تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام الشافعي ~ حياته ،فقهه ، ذكاؤه ، ~ رحمه الله


همسات ايمانية
2015-12-13, 16:07
الإمامُ الشَّافعىُّ حياته وآراؤه وفقهُه
بدأ الشافعيُّ في طلب العلم بعد أن جاوز الثانية عشر من عمره، فأقبل على حفظ كتاب الله حتى أتمَّه ودخل المسجد الحرام وجلس إلى علماء مكة خاصة مسلم بن خالد الزّنجي مفتي مكة، وتخرج فيه وهو في سنِّ المراهقة، وقرأ القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وتنقَّل في البادية لفترة طويلة حتى أتقن لهجات العرب وأشعارها، وساعدته مهارتُه اللُّغويَّة الفائقة في كثير من استدلالاته الفقهية..
أ. شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي




التَّعريف به:

هو فقيه الأمة حقّاً وعَلَمُها المقدَّم، الفذُّ العبقريُّ، ناصر الحديث، أستاذ الفنون، الأصوليُّ اللغويُّ البديع، الشَّريف النَّسيب، فقيهُ الرأي والأثر، الطَّبيبُ الصَّيدلانيُّ، العالم الكبير أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السَّائب المطلبيُّ الهاشميُّ القرشيُّ، ابن عمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ولد في غزَّة وقيل عسقلان من أرض فلسطين 150هـ، وقيل في نفس اليوم الذي مات فيه الإمام أبو حنيفة في سجن المنصور، وقد مات أبوه شاباً والإمام ما زال في المهد، فانتقلت أمُّه به إلى اليمن، لأنها كانت من الأزد أكبرِ بطون اليمن، ومكثت به في اليمن عدة سنوات، فخافت عليه ضَيعة نسبه الشريف، فتحوَّلت به إلى مكة، فنشأ بها وترعرع، وأقبل على الرَّمي حتى فاق أهل زمانه في هذا الفن، تم ألقى الله -عز وجل- في قلبه حبَّ الحديث والفقه، وذلك من إرادة الله -عز وجل- الخير له وللأمة، فأقبل على هذا الطريق ينهل منه بكلِّ سبيل.

رحلته العلميَّة:-

بدأ الشافعيُّ في طلب العلم بعد أن جاوز الثانية عشر من عمره، فأقبل على حفظ كتاب الله حتى أتمَّه ودخل المسجد الحرام وجلس إلى علماء مكة خاصة مسلم بن خالد الزّنجي مفتي مكة، وتخرج فيه وهو في سنِّ المراهقة، وقرأ القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وتنقَّل في البادية لفترة طويلة حتى أتقن لهجات العرب وأشعارها، وساعدته مهارتُه اللُّغويَّة الفائقة في كثير من استدلالاته الفقهية.
بعد أن جاوز الشَّافعيُّ العشرين وأتم علوم شيوخ مكة، انتقل إلى المدينة واجتمع مع الإمام مالك وقرأ عليه الموطأ من حفظه، فانبهر الإمامُ مالك بقوة حفظه وفهمه، وطلب منه إعادة القراءة، وتفرَّس فيه النَّجابة والمستقبل العلميَّ الباهر فأوصاه بوصايا نافعة، من أهمها قوله: "إنَّ الله تعالى قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بالمعصية".

بعد أن نهل من علوم أهل المدينة، انتقل الشَّافعيّ إلى اليمن للعمل بالقضاء، لأنه كان فقيراً ويريد أن ينفق على نفسه وأمه ورحلته في طلب العلم، فلمَّا استلم المنصب كان شُعلة نشاط، وذكاء يتوقد ذهنه بالعلم والفهم، فاشتغل بنشر العلم والفقه، فجالس العلماء والمحدثين، وعلا قدره، وظهر أمره، وتَكلم عن فضله وشأنه أهلُ اليمن، وذلك كله وهو في أوائل الثلاثينيات، وكان ذلك من أسباب محنته باليمن.

ثناء الناس عليه:-

الإمام الشَّافعيّ من أكثر علماء الأمة تقديراً وثناءً من الناس عالمهم وعامِّيِّهِم، وهو من أكثر علماء الأمة الذين أُلِّف في مناقبهم وفضائلهم المؤلفات والمصنفات، من أشهرها: "مناقب الشَّافعيّ" للبيهقيّ، و"مناقب الشَّافعيّ" للبغداديّ، و"توالي التأسيس" لابن حجر، ويكفي الإمام فضلاً وفخراً تلاميذُه النُّجباء الأفذاذ، مثل أحمد بن حنبل والبويطي والمزَنيّ والحميدي وغيرهم، وهذه طائفة من ثناء العلماء عليه:

قال الحافظ أبو نعيم: "الإمامُ الكامل، الإمامُ العامل، ذو الشَّرف المنيف، والخُلق الظريف، له السَّخاء والكرم، وهو الضِّياء في الظُّلَم، أوضح المشكلات، وأفصح عن المعضلات، المنتشرُ علمُه شرقاً وغرباً، المستفيض مذهبُه براً وبحراً، المتَّبع للسنن والآثار، المقتدي بما اجتمع عليه المهاجرون والأنصار، اقتبس عن الأئمة الأخيار، فحدث عنه الأئمةُ الأحبار، الحجازيُّ، المطَّلبيُّ، أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، حاز المرتبة العالية، وفاز بالمنقبة السَّامية، إذ المناقب والمراتب، يستحقُّها من له الدِّين والحسب، وقد ظفر الشَّافعيُّ بهما جميعاً".

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "قلتُ لأبي: يا أبَتِ أيُّ شيءٍ كان الشافعيُّ؟ فإني سمعتك تكثر الدُّعاء له، فقال لي: يا بُني، الشَّافعيّ كالشمس للدُّنيا، وكالعافية للناس، انظر هل لهذين من خَلَف أو منهما عِوَض".

