أم فاطمة السلفية
2015-10-19, 18:59
بسم الله الرحمان الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
°°((في حكم التلقيح الاصطناعيِّ))°°
لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله-
-السؤال:
-ما حكمُ اللجوءِ إلى التلقيح الاصطناعيِّ لمن تَأَخَّرَ إنجابُه مدَّةً طويلةً أو ثَبَتَ عُقْمُه الدائم؟ وهل يصحُّ قياسُه على العمى والعَرَج؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
-الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
-فهذه المسألةُ عند الفقهاء ترجع إلى مدى اعتبارِ العقمِ ضررًا:
• فمَنِ اعتبره كذلك أباحَ اللُّجوءَ إلى طَلَبِ علاجه كغيره مِن الأمراض كالعمى والعَرَج بجامعِ كونه إصابةً ينتج عنها خللٌ وظيفيٌّ، وهو ما قرَّره المَجْمَعُ الفقهيُّ الإسلاميُّ في دورته الثالثةِ المُنْعَقِدة في عمَّان (صفر ١٤٠٧ﻫ)، موضِّحًا أنَّ فيه طُرُقًا جائزةً وأخرى محرَّمةً شرعًا، وممَّا قرَّروه أنه لا حَرَجَ في اللجوء إلى تلقيحِ بُوَيْضةِ الزوجة بمَنِيِّ زوجها تلقيحًا اصطناعيًّا ثمَّ إعادتِه إلى رَحِمِ الزوجةِ ليتمَّ الحملُ عاديًّا عند الحاجة، مع التأكيد على ضرورةِ الأخذ بكُلِّ الاحتياطات اللازمة.
• أمَّا مَن لم يَعْتَبِرِ العقمَ ضررًا فإنه لا يرى إباحةَ علاجِه لانتفاءِ الضرورة الشرعية والحاجةِ الشديدة إلى علاجه.
-والذي تميل إليه نَفْسي أنَّ العقم يمكن اعتبارُه ضررًا نَفْسيًّا يُوَلِّد آلامًا عميقةً وَسَطَ الأسرة الخالي بيتُها مِن الأطفال، وتُجاه كُلِّ ألمٍ تكمن الضرورةُ والحاجة؛ إذ «الأَمْرُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ».
-غيرَ أنَّ الذي يُعَكِّرُ على الحكمِ بالجواز على عمليَّاتِ التلقيح الاصطناعيِّ خطورةُ احتمالِ الخطإ فيها وترتُّبُ اختلاطِ النسب بالتَّبَع؛ إذ لا يُؤْمَن أَنْ يدخل في العمليةِ ما هو محظورٌ كأَنْ يُضِيفَ المختصُّ في المخبر إلى مَنِيِّ الرجل الضعيفِ مَنِيًّا آخَرَ ليُقَوِّيَهُ، أو يغيِّرَ بعضَ مقوِّماتِ بُوَيْضةِ الزوجة بإحلالِ مقوِّماتٍ أخرى لبويضةٍ أجنبيَّةٍ قَصْدَ إصلاحها وطمعًا في رَفْعِ نسبةِ النجاح، علمًا أنَّ التنافس بين المراكز المخبرية المتعدِّدة في تحسينِ نسبة النجاح وطَلَبِ الربح والتجارة فيه لا يُسْتَبْعَدُ مِن ورائه ـ إطلاقًا ـ وقوعُ إهمالاتٍ وتجاوزاتٍ؛ الأمرُ الذي يؤدِّي إلى المساس بعِرْضِ الرجل ودِينه؛ فهذه المَفْسدةُ الشرعية مُرْتبِطةٌ أساسًا بعدالةِ المختصِّين المُباشِرين لعملية التلقيح الاصطناعيِّ ومقدارِ الأمانة وحجمِ الثقة الموضوعة فيهم، فضلًا عن تَكَشُّفِ المرأةِ أمامَ الطبيبةِ أو الطبيب الذي غالبًا ما يقوم بنَفْسه بقَذْفِ البويضة الملقَّحة بحقنةٍ في جهاز المرأة التناسليِّ.
-ولا يخفى أنَّ مِثْلَ هذه المَفاسِدِ مِن العسيرِ الاحترازُ منها واتِّخاذُ الاحتياطاتِ اللازمةِ لها، وإذا تَعَذَّرَ ذلك عُلِمَ أنَّ مصلحة الإنجاب عُورِضَتْ بمَفْسَدَةِ اختلاط الأنساب الواجبِ تقديمُها حالةَ التعارض عملًا بقاعدةِ: «دَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَحْقِيقِ المَصَالِحِ».
-ولا يخفى ـ أيضًا ـ أنَّ مِثْلَ هذه المَفاسِدِ غائبةٌ في المَقيسِ عليه وهو العمى والعَرَجُ؛ وعليه فلا يصحُّ القياسُ مع ظهور الفارق بينهما والطارئِ الذي يَلْتَبِسُ به أحَدُهما.
-هذا، وإذا حَصَلَ له الولدُ بهذه العمليةِ التلقيحية وارتابَ في صحَّةِ نَسَبِه وخاصَّةً مع عَدَمِ شَبَهِ الولد بأصوله؛ فله أَنْ يُجْرِيَ التحقيقَ بالبصمة الوراثية لإزالةِ أيِّ شكٍّ يطرأ أو ظنٍّ يحوم(١).
-والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١١ شعبان ١٤٢١ﻫ
الموافق ﻟ: ٨ نوفمبر ٢٠٠٠م
(١) انظر الفتوى (٤٦٣) الموسومة ﺑ: «في مشروعيةِ استعمالِ البصمةِ الوراثية في مَجَالِ التحقيق الجِنائيِّ والنَّسَب».
