صبرينة لوتس
2015-10-30, 14:32
<<.....إنكم لاتمثلوننا أبدا ولا تتكلمون باسمنا ولا تعبرون على أحاسيسنا وأفكارنا .....لقد بحثنا في صفحات تاريخ الجزائرماضيها وحاضرها فوجدنا الأمة الجزائرية الاسلامية متكونة وموجودة كما هي متكونة وموجودة الأمم الأخرى في العالم ، إن لهذا المجتمع تاريخه المليئ بالأحداث وله وحدته الدينية واللغوية ، وله ثقافته الخاصة وعاداته وأخلاقه سواء كانت حسنة أم سيئة .....إن هذه الأمة الجزائرية مسلمة وليست فرنسا ولا تستطيع أن تكون فرنسا ولو جنّسوها ......>>
عبد الحميد ابن باديس
بمثل هؤلاء الرجال وغيرهم قضت الجزائرعلى مخططات الاستعمار الفرنسي ومن بينها تلك" الميليشيات " المسلحة التي أسسها من المستوطنين واليهود لالقاء القبض على الجزائريين وتعذيبهم وقتلهم بمختلف الوسائل الوحشية .
لكني وجدت إحدى بقاياه تتجول بحيي الذي كنت أسكنه مع عائلتي وأنا ذاهبة وعائدة من متوسطتي في أواخر السبعينات .
ما لفت نظري إليها اختلافها عن الوجوه التي اعتدت مشاهدتها يوميا ، قصر قامتها وشعرها الأبيض وجسدها السمين وهي تتردد يوميا إلى سوق الخضار والفواكه حاملة بيدها قفتها .
مظهرها بطقمها الكلاسيكي وتنورتها القصيرة والتي تكشف عن ساقيها الممتلأتين
ترسم عليهما الشرايين خطوطا بلون أخضرقاتم من أثر الدوالي .
تبدو في السبعين من عمرها وهيئتها عموما تنبأ أنها غير جزائرية وغير مسلمة .
كنت ألتقيها تقريبا يوميا وأنا ذاهبة للمتوسطة أو عائدة منها .
كانت تقطن بشقة في احدى العمارات المجاورة لمقر سكناي القريب لتلك العمارات
لم أكن أعرف شيئا عنها غير ما هو متداول بين سكان الحي انها يهودية .
كنت في كل مرة ألتقيها أراقب تصرفاتها بدقة لأشبع فضولي عن هؤلاء اليهود
لكني لم أتوصل لشيء سوى أنها تتحدث الفرنسية وتتردد يوميا على سوق الخضر والفواكه وجزار الحي .
في أحد الأيام وأنا في طريقي للمتوسطة مع بعض زميلاتي ، التقينا بها تسير في الرصيف الموازي لرصيفنا الذي كنا نسيرعليه .
بدت مشيتها كبطة وهي تحمل قفتها الثقيلة فقررنا أن نساعدها ونحمل عنها القفة إلى بيتها وما إن كدنا نقترب منها حتى صرخت إحدى زميلاتي مرعوبة وهي تفر من بيننا :لا.. لا....لن أفعل ....يهودية يهودية......
بث صراخها الرعب في وسطنا فتفرقنا على إثرها و لم نساعدها على حمل قفتها .
سألت نفسي لما ارتعبت زميلتى ، والمرأة كانت تبدو مسالمة ، استفسرت عنها لدى أمي رحمها الله فور عودتي للمنزل ، فكان جوابها أنها امرأة يهودية الديانة تعيش لوحدها في تلك الشقة وليس لها أحد من أقاربها أو معارفها يزورها وهي في هذا السن المتقدم ، وقد اختارت البقاء في الجزائر بعد رحيل الاحتلال الفرنسي من بلدنا ، وهي تعيش بيننا بسلام ، لايؤذيها أحد .
مرّ تقريبا عام على هذه الحادثة ومنظر زميلتي وهي تفرهلعا لا يفارق مخيلتي إلى حين ذلك اليوم، والذي كنت فيه عائدة بعد خروجي من المتوسطة باتجاه بيتنا ، حيث شاهدت جمعا غفيرا حول العمارة التي تقطنها تلك المرأة اليهودية والشرطة تملأ المكان ، اقتربت بسرعة نحو طفل يصغرني سنا وسألته : ما الذي يجري هنا ؟
فأجابني : لقد انتشرت رائحة غير مستحبة من شقة المرأة اليهودية وعمت الرائحة العمارة كلها فأخبروا الشرطة التي اقتحمت باب شقتها فوجدوها ميتة لوحدها منذ أربعة أيام وقد تحللت جثتها .
كان لموتها أثر في نفسيتي وأنا في ذلك السن ولأني كنت أراها تقريبا يوميا .
راودني يومها سؤال حيرني هل تلك اليهودية كانت فعلا مسالمة إبان الاحتلال الفرنسي ولم يكن لها يد في أذية الجزائريين ؟
حاولت الاجابة على هذا السؤال بأوضاعنا أيام السبعينات ، حيث التكافل الاجتماعي يسود الجزائريين وحتى مع غير المسلمين المقيمين ببلدنا .