وكان الإمام أحمد من أخصِّ تلاميذ الشَّافعيّ، وأشدِّهم لصوقاً به وحباً له بالعراق، حتى إن الشَّافعيّ كان يركب حماره وأحمد يمشي بجواره يذاكره، ولما أنكر يحيى بن معين على أحمد بن حنبل في ذلك قال له: "لو كنت في الجانب الآخر من الحمار لكان خيراً لك، ولقد أخذ أحمد بيد إسحاق بن راهويه يوماً، وقال له: تعالى حتى أذهب بك إلى من لم ترَ عيناك مثله، فذهب به إلى الشَّافعيِّ".

قال أحمد عنه أيضاً: "ما أحدٌ مسَّ محبرةً ولا قلماً إلا والشَّافعي في عنقه منَّةٌ عليه، ولقد كان أفصح الناس، وما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي، وصاحبُ الحديث لا يشبع من كتب الشافعي".

قال عنه عبدُ الرحمن بن مهدي وهو شيخه: "ما أصلي صلاةً إلا وأنا أدعو للشافعي".

قال يونس بن عبد الأعلى: "كانت ألفاظ الشافعي مثل السُّكر، فلقد أوتي عذوبة منطق فيها وحسن بلاغة وفرط ذكاء وسيلانَ ذهنٍ وكمال فصاحة، وحضور حجة".

قال أبو ثور: "كان الشافعي من معادن الفقه ونقَّاد المعاني وجهابذة الألفاظ".

قال يحيى القطان: "ما رأيتُ أعقل ولا أفقهَ من الشافعي".

قال ابنُ عبد الحكم: "ما رأيت الشَّافعيّ يناظر أحداً إلا رَحِمْتُه، ولو رأيتَ الشَّافعيَّ يناظرك لظننت أنه سبُعٌ يأكلك".

منهجه الفقهي :

أصدقُ وصف لمنهج الشافعي الفقهي والعلمي أنه المنهج المتكامل، أو كما قال عنه العلماء: طبيبٌ صيدلاني، فلقد كان الناس كلُّهم قبل زمان الشَّافعي فريقين؛ أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، أمَّا أصحاب الحديث: فكانوا حافظين لأخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا إنهم كانوا عاجزين عن النَّظر والجدل، وكلما أورد عليهم أحدُ أصحاب الرأي سؤالاً أو إشكالاً؛ بقوا على ما في أيديهم، عاجزين متحيِّرين، وأما أصحاب الرأي، فكانوا أصحاب الجدل والنظر، إلا أنهم كانوا فارغين من معرفة الآثار والسنن، وأما الشافعيُّ؛ فإنه كان عارفاً بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم، محيطاً بقوانينها، وكان عارفاً بآداب النظر والجدل وقوياً فيه، وكان فصيح اللسان، قادراً على قهر الخصوم، فأخذ في نصرة أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان كلُّ من أورد عليه سؤالاً أو إشكالاً، أجاب عنه بأجوبة شافية كاملة، فانقطع بسببه استيلاء أهل الرأي على أصحاب الحديث، وتخلَّص بسببه أصحابُ الحديث من شبهات أهل الرأى، فلهذا السبب انطلقت الألسنة بمدحه ولقَّبوه بناصر الحديث.

فمدرسة الشافعيِّ الفقهية مزيج من فقه المدرستين؛ النقلية والعقلية، ومع ذلك كان أثرياً سلفياً يعتمد على الوحيين: القرآن والسنة ثم القياس والإجماع، وكان يقول: "كلُّ من كان على الكتاب والسنة هو الجِدُّ، وما سواه هو الهذيان"، ويقول: "إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي، وإذا صحَّ الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط، فأيُّ سماء تظلُّني وأيُّ أرض تقلُّني إذا رويتُ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً فلم أقل به"!.

وكان الشافعيُّ شديداً على أهل الأهواء والبدع، وكان كثيراً ما يقول: "لأن يلقى اللهُ العبد بكلِّ ذنب ما خلا الشرك بالله، خيرٌ من أن يلقاه بشيءٍ من الهوى"، ويقول: "حكمي في أهل الكلام؛ أن يُضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل، ويُنادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام"، وكان ينهى أصحابه عن الخوض في كلام المبتدعة، وينهى عن الصلاة خلف الرافضيِّ والمرجئيِّ والقدريِّ المعتزليِّ، وأفتى بكفر من يقول بخلق القرآن.

وهذا الاتِّباع التام للحديث والعمل بالأثر جعل الإمام الشَّافعيّ يرجع عن كثير من أقواله بعد أن دخل مصر، وسمع ما عند المصريِّين من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وصار في مذهبه قولان: القديم وهو في العراق حتى سنة 198هـ، الجديد وهو في مصر حتى حتى وفاته سنة 204 هـ، وهذا الرجوع للحديث والعمل به لا يقدم عليه إلا العلماء والعاملون المخلصون الربانيون، وكم من متفقه ومتعالم يُقدِّم رأيَ إمامه وشيخه على حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يُبالي هل يخالفه أم لا، وهذا هو عين نكبة المسلمين الآن!

أثره العلميُّ :

يعتبر الإمام الشافعيُّ من أكثر علماء الأمة تأثيراً في الحياة العلمية، فالشافعيّ هو الإمام الوحيد الذي نشر مذهبه بنفسه، فلقد طاف البلاد والأقاليم، فلقد ولد بفلسطين ثم انتقل إلى اليمن وترعرع في مكة وبها تعلم وتفقه، ثم ذهب إلى المدينة وسمع من علمائها وشيوخها، ثم عمل بالقضاء في اليمن، ثم دخل العراق أيام محنته مع هارون الرشيد، ثم عاد إلى اليمن، ومنه إلى العراق مرة أخرى، ثم دخل مصر ومكث بها فترة ثم عاد إلى العراق لفترة وجيزة ثم عاد مرة أخرى إلى مصر واستقر بها حتى وفاته.

وخلال هذه الرحلات العلمية كان الشافعيُّ يصنف التصانيف ويدوِّن العلوم، ويرد على الأئمة والكبار متبعاً الأثر، فبعد صيته وتكاثر عليه الطلبة، وبورك له في تلاميذه، فلم يُعلم أحد من الأئمة له تلاميذ نجباء أفذاذ مثل الشافعي.

