تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الغرور.....


رَكان
2015-12-18, 22:55
السلام عليكم ..
الغرور صفة ذميمة لايقف عليها صاحبها في نفسه بنفسه فكأنما المرض يسري في جسده ولا يعلمه ...وإن ذكِّر فإنه يصم الأذن عن التذكير .معتقدا أن تنبيهه مرده الحسد من غيره ..يعتقد أنه على مرتبة أعلى عمن حوله وأنه لاسبيل لغيره بلوغ الفهم الا أخذا عنه وقوله هو الأحق بالأخذ به ...
وقفت على مقالة في هذا الشأن فرغبت مشاركتكم مااطلعت عليه من فوائد متابعة طيبة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد:
لقد ذم الله تعالى الإعجاب بالنفس وجعله من محبطات الأعمال ، وأن الإعجاب بالنفس لا يغني من الله شيئا ، قال سبحانه وتعالى:{{ ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين }} [التوبة 25].
وغرور المرء بشخصيته يتأتى من إعجابه بنفسه وشكله ، أو بصورته وهيئته أو علمه وعمله ودينه أو قوته وجاهه ، أو سلطانه وجماله ، وهذا كله من وحي الشيطان الذي يعدهم ويمنيهم ، وما يعدهم الشيطان إلا غرورا .
ولقد يعجل الله العقوبة للمعجب بنفسه المغرور بما عنده من الدنيا ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :<< بينما رجل يتبختر في بردين وقد أعجبته نفسه خسف الله به الأرض فهو يتجلجل [1] فيها إلى يوم القيامة >>[2].
وإن الغرور والإعجاب بالنفس من المهلكات : وفي الحديث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:<< إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم >> [3] وقوله:<< أهلكهم >> جاءت بفتح الكاف على أنه فعل ماض ، بمعنى كان سببا في هلاكهم باعتلاله عليهم ، وسوء الظن بهم ، وتيئيسهم من روح الله تعالى ، وجاءت بضم الكاف أيضا ، والمعنى أشدهم وأسرعهم هلاكا بغروره وإعجابه بنفسه واتهامه لهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم ، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه وظنه أنه خير منهم .
قال إسحاق : فقلت لمالك : ما وجه هذا ؟ قال : هذا رجل حقر الناس وظن أنه خيرا منهم فقال هذا القول فهو أهلكهم ، أي أرذلهم ، وإما رجل حزن لما يرى من النقص من ذهاب أهل الخير فقال هذا القول ، فإني أرجو أن لا يكن به بأس [4].
وأن أبعد الناس من الدخول في دين الله ، وقبول النصيحة ، جاهل مغرور ، معجب بنفسه لأنه يرى نفسه على الصواب والناس حوله على باطل .
والغرور هو نوع جهل بالنفي يوجب اعتقاد الفاسد صحيحا ، والرديء جيدا، وسببه وجود شبهة أوجبت له الهلاك ، وفي الأثر :<< ثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه .[5]
من أقوال السلف في العجب والغرور : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : الهلاك في شيئين : العجب والقنوط ، وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالطلب والتشمير، والقانط لا يطلب والمعجب يظن أنه قد ظفر بمراده فلا يسعى .[6].
وقال مطرف بن عبد الله رحمه: لأن أبيت نائما وأصبح نادما ، أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح معجبا .[7].
وقال ابن القيم رحمه الله:من رجا شيئا طلبه، ومن خاف شيئا هرب منه، ومن رجا الغفران مع الإصرار فهو مغرور.[8].
أين يكثر الغرور والإعجاب بالنفس؟يكثر العجب والاغترار عند خمسة أصناف منالناس [9] وهل الناس غير هؤلاء ؟ وكل من هذه الأصناف على نوعين ، نوع غرتهم الحياةالدنيا فقالوا : النقد خير من النسيئة ، والدنيا نقد والآخرة نسيئة ، وهذا محلالتلبيس عليهم ، ونوع آخر نظر إلى الآخرة فاجتمع لديهم الخوف والرجاء ، وهما سائقانيبعثان على العمل ، فسارعوا إلى العمل ومالا يبعث على العمل فهو غرور ، وهذا حالأكثر الخلق الذين غلّبوا جانب الرجاء الذي حملهم على البطالة وإيثار المعاصي.
والعجب أن القرن الأول عملوا وخافوا، ثم أهل هذا الزمان أمنوا مع التقصير واطمأنوا، أتراهم عرفوا من كرم الله تعالى ما لم يعرفه الأنبياء والصالحون، ولو كان هذا الأمر يدرك بالمنى، فلم تعب أولئك وكثر بكاؤهم .[10].
قال أبو محمد ابن حزم الأندلسي رحمه الله :[11] فصل في مداواة ذوي الأخلاق الفاسدة العجب . وهو فصل ماتع سأنقله باختصار .
قال رحمه الله : ومن امتحن بالعجب فليفكر في عيوبه ، فإن أعجب بفضائله فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة ، فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى أنه لا عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى الأبد ، وأنه أتم الناس نقصا ، وأعظمهم عيوبا ، وأضعفهم تمييزا ، وأول ذلك أنه ضعيف العقل جاهل ، ولا عيب أشد من هذين ، لأن العاقل : هو من ميز عيوب نفسه فغالبها ، وسعى في قمعها ، والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه ، إما لقلة علمه ، وتمييزه وضعف فكرته ، وإما لأنه يقدر أن عيوبه خصال [12] وهذا أشد عيوب أهل الأرض ، وفي الناس كثير يفخرون بالزنى واللياطة [13 ] والسرقة والخمر ، والظلم ، فيعجب بتأتي هذه النجوس له ، وبقوته على هذه المخازي.
واعلم يقينا أنه لا يسلم أنسي من نقص ، حاشا الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين فمن خفيت عليه عيوب نفسه فقد سقط ، وصار من السخف والضعف والرذالة والخسة ، وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم ، بحيث لا يتخلف عنه متخلف من الأراذل ، وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة ، فليتدارك نفسه بالحث عن عيوبه ، والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها ، وعن عيوب غيره التي لا تضره لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها فيجتنبها ، ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته .
وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير لا يسوغ أصلا ، والواجب اجتنابه إلا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب ، أو على سبيل تبكيت المعجب ، فقط في وجهه لا خلف ظهره .
