التواتي الكنتي
2015-11-21, 10:27
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لقد ابتلي المؤمنون في هذه الأعصر الأخيرة بمحن وبلايا شديدة فتنت الكثير منهم عن دينهم وأوقفت الكثير منهم في حيرة وشك ، ومن أعظم تلك المحن والمصائب ما يجري على الساحة العلمية والدعوية بين المناهج المختلفة من تكفير ونقد وردود تحولت إلى عناد شخصي وانتصار للذات وتعصب للآراء والأهواء وانتهاك للأعراض والحرمات وتلمس للمعائب وتشهي بإلصاق التهم بالناس وتتبع العورات والهفوات وستر للفضائل والخيرات .
يقول الأستاذ الدكتور طه جابر فياض :
بدأنا نرى شباباً ينتسبون إلى السلفية وآخرين ينتسبون إلى أهل الحديث وفريقاً ينتسبون إلى المذهبية وفريقاً يدعون إلى اللا مذهبية ، وبين هؤلاء وأولئك تتبادل الاتهامات المختلفة من التكفير والتفسيق والنسبة إلى البدعة والإغراف والشذوذ والعمالة والتجسس ونحو ذلك مما لا يليق بمسلم أن ينسب آخر إليه بحال فضلاً عن أن يعلنه للناس بكل ما لديه من وسائل إعلامية ، غافلين أو متغافلين عن أن ما يتعرض له الإسلام من محاولات استئصال أخطر على الأمة من تلك الاختلافات ، وإذا كان للأئمة المجتهدين أسباب اختلاف تبرر اختلافهم وتساعد على وضعها ضمن ضوابط الاختلاف ، فإن أصحاب الاختلاف من المعاصرين لا يملكون سبباً واحداً من أسباب الاختلاف المعقول فهم ليسوا بمجتهدين وكلهم مقلدون في من فيهم أولئك الذين يرفعون أصواتهم بنبذ التقليد ونفيه عن أنفسهم وأنهم يأخذون الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة دون تقليد، وهم في الحقيقة يعكفون على بعض كتب الحديث ويقلدون كاتبيها في كل ما يقولون في الحديث ودرجته ورجاله ويتابعونهم في كل ما يستنبطوه من تلك الكتب أو ينقلونه عن الفقهاء وغاية ما يفعلونه هو تقليد علمائهم ممن يدعون الاجتهاد في الفقه والحديث وترك تقليد الأئمة السابقين إذ تراهم ينقلون الحديث وحكم العلماء السابقين عليه تصحيحاً أو تضعيفاً ثم يؤيدون ذلك بكلام المعاصرين وينقلونه قضيةً مسلمةً لا شك فيها .
أليس هذا هو التقليد بعينه ؟ ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾{الحج:46} وكثير منهم من ينسب لنفسه العلم بالرجال ومعرفة مراتب الجرح والتعديل وتاريخ الرجال وهو في ذلك لا يعدو أن يكون قد درس كتاباً في هذا الموضوع أو ذاك فأباح لنفسه أن يعتلي منبر الاجتهاد ، وحق له أن يتعالى على العباد ، وحري بمن نال نصيباً من العلم أن ينهاه علمه من أن يكون من الجاهلين ، وأن يترفع عن توزيع الألقاب واتهام الناس ، ويدرك خطورة ما تتعرض له عقيدة الأمة فيعمل على الذب عنها ، ويحرص على جمع القلوب ، وما دام الجميع يقلدون ويأخذون عن أئمتهم أقوالهم على اختلافهم وإن زعموا غير ذلك فلا أقل من أن يلتزموا بآداب الاختلاف التي عاش في كنفها كرام الأئمة من السلف .
لقد ابتلينا بجماعة متخصصة في توزيع الكفر والشرك على كل أشعري صوفي وإصدار الأحكام بألقاب وأوصاف لا يصح ولا يليق أن تطلق على مسلم يقول الشهادتين .
هكذا تأتي هذه الألفاظ متتابعة ومتتالية تنتقل من موقع إلى موقع وبنغمةٍ واحدة حتى لا تبقي أشعرياً ولا صوفياً إلا تناولته بالكفر والشرك وما دون ذلك ، فتجد في كلامهم الفجور في الخصام والغلو في البغض والهجوم في الكلام دون تفريق بين حلال وحرام .
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى : إنّ القول قد يكون كفراً فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال: من قال هذا فهو كافر لكنّ الشخص المعيّن الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها وهذا كما في نصوص الوعيد فلا يشهد على معيّن من أهل القبلة بالنار لجواز أن لا يلحقه الوعيد لفوات شرط أو ثبوت مانع فقد يتوب من فعل المحرّم وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة المحرّم وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه وقد يشفع فيه شفيع مطاع .