يعتبر الشافعي -رحمه الله- أول من صنف في أصول الفقه وأحكام القرآن، وذلك في كتابه الشهير "الرسالة" وقد أجاب فيه على بعض أسئلةٍ بعث إليه بها شيخه عبد الرحمن بن مهدى، ولقد بارك الله -عز وجل- في مصنَّفات الشافعي، وتسابق العلماء على اقتنائها وتحصيلها واستخراج كنوزها، بل إن إسحاق بن راهوية تزوج أرملة رجل بمرو كانت عنده كتب الشافعي، لم يتزوجها إلا للكتب، ولقد ذكر البيهقيُّ مصنفات الشافعي في الأصول والفروع فعدَّها زيادة على مائة وأربعين كتاباً، من أشهرها كتاب "الأم" وقد جُمع بعد وفاة الشافعيّ بواسطة بعض تلاميذه، وهو عبارة عن آراء الشافعيِّ وأقواله، وله كتاب "المسند" واختلاف الحديث، والعقيدة، وأصول الدين، وغيرها كثير، وكان الإمام أحمد يقول: "صاحبُ حديثٍ لا يشبع من كتب الشافعيِّ"، وقال الجاحظ الأديب: "نظرت في كتب هؤلاء النَّبَغَة الَّذين نبغوا في العلم، فلم أرَ أحسن تأليفاً من المطَّلبيِّ، كأنَّ لسانه ينظم الدرر"، وقال العلا ًّمة أحمد شاكر: "كُتب الشافعي كلها مُثل رائعة من الأدب العربي النقي في الذروة العليا من البلاغة، يكتب على سجية وعلى فطرته ولا يتكلف ولا يتصنع، أفصح نثر تقرؤه بعد القرآن والحديث، ولايساميه قائل، ولا يدانيه كاتب".

قال تلميذه الإمام المزني: "قرأت كتاب الرسالة للشافعي؛ خمسمائة مرة، ما من مرة منها، إلا واستفدت منها فائدة جديدة، لم أستفدها في الأخرى".

أخلاقه وعبادته :

الإمام الشَّافعيّ جمع بين النسب الشريف وعراقة المحتد وسعة العلم وعلو القدر، فلا عجب أن تكون أخلاقه وخصاله وعبادته في نفس المستوى، فالشافعي -رحمه الله- كان من رجالات الكمال وأئمة الرجال.

وعلى الرغم من انشغال الشافعي الكبير بالعلم الشرعي والدرس والبحث وإيثاره لطلب العلم على صلاة التطوع والنَّوافل وكلماته المؤثرة في ذلك؛ مثل "قراءة الحديث خير من صلاة التطوع"، "طلبُ العلم خير من صلاة النافلة"، على الرغم من ذلك إلا أنه كان عابداً ربانياً زاهداً مقبلاً على شأنه، قال عنه تلميذه الحسين الكرابيسي: "بتُّ مع الشافعى ثمانين ليلة، فكان يصلي نحو ثلث الليل، وما رأيته يزيد عن خمسين آية، فإذا أكثر فعن مئة، وكان لا يمرُّ بآية رحمةٍ إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمرُّ بآية عذابٍ إلا تعوَّذ بالله منها، وسأل النجاةَ لنفسه ولجميع المؤمنين، فكأنّما جمع له الرَّجاء والرُّهبة معاً".

وقال عنه راويته الربيع بن سليمان: "كان الشافعيُّ قد جزَّأ الليل: فثُّلثه الأول يكتب، والثاني يصلِّي، والثالث ينام، وكان لا تمرُّ عليه آية عذاب أو حديثٌ فيه ترهيب إلا خرَّ مغشياً عليه، وكان قارئاً مُجيداً أخذ القراءات عن أكبر علماء مكة في وقته "إسماعيل بن قسطنطين"، وعن بحر بن نصر، قال: "كنَّا إذا أردنا أن نبكي؛ قلنا بعضنا لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطَّلبيِّ نقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن، حتى تتساقطَ الناس بين يديه، ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته، فإذا رأى ذلك أمسكَ عن القراءة".

أما عن زهده فكان على شاكلة إخوانه من علماء الأمة الربانيِّين في الزهد والورع، تمرَّس عليه حتى صار له سجيَّة وطبعاً، فعن يونس بن عبد الأعلى، قال لي الشَّافعيُّ: "يا أبا موسى، آنَست بالفقر؛ حتى صرت لا أستوحش منه" وقال لتلميذه الربيع بن سليمان: "يا ربيع، عليك بالزُّهدِ، فالزهد على الزاهد، أحسنُ من الحُلي على المرأة الناهد".

قال عنه أحد معاصريه وهو عمر بن نباتة: "والله، ما رأيت رجلاً قطُّ، أورع، ولا أخشع، ولا أفصح، ولا أسمح، ولا أعلم، ولا أكرم، ولا أجمل ،ولا أنبل، ولا أفضل، من محمد بن إدريس الشافعي".

وقد قيل للشافعي: "مالك تُدمن إمساك العصا، ولست بضعيف؟! قال: لأذكرَ أنِّي مسافر، يعني في الدُّنيا".

أما أكثرُ ما يُميِّز الشافعيَّ فهو سخاؤه وكرمه الشديد، وله أمثلة ونوادر في ذلك مشهورة، فعن الحميديِّ، قال: "قدم الشَّافعيُّ من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار في منديل، فضرب خباءه في موضعٍ خارجاً من مكة، فكان الناس يأتوه فما برح حتى ذهبت كلُّها".

وكان من سخائه أنه يُعطي على الشيء الصغير المال الوفير، فكان ربما يقع سوطه فيُعطي الغلام الذي يُناوله إياه تسعة أو عشرة دنانير، وانقطع شسع نعله فأعطى الرجل الذي أصلحه سبعة دنانير، وكان كثيراً ما يقول: "السَّخاء والكرم، يُغطيان عيوب الدنيا والآخرة، بعد أن لا يلحقهما بدعة".