ثم نقول للمعجب : ارجع إلى نفسك ،فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك .ولا تمثل بين نفسك وبين من هو أكثر عيوبا منها، فتستسهل الرذائل ، وتكون مقلدا لأهل الشر ، وقد ذم تقليد أهل الخير ؛ فكيف بتقليد أهل الشر ؟ لكن مثل بين نفسك وبين من هو أفضل منك. فحينئذ يتلف عجبك وتفيق من هذا الداء القبيح ، الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس وسوء الظن بهم ، وفيهم بلا شك من هو خير منك ، فإذا استخففت بهم بغير حق استخفوا بك بحق لأن الله تعالى يقول :{{ وجزاء سيئة سيئةٌ مثلها }} [الشورى :40] فتولد في نفسك الاستخفاف بك ، بل على الحقيقة مع مقت الله عز وجل ، وطمس ما فيك من فضيلة.
فإن أعجبت بعقلك ، ففكر في حل فكرة سوء تمر بخاطرك وفي أضاليل الأماني الطائفة بك ، فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ .
وإن أعجبت بآرائك ، فتفكر في سقطاتك ولا تنسها ، وفي كل رأي قدرته صوابا فخرج بخلاف تقديرك ، وأصاب غيرك وأخطأت أنت ، فإنك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن توازن سقوط رأيك بصوابه ، فتخرج لا لكَ ، ولا عليك ، والأغلب أنّ خطأك أكثر من صوابك ، وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم.
وإن أعجبت بخيرك ، فتفكر في معاصيك وتقصيرك ، وفي معايبك ووجُوهه ، فوالله لتجدن من ذلك ما يغلب على خيرك، ويعفى على حسناتك ، فليطل همك حينئذ وأبدل من العجب نقصا لنفسك.
وإن أعجبت بعلمك ، فاعلم أنه لا خصلة لكَ فيه ، وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك ، فلا تقابلها بما يسخطه ، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت ، ولقد أخبرني عبد الملك بن طريف - وهو من أهل العلم والذكاء واعتدال الأحوال وصحة البحث - أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته ، وأنه ركب البحر فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ ، وأخل بقوة حفظه إخلالا شديدا ، ولم يعاوده ذلك الذكاء بعد ، وأنا أصابتني علة فأفقت منها، وقد ذهب ما كنت أحفظ ، إلا ما لا قدر له يذكر ، فما عاودته إلا بعد أعوام .
واعلم أن كثيرا من أهل الحرص يجدون في القراءة والإنكباب على الدّرس والطلب ثم لا يرزقون منه حظا ، فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإنكباب وحده لكان غيره فوقه فصح أنه موهبة من الله تعالى فأي مكان للعجب هنا ؟ ما هذا إلا موضع تواضع ، وشكر لله تعالى واستزادة من نعمه ، واستعاذة من سلبها.
ثم تفكر أيضا في أن ما خفي عليك وجهلته من أنواع العلوم ، ثم من أصناف علمك الذي تختص به والذي أعجبت بنفاذك فيه؛ أكثر ممّا تعلم ُمن ذلك ، فاجعل مكان العجب استنقاصا لنفسك واستقصارا لها فهو أولى.
وتفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيرا ، فلتَهُن نفسك عندك حينئذ ، وتفكر في إخلالك بعلمك كثيرا ، وأنت لا تعمل بما علمت منه ، ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالما ، واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالا واعذر، فليسقط عجبك بالكلية .
ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها كالشعر والفلسفة ، والعلوم التجريبية وما جرى مجراها ، وانظر حينئذ إلى من هو علمه أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة فهون نفسك عليك .
وإن أعجبت بشجاعتك ، فتفكر فيمن هو أشجع منك ثم أنظر في تلك النجدة التي منحك الله تعالى ، فيما صرفتها فإن كنت صرفتها في معصية فأنت أحمق لأنك بذلت نفسك فيما ليس ثمنا لها ، وإن كنت صرفتها في طاعة فقد أفسدتها بعجبك ، ثم تفكر في زوالها عنك بالشيخوخة ، وأنك إن عشت فستصير من عداد العيال وكالصبي ضعفا . وعلى أني ما رأيت العجب في طائفة أقل منه في أهل الشجاعة ، واستدللت بذلك على نزاهة أنفسهم ورفعتها وعلوها .
وإن أعجبت بجاهك في دنياك ، فتفكر في مخالفيك وأندادك ونظرائك ، ولعلهم أخِسّاء ، وضعفاء سُقّاط ، فاعلم أنهم أمثالك فيما أنت فيه ، ولعلهم ممن يستحى من التشبه بهم لفرط رذالتهم وخساستهم في أنفسهم وأخلاقهم ، ومنابتهم ، فاستحصن بكل منزلة شاركك فيها من ذكر ، وإن كنت مالك الأرض كلها ولا مخالف عليك ، وهذا بعيد جدا في الإمكان ، فما نعلم أحدا ملك معمور الأرض كلها على قلته وضيق ساحته بالإضافة إلى غيرها ، فكيف إذا أضيف إلى ذلك الفلك المحيط ، فتفكر فيما قال ابن السماك للرشيد ، وقد دعا بحضرته بقدح فيه ماء ليشربه فقال له : يا أمير المؤمنين ، فلو منعت هذه الشربة بكم ترضى أن تشتريها ؟ فقال له الرشيد : بمكلي كله .قال يا أمير المؤمنين ، فلو منعت خروجها منك بكم كنت ترضى أن تفتدي من ذلك ؟ قال بملكي كله . فقال يا أمير المؤمنين ، أتغتبط بملك لا يساوي بولة ، ولا شربة ماء ؟ وصدق ابن السماك رحمه الله .
وإن كنت ملِك المسلمين كلهم ، فاعلم أن ملِك السودان وهو رجل أسود مكشوف العورة جاهل يملك أوسع من ملكك فإن قلت : أنا أخذته بحق ، فلعمري ما أخذته بحق إذا استعملت فيه رذيلة العجب ، وإذا لم تعدل فيه فاستحي من حالك في رذالة ، لا حالة يجب العجب فيها .
وإن أعجبت بمالك ، فهذه أسوأ مراتب العجب ، فانظر في كل ساقط خسيس فهو أغنى منك فلا تغتبط بحالة يفوقك فيها من ذكرت .
واعلم أن عجبك بالمال حمق لأنه أحجار لا تنتفع بها إلا أن تخرجها عن ملكك بنفقتها في وجهها فقط ، والمال أيضا غاد ورائح وربما زال عنك ورأيته بعينه في يد غيرك ولعل ذلك يكون عدوك فالعجب بمثل هذا سخف والثقة به غرور وضعف .
وإن أعجبت بحسنك ، ففكر فيما يولد عليك ما نستحي نحن من إتيانه ، وتستحي أنت منه إذا ذهب عنك بدخولك في السن وفيما ذكرنا كفاية .
وإن أعجبت بمدح إخوانك ، ففكر في ذم أعدائك إياك ، فحينئذ ينجلي عنك العجب ، فإن لم يكن لك عدو فلا خير فيك ، ولا منزلة اسقط من منزلة من لا عدو له ، فليست إلا منزلة من له لله تعالى عنده نعمة يحسد عليها – عافانا الله – فإن استحقرت عيوبك ففكر فيها، ولو ظهرت إلى الناس ، و اطلاعهم عليها فحينئذ تخجل ، وتعرف قدر نقصك إن كان لك مسكة من تمييز .
