين
أمَّا بعد:
فهذه طرقٌ ماكرةٌ وأساليبُ ملتويةٌ ما أنزل الله بها من سلطانٍ، حيث يستعملها المخالف تقصُّدًا للتخلُّص من الحقِّ الظاهر بالدليل
الراجح أو الثابت دون معارضٍ وفرارًا من إقامة الحجَّة والبرهان عليه، فعند أيِّ محاصرةٍ علميةٍ يلتوي بهذا الأسلوب ليجد
لنفسه مخرجًا عن الحقِّ يستمرُّ به في غَيِّه وضلاله، وهذا ما يحصل كثيرًا مع المستمسكين بالشبه المفلسين من الحجج من
أصحاب المناهج العقدية الفاسدة ومن سار في فَلَكِهم من المبطلين والمتحزِّبين وأضرابهم من أصحاب المناهج الدعوية المنحرفة
حيث يتوسَّعون في استعمال هذه الألفاظ الشيطانية ليتنصَّلوا من الحقِّ عن علمٍ أو جهلٍ، فمِن عباراتهم -أيضًا-:
«أحترم وجهةَ نظرك، لكن لا تُلزمْني بها»، أو عبارة: «هذا القول أَلْزِمْه طائفتَك ولا تقنعني به»، أو «هذه المسألة فيها خلافٌ
والأمر فيها واسعٌ»، أو «هذا منهجكم وليس بمنهجنا»، أو «هذا مذهبٌ شاذٌّ ليس عليه أمرُ أمَّتنا»، ونحو ذلك من العبارات
المتَّخذة ذريعةً -في المحاورة والمناقشة خاصَّةً- للهروب والانحراف عن سواء السبيل، ومع الأسف الشديد فقد تسرَّبت هذه الطرق
الفاسدة -في دفع الحقِّ وصدِّ الناس عنه- إلى بعض السلفيين الذين يرفعون شعار «الرجوع إلى الكتاب والسنَّة وعلى فهم سلف
الأمَّة» بألسنتهم، لكن يعزُّ وجوده في سلوكهم وتصرُّفاتهم وأفعالهم، وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ.
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾ [الصفُّ: ٢-٣].

والمعلوم أنَّ الإلزام والاقتناع أمران يتعلَّقان بالنصوص الشرعية والأدلَّة، وليس للعبد فيما ظهر له فيه الدليل قويًّا راجحًا وأقيمت
عليه الحجَّة البيِّنة أن يختار غيرَ طاعة الله فيه والإذعان إليه والانقياد له، فالعبودية لله تكمن في هذه المعاني لقوله تعالى:
﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]
ذلك لأنَّ اتِّباع الهوى والهروبَ عن الاستقامة اختيارٌ فاسدٌ مُنافٍ للعبودية الحقَّة لله تعالى والطاعة المطلقة له سبحانه ولرسوله
صلَّى الله عليه وسلَّم لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
[الأحزاب: ٣٦]
كما يجب إلزام المكلَّف بالإجماع والاقتناعُ به والانقياد إليه إذا ثبت بنقلٍ موثوقٍ صحيحٍ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].

وعليه فليس للمخالف -كائنًا من كان- أن يتمسَّك باختلاف العلماء؛ لأنَّ اختلافهم ليس بحجَّةٍ، وقد نقل ابن عبد البرِّ -رحمه الله-
الإجماعَ على أنَّ الاختلاف ليس بحجَّةٍ فقال: «الاختلاف ليس بحجَّةٍ عند أحدٍ علمتُه من فقهاء الأمَّة إلاَّ من لا بصر له ولا معرفةَ
عنده ولا حجَّةَ في قوله»(١)، وقد علَّل ذلك بقوله: «ولا يجوز أن يراعيَ الاختلافَ عند طلب الحجَّة لأنَّ الاختلاف ليس منه شيءٌ
لازمٌ دون دليلٍ، وإنما الحجَّة اللازمة الإجماعُ لا الاختلاف، لأنَّ الإجماع يجب الانقياد إليه لقول الله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: ١١٥] الآية، والاختلاف يجب طلبُ الدليل عنده من
الكتاب والسنَّة قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] الآية، يريد: الكتاب والسنَّة»(٢).