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله-
التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب من منظور شرعي ؟
بسـم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في الدراسة التي قدَّمها عضو المجلس مصطفى أحمد الزرقاء حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب الأمر الذي شعل الناس ، وكان من أبرز قضايا الساعة في العالم .
-واستعرض المجلس ما تحقَّق في هذا المجال من إنجازات طبية توصَّل إليها العلم والتقنية بإنجاب الأطفال من بني الإنسان والتغلب على أسباب العقم المختلفة المانعة من الاستيلاد .
-وقد تبين للمجلس من تلك الدراسة الوافية المشار إليها أنَّ التلقيح الاصطناعي بغية الاستيلاد ( بغير الطريق الطبيعي ، وهو الاتصال الجنسي المباشر بين الرجل والمرأة ) يتمُّ بأحد طريقين أساسيين : طريق التلقيح الداخلي ، وذلك بحقن نطفة الرجل في الموقع المناسب من باطن المرأة ، وطريق التلقيح الخارجي بين نطفة الرجل وبويضة المرأة في أنبوب اختبار في المختبرات الطبية ثم زرع البويضة الملقحة ( اللقيحة ) في رحم المرأة . ولا بد في الطريقين من انكشاف المرأة على من يقوم بتنفيذ العملية .
-وقد تبين لمجلس المجمع من تلك الدراسة المقدمة إليه في الموضع ومما أظهرته المذاكرة والمناقشة أنَّ الأساليب والوسائل التي يجري بها التلقيح الاصطناعي بطريقيه الداخلي والخارجي لأجل الاستيلاد هي ستة أساليب بحسب الأحوال المختلفة ؛ للتلقيح الداخلي فيها أسلوبان ، وللخارجي أربعة من الناحية الواقعية ، بقطع النظر عن حلها أو حرمتها شرعاً . وهي الأساليب التالية :
في التلقيح الاصطناعي الداخلي :
-الأسلوب الأول :
-أن تؤخذ النطفة الذكرية من رجل متزوج وتحقن في الموقع المناسب داخل مهبل زوجته أو رحمها حتى تلتقي النطفة التقاء طبيعيا بالبويضة التي يفرزها مبيض زوجته ويقع التلقيح بينهما ثم العلوق في جدار الرحم بإذن الله ، كما في حالة الجماع .
- وهذا الأسلوب يلجأ إليه إذا كان في الزوج قصور لسبب ما عن إيصال مائه في المواقعة من الموضع المناسب .
-الأسلوب الثاني :
-أن تؤخذ نطفة من رجل وتحقن في الموقع المناسب من زوجة رجل آخر حتى يقع التلقيح داخليا ثم العلوق في الرحم كما في الأسلوب الأول .
- ويلجأ إلى هذا الأسلوب حين يكون الزوج عقيماً لا بذرة في مائه فيأخذون النطفة الذكرية من غيره .
-في طريق التلقيح الخارجي :
-الأسلوب الثالث :
-أن تؤخذ نطفة من زوج وبويضة من مبيض زوجته فتوضعا في أنبوب اختبار طبي بشروط فيزيائية معينة ، حتى تلقح نطفة الزوج بويضة زوجته في وعاء الاختبار ثم بعد أن تأخذ اللقيحة بالانقسام والتكاثر تنقل في الوقت المناسب من أنبوب الاختبار إلى رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة لتعلق في جداره وتنمو وتتخلق ككل جنين ، ثم في نهاية مدة الحمل الطبيعية تلده الزوجة طفلاً أو طفلة .
- وهذا هو طفل الأنبوب الذي حقَّقه الإنجاز العلمي الذي يسَّره الله ، وولد به إلى اليوم عدد من الأولاد ذكوراً وإناثاً وتوائم ، تناقلت أخبارها الصحف العالمية ووسائل الإعلام المختلفة . ويلجأ إلى هذا الأسلوب الثالث عندما تكون الزوجة عقيماً بسبب انسداد القناة التي تصل بين مبيضها ورحمها ( قناة فالوب ) .
-الأسلوب الرابع :
-أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب الاختبار بين نطفة ماخوذة من زوج وبويضة مأخوذة من مبيض امرأة ليست زوجته ( يسمونها متبرعة ) ، ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته .
-ويلجأون إلى هذا الأسلوب عندما يكون مبيض الزوجة مستأصلاً أو معطَّلاً . ولكن رحمها سليم قابل لعلوق اللقيحة فيه .
-الأسلوب الخامس :
-أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب اختبار بين نطفة رجل وبويضة من امرأة ليست زوجة له ( يسمونهما متبرعين ) ، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى متزوجة .
- ويلجؤون إلى ذلك حينما تكون المرأة المتزوجة التي زرعت اللقيحة فيها عقيماً بسبب تعطل مبيضها لكن رحمها سليم ، وزوجها أيضاً عقيم ويريدان ولداً .
-الأسلوب السادس :
-أن يجرى تلقيح خارجي في وعاء الاختبار بين بذرتي زوجين ، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة تتطوع بحملها . ويلجؤون إلى ذلك حين تكون الزوجة غير قادرة على الحمل لسبب في رحمها ولكن مبيضها سليم منتج ، أو تكون غير راغبة في الحمل ترفُّهاً فتتطوع امرأة أخرى بالحمل عنها .
-هذه هي أساليب التلقيح الاصطناعي الذي حقَّقه العلم لمعالجة أسباب عدم الحمل .