انتهى مختصراً وبتصرف من كتاب التحذير من المجازفة بالتكفير
للسيد محمد بن علوي المالكي الحسني رحمه الله تعالى .
http://www.abdalhadialkharsa.net/index.php?act=viewArt&id=111
يخطئ كثير من الناس _ أصلحهم الله _ في فهم حقيقة الأسباب التي تخرج صاحبها عن دائرة الإسلام وتوجب عليه الحكم بالكفر فتراهم يسارعون إلى الحكم على المسلم بالكفر لمجرد المخالفة حتى لم يبق من المسلمين على وجه الأرض إلا القليل, ونحن نتلمس لهؤلاء العذر تحسيناً للظن. ونقول لعل نيتهم حسنتاً من دافع الواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن فاتهم أن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد في أدائه من الحكمة والموعظة الحسنة ،وإذا اقتضى الأمر المجادلة يجب أن تكون بالتي هي أحسن كما قال تعالى: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) وذلك ادعى إلى القبول وأقرب للحصول على المأمول ومخالفته خطأ وحماقة.
فإذا دعوت مسلماً يصلي ، ويؤدي فرائض الله ، ويجتنب محارمه وينشر دعوته ،ويشيد مساجده، ويقيم معاهده ،إلى أمر ٍ تراه حقاً ويراه هو على خلافك ، والرأي فيه بين العلماء مختلف قديماً إقراراً وإنكاراً فلما يطاوعك في رأيك فرميته بالكفر لمجرد مخالفته لرأيك فقد قارفت عظيمةً نكراء ، وأتيت أمراً إداً نهاك عنه الله ودعاك إلى الأخذ فيه بالحكمة والحسنى .
وقد انعقد الإجماع على منع تكفير أحد من أهل القبلة إلا بما فيه نفي الصانع القادر جل وعلا أو شرك جلي لا يحتمل التأويل أو إنكار النبوة أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة أو إنكار متواتر أو مجمع عليه ضرورة من الدين .
والمعلوم من الدين ضرورة كالتوحيد والنبوات وختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والبعث في اليوم الآخر والحساب والجزاء و الجنة والنار يكفر جاحده ، ولا يعذر أحد من المسلمين بالجهل به إلا من كان حديث عهد بالإسلام فإنه يعذر إلى أن يتعلمه فإنه لا يعذر بعده .
والمتواتر الخبر الذي يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إما من حيث الإسناد كحديث : (( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) ..
و إما من حيث الطبقة كتواتر القرآن فإنه تواتر على البسيطة شرقاً وغرباً درس وتلاوة وحفظاً وتلقاه الكافة عن الكافة طبقة عن طبقة فلا يحتاج إلى إسناد .
وقد يكون تواتر عمل وتوارث كتواتر العمل على شيء من عصر النبوة إلى الآن ، أو تواتر علم كتواتر المعجزات فإن مفرداتها وإن كان بعضها آحاداً لكن القدر المشترك منها متواتر قطعاً في علم كل إنسان مسلم .
وإن الحكم على المسلم بالكفر في غير هذه المواطن التي بيناها أمر خطير ، وفي الحديث إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ( رواه البخاري عن أبي هريرة ) .
ولا يصح صدوره إلا ممن عرف بنور الشريعة مداخل الكفر ومخارجه والحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان في حكم الشريعة الغراء .
فلا يجوز لأي إنسان الركض في هذا الميدان والتكفير بالأوهام والمظان دون تثبت ويقين وعلم متين وإلا اختلط سيلها بالأبطح ولم يبق مسلم على وجه الأرض إلا القليل .
كما لا يجوز التكفير بارتكاب المعاصي مع الإيمان والإقرار بالشهادتين وفي الحديث عن انس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من اصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بالعمل ، و الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار )).. (أخرجه أبو داود)
وكان إمام الحرمين يقول لو قيل لنا فصلوا ما يقتضي التكفير من العبارات مما لا يقتضي لقلنا هذا طمع في غير مطمع فإن هذا بعيد المدرك وعر المسلك يستمد من أصول التوحيد ومن لم يحظ بنهايات الحقائق لم يتحصل من دلائل التكفير على وثائق.
لذلك نحذر كل التحذير من المجازفة بالتكفير في غير المواطن السابق بيانها لأنه جد خطير والله الهادي إلى سواء السبيل وإليه المصير.