فلا بدَّ -حالتئذٍ في كلِّ مسألةٍ خلافيةٍ- من التمسُّك بالدليل الراجح وتقديمه على المرجوح إذا تعذَّر الجمع أو النسخ كما هو مقرَّرٌ
في طُرق دفع التعارض، «إذ الأَضْعَفُ لاَ يَكُونُ مَانِعًا مِنَ العَمَلِ بِالأَقْوَى، وَالمَرْجُوحُ لاَ يَدْفَعُ التَّمَسُّكَ بِالرَّاجِحِ»(٣).
وعليه، فلا يستقيم أمرُ الدين بعبادة الله بالتشهِّي والتمنِّي وتتبُّع الرُّخَص والتخيُّر بين أقوال المفتين بالرأي المجرَّد عن الدليل
وقد نقل ابن عبد البرِّ والباجيُّ -رحمهما الله- الإجماعَ على عدم جواز تتبُّع الرُّخَص والعمل في دين الله بالتشهِّي(٤) لأنه عبادةٌ
للهوى ومخالَفةٌ لأحد شرطي العبادة وهي المتابعة للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً
صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠]
قال ابن القيِّم -رحمه الله-: «وبالجملة فلا يجوز العمل والإفتاء في دين الله بالتشهِّي والتخيُّر وموافقة الغرض فيطلبَ القولَ الذي
يوافق غرضَه وغرض من يحابيه: فيعمل به ويفتيَ به ويحكمَ به، ويحكمَ على عدوِّه ويفتيَه بضدِّه، وهذا من أفسق الفسوق
وأكبر الكبائر»(٥).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين،
وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٣ من المحرَّم ١٤٣٤ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٧ نوفمبر ٢٠١٢م

(١) «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البرِّ (٢/ ٩٢٢).
(٢) «التمهيد» لابن عبد البرِّ (١/ ١٤٣).
(٣) «إحكام الأحكام» لابن دقيق العيد (٣/ ١٧٢).
(٤) انظر: «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ٢١١)، «شرح الكوكب المنير» للفتوحي (٤/ ٥٧٨)، «فواتح الرحموت» للأنصاري (٢/ ٤٠٦).
(٥) «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ٢١١).


من الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله

صفية السلفية
2015-12-24, 17:44
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا و بارك فيكم
- لم أقتنع - تستعملها الفتيات بكثرة عندما ننصح بلبس الجلباب مثلا تقولها و كأن فرض الله لا نطبقه حتى نقتنع !!! مثلا لا نصلي و لانصوم حتى نقتنع !!
. و الله المستعان

عبد الباسط آل القاضي
2015-12-24, 18:09
السلام عليكم ورحمته وبركاته

ابو اكرام فتحون
2015-12-24, 18:27
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نسال الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى
وأن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول، فيتبعون أحسنه.

أبو عبدالله الجزائري
2016-01-03, 21:00
جزاكم الله خيرا
قال سهل بن عبد اللّه التّستري: « عليكم بالأثر والسنة، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه، وأذلوه وأهانوه ».

plimo
2016-01-06, 10:46
انا كذلك لا احب من مفتين من يقولوا /لا يجوز/ بل نا افهم /حرام - مكروه - حلال-لا ادري/ لماذا عدم الوضوح و الفموض.

الربيع ب
2016-01-06, 15:31
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزى الله علماءنا وأهل الفضل فينا على ما يسعون في نصح المسلمين وسلامة دينهم ونشر الخير فيهم
بارك الله فيك أبا فتحون وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

ابو اكرام فتحون
2016-01-06, 17:11
جزاكم الله خيرا
قال سهل بن عبد اللّه التّستري: « عليكم بالأثر والسنة، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه، وأذلوه وأهانوه ».