-وقد نظر مجلس المجمع فيما نشر وأذيع أنَّهُ يتمُّ فعلاً تطبيقه في أوربا وأمريكا من استخدام هذه الإنجازات لأغراض مختلفة ، منها تجاري ، ومنها ما يجري تحت عنوان ( تحصين النوع البشري ) ، ومنها ما يتم لتلبية الرغبة للأمومة لدى نساء غير متزوجات ، أو نساء متزوجات لا يحملن لسبب فيهن أو في أزواجهن ، وما أنشئ لتلك الأغراض المختلفة من مصارف النطف الإنسانية التي تحفظ فيها نطف الرجال بصورة تقانية تجعلها قابلة للتلقيح بها إلى مدة طويلة وتؤخذ من رجال معينين أو غير معينين تبرعاً أو لقاء عوض ... إلى آخر ما يقال إنه واقع اليوم في بعض بلاد العالم المتمدن .
-النظر الشرعي بمنظار الشريعة الإسلامية :
-هذا وإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد النظر فيما تجمع لديه من معلومات موثقة مما كتب ونشر في هذا الشأن ، وتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية ومقاصدها لمعرفة حكم هذه الأساليب المعروضة وما تستلزمه قد انتهى إلى القرار التفصيلي التالي :
-أولاً : أحكام عامة :
1 - أن انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل شرعاً بينها وبينه الاتصال الجنسي لا يجوز بحال من الأحوال ، إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحاً لهذا الانكشاف .
2 - أن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها أو من حالة غير طبيعية في جسمها تسبِّب لها إزعاجاً يعتبر ذلك غرضاً مشروعاً يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج .
- وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة .
3 - كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحاً لغرض مشروع يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك ، وإلا فامرأة غير مسلمة ، وإلا فطبيب مسلم ثقة ، وإلا فغير مسلم بهذا الترتيب . ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها أو امرأة أخرى .
-ثانياً : حكم التلقيح الاصطناعي :
1 - أنَّ حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل وحاجة زوجها إلى الولد يعتبر غرضاً مشروعاً يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرق التلقيح الاصطناعي .
2 - أن الأسلوب الأول ( الذي تؤخذ فيه النطفة الذكرية من رجل متزوج ثم تحقن في رحم زوجته نفسها في طريقة التلقيح الداخلي ) هو أسلوب جائز شرعاً بالشروط العامة الآنفة الذكر .
- وذلك بعد أن تثبت حاجة المرأة إلى هذه العملية لأجل الحمل .
3 - أن الأسلوب الثالث ( الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامرأة زوجين أحدهما للآخر ويتم تلقيحهما خارجاً في أنبوب اختبار ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة ) هو أسلوب مقبول مبدئياًّ في ذاته بالنظر الشرعي ، لكنه غير سليم تماماً من موجبات الشك فيما يستلزمه ويحيط به من ملابسات . فينبغي ألا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى وبعد أن تتوفر الشرائط العامة الآنفة الذكر .
4 - وفي حالتي الجواز الإثنتين يقرِّر المجمع أنَّ نسب المولود يثبت من الزوجين مصدري البذرتين ويتبع الميراث والحقوق الأخرى ثبوت النسب .
- فحين يثبت نسب المولود من الرجل والمرأة يثبت الإرث وغيره من الأحكام بين الولد وبين من الحتق نسبه به .
5 - أما الأساليب الأربعة الأخرى من أساليب التلقيح الاصطناعي بالطريقين الداخلي والخارجي مما سبق بيانه فجميعها محرَّمة في الشرع الإسلامي ، لا مجال لإباحة شيء منها ، لأن البذرتين الذكرية والأنثوية فيها ليستا من زوجين ، أو لأن المتطوعة بالحمل هي أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين .
-هذا ، ونظراً لما في التلقيح الاصطناعي بوجه عام من ملابسات حتى في الصورتين الجائزتين شرعاً ، ومن احتمال اختلاط النطف أو اللقائح في أوعية الاختبارات ولا سيما إذا كثرت ممارسته وشاعت ، فإنَّ مجلس المجمع ينصح الحريصين على دينهم أن لا يلجؤوا إلى ممارسته إلا في حالة الضرورة القصوى وبمنتهى الاحتياط والحذر من اختلاط النطف أو اللقائح .
-هذا ما ظهر لمجلس المجمع الفقهي في هذه القضية ذات الحساسية الدينية القوية من قضايا الساعة ،ويرجو الله أن يكون صواباً ، والله سبحانه أعلم ، وهو الهادي إلى سواء السبيل وولي التوفيق .
وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
[توقيع]
رئيس مجلس المجمع الفقهي نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
د. عبد الله عمر نصيف
(متوقف في الأولى والثالثة ، أما بقية
الصور الأربعة فلا خلاف في تحريمها)
الأعضاء : محمد صالح بن عثيمين /محمد بن جبير /عبد الله العبد الرحمن البسام /صالح بن فوزان الفوزان /محمد بن عبد الله السبيل (متوقف في جواز الأسلوب الثالث) / مصطفى أحمد الزرقاء /محمد محمود الصواف /محمد رشيد قباني /محمد الشاذلي النيفر /أبو بكر جومي /د. أحمد فهمي أبوسنة(أوافق على الحالة الأولى دون غيرها) /محمد الحبيب بن الخوجة /بكر أبو زيد(متوقف) /مبروك بن مسعود العوادي(متوقف في جميع الصور) / محمد بن سالم عبد الودود / د. طلال عمر با فقيه [توقيع مقرر المجمع الفقهي الإسلامي]
-وقد تخلف عن الحضور في هذه الدورة كل من : فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي ، ومعالي الدكتور محمد رشيدي ، وفضيلة الشيخ عبد القدوس الهاشمي ، ومعالي اللواء الركن محمود شيت خطاب ، وفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف ، وفضيلة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي .
قرارات مجلس المجمع الفققي
الإسلامي ، ص ( 150 - 157 ) .
- وانظر : القرار الرابع في الدورة الخامسة ( ص 92 - 93 ) ، والقرار الخامس في الدورة السابعة ( ص 137 - 143 ).
°°((حكم تلقيح المرأة بمني من غير زوجها))°°
لسماحة الشيخ عبد العزيزبن عبد الله بن باز-رحمه الله-
-سمعنا وقرأنا كثيراً في الصحف والمجلات عن موضوع التلقيح بالحقنة، امرأة تُلقح عن طريق الحقنة - الإبرة - في إحدى المستشفيات، وذلك من أجل الإنجاب، كون رجل هذه المرأة غير قادر على الإنجاب، علماً بأن الطبيب يأخذ مني من رجل آخر حتى يلقح تلك المرآة، والسؤال هنا:
-هذا الموضوع فيه التفصيل، وقد درسه أعضاء المجمع في مكة ، والرابطة في دورة مضت ، وبينوا في قرارهم الأنواع الممنوعة ، والأنواع الجائزة، وهذا الذي سأل عنه السائل على حالين:
- أحدهما: أجازه المجمع.
- والثاني: منعه ممنوعاً بإجماع المسلمين.
- أما الذي أجازه المجمع فهو أن تكون المرآة لا تنجب بسبب مرض في المبيض ، أو في القنوات التي توصل المني إلى الرحم، أو الرجل كذلك، ليسا بعقيمين ، ولكن هناك أسباب عرفها الأطباء في الرجل أو في المرآة ، ورأى الطبيب المختص أن في الإمكان أخذ المني من الرجل من زوجها ثم حقنه فيها في رحمها ، وأن هذا قد يلحقها بإذن الله ، وينفع بإذن الله، من الزوج نفسه، في صفة خاصة لا يحضرها إلا الطبيب المختص أو الطبيبة ، والواجب الطبيبة إن تيسرت، طبيبة أنثى تولى ذلك يعطيها إياها، يأخذه من نفسه وهو الزوج، ويعطيها المرأة تحقنه في رحم الزوجة، وأن كان لا يستطيع أخذه الرجل منه ثم أعطاه المرأة وتحقنه في رحم المرأة إذا تيسرت المرآة، فإن لم يتيسر امرأة تعرف ذلك جاز للرجل للضرورة أن يأخذه من الزوج، ثم يحقنه بالإبرة في رحمها، هذه صورة من الصور التي أجازها المجمع، وذكر أنها استعملت ، ونجحت مع أن فيها خطراً يجب الاحتياط فيه، وهو أن تكون العملية بحضرة الزوج والزوجة ، والطبيب المختص أو الطبيبة المختصة من دون أن يحضر ذلك أحد ؛ لأن المرأة تنكشف ولا يحضرها ولو محارمها ؛ لأن المحرم لا يرى العورة، ليس له رؤية العورة، ما بين السرة والركبة لا يراه إلا الزوج أو السيد الذي أبيح له الاتصال بها، ففي هذه الحال إذا رأى الطبيب المختص أو الطبيبة المختصة أن هذا ينفع ، وأنه لا هناك عقم يمنع الحمل، وإنما هو شيء من المرض في مبيض المرأة أو قنواتها، أو الرجل ليس منيه يصل لضعف في منيه لا يصل إلى محل المرأة، أو لأسباب أخرى، فيؤخذ من الزوج بالإبرة ، ويحقن في رحم المرأة، هذا هو الجائز ، والأحوط تركه، حتى ولو قلنا بجوازه ، الأحوط تركه لئلا يجر إلى ما تحمد عقباه. المقدم: رغم أنه بين الزوجين؟ -الشيخ: بين الزوجين لئلا يجر الزوجة إلى أن تفعل شيئاً خلاف ذلك، وتزعم أنه من زوجها؛ لأنه تحيط به الأخطار ، وتركه أولى عند أهل العلم إلا عند الحيطة الكاملة.
- أما أن يؤخذ المني من غير الزوج، ليحقن في زوجة الرجل فهذا محرم بإجماع المسلمين، هذا من جنس الزنا، كونها تأخذ ماءا من غير زوجها، وتحقنه فيها لعلها تحمل بماء هذا الرجل الأجنبي هذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ويجب تعزيرهما جميعاً ، وتأديبهما جميعاً على ولي الأمر إذا ثبت ذلك، حتى لا يقع مثل ذلك.
- والصورة الثانية:
-وهي ما إذا أخذ ماء الرجل، ماء الزوج والزوجة جميعاً ، وجعلا في أنبوب حتى يمتزجا ويختلطا على صفة خاصة عند الأطباء ، ثم يحقن الماءان في رحم المرأة، بعد اختلاطهما بالأنبوب الخاص الذي يفعله الطبيب ، وهذه أخطر من الأولى وأشد، أشد خطراً لأنه قد يوضع في أنبوب يختلط بأنابيب عند الأطباء ، وقد يقع أخذ ماء من غير الزوجة أو من غير الزوج، في شيء من الحيل ، أو شيء من التساهل الديني. فالحاصل أن هذه أجازها المجمع بالأكثرية ، وبعض أعضائه لم يجزها ، وبعض أعضائه توقف ، وأنا ممن توقف في ذلك، لأنها خطيرة ، فالحاصل أن الجواز ينحصر في الزوج والزوجة فقط، أما ماء يؤخذ من غير الزوج أو من غير الزوجة فهذا محرم بإجماع المسلمين، ليس فيه نزاع، إنما حل الخلاف ماء يؤخذ من الزوج ويحقن في رحم امرأته، أو منهما جميعاً يوضع في أنبوب ساعات معلومة ، ثم يحقن في رحمها، هذا هو محل الخلاف ، وهو الذي رأى فيه المجمع الجواز في هاتين الصورتين مع وجوب التحفظ والحذر.