وكُتب المناقب زاخرة بالآثار والأخبار عن فضائل الإمام الشافعي وأخلاقه ومكارمه وعبادته، غير أننا نودُّ أن نشير إلى أنَّ معظم هذه الآثار والأخبار لا تَصِحُّ وهي من باب المبالغات في شأن هؤلاء الأئمَّة الأعلام، والحقيقة أنَّ كتب التراجم والمناقب تحتاجُ لجهد مجموعةٍ من العلماء والمتخصِّصين لتمحيصها وتنقيتها.

محنته:

تعرَّض الإمام الشافعي لمحنة في أوساط عمره كادت أن تُغيِّر مسار حياته بالكلية وتلقيه في طيِّ النسيان وغياهب السجون، حيث لا ذِكْر ولا أثر إلا من جدران الزنازين، وأما عن سبب محنته فيلخصها لنا تلميذه الأنجب الإمام أحمد بن حنبل عندما سأله بعض طلبة العلم عن سبب هجوم البعض على الإمام الشافعي، إذ قال: "لقد منَّ الله علينا به، لقد كنَّا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم، حتى قدم علينا، فلما سمعنا كلامه، علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالى، فما رأينا منه إلا كلَّ خير، واعلموا حكم الله تعالى أنَّ الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئاً من العلم وحرمه قرناءه وأشكاله، حسدوه فرمَوه بما ليس فيه، وبِئْست الخصلة في أهل العلم".

الإمام الشافعي كان أعلم أهل عصره بلا منازع، وفي نفس الوقت كان شريف النسب، جميل الصورة، بهيَّ الطلعة، مما جعله موضع حسد الناس، وقد بدأت محنته عندما كان قاضياً باليمن وقد صار أحدوثة اليمن مما جعل حُسَّاده يسعون في حقه عند الخليفة العباسيِّ هارون الرشيد، وكان الذي سعى بالوشاية ضد الشافعيِّ رجلٌ للأسف يُنسب لأهل العلم اسمه مطرف بن مازن دفعه الحسد والغيرة المذمومة للسَّعي في حقِّ الإمام الشَّافعيّ ، والتُّهمة كانت في غاية الخطورة، وهي قيادةُ تنظيمٍ شيعيٍّ باليمن لقلب نظام الحكم، وهي تُهمة كفيلةٌ بإزهاق روح الإمام أو حبسه لأجلٍ غير مسمى على أقلِّ تقدير، لذلك لما وصل الكلام للخليفة الرشيد أمر على الفور بالقبض على الشافعيِّ وكلِّ من ورد اسمه في وشاية الكذاب مطرف بن مازن، وذلك في سنة 183 هجرية.

حُمل الشَّافعيّ ومن معه مُكبَّلين بالحديد والأغلال من اليمن إلى مدينة ( الرقة) في شمال بلاد العراق حيث مقرُّ إقامة الخليفة العباسي هارون الرشيد، ولنا أن نتخيل حجم المعاناة والألم البدني والنفسي الشديد الذي تعرَّض له الإمام الشافعي من جراء تلك الرحلة الطويلة الشاقة من أقصى الجنوب لأقصى الشمال، وهو بريء لا ذنب له.

استعدَّ الشافعي لمواجهة كافة التهم الموجهة إليه، فانتضى سيف بلاغته، وركب فرس حجته، فما إن أُدخل على الخليفة الرشيد، حتى انطلق برائع بيانه يكشفُ بطلان ما وُجِّه إليه من تهم وافتراءات، حتى خلب لُبَّ الرشيد بدفاعه البليغ، خاصة عندما قال له: ( أ أدع من يقول إنَّه ابن عمِّي –يقصد هارون الرشيد– وأتولَّى من يقول إنه خالقي ورازقي –يقصد إمام الشيعة الذي يُسبغ الشيعةُ الأغبياء عليه صفات القداسة" فانشرح صدرُ الرشيد، وطلب منه أن يُناظر الإمام محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة في بعض المسائل، فأظهر الشافعيُّ براعة علمية فائقة فأمر الرشيد له بجائزة كبيرة تُقدر بخمسة آلاف دينار بمثابة رد اعتبار لذلك الإمام المظلوم وتبرئة لساحته أمام الناس.

كانت تلك المحنة فاتحةَ خير على الإمام الشافعي، وسبباً لانتشار علمه وتكوين مذهبه وقيام مدرسته الفقهية، حيث ظلَّ بالعراق ولم يَعُد إلى اليمن، إلا لجلب أهله وحاجاته ثم عاد إلى العراق لينتشرَ ذكره وأثره وعلمه، وتتهافت عليه الطلبةُ ويقبل عليه الناس، فأين حاسدُه ومبغضه الذي أراد إسكاتَ صوته وخنق علمه وفقهه في بلاد اليمن؟ ولكنها سُنَّه الله الماضية: أن يبوء الحاسدُ والحاقد بالخسران والندامة، ويُعلي الله -عز وجلَّ- شانَ أهل العلم الرَّبَّانيِّين على مرِّ العصور.

وفي سنة 198هـ ينتقلُ الشَّافعيُّ إلى مصر ليواصلَ نشر علمه، وتُقابله محنةٌ أخرى تمثلت في عداوة تلاميذ الإمام مالك له بسبب خوفهم من اندثار مذهبهم حتى إنهم كانوا يَدْعون عليه في صلواتهم بالموت، وبجانب ما كان يُعانيه الشَّافعيّ من مِحَن بسبب الحسد والغيرة، وآثار التهمة القديمة بالتشيع والرفض، كان الشافعي يُعاني من محنة أخرى تُعتبر علامة من علامات محبة الله عز وجل، وهي محنة مرضه المزمن بالبواسير الشديدة التي سبَّبت له آلاماً مبرحة ونزيفاً مستمراً للدِّماء حتى إنه كان لا يحدث أو يؤلف أو يقرأ القرآن إلا وتحته لبد أو طست من شدَّة النَّزف.

وظلَّ مرضه يتعالى عليه حتى أورثه ضعفاً، لا يكادُ يقوى أن يقف أو يجلس معه، وكان تلميذه يونس بن عبد الأعلى حسنَ الصوت بالقرآن الكريم، فكان كلَّما دخل يعوده يقول له: يا يونس لا تغفل عني بقراءتك فإني مكروب، وذلك من شدَّة آلامه وأوجاعه، حتى مات صابراً محتسباً وهو في الرابعة والخمسين من عمره، فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة.