واعلم بأنك إن تعلمت كيفية تركيب الطبائع وتولد الخلاق من امتزاج عناصرها المحمولة في النفس، فستقف من ذلك وقوف يقين، على أن فضائلك لا خصلة لك فيها،وأنها منح من الله تعالى لو منحها غيرك لكان مثلك ، وأنك لو وكلت إلى نفسك لعجزت وهلكت فاجعل بدل عجبك بها شكرا لواهبك إياها، وإشفاقا من زوالها فقد تتغير الأخلاق الحميدة بالمرض وبالفقر ، وبالخوف ، وبالغضب وبالهرم ، وارحم من مُنعَ ما مُنحتَ ، ولا تتعرض لزوال ما بك من النعم بالمعاصي ؛ وهي الجرأة على واهبها تعالى ، وبأن تجعل لنفسك فيما وهبك خصلة أو حقا أنك استغنيت عن عصمته فتهلك عاجلا وآجلا .
وإن أعجبت بقوة جسمك ، فتفكر أن البغل والحمار والثور أقوى منك ؛ وأحمل للثقال ، وان أعجبت بخفتك فاعلم أن الكلب والأرنب يفوقانك في هذا الباب ، فمن العجب العجيب إعجاب ناطق بخصلة يفوقه فيها غير ناطق .
واعلم أنّ من قدّر في نفسه عُجبا أو ظنّ لها على سائر الناس فضلا ؛ فلينظر إلى صبره عندما يدهمُهُ همٌ أو نكبةٌ أو وجعٌ أو دُمَّلٌ أو مصيبةٌ ، فإن رأى نفسه قليلة الصبر فليعلم أن جميع أهل البلاء من المجذومين ، وغيرهم من الصابرين أفضل منه على تأخر طبقتهم في التمييز ، وإن رأى نفسه صابرة فليعلم أنه لم يأت بشيء لم يسبق إليه ، بل هو إما متأخرا عنهم في ذلك أو مساوٍ لهم ولا مزيد.
ثم لينظر إلى سيرته وعدله أو جوره فيما خوله الله من نعمة أو مال أو أتباع أو صحة أو جاه ، فإن وجد نفسه مقصرة فيما يلزمه من الشكر لواهبه تعالى ، ووجدها حائفة في العدل ، فليعلم أن أهل العدل والشكر والسيرة الحسنة من المخوّلين أكثر مما هو فيه ، وأفضل منه ، فإن رأى نفسه ملتزمة للعدل ، فالعدل بعيد عن العجب البتة ، لعلمه بموازين الأشياء ومقادير الأخلاق والتزامه التوسط الذي هو العدل بين الطرفين المذمومين، فإن أعجب فلم يعدل ،بل قد مال إلى جنابة الإفراط المذمومة .
واعلم أن التَّعسُّفَ وسوءَ الملكةِ ، لمن خولك الله تعالى أمره من رقيق أو رعية يدلان على خساسة النفس ، ودناءة الهمة ، وضعف العقل ، لأن العاقل الرفيع النفس العالي الهمة إنما يغالب أكفاءه في القوة ، ونظراءه في المنعة ، وأما الاستطالةُ على من لا يمكنه المعارضةُ فسقوطٌ في الطبع ، ورذالة في الخلق ، وعجز ومهانة ، ومن فعل ذلك فهو بمنزلة
من يتبجح بقتل جرد [14] ،أو بقتل برغوث أو بفرك قملة ، وحسبك بهذا ضعة وخساسة.
والعجب أصل يتفرع عنه التيه ، والزهو والتكبر والنخوة ، والتعالي، وهذه أسماء واقعة على معان متقاربة ، ولذلك صَعُبَ الفرقُ بينها على أكثر الناس ، فقد يكون العجب لفضيلة في المعجب ظاهرة ، فمن معجب بعمله فيكفهر ويتعلق على الناس ،[أي يتفاخر عليهم] ومن معجب بعلمه فيترفع ويتعالى ، ومن معجب برأيه فيزهو على غيره ، ومن
معجب بنفسه فيتيه ، ومن معجب بجاهه وعلو حاله فيتكبر وينتخي ، بمعنى يفتخر ويتعاظم .
وأقل مراتب العجب أن تراه يتوفر عن الضحك في مواضع ، وعن خفة الحركات ، وعن الكلام إلا فيما لا بد له منه من أمور دنياه ، وعيب هذا أقل من عيب غيره [15] .
علاج الغرور والإعجاب بالنفس.
فإن قيل : فما ذكرته من مداخل الغرور والإعجاب لا يكاد يسلم منه أحد ؟ فالجواب :أن مدار الآخرة على معنى واحد وهو علاج القلب وتقويمه من هذا الداء ، ولا يعجز عن ذلك إلا من لم تصدق نيته وطغى عليه الغرور.فقد يكون العجب دفينا في نفس المعجب حتى إذا حصل على أدنى جاه أو مال ، أو علم ، أو خصلة ظهر ذلك عليه ، وعجز عقله عن قمعه وستره ..
ولا يستطيع أن يدفع ذلك عنه إلا أن يهتم بأمر الآخرة كما يهتم بأمر الدنيا لينالها، وأكثر ، وقد فعل ذلك السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان، ويستعان على التخلص من الغرور والعجب بأربعة أشياء :
1- العقل : وهو النور الذي يكشف به حقائق الأشياء ، والتكريم الأصلي الذي يدرك به الإنسان الحق والباطل.وعليه أن يتفكر في الآيات الكثيرة التي خاطب الله فيها العقل ، فليروض نفسه عليها ، وليقرأ ما جاء في روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان البستي فهو مفيد .
2 - المعرفة – ويقصد بها العلم – وهي التي يعرف بها الإنسان ربه ،ونبيه ، ودينه ، ونفسه ، ودنياه ،وآخرته ، ولماذا خلق في هذا الوجود ؟فلا شك ان من عرف الحق والجزاء عليه سلبا وإيجابا ثوابا وعقابا خاف العواقب فترك الغرور والعجب بالنفس ، فازدراها واحتقرها .
3- الاستعانة على معرفة الدنيا والآخرة بذم الدنيا وذكر الموت، فإذا حصلت هذه المعرفة ثار من القلب بمعرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته ، فوقر فيه حب الله تعالى ،فتواضع وتذلل له ، وبمعرفة الآخرة حبُ شدة الرغبة فيها ، وبمعرفة الدنيا حبُ شدة الرغبة عنها فيصير أهم أمور إليه ما يوصله إلى الله تعالى ، وينفعه في الآخرة وإذا غلبت هذه الإرادة على القلب، صحت نيته في الأمور كلها واندفع الغرور، وبطل سوء ظنه بالناس .[16].
4 – القراءة في سير السلف الصالح الماضين ، وكيف كانت معرفتهم بربهم ونبيهم ، وكيف كانت عبادتهم ، ورغبتهم الشديدة في الآخرة ، وزهدهم في الدنيا ، وصفاء سرائرهم ، وإخلاص نياتهم ، حتى مدحهم الله بذلك :{{لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأثابهم فتحا قريبا }} وقال :{{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين ، والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم }} فمن عرف حال القوم وسار على نهجهم ونزع ما في قلبه من غل ،معترفا بسابقتهم وفضلهم ، موقرا للكبار وخاصة ذوي الفضل منهم ، معظما لحقوقهم ، محترما لمثله متجاوزا عنهم ، راحما لمن كان أصغر منه واضعا كل نصاب في نصابه ، وكل مقال في مقامه، فهذا قد عالج نفسه من العجب والغرور . والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