من كتاب مفاهيم يجب أن تصحح
العلامة محمد علوي المالكي
الحمد لله رب العالمين اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لقد ابتلي المؤمنون في هذه الأعصر الأخيرة بمحن وبلايا شديدة فتنت الكثير منهم عن دينهم وأوقفت الكثير منهم في حيرة وشك ، ومن أعظم تلك المحن والمصائب ما يجري على الساحة العلمية والدعوية بين المناهج المختلفة من تكفير ونقد وردود تحولت إلى عناد شخصي وانتصار للذات وتعصب للآراء والأهواء وانتهاك للأعراض والحرمات وتلمس للمعائب وتشهي بإلصاق التهم بالناس وتتبع العورات والهفوات وستر للفضائل والخيرات .
يقول الأستاذ الدكتور طه جابر فياض :
بدأنا نرى شباباً ينتسبون إلى السلفية وآخرين ينتسبون إلى أهل الحديث وفريقاً ينتسبون إلى المذهبية وفريقاً يدعون إلى اللا مذهبية ، وبين هؤلاء وأولئك تتبادل الاتهامات المختلفة من التكفير والتفسيق والنسبة إلى البدعة والإغراف والشذوذ والعمالة والتجسس ونحو ذلك مما لا يليق بمسلم أن ينسب آخر إليه بحال فضلاً عن أن يعلنه للناس بكل ما لديه من وسائل إعلامية ، غافلين أو متغافلين عن أن ما يتعرض له الإسلام من محاولات استئصال أخطر على الأمة من تلك الاختلافات ، وإذا كان للأئمة المجتهدين أسباب اختلاف تبرر اختلافهم وتساعد على وضعها ضمن ضوابط الاختلاف ، فإن أصحاب الاختلاف من المعاصرين لا يملكون سبباً واحداً من أسباب الاختلاف المعقول فهم ليسوا بمجتهدين وكلهم مقلدون في من فيهم أولئك الذين يرفعون أصواتهم بنبذ التقليد ونفيه عن أنفسهم وأنهم يأخذون الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة دون تقليد، وهم في الحقيقة يعكفون على بعض كتب الحديث ويقلدون كاتبيها في كل ما يقولون في الحديث ودرجته ورجاله ويتابعونهم في كل ما يستنبطوه من تلك الكتب أو ينقلونه عن الفقهاء وغاية ما يفعلونه هو تقليد علمائهم ممن يدعون الاجتهاد في الفقه والحديث وترك تقليد الأئمة السابقين إذ تراهم ينقلون الحديث وحكم العلماء السابقين عليه تصحيحاً أو تضعيفاً ثم يؤيدون ذلك بكلام المعاصرين وينقلونه قضيةً مسلمةً لا شك فيها .
أليس هذا هو التقليد بعينه ؟ ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾{الحج:46} وكثير منهم من ينسب لنفسه العلم بالرجال ومعرفة مراتب الجرح والتعديل وتاريخ الرجال وهو في ذلك لا يعدو أن يكون قد درس كتاباً في هذا الموضوع أو ذاك فأباح لنفسه أن يعتلي منبر الاجتهاد ، وحق له أن يتعالى على العباد ، وحري بمن نال نصيباً من العلم أن ينهاه علمه من أن يكون من الجاهلين ، وأن يترفع عن توزيع الألقاب واتهام الناس ، ويدرك خطورة ما تتعرض له عقيدة الأمة فيعمل على الذب عنها ، ويحرص على جمع القلوب ، وما دام الجميع يقلدون ويأخذون عن أئمتهم أقوالهم على اختلافهم وإن زعموا غير ذلك فلا أقل من أن يلتزموا بآداب الاختلاف التي عاش في كنفها كرام الأئمة من السلف .
لقد ابتلينا بجماعة متخصصة في توزيع الكفر والشرك على كل أشعري صوفي وإصدار الأحكام بألقاب وأوصاف لا يصح ولا يليق أن تطلق على مسلم يقول الشهادتين .
هكذا تأتي هذه الألفاظ متتابعة ومتتالية تنتقل من موقع إلى موقع وبنغمةٍ واحدة حتى لا تبقي أشعرياً ولا صوفياً إلا تناولته بالكفر والشرك وما دون ذلك ، فتجد في كلامهم الفجور في الخصام والغلو في البغض والهجوم في الكلام دون تفريق بين حلال وحرام .
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى : إنّ القول قد يكون كفراً فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال: من قال هذا فهو كافر لكنّ الشخص المعيّن الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها وهذا كما في نصوص الوعيد فلا يشهد على معيّن من أهل القبلة بالنار لجواز أن لا يلحقه الوعيد لفوات شرط أو ثبوت مانع فقد يتوب من فعل المحرّم وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة المحرّم وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه وقد يشفع فيه شفيع مطاع .