- المقدم: إذن له صور متعددة وكل صورة لها حكم؟
- الشيخ: والذي أجازه المجمع هاتان الصورتان فقط.
-المقدم: ما كان بين الزوجين من نفسهما.
- الشيخ: نعم.
الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيزبن عبد الله بن باز-رحمه الله-
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
°°((في حكم التلقيح الاصطناعيِّ))°°
لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله-
-السؤال:
-ما حكمُ اللجوءِ إلى التلقيح الاصطناعيِّ لمن تَأَخَّرَ إنجابُه مدَّةً طويلةً أو ثَبَتَ عُقْمُه الدائم؟ وهل يصحُّ قياسُه على العمى والعَرَج؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
-الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
-فهذه المسألةُ عند الفقهاء ترجع إلى مدى اعتبارِ العقمِ ضررًا:
• فمَنِ اعتبره كذلك أباحَ اللُّجوءَ إلى طَلَبِ علاجه كغيره مِن الأمراض كالعمى والعَرَج بجامعِ كونه إصابةً ينتج عنها خللٌ وظيفيٌّ، وهو ما قرَّره المَجْمَعُ الفقهيُّ الإسلاميُّ في دورته الثالثةِ المُنْعَقِدة في عمَّان (صفر ١٤٠٧ﻫ)، موضِّحًا أنَّ فيه طُرُقًا جائزةً وأخرى محرَّمةً شرعًا، وممَّا قرَّروه أنه لا حَرَجَ في اللجوء إلى تلقيحِ بُوَيْضةِ الزوجة بمَنِيِّ زوجها تلقيحًا اصطناعيًّا ثمَّ إعادتِه إلى رَحِمِ الزوجةِ ليتمَّ الحملُ عاديًّا عند الحاجة، مع التأكيد على ضرورةِ الأخذ بكُلِّ الاحتياطات اللازمة.
• أمَّا مَن لم يَعْتَبِرِ العقمَ ضررًا فإنه لا يرى إباحةَ علاجِه لانتفاءِ الضرورة الشرعية والحاجةِ الشديدة إلى علاجه.
-والذي تميل إليه نَفْسي أنَّ العقم يمكن اعتبارُه ضررًا نَفْسيًّا يُوَلِّد آلامًا عميقةً وَسَطَ الأسرة الخالي بيتُها مِن الأطفال، وتُجاه كُلِّ ألمٍ تكمن الضرورةُ والحاجة؛ إذ «الأَمْرُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ».
-غيرَ أنَّ الذي يُعَكِّرُ على الحكمِ بالجواز على عمليَّاتِ التلقيح الاصطناعيِّ خطورةُ احتمالِ الخطإ فيها وترتُّبُ اختلاطِ النسب بالتَّبَع؛ إذ لا يُؤْمَن أَنْ يدخل في العمليةِ ما هو محظورٌ كأَنْ يُضِيفَ المختصُّ في المخبر إلى مَنِيِّ الرجل الضعيفِ مَنِيًّا آخَرَ ليُقَوِّيَهُ، أو يغيِّرَ بعضَ مقوِّماتِ بُوَيْضةِ الزوجة بإحلالِ مقوِّماتٍ أخرى لبويضةٍ أجنبيَّةٍ قَصْدَ إصلاحها وطمعًا في رَفْعِ نسبةِ النجاح، علمًا أنَّ التنافس بين المراكز المخبرية المتعدِّدة في تحسينِ نسبة النجاح وطَلَبِ الربح والتجارة فيه لا يُسْتَبْعَدُ مِن ورائه ـ إطلاقًا ـ وقوعُ إهمالاتٍ وتجاوزاتٍ؛ الأمرُ الذي يؤدِّي إلى المساس بعِرْضِ الرجل ودِينه؛ فهذه المَفْسدةُ الشرعية مُرْتبِطةٌ أساسًا بعدالةِ المختصِّين المُباشِرين لعملية التلقيح الاصطناعيِّ ومقدارِ الأمانة وحجمِ الثقة الموضوعة فيهم، فضلًا عن تَكَشُّفِ المرأةِ أمامَ الطبيبةِ أو الطبيب الذي غالبًا ما يقوم بنَفْسه بقَذْفِ البويضة الملقَّحة بحقنةٍ في جهاز المرأة التناسليِّ.
-ولا يخفى أنَّ مِثْلَ هذه المَفاسِدِ مِن العسيرِ الاحترازُ منها واتِّخاذُ الاحتياطاتِ اللازمةِ لها، وإذا تَعَذَّرَ ذلك عُلِمَ أنَّ مصلحة الإنجاب عُورِضَتْ بمَفْسَدَةِ اختلاط الأنساب الواجبِ تقديمُها حالةَ التعارض عملًا بقاعدةِ: «دَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَحْقِيقِ المَصَالِحِ».