sidali75
2015-12-18, 23:29
ما تركت للمغرور سبيل وإنه الشفاء لكل عليل بإذن العزيز القدير
وقد نظمت فأحسنت التنظيم وأقبلت بالنصح وذلك منك فعل رشيد رفع الله قدرك يا أيها الأخ الكريم ولا حول ولاقوة إلا بالله رب العالمين

رَكان
2015-12-18, 23:35
أشكر طيب انطباعك يا سيدي علي ..فكم ابتلينا بمثل هؤلاء على الشبكة وفي الواقع ..ولكن أمرهم آيل لفضح إن لم يطرق بابهم طيب النصح ...

سفيان الميلي
2015-12-19, 00:10
وعليكم السلام
لا شك ان الغرور شيء مستنكر وقبيح
ولكن القاعدة تقول ان هذا الامر دين فانظروا عمن تاخذون دينكم
لقد وجدت في نفسي شيء من هذا الكلام

[i]
وإن كنت ملِك المسلمين كلهم ، فاعلم أن ملِك السودان و[color="red"]هو رجل أسود مكشوف العورة جاهل يملك أوسع من ملكك فإن قلت : أنا أخذته بحق ، فلعمري ما أخذته بحق إذا استعملت فيه رذيلة العجب ، وإذا لم تعدل فيه فاستحي من حالك في رذالة ، لا حالة يجب العجب فيها .
وإن أعجبت بمالك ، فهذه أسوأ مراتب العجب ، فانظر في كل ساقط خسيس فهو أغنى منك فلا تغتبط بحالة يفوقك فيها من ذكرت .
واعلم أن عجبك بالمال حمق.

متى كان الرجل يُعاب بسواده ؟
وما علاقة العورة المكشوفة أكرمكم الله بهذا الكلام ؟
وهل خفيت على صاحب المقال الألفاظ الجميلة التي تغنيه عن تلك المصطلحات التي تعافها النفس السويّة ؟

رَكان
2015-12-19, 00:19
وهل خفيت على صاحب المقال الألفاظ الجميلة التي تغنيه عن تلك المصطلحات التي تعافها النفس السويّة ؟

وعليكم السلام ..
وعلى نحو ما ذهبت اليه يا سفيان فإني مؤازرك ..
المقالة طويلة ولاشك أن فيها من خير وإفادة كبيرين ..لكن ذلك الذي اقتبسته حق عليه قولك ..أنه يوجد من طيب القول ما كان يغنيه ..عن تلك المصطلحات التي تعافها النفس السوية ...
وقد يكون لطباع الكاتب أثر على ما يكتب ..ليس الأمر مقصورا على الكتابة إنما على الخطابة من على المنابر أيضا فنجد بعض من الدعاة ..وحتى العلماء م نيطلق لنفسه العنان في اختيار سقط الكلام ...ولغتنا العربية والله إنها لكفيل رصيدها بأن يؤدي كل معنى ومراد بلوغه بما يفي الحاجة ويفوق ..مرة أخرى أشكرك على هذه الوقفة الطيبة ..

صفية السلفية
2015-12-19, 00:52
المصدر بارك الله فيكم
ان هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذون دينكم

ابو اكرام فتحون
2015-12-19, 09:16
المصدر بارك الله فيكم
ان هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذون دينكم

وفقنا الله وإياكم إلى العلم النافع والعمل الصالح
ففي صحيح مسلم عن محمد بن سيرين أنه قال:
إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.

ابو اكرام فتحون
2015-12-19, 09:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احسن الله اليكم و جزاكم خيرا...

فهذه بإذن الله بعض الكلمات والمواعظ للعلماء والعُبّاد
في التحذير من داء العجب، وآفة الغرور اساهم في نقلها والمشاركة بها
عسى الله أن ينفعني وإياكم بها.

سُئل عبد الله بن المبارك – رحمه الله - عن مفهوم العُجْب؟
فقال: أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك!
شعب الإيمان (7/50)، تذكرة الحفاظ ( 1/278 )

وقال بشر بن الحارث –رحمه الله-:
«العجب أن تستكثر، عملك وتستقل عمل الناس أو عمل غيرك»
حلية الأولياء ( 8/348 )

وقال مسروق –رحمه الله-:
بحسب الرّجل من العلم أن يخشى اللّه عزّ وجلّ وبحسب الرّجل من الجهل أن يعجب بعلمه!
أخلاق العلماء للآجري (1/70)، مصنف ابن أبي شيبة (7/149)

وقال كعب الأحبار -رحمه الله- لرجل أتاه ممن يتبع الأحاديث:
اتق الله وارض بدون الشرف من المجلس، ولا تؤذين أحدا، فإنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العجب، ما زادك الله به إلا سفالا ونقصا! فقال الرجل رحمك الله يا أبا اسحاق، إنهم يكذبوني ويؤذوني فقال: قد كانت الأنبياء يكذبون ويؤذون فيصبرون، فاصبر وإلا فهو الهلاك
حلية الأولياء (5/376 )

وقال الذهبي -رحمه الله-:
فمن طلب العلم للعمل كسره العلم وبكى على نفسه ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء تحامق واختال وازدرى بالناس وأهلكه العجب ومقتته الأنفس {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} [الشمس: 9،10] أي: دسسها بالفجور والمعصية.
سير أعلام النبلاء ( 13/378 )

وقال الفيض –رحمه الله-:
قال لي الفضيل: لو قيل لك: يا مُرائي، غضبت وشق عليك، وعسى ما قيل لك حق تزيّنت للدنيا وتصنعت وقصرت ثيابك وحسّنت سمتك وكففت أذاك، حتى يقال: أبو فلان عابد ما أحسن سمته، فيكرمونك وينظرونك، ويقصدونك ويهدون إليك،
مثل الدرهم السُّتُّوق (هو الردئ الزيف الذي لا خير فيه) لا يعرفه كل أحد فإذا قُشر قُشر عن نحاس
سير أعلام النبلاء ( 8/438 )

وقال إبراهيم بن أدهم –رحمه الله-:
ما صدق الله عبد أحب الشهرة
علق الذهبي -رحمه الله-: علامة المخلص الذي قد يحب شهرة، ولا يشعر بها، أنه إذا عوتب في ذلك، لا يحرد ولا يبرئ نفسه، بل يعترف، ويقول: رحم الله من أهدى إلي عيوبي، ولا يكن معجبا بنفسه؛ لا يشعر بعيوبها، بل لا يشعر أنه لا يشعر، فإن هذا داء مزمن
سير أعلام النبلاء (7/394)

وقال ابن الجوزى -رحمه الله-:
من تلمح خصال نفسه وذنوبها، علم أنه على يقين من الذنوب والتقصير، وهو من حال غيره في شك،
فالذي يُحذر منه الإعجاب بالنفس، ورؤية التقدم في أعمال الآخرة، والمؤمن لا يزال يحتقر نفسه،
وقد قيل لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
إن مت ندفنك في حجرة رسول الله، فقال: لأن ألقى الله بكل ذنب غير الشرك أحب إلىّ من أن أرى نفسي أهلا لذلك
صيد الخاطر (ص 250)

وقال حاتم الأصم -رحمه الله-:
لا أدري أيهما أشد على الناس اتقاء العجب أو الرياء، العجب داخل فيك والرياء يدخل عليك، العجب أشد عليك من الرياء ومثلهما أن يكون معك في البيت كلب عقور وكلب آخر خارج البيت فأيهما أشد عليك الذي معك أو الخارج؟ فالداخل العجب والخارج الرياء
حلية الأولياء (8/76)

وقال الحسن البصري -رحمه الله-:
لو كان كلام بني آدم كله صدقا، وعمله كله حسنا، يوشك أن يخسر!
قيل: وكيف يخسر؟ قال: يعجب بنفسه.
شعب الإيمان (5/454)