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزى الله علماءنا وأهل الفضل فينا على ما يسعون في نصح المسلمين وسلامة دينهم ونشر الخير فيهم
بارك الله فيك أبا فتحون وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
واياكم اخوتي وبارك فيكم وحفظكم من كل سوء
و نسأله سبحانه أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى.

bachir-h
2016-01-07, 12:52
جزا الله الشيخ خير جزاء
نسمع مثل هذا كثيرا ممن لايفقه في الدين شيء
وما هذا إلا بسبب ضعف الوازع الديني والتهرب من الحق

زهرة أمل
2016-01-07, 23:24
جزاكم الله خيرا

صفية السلفية
2016-01-07, 23:28
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و أيضا
تبين له الحق ويقول
لا يلزمني

��للعلامة الفاضل الحبيب
الشيخ محمد المدخلي حفظه الله

للاستماع والتحميل بصيغةmb3
اضغط هنا على هذا الرابط
http://cdn.top4top.co/m_560wt0o0.mp3

younes44dz
2016-01-08, 13:30
بارك الله فيك أخي
ربي يهدينا ويهدي جميع المسلمين

realtime220
2016-01-09, 12:17
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

realtime220
2016-01-09, 12:19
بارك الله فيك

آلاء الرحمآن
2016-01-09, 16:02
بارك الله فيك
أسأل الله الهداية لكل ضال .. ~

قاصِرَةُ الطّرْف
2016-01-11, 05:43
السلامُ عليكُم
للآسف كثيرًا ما تُرَدَدْ عَلَىْ مَسَامِعِنا بَارَكَ الله فِيكُم.

الباحث عن الحق13
2016-02-14, 11:01
السلام عليكم ...انا عضو جديد بينكم
و في الحقيقة انا في رحلة للبحث عن الحقيقة

أسد الرمال1
2016-02-26, 10:25
اكيد لا يلزمني كلام من لا أقتنع به ,,,فما هو ألا بشر يصيب ويخطئ ,,,وليس وصيا على دين الإسلام ,,,

ابو اكرام فتحون
2016-02-26, 10:47
اكيد لا يلزمني كلام من لا أقتنع به ,,,فما هو ألا بشر يصيب ويخطئ ,,,وليس وصيا على دين الإسلام ,,,

لا تتسرع يارجل و لا تتعجل
فربما لم تفهم المقصود والذي هو معناه
أنك إذا بيّنتَ للمرء المسألة بدليلها من الكتاب والسُّنّة أو إجماع سلف الأمة دلالةً صريحة واضحة
ثمّ يُعارضك بقوله ( لا يلزمني )

فبالله عليك اصدقنا القول ما الذي يلزمه إذن ؟
حينئذ اعلم كما قال الشيخ محمد بن هادي حفظه الله أنه صاحب هوى.
نسأله الله لنا جميعا الهدى والتقى والسلامة والعافية .

hanane42
2016-03-08, 14:27
الله اكبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ر

sliman rabeh
2016-07-11, 00:12
بارك الله فيــــــــــــك .

الوادعي
2016-07-11, 23:16
بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استعمال عبارة «لا تُلْزِمْني» و«لم أقتنع» لردِّ الحقِّ

السؤال:
نودُّ سؤالكم -شيخَنا- عمَّن يردُّ على نصيحة الناصحين من بعض الدعاة أو أتباعهم -وخاصَّةً في أثناء مناقشته في مسائل
علميةٍ- بعباراتٍ مختلفةٍ مثل أن يقول: «لا تُلزمْني»، أو «لا يَلزمُني»، أو «أنا لست بمقلِّدٍ»، أو «لم أقتنع»
أو «هذه نصيحةٌ لا يراد بها وجه الله»، علمًا أنه قد تكون النصيحة في مسائل ثابتةٍ بالدليل القطعيِّ من نصٍّ أو إجماعٍ.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين
أمَّا بعد:
فهذه طرقٌ ماكرةٌ وأساليبُ ملتويةٌ ما أنزل الله بها من سلطانٍ، حيث يستعملها المخالف تقصُّدًا للتخلُّص من الحقِّ الظاهر بالدليل
الراجح أو الثابت دون معارضٍ وفرارًا من إقامة الحجَّة والبرهان عليه، فعند أيِّ محاصرةٍ علميةٍ يلتوي بهذا الأسلوب ليجد
لنفسه مخرجًا عن الحقِّ يستمرُّ به في غَيِّه وضلاله، وهذا ما يحصل كثيرًا مع المستمسكين بالشبه المفلسين من الحجج من
أصحاب المناهج العقدية الفاسدة ومن سار في فَلَكِهم من المبطلين والمتحزِّبين وأضرابهم من أصحاب المناهج الدعوية المنحرفة
حيث يتوسَّعون في استعمال هذه الألفاظ الشيطانية ليتنصَّلوا من الحقِّ عن علمٍ أو جهلٍ، فمِن عباراتهم -أيضًا-:
«أحترم وجهةَ نظرك، لكن لا تُلزمْني بها»، أو عبارة: «هذا القول أَلْزِمْه طائفتَك ولا تقنعني به»، أو «هذه المسألة فيها خلافٌ
والأمر فيها واسعٌ»، أو «هذا منهجكم وليس بمنهجنا»، أو «هذا مذهبٌ شاذٌّ ليس عليه أمرُ أمَّتنا»، ونحو ذلك من العبارات
المتَّخذة ذريعةً -في المحاورة والمناقشة خاصَّةً- للهروب والانحراف عن سواء السبيل، ومع الأسف الشديد فقد تسرَّبت هذه الطرق
الفاسدة -في دفع الحقِّ وصدِّ الناس عنه- إلى بعض السلفيين الذين يرفعون شعار «الرجوع إلى الكتاب والسنَّة وعلى فهم سلف
الأمَّة» بألسنتهم، لكن يعزُّ وجوده في سلوكهم وتصرُّفاتهم وأفعالهم، وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ.
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾ [الصفُّ: ٢-٣].