وكيف تموت هذه اليهودية في شقتها ويمر على موتها أربعة أيام والعمارة تدب فيها الحركة ليل نهارولا أحد افتقدها وهي لم تخرج من شقتها في تلك الأيام كلها؟
لم أجد جوابا لسؤالي إلى يومنا هذا لكن الأهم من هذا السؤال هو أنها عاشت بيننا بسلام فترة طويلة من الزمن إلى حين وفاتها .
بقلم : قطرات قطر الندى
عبد الحميد ابن باديس
بمثل هؤلاء الرجال وغيرهم قضت الجزائرعلى مخططات الاستعمار الفرنسي ومن بينها تلك" الميليشيات " المسلحة التي أسسها من المستوطنين واليهود لالقاء القبض على الجزائريين وتعذيبهم وقتلهم بمختلف الوسائل الوحشية .
لكني وجدت إحدى بقاياه تتجول بحيي الذي كنت أسكنه مع عائلتي وأنا ذاهبة وعائدة من متوسطتي في أواخر السبعينات .
ما لفت نظري إليها اختلافها عن الوجوه التي اعتدت مشاهدتها يوميا ، قصر قامتها وشعرها الأبيض وجسدها السمين وهي تتردد يوميا إلى سوق الخضار والفواكه حاملة بيدها قفتها .
مظهرها بطقمها الكلاسيكي وتنورتها القصيرة والتي تكشف عن ساقيها الممتلأتين
ترسم عليهما الشرايين خطوطا بلون أخضرقاتم من أثر الدوالي .
تبدو في السبعين من عمرها وهيئتها عموما تنبأ أنها غير جزائرية وغير مسلمة .
كنت ألتقيها تقريبا يوميا وأنا ذاهبة للمتوسطة أو عائدة منها .
كانت تقطن بشقة في احدى العمارات المجاورة لمقر سكناي القريب لتلك العمارات
لم أكن أعرف شيئا عنها غير ما هو متداول بين سكان الحي انها يهودية .
كنت في كل مرة ألتقيها أراقب تصرفاتها بدقة لأشبع فضولي عن هؤلاء اليهود
لكني لم أتوصل لشيء سوى أنها تتحدث الفرنسية وتتردد يوميا على سوق الخضر والفواكه وجزار الحي .
في أحد الأيام وأنا في طريقي للمتوسطة مع بعض زميلاتي ، التقينا بها تسير في الرصيف الموازي لرصيفنا الذي كنا نسيرعليه .
بدت مشيتها كبطة وهي تحمل قفتها الثقيلة فقررنا أن نساعدها ونحمل عنها القفة إلى بيتها وما إن كدنا نقترب منها حتى صرخت إحدى زميلاتي مرعوبة وهي تفر من بيننا :لا.. لا....لن أفعل ....يهودية يهودية......
بث صراخها الرعب في وسطنا فتفرقنا على إثرها و لم نساعدها على حمل قفتها .
سألت نفسي لما ارتعبت زميلتى ، والمرأة كانت تبدو مسالمة ، استفسرت عنها لدى أمي رحمها الله فور عودتي للمنزل ، فكان جوابها أنها امرأة يهودية الديانة تعيش لوحدها في تلك الشقة وليس لها أحد من أقاربها أو معارفها يزورها وهي في هذا السن المتقدم ، وقد اختارت البقاء في الجزائر بعد رحيل الاحتلال الفرنسي من بلدنا ، وهي تعيش بيننا بسلام ، لايؤذيها أحد .
مرّ تقريبا عام على هذه الحادثة ومنظر زميلتي وهي تفرهلعا لا يفارق مخيلتي إلى حين ذلك اليوم، والذي كنت فيه عائدة بعد خروجي من المتوسطة باتجاه بيتنا ، حيث شاهدت جمعا غفيرا حول العمارة التي تقطنها تلك المرأة اليهودية والشرطة تملأ المكان ، اقتربت بسرعة نحو طفل يصغرني سنا وسألته : ما الذي يجري هنا ؟
فأجابني : لقد انتشرت رائحة غير مستحبة من شقة المرأة اليهودية وعمت الرائحة العمارة كلها فأخبروا الشرطة التي اقتحمت باب شقتها فوجدوها ميتة لوحدها منذ أربعة أيام وقد تحللت جثتها .
كان لموتها أثر في نفسيتي وأنا في ذلك السن ولأني كنت أراها تقريبا يوميا .
راودني يومها سؤال حيرني هل تلك اليهودية كانت فعلا مسالمة إبان الاحتلال الفرنسي ولم يكن لها يد في أذية الجزائريين ؟
حاولت الاجابة على هذا السؤال بأوضاعنا أيام السبعينات ، حيث التكافل الاجتماعي يسود الجزائريين وحتى مع غير المسلمين المقيمين ببلدنا .
وكيف تموت هذه اليهودية في شقتها ويمر على موتها أربعة أيام والعمارة تدب فيها الحركة ليل نهارولا أحد افتقدها وهي لم تخرج من شقتها في تلك الأيام كلها؟
لم أجد جوابا لسؤالي إلى يومنا هذا لكن الأهم من هذا السؤال هو أنها عاشت بيننا بسلام فترة طويلة من الزمن إلى حين وفاتها .
بقلم : قطرات قطر الندى