-ولا يخفى ـ أيضًا ـ أنَّ مِثْلَ هذه المَفاسِدِ غائبةٌ في المَقيسِ عليه وهو العمى والعَرَجُ؛ وعليه فلا يصحُّ القياسُ مع ظهور الفارق بينهما والطارئِ الذي يَلْتَبِسُ به أحَدُهما.
-هذا، وإذا حَصَلَ له الولدُ بهذه العمليةِ التلقيحية وارتابَ في صحَّةِ نَسَبِه وخاصَّةً مع عَدَمِ شَبَهِ الولد بأصوله؛ فله أَنْ يُجْرِيَ التحقيقَ بالبصمة الوراثية لإزالةِ أيِّ شكٍّ يطرأ أو ظنٍّ يحوم(١).
-والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١١ شعبان ١٤٢١ﻫ
الموافق ﻟ: ٨ نوفمبر ٢٠٠٠م
(١) انظر الفتوى (٤٦٣) الموسومة ﺑ: «في مشروعيةِ استعمالِ البصمةِ الوراثية في مَجَالِ التحقيق الجِنائيِّ والنَّسَب».
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله-
التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب من منظور شرعي ؟
بسـم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في الدراسة التي قدَّمها عضو المجلس مصطفى أحمد الزرقاء حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب الأمر الذي شعل الناس ، وكان من أبرز قضايا الساعة في العالم .
-واستعرض المجلس ما تحقَّق في هذا المجال من إنجازات طبية توصَّل إليها العلم والتقنية بإنجاب الأطفال من بني الإنسان والتغلب على أسباب العقم المختلفة المانعة من الاستيلاد .
-وقد تبين للمجلس من تلك الدراسة الوافية المشار إليها أنَّ التلقيح الاصطناعي بغية الاستيلاد ( بغير الطريق الطبيعي ، وهو الاتصال الجنسي المباشر بين الرجل والمرأة ) يتمُّ بأحد طريقين أساسيين : طريق التلقيح الداخلي ، وذلك بحقن نطفة الرجل في الموقع المناسب من باطن المرأة ، وطريق التلقيح الخارجي بين نطفة الرجل وبويضة المرأة في أنبوب اختبار في المختبرات الطبية ثم زرع البويضة الملقحة ( اللقيحة ) في رحم المرأة . ولا بد في الطريقين من انكشاف المرأة على من يقوم بتنفيذ العملية .
-وقد تبين لمجلس المجمع من تلك الدراسة المقدمة إليه في الموضع ومما أظهرته المذاكرة والمناقشة أنَّ الأساليب والوسائل التي يجري بها التلقيح الاصطناعي بطريقيه الداخلي والخارجي لأجل الاستيلاد هي ستة أساليب بحسب الأحوال المختلفة ؛ للتلقيح الداخلي فيها أسلوبان ، وللخارجي أربعة من الناحية الواقعية ، بقطع النظر عن حلها أو حرمتها شرعاً . وهي الأساليب التالية :
في التلقيح الاصطناعي الداخلي :
-الأسلوب الأول :
-أن تؤخذ النطفة الذكرية من رجل متزوج وتحقن في الموقع المناسب داخل مهبل زوجته أو رحمها حتى تلتقي النطفة التقاء طبيعيا بالبويضة التي يفرزها مبيض زوجته ويقع التلقيح بينهما ثم العلوق في جدار الرحم بإذن الله ، كما في حالة الجماع .
- وهذا الأسلوب يلجأ إليه إذا كان في الزوج قصور لسبب ما عن إيصال مائه في المواقعة من الموضع المناسب .
-الأسلوب الثاني :
-أن تؤخذ نطفة من رجل وتحقن في الموقع المناسب من زوجة رجل آخر حتى يقع التلقيح داخليا ثم العلوق في الرحم كما في الأسلوب الأول .
- ويلجأ إلى هذا الأسلوب حين يكون الزوج عقيماً لا بذرة في مائه فيأخذون النطفة الذكرية من غيره .
-في طريق التلقيح الخارجي :
-الأسلوب الثالث :
-أن تؤخذ نطفة من زوج وبويضة من مبيض زوجته فتوضعا في أنبوب اختبار طبي بشروط فيزيائية معينة ، حتى تلقح نطفة الزوج بويضة زوجته في وعاء الاختبار ثم بعد أن تأخذ اللقيحة بالانقسام والتكاثر تنقل في الوقت المناسب من أنبوب الاختبار إلى رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة لتعلق في جداره وتنمو وتتخلق ككل جنين ، ثم في نهاية مدة الحمل الطبيعية تلده الزوجة طفلاً أو طفلة .
- وهذا هو طفل الأنبوب الذي حقَّقه الإنجاز العلمي الذي يسَّره الله ، وولد به إلى اليوم عدد من الأولاد ذكوراً وإناثاً وتوائم ، تناقلت أخبارها الصحف العالمية ووسائل الإعلام المختلفة . ويلجأ إلى هذا الأسلوب الثالث عندما تكون الزوجة عقيماً بسبب انسداد القناة التي تصل بين مبيضها ورحمها ( قناة فالوب ) .
-الأسلوب الرابع :
-أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب الاختبار بين نطفة ماخوذة من زوج وبويضة مأخوذة من مبيض امرأة ليست زوجته ( يسمونها متبرعة ) ، ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته .
-ويلجأون إلى هذا الأسلوب عندما يكون مبيض الزوجة مستأصلاً أو معطَّلاً . ولكن رحمها سليم قابل لعلوق اللقيحة فيه .