-------------------------------------
من موقغ ملتقى الخطباء

همسات ايمانية
2015-12-13, 16:09
ذكاء الشيخ

من مواقف الامام الشافعي
... كان هناك مجموعة من العلماء يحقدون على الإمام الشافعي، ويدبرون له المكائد عند الأمراء، فاجتمعوا وقرروا أن يجمعوا له العديد من المسائل الفقهية المعقدة لاختبار ذكائه، فاجتمعوا ذات مرة عند الخليفة الرشيد” الذي كان معجبًا بذكاء الشافعي وعلمه بالأمور الفقهية ” وبدأوا بإلقاء الأسئلة، الفتاوي في حضور الرشيد ……
_وسُئل: شرب مسلمان عاقلان الخمر، فلماذا يقام الحد على أحدهما ولايقام على الآخر ؟
فكر قليلاً:
فأجاب إن أحدهما كان صبيًا والآخر بالغًا
_وسُئل: زنا خمسة أفراد بامرأة ,فوجب على أولهم القتل ، وثانيهم الرجم ، وثالثهم الحد ورابعهم نصف الحد ، وآخرهم لا شيء ؟
فكر قليلاً:
فأجاب: استحل الأول الزنا فصار مرتدًا فوجب عليه القتل , والثاني كان محصنًا، والثالث غير محصن، والرابع كان عبدًا، والخامس مجنونًا …..
_ وسُئل: رجل صلى ولما سلّم عن يمينه طلقت زوجته ! ولما سلم عن يساره بطُلت صلاته! ولما نظر إلى السماء وجب عليه دفع ألف درهم ؟
فكر قليلاً:
فقال الشافعي: لما سلّم عن يمينه رأى زوج امرأته التي تزوجها في غيابه ، فلما رآه قد حضر طلقت منه زوجته ، ولما سلم عن يساره رأى في ثوبه نجاسة فبطلت صلاته، فلما نظر إلى السماء رأى الهلال وقد ظهر في السماء وكان عليه دين ألف درهم يستحق سداده في أول الشهر.
_ وسُئل: ما تقول في إمام كان يصلي مع أربعة نفر في مسجد فدخل عليهم رجل ، ولما سلم الإمام وجب على الإمام القتل وعلى المصلين الأربعة الجلد ووجب هدم المسجد على أساسه ؟
فكر قليلاً:
فأجاب الشافعي: إن الرجل القادم كانت له زوجة وسافر وتركها في بيت أخيه فقتل الإمام هذا الأخ ،وادعى أن المرأة زوجة المقتول فتزوج منها، وشهد على ذلك الأربعة المصلون، وأن المسجد كان بيتًا للمقتول، فجعله الإمام مسجدًا !
_ وسُئل: ما تقول في رجل أخذ قدح ماء ليشرب، فشرب حلالاً وحُرّم عليه بقية ما في القدح ؟
فكر قليلاً:
فأجاب: إن الرجل شرب نصف القدح فرعف أي(نزف في الماء المتبقي) ، فاختلط الماء بالدم فحُرّم عليه ما في القدح !
_ وسُئل: كان رجلان فوق سطح منزل , فسقط أحدهما فمات فحرمت على الآخر زوجته ؟
فكر قليلاً:فأجاب : أن الرجل الذي سقط فمات كان مزوجًا ابنته من عبده الذي كان معه فوق السطح فلما مات أصبحت البنت تملك ذلك العبد الذي هو زوجها فحرمت عليه .
إلى هنا لم يستطع الرشيد الذي كان حاضرًا تلك المساجلة أن يخفي إعجابه بذكاء الشافعي وسرعة خاطرته وجودة فهمه وحس إدراكه وقال: لبني عبد مناف فقد بينت فأحسنت وعبرت فأفصحت وفسرت فأبلغت.
فقال الشافعي: أطال الله عمر أمير المؤمنين، إني سائل هؤلاء العلماء مسألة، فإن أجابوا عليها فالحمد لله، وإلا فأرجو أمير المؤمنين أن يكف عني شرهم فقال الرشيد. لك ذلك وسلهم ما تريد يا شافعي . فقال الشافعي : مات رجل وترك 600 درهم، فلم تنل أخته من هذه التركة إلا درهمًا واحدًا، فكيف كانا الظرف في توزيع التركة ؟ ؟
فنظر العلماء بعضهم إلى بعض طويلاً ولم يستطع أحدهم الإجابة على السؤال، فلما طال بهم السكوت، طلب الرشيد من الشافعي الإجابة.
فقال الشافعي: مات هذا الرجل عن ! ابنتين وأم و زوجه واثني عشر أخًا وأخت واحدة، فأخذت البنتان الثلثين وهي 400 درهم ، وأخذت الأم السدس وهو 100 درهم، وأخذت الزوجة الثمن وهو75 درهم، وأخذ الاثنا عشر أخا 24 درهمًا فبقي درهم واحد للأخت فتبسم الرشيد وقال: أكثر الله في أهلي منك، وأمر له بألفي درهم فتسلمها الشافعي ووزعها على خدم القصر

همسات ايمانية
2015-12-13, 16:14
هذه هي الدنيا
تموت الأسد في الغابات جوعا ... ولحم الضأن تأكله الكــلاب
وعبد قد ينام على حريـــر ... وذو نسب مفارشه التــراب


دعوة إلى التنقل والترحال
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب ... من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه ... وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده ... إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ... لملَّها الناس من عجم ومن عـرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه ... والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه ... وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب

الضرب في الأرض
سأضرب في طول البلاد وعرضها ... أنال مرادي أو أموت غريبـا
فإن تلفت نفسي فلله درهــــا ... وإن سلمت كان الرجوع قريبا

آداب التعلم
اصبر على مـر الجفـا من معلم ... فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعــة ... تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابــه ... فكبر عليه أربعا لوفاتــه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى ... إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته

متى يكون السكوت من ذهب
إذا نطق السفيه فلا تجبه ... فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه ... وإن خليته كـمدا يمـوت