والمعلوم أنَّ الإلزام والاقتناع أمران يتعلَّقان بالنصوص الشرعية والأدلَّة، وليس للعبد فيما ظهر له فيه الدليل قويًّا راجحًا وأقيمت
عليه الحجَّة البيِّنة أن يختار غيرَ طاعة الله فيه والإذعان إليه والانقياد له، فالعبودية لله تكمن في هذه المعاني لقوله تعالى:
﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]
ذلك لأنَّ اتِّباع الهوى والهروبَ عن الاستقامة اختيارٌ فاسدٌ مُنافٍ للعبودية الحقَّة لله تعالى والطاعة المطلقة له سبحانه ولرسوله
صلَّى الله عليه وسلَّم لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
[الأحزاب: ٣٦]
كما يجب إلزام المكلَّف بالإجماع والاقتناعُ به والانقياد إليه إذا ثبت بنقلٍ موثوقٍ صحيحٍ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].

وعليه فليس للمخالف -كائنًا من كان- أن يتمسَّك باختلاف العلماء؛ لأنَّ اختلافهم ليس بحجَّةٍ، وقد نقل ابن عبد البرِّ -رحمه الله-
الإجماعَ على أنَّ الاختلاف ليس بحجَّةٍ فقال: «الاختلاف ليس بحجَّةٍ عند أحدٍ علمتُه من فقهاء الأمَّة إلاَّ من لا بصر له ولا معرفةَ
عنده ولا حجَّةَ في قوله»(١)، وقد علَّل ذلك بقوله: «ولا يجوز أن يراعيَ الاختلافَ عند طلب الحجَّة لأنَّ الاختلاف ليس منه شيءٌ
لازمٌ دون دليلٍ، وإنما الحجَّة اللازمة الإجماعُ لا الاختلاف، لأنَّ الإجماع يجب الانقياد إليه لقول الله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: ١١٥] الآية، والاختلاف يجب طلبُ الدليل عنده من
الكتاب والسنَّة قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] الآية، يريد: الكتاب والسنَّة»(٢).

فلا بدَّ -حالتئذٍ في كلِّ مسألةٍ خلافيةٍ- من التمسُّك بالدليل الراجح وتقديمه على المرجوح إذا تعذَّر الجمع أو النسخ كما هو مقرَّرٌ
في طُرق دفع التعارض، «إذ الأَضْعَفُ لاَ يَكُونُ مَانِعًا مِنَ العَمَلِ بِالأَقْوَى، وَالمَرْجُوحُ لاَ يَدْفَعُ التَّمَسُّكَ بِالرَّاجِحِ»(٣).
وعليه، فلا يستقيم أمرُ الدين بعبادة الله بالتشهِّي والتمنِّي وتتبُّع الرُّخَص والتخيُّر بين أقوال المفتين بالرأي المجرَّد عن الدليل
وقد نقل ابن عبد البرِّ والباجيُّ -رحمهما الله- الإجماعَ على عدم جواز تتبُّع الرُّخَص والعمل في دين الله بالتشهِّي(٤) لأنه عبادةٌ
للهوى ومخالَفةٌ لأحد شرطي العبادة وهي المتابعة للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً
صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠]
قال ابن القيِّم -رحمه الله-: «وبالجملة فلا يجوز العمل والإفتاء في دين الله بالتشهِّي والتخيُّر وموافقة الغرض فيطلبَ القولَ الذي
يوافق غرضَه وغرض من يحابيه: فيعمل به ويفتيَ به ويحكمَ به، ويحكمَ على عدوِّه ويفتيَه بضدِّه، وهذا من أفسق الفسوق
وأكبر الكبائر»(٥).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين،
وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٣ من المحرَّم ١٤٣٤ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٧ نوفمبر ٢٠١٢م