وقال عبيد الله بن عمر -رضي الله عنهما-:
أن عمر بن الخطاب كان جالسا ذات يوم، فمرت به جارية تحمل قربة، فقام، فأخذ منها القربة وحملها على عنقه حتى وداها ثم رجع، فقال له أصحابه: يرحمك الله يا أمير المؤمنين! ما حملك على هذا؟ قال: إن نفسي أعجبتني؛ فأردت أن أذلها.
المجالسة وجواهر العلم (6/91)

وقال أبو الدرداء –رضي الله عنه-:
يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم كيف يعيبون سهر الحمقى وصيامهم، ومثقال ذرة من بر صاحب تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من أمثال الجبال من عبادة المغترين
حلية الأولياء (1/211)

وقال ابن القيم -رحمه الله- في كلام له في عقوبات الذنوب:
فسبحان الله كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر، وقلب ممسوخ وقلب مخسوف به، وكم من مفتون بثناء الناس عليه ومغرور بستر الله عليه ومستدرج بنعم الله عليه؛ وكل هذه عقوبات وإهانة ويظن الجاهل أنها كرامة!
الجواب الكافي (ص 140)

وقال الإمام الذهبي –رحمه الله-:
فكم من رجل نطق بالحق وأمر بالمعروف فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده وحبه للرئاسة الدينية فهذا داء خفي سار في نفوس الفقهاء كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين فتراهم يلتقون العدو ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبآت وكمائن من الإختيال وإظهار الشجاعة ليقال والعجب ولبس القراقل المذهبة –نوع من الثياب-، والخوذ المزخرفة والعدد المحلاة على نفوس متكبرة وفرسان متجبرة.. فأنى ينصرون؟ وكيف لا يخذلون؟ اللهم: فانصر دينك ووفق عبادك.
سير أعلام النبلاء (18/ 192)

وقال سفيان الثوري -رحمه الله-:
إياك وما يفسد عليك عملك فإنما يفسد عليك عملك الرياء، فإن لم يكن رياء فإعجابك بنفسك حتى يخيل إليك أنك أفضل من أخ لك، وعسى أن لا تصيب من العمل مثل الذي يصيب ولعله أن يكون هو أورع منك عما حرم الله وأزكى منك عملا، فإن لم تكن معجبا بنفسك فإياك أن تحب محمدة الناس ومحمدتهم أن تحب أن يكرموك بعملك ويروا لك به شرفا ومنزلة في صدورهم أو حاجة تطلبها إليهم في أمور كثيرة، فإنما تريد بعملك زعمت وجه الدار الآخرة لا تريد به غيره
فكفى بكثرة ذكر الموت مزهدا في الدنيا ومرغبا في الآخرة وكفى بطول الأمل قلة خوف وجرأة على المعاصي، وكفى بالحسرة والندامة يوم القيامة لمن كان يعلم ولا يعمل
حلية الأولياء (6/391)

وقال أبو سليمان الداراني –رحمه الله-:
رد سبيل العجب بمعرفة النفس، وتخلص إلى إجماع القلب بقلة الخطأ، وتعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الخوف واستجلب نور القلب بدوام الحزن، والتمس باب الحزن بدوام الفكرة، والتمس وجوه الفكرة في الخلوات
صفة الصفوة (4/281)

وقال الحارث بن نبهان –رحمه الله-:
سمعت محمد بن واسع، يقول: «واصاحباه ذهب أصحابي» قلت: رحمك الله أبا عبد الله أليس قد نشأ شباب يصومون النهار ويقومون الليل ويجاهدون في سبيل الله قال: «بلى ولكن أخ»، وتفل، «أفسدهم العجب»
حلية الأولياء (2/352)

وقال هشام الدستوائي –رحمه الله-:
والله ما أستطيع أن أقول أنِّي ذهبت يوما قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل.
قلت -أي الذهبي-:
والله ولا أنا، فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا، وصاروا أئمة يقتدى بهم، وطلبه قوم منهم أولا لا لله، وحصلوه ثم استفاقوا، وحاسبوا أنفسهم، فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق.
سير أعلام النبلاء (7/152)

وقال إبراهيم التيمي -رحمه الله-:
ما عرضت عملي على قولي إلا خشيت أن أكون مكذبا!
الزهد لأحمد (ص 293)، حلية الأولياء (4/211)

وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:
الهلاك في شيئين: العجب والقنوط
(وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالطلب والتشمير، والقانط لا يطلب، والمعجب يظن أنه قد ظفر بمراده فلا يسعى)
مختصر منهاج القاصدين ص (234)

وقال إسحاق بن خلف -رحمه الله-:
ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول ابن آدم: ليت شعري بما يختم لي!
قال: عندها ييأس منه ويقول: متى يعجب هذا بعمله؟!
شعب الإيمان ( 1/508 )

وقال المسيب بن رافع –رحمه الله-:
قيل لعلقمة: لو جلست فأقرأت الناس وحدثتهم، قال: أكره أن يوطأ عقبي -أن يتبعني الناس ويمشون ورائي-
سير أعلام النبلاء (4/59)

وقيل لعمر بن عبد العزيز –رحمه الله-:
إن مت ندفنك في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لأن ألقى الله بكل ذنب غير الشرك أحب إلي من أن أرى نفسي أهلا لذلك.
صيد الخاطر ( ص 282 )

وقال بعض الحُكماء:
كيف يَسْتقِرّ الكِبر فيمن خُلِق من ترَاب، وطُوِي على القَذَر، وجَرى مجرى البول.

وقال إبراهيم النخعي –رحمه الله-:
كانوا يكرهون أن يظهر الرجل أحسن ما عنده.
سير أعلام النبلاء (20/591)

وقال الحَسَنِ البصري -رحمه الله-:
أن أصحابه مَشَوْا خَلْفَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «رَحِمَكُمُ اللَّهُ، مَا يُبْقِي هَذَا مِنْ مُؤْمِنٍ ضَعِيفٍ»
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/396)

وقال ابن القيم -رحمه الله-:
إن الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرا أنساه رؤية طاعاته ورفعها من قلبه ولسانه، فإذا ابتلى بذنب جعله نصب عينيه، ونسى طاعته وجعل همه كله بذنبه، فلا يزال ذنبه أمامه، إن قام أو قعد، أو غدا أو راح، فيكون هذا عين الرحمة في حقه،
كما قال بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب فيدخل به الجنة، ويعمل الحسنة فيدخل بها النار، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: يعمل الخطيئة لا تزال نصب عينيه، كلما ذكرها بكى وندم وتاب واستغفر وتضرّع وأناب إلى الله، وذلّ له وانكسر وعمل لها أعمالا فتكون سبب الرحمة في حقه، ويعمل الحسنة فلا تزال نصب عينيه يمنّ بها، ويراها، ويعتدّ بها على ربه وعلى الخلق، ويتكبر بها ويتعجب من الناس كيف لا يعظمونه ويكرمونه ويجلونه عليها، فلا تزال هذه الأمور به حتى تقوى عليه آثارها فتدخله النار.
فعلامة السعادة ان تكون حسنات العبد خلف ظهره وسيئاته نصب عينيه وعلامة الشقاوة أن يجعل حسناته نصب عينيه وسيئاته خلف ظهره والله المستعان
مفتاح دار السعادة (1/297)