عدو يتمنى الموت للشافعي
تمنى رجال أن أموت ، وإن أمت ... فتلك سبيـل لـست فيها بأوحــد
وما موت من قد مات قبلي بضائر ... ولا عيش من قد عاش بعدي بمخلد
لعل الذي يرجـو فنـائي ويدّعي ... به قبل موتـي أن يكون هو الردى

لا تيأسن من لطف ربك
إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيـدا
فلقـد أتاك من المهيمـن عـفـوه ... وأفاض من نعم عليك مزيـدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا ... في بطن أمك مضغة ووليـدا
لو شــاء أن تصلى جهنم خالـدا ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا

الصديق الصدوق
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا ... فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة ... وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه ... ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده ... ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا

التوكل على الله
توكلت في رزقي على الله خـالقي ... وأيقنـت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليـس يفوتني ... ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه ... ولو، لم يكن من اللسـان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة ... وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق

لمن نعطي رأينا
ولا تعطين الرأي من لا يريده ... فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه

كتمان الأسرار
إذا المـرء أفشـى سـره بلسانـه
ولام عليـه غيـره فهـو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيـق


لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ
أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيتـه
أدفع الشر عنـي بالتحيـات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه
كما أن قد حشى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربهم
وفي اعتزالهم قطع المـودات


الإعراض عن الجاهل
أعرض عن الجاهل السفيه
فكل مـا قـال فهـو فيـه
ما ضر بحر الفرات يومـاً
إن خاض بعض الكلاب فيه


السكوت سلامة
قالوا اسكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجـواب لبـاب الشـر مفتـاح
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرف
وفيه أيضاً لصون العرض إصـلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ؟
والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح

كم هي الدنيا رخيصــة .. قال الإمام الشافعي
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ..... يمسي ويصبح في دنياه سافرا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة ..... حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها ..... فينبغي لك أن لا تأمن النارا

وفي مخاطبــة السفيــه قال
يخاطبني السفيه بكل قبح ..... فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما ..... كعود زاده الإحراق طيبا


الحكمة
دع الأيام تفعل ما تشاء ..... وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي ..... فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا ..... وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا ..... وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب ..... يغطيه كما قيل السخاء
ولا تر للأعادي قط ذلا ..... فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل ..... فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني ..... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ..... ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع ..... فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا ..... فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن ..... إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين ..... فما يغني عن الموت الدواء

إن المحب لمن يحب مطيـع
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه ... إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة ... منه وأنت لشكر ذلك مضيع

أبواب الملوك
إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا ... فلا يكن لك في أبوأبهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبوأبهم كرمـا ... إن الوقوف على أبوابهــم ذل

فــرجـــت
ولرب نازلة يضيق لها الفتى ..... ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ..... فرجت وكنت أظنها لا تفرج

مناجياً رب العالمين
قلبي برحمتك اللهم ذو أنس ..... في السر والجهر والإصباح والغلس
ما تقلبت من نومي وفي سنتي ..... إلا وذكرك بين النفس والنفس
لقد مننت على قلبي بمعرفة ..... بأنك الله ذو الآلاء والقدس
وقد أتيت ذنوبا أنت تعلمها ..... ولم تكن فاضحي فيها بفعل مسي
فامنن علي بذكر الصالحين ولا ..... تجعل علي إذا في الدين من لبس
وكن معي طول دنياي وآخرتي ..... ويوم حشري بما أنزلت في عبس

دعوة إلى التعلم
تعلم فليس المرء يولد عالـمــا ... وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده ... صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما ... كبير إذا ردت إليه المحـافـل

إدراك الحكمة ونيل العلم
لا يدرك الحكمة من عمره ... يكدح في مصلحة الأهـل
ولا ينــال العلم إلا فتى ... خال من الأفكار والشغـل
لو أن لقمان الحكيم الذي ... سارت به الركبان بالفضل
بُلي بفقر وعـيـال لمـا ... فرق بين التبن والبقــل

الدعاء
أتهزأ بالدعــاء وتزدريــه *** وما تدري بما صنع القضــاء
سهــام الليل لا تخطــي *** لها أمد ، وللأمــد ، انقضـاء


العلم رفيق نافع
علمي معي حـيثمــا يممت ينفعني ... قلبي وعاء لـه لا بطــن صـنـدوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ... أو كنت في السوق كان العلم في
السوق


تول أمورك بنفسك
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتـول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحـاجــة ... فاقصد لمعترف بفضلك

فتنة عظيمة
فســاد كبيـر عالم متهتك ... وأكبر منه جـاهل متنسك
هما فتنة في العالمين عظيمة ... لمن بهما في دينه يتمسك

العيب فينا
نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ... ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا

يا واعظ الناس عما أنت فاعله
يا واعظ الناس عما أنت فاعله ... يا من يعد عليه العمر بالنفس
احفظ لشيبك من عيب يدنسه ... إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها ... وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها ...إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على ... ما كنت تركب من بغل و من فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد ... وضمة القبر تنسي ليلة العرس

حسن الخلق
إذا سبنـي نـذل تزايـدت رفعـة
وما العيب إلا أن أكـون مساببـه
ولو لم تكن نفسـي علـى عزيـزة
مكنتهـا مـن كـل نـذل تحاربـه

من روائع الإمام الشافعي
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ***** جعلت الرجا منى لعفوك سلما
تعاظمنى ذنبي فلما قرنتــــــــه ***** بعفوك ربي كان عفوك اعظما
فما زلت ذا عفوعن الذنب لم تزل**** تجود وتعفو منة وتكرمــــــــا
فلولاك لمايصمد لابليس عابـــد **** فكيف وقد اغوى صفيك ادمــا
فلله در العارف النــــــــدب انه ***** تفيض لفرط الوجد اجفانــه دما
يقيم اذا ما الليل مـــد ظلامـــــه ***** على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحا اذا ماكان في ذكر ربــه ***** وفي ماسواه في الورى كان اعجما
ويذكر اياما مضت من شبابــــه ***** وماكان فيها بالجهالة اجرمـــــا
قصار قرين الهم طول نهـــاره ***** اخا الشهد والنجوى اذا الليل اظلما
يقول حبيبي انت سؤلى وبغيتى *****كفى بك للراجين سؤلا ومغنما
الست الذي غذيتنى وهديتنــــى ***** ولازلت منانـا على ومنعــــــما
عسى من له الاحسان يغفر زلتى ***** ويستر اوزارى وما قد تقدمــــا