انتهى مختصراً وبتصرف من كتاب التحذير من المجازفة بالتكفير
للسيد محمد بن علوي المالكي الحسني رحمه الله تعالى .
http://www.abdalhadialkharsa.net/index.php?act=viewArt&id=111
يخطئ كثير من الناس _ أصلحهم الله _ في فهم حقيقة الأسباب التي تخرج صاحبها عن دائرة الإسلام وتوجب عليه الحكم بالكفر فتراهم يسارعون إلى الحكم على المسلم بالكفر لمجرد المخالفة حتى لم يبق من المسلمين على وجه الأرض إلا القليل, ونحن نتلمس لهؤلاء العذر تحسيناً للظن. ونقول لعل نيتهم حسنتاً من دافع الواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن فاتهم أن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد في أدائه من الحكمة والموعظة الحسنة ،وإذا اقتضى الأمر المجادلة يجب أن تكون بالتي هي أحسن كما قال تعالى: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) وذلك ادعى إلى القبول وأقرب للحصول على المأمول ومخالفته خطأ وحماقة.
فإذا دعوت مسلماً يصلي ، ويؤدي فرائض الله ، ويجتنب محارمه وينشر دعوته ،ويشيد مساجده، ويقيم معاهده ،إلى أمر ٍ تراه حقاً ويراه هو على خلافك ، والرأي فيه بين العلماء مختلف قديماً إقراراً وإنكاراً فلما يطاوعك في رأيك فرميته بالكفر لمجرد مخالفته لرأيك فقد قارفت عظيمةً نكراء ، وأتيت أمراً إداً نهاك عنه الله ودعاك إلى الأخذ فيه بالحكمة والحسنى .
وقد انعقد الإجماع على منع تكفير أحد من أهل القبلة إلا بما فيه نفي الصانع القادر جل وعلا أو شرك جلي لا يحتمل التأويل أو إنكار النبوة أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة أو إنكار متواتر أو مجمع عليه ضرورة من الدين .
والمعلوم من الدين ضرورة كالتوحيد والنبوات وختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والبعث في اليوم الآخر والحساب والجزاء و الجنة والنار يكفر جاحده ، ولا يعذر أحد من المسلمين بالجهل به إلا من كان حديث عهد بالإسلام فإنه يعذر إلى أن يتعلمه فإنه لا يعذر بعده .
والمتواتر الخبر الذي يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إما من حيث الإسناد كحديث : (( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) ..
و إما من حيث الطبقة كتواتر القرآن فإنه تواتر على البسيطة شرقاً وغرباً درس وتلاوة وحفظاً وتلقاه الكافة عن الكافة طبقة عن طبقة فلا يحتاج إلى إسناد .
وقد يكون تواتر عمل وتوارث كتواتر العمل على شيء من عصر النبوة إلى الآن ، أو تواتر علم كتواتر المعجزات فإن مفرداتها وإن كان بعضها آحاداً لكن القدر المشترك منها متواتر قطعاً في علم كل إنسان مسلم .
وإن الحكم على المسلم بالكفر في غير هذه المواطن التي بيناها أمر خطير ، وفي الحديث إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ( رواه البخاري عن أبي هريرة ) .
ولا يصح صدوره إلا ممن عرف بنور الشريعة مداخل الكفر ومخارجه والحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان في حكم الشريعة الغراء .
فلا يجوز لأي إنسان الركض في هذا الميدان والتكفير بالأوهام والمظان دون تثبت ويقين وعلم متين وإلا اختلط سيلها بالأبطح ولم يبق مسلم على وجه الأرض إلا القليل .
كما لا يجوز التكفير بارتكاب المعاصي مع الإيمان والإقرار بالشهادتين وفي الحديث عن انس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من اصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بالعمل ، و الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار )).. (أخرجه أبو داود)
وكان إمام الحرمين يقول لو قيل لنا فصلوا ما يقتضي التكفير من العبارات مما لا يقتضي لقلنا هذا طمع في غير مطمع فإن هذا بعيد المدرك وعر المسلك يستمد من أصول التوحيد ومن لم يحظ بنهايات الحقائق لم يتحصل من دلائل التكفير على وثائق.
لذلك نحذر كل التحذير من المجازفة بالتكفير في غير المواطن السابق بيانها لأنه جد خطير والله الهادي إلى سواء السبيل وإليه المصير.
من كتاب مفاهيم يجب أن تصحح
العلامة محمد علوي المالكي