وقال الأعمش –رحمه الله-:
كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقرأ في المصحف، فاستأذن عليه رجل، فغطى المصحف، وقال: «لا يراني هذا أني أقرأ فيه كل ساعة»
حلية الأولياء (4/222)

وقال السري السقطي -رحمه الله-:
ما رأيت شيئا أحبط للأعمال، ولا أفسد للقلوب، ولا أسرع في هلاك العبد، ولا أدوم للأحزان، ولا أقرب للمقت، ولا ألزم لمحبة الرياء والعجب والرياسة، من قلة معرفة العبد لنفسه، ونظرِه في عيوب الناس! لاسيما إن كان مشهورا معروفا بالعبادة، وامتد له الصيت حتى بلغ من الثناء ما لم يكن يؤمله، وتربص في الأماكن الخفية بنفسه، وسراديب الهوى، وفي تجريحه في الناس ومدحه فيهم.
الطبقات الكبرى (ص73)

وقال عبدة بن أبي لبابة –رحمه الله-:
إن أقرب الناس من الرياء آمنهم له
حلية الأولياء (6/113)

وقال ابن الحاج -رحمه الله-:
من أراد الرفعة فليتواضع لله تعالى، فإن العزة لا تقع إلا بقدر النزول، ألا ترى أن الماء لما نزل إلى أصل الشجرة صعد إلى أعلاها؟
فكأن سائلا سأله: ما صعد بك هنا، أعني في رأس الشجرة وأنت تحت أصلها؟! فكأن لسان حاله يقول: من تواضع لله رفعه.
المدخل (2/122)

وقال شيخ الإسلام ابن القيم -رحمه الله-:
لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فاقبل على الطمع أولا فأذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص فأن قلت وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح
قلت أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه الا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمة ويشين إلا الله وحده كما قال ذلك الأعرابي للنبي إن مدحي زين وذمي شين فقال ذلك الله عز وجل فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشنيك ذم وارغب في مدح من كل الزين في مدحه وكل الشين في ذمه ولن يقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب قال تعالى فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون وقال تعالى وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون
الفوائد لابن القيم (ص 149)

وقال حماد بن زيد -رحمه الله-:
سمعت أيوب يقول: ينبغي للعالم أن يضع الرماد على رأسه! تواضعا لله جلت عظمته.
أخلاق العلماء ( ص 48 )

وقال الماوردي –رحمه الله-:
ومما أنذرك به من حالي أنني صنفت في البيوع كتابا جمعت فيه ما استطعت من كتب الناس، وأجهدت فيه نفسي وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل وكدت أعجب به وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعا بعلمه، حضرني، وأنا في مجلسي أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لواحدة منهن جوابا، فأطرقت مفكرا، وبحالي وحالهما معتبرا فقالا: ما عندك فيما سألناك جواب، وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا. فقالا: واها لك، وانصرفا. ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعا بما أقنعهما وانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه، فبقيت مرتبكا، وبحالهما وحالي معتبرا وإني لعلى ما كنت عليه من المسائل إلى وقتي، فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة تذلل بها قياد النفس، وانخفض لها جناح العجب، توفيقا منحته ورشدا أوتيته.
أدب الدنيا والدين (ص73)

قال شيخ الاسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
وقد يحبونه - أي المعجب بنفسه - لعلمه أو دينه أو إحسانه أو غير ذلك، فالفتنة في هذا أعظم إلا إذا كانت فيه قوة إيمانية
وخشية وتوحيد تام فإن فتنة العلم والجاه والصور فتنة لكل مفتون وهم مع ذلك يطلبون منه مقاصدهم إن لم يفعلها وإلا نقص الحب أو حصل نوع بغض وربما زاد أو أدى الى الإنسلاخ من حبه
مجموع الفتاوى (338/10)

وقال يوسف بن الحسين -رحمه الله-:
يتولد الإعجاب بالعمل من نسيان رؤية المنة فيما يجري الله لك من الطاعات
تاريخ دمشق (74/ 230)

وقال الفضيل بن عياض –رحمه الله-:
«من وقى خمسا فقد وقي شر الدنيا والآخرة. العجب والرياء والكبر والإزراء والشهوة»
حلية الأولياء (8/95)

وقال ابن أبي يعلى -رحمه الله-:
وكانت أول بدعة علمتها فاشية من الفتن المضلة ومن العماية بعد الهدى وقد رأيت قوما في حياة أبي عبد الله كانوا لزموا البيت على أسباب من النسك وقلة من العلم فأكرمهم الناس ببعض ما ظهر لهم من حبهم للخير فدخلهم العجب مع قلة العلم فكان لا يزال أحدهم يتكلم بالأمر العجيب فيدفع الله ذلك بقول الشيخ جزاه الله أفضل ما جزى من تعلمنا منه ولا يكون من أحد منهم من ذلك شيء إلا كان سبب فضيحته وهتك ما مضى من ستره فأنا حافظ من ذلك لأشياء كثيرة وإنما هذا من مكايد إبليس مع جنوده يقول لأحدهم أنت أنت ومن مثلك فقل قد قال: غيرك ثم يلقى في قلبه الشيء ليس هناك سعة في علم فيزين عنده أن يبتدئه ليشمت به وإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وقد ظننت أن آخرين يلتمسون الشهرة ويحبون أن يذكروا وقد ذكر قبلهم قوم بألوان من البدع فافتضحوا ولأن يكون الرجل تابعا في الخير خير من أن يكون رأسا في الشر وقد قال ابن مسعود اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم كل بدعة ضلالة
طبقات الحنابلة ( 1/68 )

وقال عبد الله ابن المبارك –رحمه الله-:
لا أعلم في المصلين شيئا شرا من العجب
حلية الأولياء (7/383 )

وخطب أبو الحكم الأندلسي -رحمه الله-:
وقد كان فقيها محققا، وخطيبا بليغا مفوها: فأعجبته نفسه وهو يخطب، فقال: حتى متى أعظ ولا أتعظ، وأزجر ولا أزدجر، أدل على الطريق المستدلين، وأبقى مقيما مع الحائرين، كلا إن هذا لهو البلاء المبين.
اللهم فرغبني لما خلقتني له، ولا تشغلني بما تكفلت لي به.
سير أعلام النبلاء (16/ 177)