إذَا رُمْتَ أَنْ تَحيَا سليمًا مِنَ الرَّدَى
وَدِينـُكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صيّنُ
فَلا يَنطِقَن مِنْكَ اللســان بِسَوءةٍ
فَــكلكَ سَوْءَاتٌ وللنَّاسِ أَلْسُنُ
وَعَيْنَاكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَعَـايبًــا
فَدَعْهَا، وَقُلْ يَا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ
وَعَاشِرْ بِمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعْتَدَى
وَدَافِـعْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أحْـسَنُ


الدَّهْرُ يَـومَانِ ذَا أمْنٍ وذَا خَطَرٍ
والعيشُ عيشانِ ذا صفو وذا كدرُ
أَمَا تَرَى البحرَ تَعلُو فوقه جِيَفٌ
وتَسْتَقِرُّ بأقْصَى قـــاعِهِ الدُّرَرُُ
وفِـي السَّمَاءِ نجومٌ لا عدادَ لَهَا
وليس يُكسَفُ إلا الشمس والقـمر

من روائع الإمام الشافعي
أحب من الإخوان كل مـُوَاتـي
وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كـل أمــر أريـــده
ويحفــظني حيـًّّـا وبـــعــد ممـاتـــي
فمن لي بهذا؟ ليت أني أصبته
لقاســمته مالــــــي من الحســنــات
تصفحت إخواني فكان أقلهم
على كــــثرة الإخوان أهلُ ثـِقاتــــي

من روائع الإمام الشافعي
إن الطبـيب بِطبه وَدَوائـِــــه
لا يستطيع د ِفـَاع مقــدُور ِ القـضى
ما للطبيب يموت بالداء الذي
قد كان يـبرىء مثــله فيمــــا مضـى
هلك المُدَاوِي والمُدَاوََى والذي
جَلـَبَ الدّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ َّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّواءَ وَباعهُ وَمن ِ اشــــتـَرى

الله حسبي
أنت حسبي وفيك للقلب حسب*** وبحسبي إن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صـح *** من الدهر ما تعرض لي خطـب

قلة الإخوان عند الشدائد
ولما اتيت الناس اطلـب عندهـم *****أخـا ثقـةٍ عنـد أبتـداء الشدائـد
تقلبت في دهـري رخـاء وشـدة*****وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غيـر شامـتٍ***** ولم أر فيما سرنـي غيـر جامـد

مساءة الظن
لا يكـن ظـنـك إلا سيـئـاً ****إن الظن مـن أقـوى الفطـن
ما رمى الإنسان في مخمصةٍ****غير حسن الظن والقول الحسن

دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه
الذي توفي فيه فقال له :كيف أصبحت يا أبا عبدالله ؟!
فقال الشافعي :
أصبحت من الدنيا راحلا, و للإخوان مفارقا , و لسوء عملي ملاقيا , ولكأس المنية شاربا , و على الله واردا , و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار فأعزيها

ثم أنشأ يقول :
و لما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي جـعـلت رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـمــا قرنتــه بعـفــوك ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجــود و تعـفـــو منــة و تكــرمـا

رَكان
2015-12-13, 16:59
لله درّك ..
عبارة قل من يستعملها أيامنا هذه ..ولم أجد خيرا منها تشجيعا لك ..وتثمينا لما قدمته ..
رحمه الله كان اماما متواضعا وأرجو ألا يكون مكررا ما أسهم به ..فمن أقواله ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
و الله لو علمت أن شرب الماء يثلم مروءتي ما شربته طول حياتي

أنظروا الى ماكان يوليه من أهمية للمروءة زمن هؤلاء الكبار ..

سلامٌ على الدنيا إِذا لم يكنْ بها … صديقٌ صدوقٌ صادق الوعدِ منصفا

هذا في زمنك يا إمام فكيف سنقول عن ذلك في زمننا ..؟؟

وجدْتُ سكوتي متجراً فلزمتهُ … إِذا لم أجدْ ربحاً فلسْتُ بخاسرِ
وما الصمتُ إِلا في الرجالِ متاجرٌ … وتاجرُهُ يعلو على كلِّ تاجرِ

وأنعم بها من تجارة وانعم به محلا تُزاولُ به .

القائدة
2015-12-13, 17:00
لا تاسفن على غدر الزمان لطالما .... رقصت على جثث الاسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلوا على اسيادها .... تبقى الاسود اسود و الكلاب كلاب
تموت الاسود في الغابات جوعا ..... و لحم الضأن تأكله الكلاب
و ذو جهل قد ينام على حرير .... و ذو علم مفارشه التراب
أما ترى البحر تعلوا فوقه جيف ..... و تستقر باقصى قاعه الدرر !

اعشق أدب الشافعي
بارك الله فيك على الموضوع الرائع
وددت لو علقت على ما ورد في موضوعك حول مسألة العقل و النقل و لكني دخلت منذ قليل من العمل و راسي يوجعني الان فلي عودة .