(١) «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البرِّ (٢/ ٩٢٢).
(٢) «التمهيد» لابن عبد البرِّ (١/ ١٤٣).
(٣) «إحكام الأحكام» لابن دقيق العيد (٣/ ١٧٢).
(٤) انظر: «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ٢١١)، «شرح الكوكب المنير» للفتوحي (٤/ ٥٧٨)، «فواتح الرحموت» للأنصاري (٢/ ٤٠٦).
(٥) «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ٢١١).


من الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله








بارك الله فيك اخي فتحون ورفع الشيخ فركوس في العِليين..

يقول الشيخ ربيع حفظه المولى "
إذا اختلف عالمان من علماء الجرح والتعديل أو غيرهم في أمر ديني فالحكم في القضية لله لا للهوى وأهله الذين يأخذون بقول المخطئ ويردون قول المصيب.
والواجب فيما اختلف فيه من أمر الدين الرد إلى الله والرسول ، قال تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } .
فينظر في قول المتنازعين في ضوء الشريعة وقواعدها المستمدة منها لا المفتعلةفمن وافق قوله شريعة الله وجب الأخذ بقوله ومن خالفها رد قوله مع احترامه واعتقاد أنه مجتهد له أجر المجتهد المخطئ ،
ولا يقف المسلم المتبع موقف أهل الأهواء
فيقول قد اختلف العلماء فلا يلزمني قول فلان وفلان ويذهب يتلاعب بعقول الناس فإن مثل هذا القول يجرئ الناس على رد الحق وإسقاط أهله
وصاحب الحجة يجب الأخذ بقوله اتباعاً لشرع الله وحجته لا لشخص ذلك الرجل وسواد عينيه "
.
والغريب هناك من يلزم غيره بعدم الإلزام.

ابو اكرام فتحون
2016-07-12, 09:46
بارك الله فيك اخي فتحون ورفع الشيخ فركوس في العِليين..

يقول الشيخ ربيع حفظه المولى "
إذا اختلف عالمان من علماء الجرح والتعديل أو غيرهم في أمر ديني فالحكم في القضية لله لا للهوى وأهله الذين يأخذون بقول المخطئ ويردون قول المصيب.
والواجب فيما اختلف فيه من أمر الدين الرد إلى الله والرسول ، قال تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } .
فينظر في قول المتنازعين في ضوء الشريعة وقواعدها المستمدة منها لا المفتعلةفمن وافق قوله شريعة الله وجب الأخذ بقوله ومن خالفها رد قوله مع احترامه واعتقاد أنه مجتهد له أجر المجتهد المخطئ ،
ولا يقف المسلم المتبع موقف أهل الأهواء
فيقول قد اختلف العلماء فلا يلزمني قول فلان وفلان ويذهب يتلاعب بعقول الناس فإن مثل هذا القول يجرئ الناس على رد الحق وإسقاط أهله
وصاحب الحجة يجب الأخذ بقوله اتباعاً لشرع الله وحجته لا لشخص ذلك الرجل وسواد عينيه .
والغريب هناك من يلزم غيره بعدم الإلزام.



و فيك بارك الله أخي الوادعي
وحفظ الشيخ ربيع وأطال في عمره في طاعته
سائلين الله أن يجعلنا من ‎الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

عبدالنور.ب
2016-07-23, 19:51
جزاكم الله خيرا أخي وليد

إيزابيل
2016-07-23, 20:02
بارك الله فيك

فيصل_الحكيم
2016-07-28, 13:26
بالفعل فهذا أمر شائع أرجوا من الشيخ بعض الشرح و التبسيط لهذا الموضوع حيث صار كل شيئ لا يجوز دون بيان او نص؛
و شكرا