وقال الإمام ابن حزم -رحمه الله تعالى-:
من امتحن بالعجب فليفكر في عيوبه فإن أعجب بفضائله فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن أنه لا عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى الأبد وأنه لأتم الناس نقصا وأعظمهم عيوبا. وأضعفهم تمييزا. وأول ذلك أنه ضعيف العقل جاهل
ولا عيب أشد من هذين لأن العاقل هو من ميز عيوب نفسه فغالبها وسعى في قمعها والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه إما لقلة علمه وتمييزه وضعف فكرته وإما لأنه يقدر أن عيوبه خصال وهذا أشد عيب في الأرض. وفي الناس كثير يفخرون بالزنا واللياطة والسرقة والظلم فيعجب بتأتي هذه النحوس له وبقوته على هذه المخازي.
واعلم يقينا: أنه لا يسلم إنسي من نقص حاشا الأنبياء صلوات الله عليهم فمن خفيت عليه عيوب نفسه فقد سقط وصار من السخف والضعة والرذالة والخسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم بحيث لا يتخلف عنه مختلف من الأرذال وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة فليتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه والإشتغال بذلك عن الإعجاب بها وعن عيوب غيره التي لا تضره في الدنيا ولا في الآخرة. وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته.
وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير لا يسوغ أصلا. والواجب اجتنابه إلا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب أو على سبيل تبكيت المعجب فقط في وجهه لا خلف ظهره ثم يقول للمعجب ارجع إلى نفسك فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك.
ولا تمثل بين نفسك وبين من هو أكثر عيوبا منها فتستسهل الرذائل وتكون مقلدا لأهل الشر وقد ذم تقليد أهل الخير فكيف تقليد أهل الشر! لكن مثل بين نفسك وبين من هو أفضل منك فحينئذ يتلف عجبك وتفيق من هذا الداء القبيح الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس وفيهم بلا شك من هو خير منك. فإذا استخففت بهم بغير حق استخفوا بك بحق لأن الله تعالى يقول: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا).
فتولد على نفسك أن تكون أهلا للاستخفاف بك بل على الحقيقة مع مقت الله عز وجل وطمس ما فيك من فضيلة.
فإن أعجبت بعقلك ففكر في كل فكرة سوء تحل بخاطرك وفي أضاليل الأماني الطائفة بك فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ.
وإن أعجبت بآرائك فتفكر في سقطاتك واحفظها ولا تنسها وفي كل رأي قدرته صوابا فخرج بخلاف تقديرك وأصاب غيرك وأخطأت أنت. فإنك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك بصوابه فتخرج لا لك ولا عليك والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم. وإن أعجبت بعملك فتفكر في معاصيك وفي تقصيرك وفي معاشك ووجوهه فوالله لتجدن من ذلك ما يغلب على خيرك ويعفي على حسناتك فليطل همك حينئذ وأبدل من الْعُجْب تنقصا لنفسك.
وإن أعجبت بعلمك فاعلم أنه لا خصلة لك فيه وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالى فلا تقابلها بما يسخطه فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت.
ولقد أخبرني عبد الملك بن طريف وهو من أهل العلم والذكاء واعتدال الأحوال وصحة البحث أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته وأنه ركب البحر فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ وأخل بقوة حفظه إخلالا شديدا لم يعاوده ذلك الذكاء بعد. وأنا أصابتني علة فأفقت منها وقد ذهب ما كنت أحفظ إلا ما لا قدر له فما عاودته إلا بعد أعوام.
واعلم أن كثيرا من أهل الحرص على العلم يجدون في القراءة والإكباب على الدروس والطلب ثم لا يرزقون منه حظا. فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه فصح أنه موهبة من الله تعالى فأي مكان للعجب ها هنا! ما هذا إلا موضع تواضع وشكر لله تعالى واستزادة من نعمه واستعاذة من سلبها.
ثم تفكر أيضا في أن ما خفي عليك وجهلته من أنواع العلم ثم من أصناف علمك الذي تختص به. فالذي أعجبت بنفاذك فيه أكثر مما تعلم من ذلك فاجعل مكان العُجب استنقاصا لنفسك واستقصارا لها فهو أولى وتفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيرا فلتهن نفسك عندك حينئذ وتفكر في إخلالك بعلمك وأنك لا تعمل بما علمت منه فلعلمك عليك حجة حينئذ ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالما. واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالا وأعذر فليسقط عجبك بالكلية.
ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها كالشعر وما جرى مجراه فانظر حينئذ إلى من علمه أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة فتهون نفسك عليك
الأخلاق والسير ( ص 69 )

وقال كعب الأحبار -رحمه الله-:
إياكم والعجب فإنه الذبح والهلاك
حلية الأولياء (5/376)

وقال أبو حازم الأعرج -رحمه الله-:
«إن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها، وما خلق الله من سيئة أضر له منها، وإن العبد ليعمل السيئة حتى تسوءه حين يعملها، وما خلق الله من حسنة أنفع له منها، وذلك أن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها، فيتجبر فيها ويرى أن له بها فضلا على غيره، ولعل الله تعالى أن يحبطها ويحبط معها عملا كثيرا، وإن العبد حين يعمل السيئة تسوءه حين يعملها، ولعل الله تعالى يحدث له بها وجلا يلقى الله تعالى وإن خوفها لفي جوفه باق»
حلية الأولياء (3/242)

وقال الحافظ ابن الجوزي –رحمه الله-:
إذا تم علم الإنسان، لم ير لنفسه عملا؛ وإنما يرى إنعام الموفق لذلك العمل، الذي يمنع العاقل أن يرى لنفسه عملا، أو يعجب به، وذلك بأشياء: منها: أنه وفق لذلك العمل: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 7]، ومنها: أنه إذا قيس بالنعم، لم يف بمعشار عشرها، ومنها: أنه إذا لوحظت عظمة المخدوم، احتقر كل عمل وتعبد، هذا إذا سلم من شائبة، وخلص من غفلة.
فأما والغفلات تحيط به؛ فينبغي أن يغلب الحذر من رده، ويخاف العتاب على التقصير فيه، فيشتغل عن النظر إليه.
وتأمل على الفطناء أحوالهم في ذلك: فالملائكة الذين يسبحون الليل والنهار، لا يفترون، قالوا: ما عبدناك حق عبادتك، والخليل عليه السلام يقول: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي} [الشعراء: 82]، وما أدل بتصبره على النار، وتسليمه الولد إلى الذبح. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما منكم من ينجيه عمله"، قالوا: ولا أنت؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته". وأبو بكر رضي الله عنه يقول: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟! وعمر رضي الله عنه يقول: لو أن لي طلاع الأرض، لافتديت بها من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر"، وابن مسعود يقول: ليتني إذا مت لا أبعث، وعائشة رضي الله عنها تقول: ليتني كنت نسيا منسيا. وهذا شأن جميع العقلاء، فرضي الله عن الجميع
صيد الخاطر ص 393

وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله-:
إن استطعت أن لا تكون محدثًا ولا قارئًا ولا متكلمًا. إن كنت بليغًا، قالوا: ما أبلغه، وأحسن حديثه، وأحسن صوته، ليعجبك ذلك فتنتفخ، وإن لم تكن بليغًا ولا حسن الصوت، قالوا: ليس يحسن يحدث، وليس صوته بحسن، أحزنك ذلك وشق عليك فتكون مرائيًا،
وإذا جلست فتكلمت فلم تبال من ذمك ومن مدحك، فتكلم.
سير أعلام النبلاء (8/109)

وقال سعيد بن إسماعيل –رحمه الله-:
الخوف من الله يوصلك إلى الله والكبر والعجب في نفسك يقطعك عن الله، واحتقار الناس في نفسك مرض لا يداوى
حلية الأولياء (10/245)

وقال ابن القيم –رحمه الله-:
اعلم أن العبد إذا شرع في قول أو عمل يبتغي مرضاة الله، مطالعًا فيه منة الله عليه به، وتوفيقه له فيه، وأنه بالله لا بنفسه، ولا بمعرفته وفكره وحوله وقوته، بل هو الذي أنشأ له اللسان والقلب والعين والأذن، فالذي منّ عليه بالقول والفعل ، فإذا لم يغب ذلك عن ملاحظته ونظر قلبه لم يحضره العجب الذي أصله رؤية نفسه وغيبته عن شهود منة ربه وتوفيقه .
الفوائد (ص 152)

وعن عطاء بن يزيد -رحمه الله -وقد أكثر الناس عليه ! قال:
إنكم أكثرتم في (أرأيت؟ أرأيت؟)! لا تعلموا لغير الله ترجون الثواب من الله؛ ولا يعجبن أحدكم علمه وإن كثر فإنه لا يبلغ عند عظمة الله [مثل قائمة] من قوائم ذباب.
شعب الإيمان (2/312)

وقال مالك بن دينار –رحمه الله-:
إذا طلب العبد العلم ليعمل به كسره!، وإذا طلبه لغير العمل زاده فخرا !
اقتضاء العلم العمل(ص33).
قلت سبحان الله !، إذاً فطلاب العلم اليوم قليل ! ولن تجدهم في هذا الزمان ، إلا في كتاب أو تحت تراب !