أم سمية الأثرية
2015-12-13, 17:59
جزاك الله خيرا أختي
استفدت من الموضوع

عبد الباسط آل القاضي
2015-12-13, 18:04
[quote=همسات ايمانية;3994817988]ذكاء الشيخ

من مواقف الامام الشافعي
... كان هناك مجموعة من العلماء يحقدون على الإمام الشافعي، ويدبرون له المكائد عند الأمراء، فاجتمعوا وقرروا أن يجمعوا له العديد من المسائل الفقهية المعقدة لاختبار ذكائه، فاجتمعوا ذات مرة عند الخليفة الرشيد” الذي كان معجبًا بذكاء الشافعي وعلمه بالأمور الفقهية ” وبدأوا بإلقاء الأسئلة، الفتاوي في حضور الرشيد ……
_وسُئل: شرب مسلمان عاقلان الخمر، فلماذا يقام الحد على أحدهما ولايقام على الآخر ؟
فكر قليلاً:
فأجاب إن أحدهما كان صبيًا والآخر بالغًا
_وسُئل: زنا خمسة أفراد بامرأة ,فوجب على أولهم القتل ، وثانيهم الرجم ، وثالثهم الحد ورابعهم نصف الحد ، وآخرهم لا شيء ؟
فكر قليلاً:
فأجاب: استحل الأول الزنا فصار مرتدًا فوجب عليه القتل , والثاني كان محصنًا، والثالث غير محصن، والرابع كان عبدًا، والخامس مجنونًا …..
_ وسُئل: رجل صلى ولما سلّم عن يمينه طلقت زوجته ! ولما سلم عن يساره بطُلت صلاته! ولما نظر إلى السماء وجب عليه دفع ألف درهم ؟
فكر قليلاً:
فقال الشافعي: لما سلّم عن يمينه رأى زوج امرأته التي تزوجها في غيابه ، فلما رآه قد حضر طلقت منه زوجته ، ولما سلم عن يساره رأى في ثوبه نجاسة فبطلت صلاته، فلما نظر إلى السماء رأى الهلال وقد ظهر في السماء وكان عليه دين ألف درهم يستحق سداده في أول الشهر.
_ وسُئل: ما تقول في إمام كان يصلي مع أربعة نفر في مسجد فدخل عليهم رجل ، ولما سلم الإمام وجب على الإمام القتل وعلى المصلين الأربعة الجلد ووجب هدم المسجد على أساسه ؟
فكر قليلاً:
فأجاب الشافعي: إن الرجل القادم كانت له زوجة وسافر وتركها في بيت أخيه فقتل الإمام هذا الأخ ،وادعى أن المرأة زوجة المقتول فتزوج منها، وشهد على ذلك الأربعة المصلون، وأن المسجد كان بيتًا للمقتول، فجعله الإمام مسجدًا !
_ وسُئل: ما تقول في رجل أخذ قدح ماء ليشرب، فشرب حلالاً وحُرّم عليه بقية ما في القدح ؟
فكر قليلاً:
فأجاب: إن الرجل شرب نصف القدح فرعف أي(نزف في الماء المتبقي) ، فاختلط الماء بالدم فحُرّم عليه ما في القدح !
_ وسُئل: كان رجلان فوق سطح منزل , فسقط أحدهما فمات فحرمت على الآخر زوجته ؟
فكر قليلاً:فأجاب : أن الرجل الذي سقط فمات كان مزوجًا ابنته من عبده الذي كان معه فوق السطح فلما مات أصبحت البنت تملك ذلك العبد الذي هو زوجها فحرمت عليه .
إلى هنا لم يستطع الرشيد الذي كان حاضرًا تلك المساجلة أن يخفي إعجابه بذكاء الشافعي وسرعة خاطرته وجودة فهمه وحس إدراكه وقال: لبني عبد مناف فقد بينت فأحسنت وعبرت فأفصحت وفسرت فأبلغت.
فقال الشافعي: أطال الله عمر أمير المؤمنين، إني سائل هؤلاء العلماء مسألة، فإن أجابوا عليها فالحمد لله، وإلا فأرجو أمير المؤمنين أن يكف عني شرهم فقال الرشيد. لك ذلك وسلهم ما تريد يا شافعي . فقال الشافعي : مات رجل وترك 600 درهم، فلم تنل أخته من هذه التركة إلا درهمًا واحدًا، فكيف كانا الظرف في توزيع التركة ؟ ؟
فنظر العلماء بعضهم إلى بعض طويلاً ولم يستطع أحدهم الإجابة على السؤال، فلما طال بهم السكوت، طلب الرشيد من الشافعي الإجابة.
فقال الشافعي: مات هذا الرجل عن ! ابنتين وأم و زوجه واثني عشر أخًا وأخت واحدة، فأخذت البنتان الثلثين وهي 400 درهم ، وأخذت الأم السدس وهو 100 درهم، وأخذت الزوجة الثمن وهو75 درهم، وأخذ الاثنا عشر أخا 24 درهمًا فبقي درهم واحد للأخت فتبسم الرشيد وقال: أكثر الله في أهلي منك، وأمر له بألفي درهم فتسلمها الشافعي ووزعها على خدم القصر
[/quote
السلام عليكم ورحمته وبركاته
بارك الله فيكم ونفع بكم ولكن هذه القصص في القلب منها شيء ؛ ولا استبعد ان تكون من اثار القصاصين

akherrhaga
2015-12-13, 20:23
ما شاء الله
موضوع اكثر من رائع عن شخصية من راوئع الفكر الاسلامى
الامام الشافعي

gaga-75
2015-12-13, 21:43
بارك الله فيك
نظرة شاملة عن حياته

ابو محمد العيد
2015-12-14, 11:50
بارك الله فيك على الموضوع القيم وعلى التعريف بعلم من اعلام الامة الاسلامية

همسات ايمانية
2015-12-14, 18:22
بارك الله فيكم جميعا على المرور


شكرا لكل من أضاف للموضوع


اختي القائدة مرحب بك في اي موضوع متى ما سمح وقتك

shimaa fathy
2015-12-25, 15:18
الف شكررررررررررررررر

وفاء الياسمين
2015-12-25, 15:23
http://www.up99.com/upfiles/gif_files/utM48174.gif

http://www.up99.com/upfiles/gif_files/u0X81602.gif

La reine Nour
2015-12-26, 20:51
رحم الله الامام الشافعي.
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس السن

nbanba771
2015-12-30, 14:28
بارك الله فيك وجزاك الله خير

madni14
2016-02-26, 10:24
مشكوووور أخي جزاك الله خير

business70
2016-04-30, 22:41
بارك الله فيك و اثابك الجنة

BRATHER
2016-05-09, 17:53
ما شاء الله

بارك الله فيك وجزاك الله خير

fethi_19930
2016-06-05, 22:05
بارك الله فيك