وقال عبد الرحمن بن مهدي–رحمه الله-:
كنت أجلس يوم الجمعة في مسجد الجامع فيجلس إلي الناس، فإذا كانوا كثيرا فرحت، وإذا قلوا حزنت، فسألت بشر بن منصور فقال: هذا مجلس سوء، لا تعد إليه، قال: فما عدت إليه
حلية الأولياء (9/12)

وعن مطرف - رحمه الله - قال :
لأن أبيت نائما وأصبح نادما ، أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح معجبا !
المجالسة وجواهر العلم (6/327)

وقال الأحنف بن قيس–رحمه الله-:
عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر !
وقد وصف بعض الشعراء الإنسان فقال :
يا مظهر الكبر إعجابا بصورته ... انظر خلاءك إن النتن تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ...وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك ....والعين مرفضة والثغر ملعوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدا .... أقصر فإنك مأكول ومشروب

قال ابن السماك لعيسى بن موسى –رحمهما الله-:
تواضعك في شرفك أشرف لك من شرفك .
وكان يقال :
اسمان متضادان بمعنى واحد : التواضع والشرف
أدب الدنيا والدين ص (239)

وعن عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-:
أنه كان إذا خطب على المنبر فخاف على نفسه العجب قطعه. وإذا كتب كتاباً فخاف فيه العجب مزقه, ويقول: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي.
وفي ترجمته – رحمه الله - ، أنه قال :
"إني لأدع كثيراً من الكلام مخافة المباهاة."
الطبقات الكبرى ( 5/36http://www.ajurry.com/vb/images/smilies/icon_cool.gif

وقال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-:
اثنتان منجيتان , واثنتان مهلكتان , فالمنجيتان: النية والنهى , فالنية أن تنوي أن تطيع الله فيما يستقبل , والنهى أن تنهى نفسك عما حرم الله عز وجل , والمهلكتان: العجب، والقنوط.
حلية الأولياء (7/29http://www.ajurry.com/vb/images/smilies/icon_cool.gif

وقيل لداود الطائي –رحمه الله-:
أرأيت رجلا دخل على هؤلاء الأمراء فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر؟ قال: أخاف عليه السوط , قال: إنه يقوى , قال: أخاف عليه السيف , قال: إنه يقوى قال: أخاف عليه الداء الدفين من العجب "
صفة الصفوة (2/82)

وقال خالد بن معدان - رحمه الله -:
لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أحقر حاقر.
تهذيب الكمال في أسماء الرجال (8/171)

- منقولة للفائدة بإذن الله -

رَكان
2015-12-19, 12:38
المصدر بارك الله فيكم
ان هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذون دينكم

وفيكم بارك الله ..
المصدر .تقصدين حال من كتب ...
صحيح أم هذا العلم دين ولننظر من نأخذه ..هذا أثر عن ابن سيرين رحمه الله ...
وهناك أثر آخر..

قول لسيدنا الإمام علي رضي الله عنه
.«الحق لا يعرف بالرجال.. وإنما يعرف الرجال بالحق.. فاعرف الحق تعرف أهله».
، وسببه أن الحارث بن حوط الليثي قال للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بعد وقعة الجمل الشهيرة ومقتل الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما: أتظن يا أمير المؤمنين أننا نظن أن طلحة والزبير كانا على ضلال وهما من العشرة المبشرين بالجنة؟! فقال الامام علي قولته الخالدة على مر الزمان: «يا حارث.. إنه لملبوس عليك»؛ ثم قال: «الحق لا يعرف بالرجال.. وإنما يعرف الرجال بالحق.. فاعرف الحق تعرف أهله».
ومنه فارئي المقالة بتروّ وقفي على ما جاء فيها عن كثب ..توفقين الى ما فيها من الحق أو ما شابها من الباطل ..أظهريه لنا ..فنتناوله بالنقاش ...فنكون بذلك عرفنا الرجل بمعرفتنا للحق أولا بارك الله فيك ..

نور لاتراه
2015-12-19, 12:46
يارب اذا اعطيتني نجاحا فلا تاخذ مني تواضعي
واذا اعطيتني تواضعا فلا تاخذ مني اعتزازي بكرامتي

ing.Youcef
2015-12-19, 13:20
المصدر بارك الله فيكم
ان هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذون دينكم

صاحب المقال هو الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي

http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=16329

رَكان
2015-12-22, 21:30
أحسنت الإضافة يا فتحون ..ربي يجازيك خيرا ..

أسد الرمال1
2015-12-22, 21:59
كلام جميل وموضوع ممتاز

بنت النخلة
2015-12-23, 21:49
وموضوع ممتاز

رَكان
2015-12-27, 19:04
المصدر بارك الله فيكم
ان هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذون دينكم

والغرور يا صفية السلفيه ..مارأيك به ..
قد يغتر أحدهم بماله أو جماله أو مكانته الإجتماعية أو علمه ..لكن الأعظم والأطمّ أن يغتر بتديّنه ..والتزامه
مارأيك بذلك ..
لاأحدثك عن علم شرعي نتناوله ..بل عن الغرور ..هل تعرفين شيئا اسمه الغرور ؟
اعطنا رأيك فيه ...بارك الله فيك ..

رَكان
2015-12-27, 19:06
يارب اذا اعطيتني نجاحا فلا تاخذ مني تواضعي
واذا اعطيتني تواضعا فلا تاخذ مني اعتزازي بكرامتي

ما أطيبه دعاء شكرا يا نور لانراه ...

moi_ct
2015-12-27, 19:29
يارب اجعلنا صغارا أمام أنفسنا كبارا عندك .
بوركت .

صلاح البسكري
2015-12-31, 22:05
[quote=رَكان;3994846532]
السلام عليكم ..
الغرور صفة ذميمة لايقف عليها صاحبها في نفسه بنفسه فكأنما المرض يسري في جسده ولا يعلمه ...وإن ذكِّر فإنه يصم الأذن عن التذكير .معتقدا أن تنبيهه مرده الحسد من غيره ..يعتقد أنه على مرتبة أعلى عمن حوله وأنه لاسبيل لغيره بلوغ الفهم الا أخذا عنه وقوله هو الأحق بالأخذ به ...
وقفت على مقالة في هذا الشأن فرغبت مشاركتكم مااطلعت عليه من فوائد متابعة طيبة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم

بارك الله فيك أستاذ ركان ، و بئس الغرور من خُلقٍ الذميم ...........