-الأسلوب الخامس :
-أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب اختبار بين نطفة رجل وبويضة من امرأة ليست زوجة له ( يسمونهما متبرعين ) ، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى متزوجة .
- ويلجؤون إلى ذلك حينما تكون المرأة المتزوجة التي زرعت اللقيحة فيها عقيماً بسبب تعطل مبيضها لكن رحمها سليم ، وزوجها أيضاً عقيم ويريدان ولداً .
-الأسلوب السادس :
-أن يجرى تلقيح خارجي في وعاء الاختبار بين بذرتي زوجين ، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة تتطوع بحملها . ويلجؤون إلى ذلك حين تكون الزوجة غير قادرة على الحمل لسبب في رحمها ولكن مبيضها سليم منتج ، أو تكون غير راغبة في الحمل ترفُّهاً فتتطوع امرأة أخرى بالحمل عنها .
-هذه هي أساليب التلقيح الاصطناعي الذي حقَّقه العلم لمعالجة أسباب عدم الحمل .
-وقد نظر مجلس المجمع فيما نشر وأذيع أنَّهُ يتمُّ فعلاً تطبيقه في أوربا وأمريكا من استخدام هذه الإنجازات لأغراض مختلفة ، منها تجاري ، ومنها ما يجري تحت عنوان ( تحصين النوع البشري ) ، ومنها ما يتم لتلبية الرغبة للأمومة لدى نساء غير متزوجات ، أو نساء متزوجات لا يحملن لسبب فيهن أو في أزواجهن ، وما أنشئ لتلك الأغراض المختلفة من مصارف النطف الإنسانية التي تحفظ فيها نطف الرجال بصورة تقانية تجعلها قابلة للتلقيح بها إلى مدة طويلة وتؤخذ من رجال معينين أو غير معينين تبرعاً أو لقاء عوض ... إلى آخر ما يقال إنه واقع اليوم في بعض بلاد العالم المتمدن .
-النظر الشرعي بمنظار الشريعة الإسلامية :
-هذا وإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد النظر فيما تجمع لديه من معلومات موثقة مما كتب ونشر في هذا الشأن ، وتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية ومقاصدها لمعرفة حكم هذه الأساليب المعروضة وما تستلزمه قد انتهى إلى القرار التفصيلي التالي :
-أولاً : أحكام عامة :
1 - أن انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل شرعاً بينها وبينه الاتصال الجنسي لا يجوز بحال من الأحوال ، إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحاً لهذا الانكشاف .
2 - أن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها أو من حالة غير طبيعية في جسمها تسبِّب لها إزعاجاً يعتبر ذلك غرضاً مشروعاً يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج .
- وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة .
3 - كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحاً لغرض مشروع يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك ، وإلا فامرأة غير مسلمة ، وإلا فطبيب مسلم ثقة ، وإلا فغير مسلم بهذا الترتيب . ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها أو امرأة أخرى .
-ثانياً : حكم التلقيح الاصطناعي :
1 - أنَّ حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل وحاجة زوجها إلى الولد يعتبر غرضاً مشروعاً يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرق التلقيح الاصطناعي .
2 - أن الأسلوب الأول ( الذي تؤخذ فيه النطفة الذكرية من رجل متزوج ثم تحقن في رحم زوجته نفسها في طريقة التلقيح الداخلي ) هو أسلوب جائز شرعاً بالشروط العامة الآنفة الذكر .
- وذلك بعد أن تثبت حاجة المرأة إلى هذه العملية لأجل الحمل .
3 - أن الأسلوب الثالث ( الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامرأة زوجين أحدهما للآخر ويتم تلقيحهما خارجاً في أنبوب اختبار ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة ) هو أسلوب مقبول مبدئياًّ في ذاته بالنظر الشرعي ، لكنه غير سليم تماماً من موجبات الشك فيما يستلزمه ويحيط به من ملابسات . فينبغي ألا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى وبعد أن تتوفر الشرائط العامة الآنفة الذكر .
4 - وفي حالتي الجواز الإثنتين يقرِّر المجمع أنَّ نسب المولود يثبت من الزوجين مصدري البذرتين ويتبع الميراث والحقوق الأخرى ثبوت النسب .
- فحين يثبت نسب المولود من الرجل والمرأة يثبت الإرث وغيره من الأحكام بين الولد وبين من الحتق نسبه به .
5 - أما الأساليب الأربعة الأخرى من أساليب التلقيح الاصطناعي بالطريقين الداخلي والخارجي مما سبق بيانه فجميعها محرَّمة في الشرع الإسلامي ، لا مجال لإباحة شيء منها ، لأن البذرتين الذكرية والأنثوية فيها ليستا من زوجين ، أو لأن المتطوعة بالحمل هي أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين .
-هذا ، ونظراً لما في التلقيح الاصطناعي بوجه عام من ملابسات حتى في الصورتين الجائزتين شرعاً ، ومن احتمال اختلاط النطف أو اللقائح في أوعية الاختبارات ولا سيما إذا كثرت ممارسته وشاعت ، فإنَّ مجلس المجمع ينصح الحريصين على دينهم أن لا يلجؤوا إلى ممارسته إلا في حالة الضرورة القصوى وبمنتهى الاحتياط والحذر من اختلاط النطف أو اللقائح .
-هذا ما ظهر لمجلس المجمع الفقهي في هذه القضية ذات الحساسية الدينية القوية من قضايا الساعة ،ويرجو الله أن يكون صواباً ، والله سبحانه أعلم ، وهو الهادي إلى سواء السبيل وولي التوفيق .
وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
[توقيع]
رئيس مجلس المجمع الفقهي نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
د. عبد الله عمر نصيف
(متوقف في الأولى والثالثة ، أما بقية
الصور الأربعة فلا خلاف في تحريمها)
الأعضاء : محمد صالح بن عثيمين /محمد بن جبير /عبد الله العبد الرحمن البسام /صالح بن فوزان الفوزان /محمد بن عبد الله السبيل (متوقف في جواز الأسلوب الثالث) / مصطفى أحمد الزرقاء /محمد محمود الصواف /محمد رشيد قباني /محمد الشاذلي النيفر /أبو بكر جومي /د. أحمد فهمي أبوسنة(أوافق على الحالة الأولى دون غيرها) /محمد الحبيب بن الخوجة /بكر أبو زيد(متوقف) /مبروك بن مسعود العوادي(متوقف في جميع الصور) / محمد بن سالم عبد الودود / د. طلال عمر با فقيه [توقيع مقرر المجمع الفقهي الإسلامي]
-وقد تخلف عن الحضور في هذه الدورة كل من : فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي ، ومعالي الدكتور محمد رشيدي ، وفضيلة الشيخ عبد القدوس الهاشمي ، ومعالي اللواء الركن محمود شيت خطاب ، وفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف ، وفضيلة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي .
قرارات مجلس المجمع الفققي
الإسلامي ، ص ( 150 - 157 ) .
- وانظر : القرار الرابع في الدورة الخامسة ( ص 92 - 93 ) ، والقرار الخامس في الدورة السابعة ( ص 137 - 143 ).
°°((حكم تلقيح المرأة بمني من غير زوجها))°°
لسماحة الشيخ عبد العزيزبن عبد الله بن باز-رحمه الله-
-سمعنا وقرأنا كثيراً في الصحف والمجلات عن موضوع التلقيح بالحقنة، امرأة تُلقح عن طريق الحقنة - الإبرة - في إحدى المستشفيات، وذلك من أجل الإنجاب، كون رجل هذه المرأة غير قادر على الإنجاب، علماً بأن الطبيب يأخذ مني من رجل آخر حتى يلقح تلك المرآة، والسؤال هنا:
-هذا الموضوع فيه التفصيل، وقد درسه أعضاء المجمع في مكة ، والرابطة في دورة مضت ، وبينوا في قرارهم الأنواع الممنوعة ، والأنواع الجائزة، وهذا الذي سأل عنه السائل على حالين:
- أحدهما: أجازه المجمع.
- والثاني: منعه ممنوعاً بإجماع المسلمين.
- أما الذي أجازه المجمع فهو أن تكون المرآة لا تنجب بسبب مرض في المبيض ، أو في القنوات التي توصل المني إلى الرحم، أو الرجل كذلك، ليسا بعقيمين ، ولكن هناك أسباب عرفها الأطباء في الرجل أو في المرآة ، ورأى الطبيب المختص أن في الإمكان أخذ المني من الرجل من زوجها ثم حقنه فيها في رحمها ، وأن هذا قد يلحقها بإذن الله ، وينفع بإذن الله، من الزوج نفسه، في صفة خاصة لا يحضرها إلا الطبيب المختص أو الطبيبة ، والواجب الطبيبة إن تيسرت، طبيبة أنثى تولى ذلك يعطيها إياها، يأخذه من نفسه وهو الزوج، ويعطيها المرأة تحقنه في رحم الزوجة، وأن كان لا يستطيع أخذه الرجل منه ثم أعطاه المرأة وتحقنه في رحم المرأة إذا تيسرت المرآة، فإن لم يتيسر امرأة تعرف ذلك جاز للرجل للضرورة أن يأخذه من الزوج، ثم يحقنه بالإبرة في رحمها، هذه صورة من الصور التي أجازها المجمع، وذكر أنها استعملت ، ونجحت مع أن فيها خطراً يجب الاحتياط فيه، وهو أن تكون العملية بحضرة الزوج والزوجة ، والطبيب المختص أو الطبيبة المختصة من دون أن يحضر ذلك أحد ؛ لأن المرأة تنكشف ولا يحضرها ولو محارمها ؛ لأن المحرم لا يرى العورة، ليس له رؤية العورة، ما بين السرة والركبة لا يراه إلا الزوج أو السيد الذي أبيح له الاتصال بها، ففي هذه الحال إذا رأى الطبيب المختص أو الطبيبة المختصة أن هذا ينفع ، وأنه لا هناك عقم يمنع الحمل، وإنما هو شيء من المرض في مبيض المرأة أو قنواتها، أو الرجل ليس منيه يصل لضعف في منيه لا يصل إلى محل المرأة، أو لأسباب أخرى، فيؤخذ من الزوج بالإبرة ، ويحقن في رحم المرأة، هذا هو الجائز ، والأحوط تركه، حتى ولو قلنا بجوازه ، الأحوط تركه لئلا يجر إلى ما تحمد عقباه. المقدم: رغم أنه بين الزوجين؟ -الشيخ: بين الزوجين لئلا يجر الزوجة إلى أن تفعل شيئاً خلاف ذلك، وتزعم أنه من زوجها؛ لأنه تحيط به الأخطار ، وتركه أولى عند أهل العلم إلا عند الحيطة الكاملة.
- أما أن يؤخذ المني من غير الزوج، ليحقن في زوجة الرجل فهذا محرم بإجماع المسلمين، هذا من جنس الزنا، كونها تأخذ ماءا من غير زوجها، وتحقنه فيها لعلها تحمل بماء هذا الرجل الأجنبي هذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ويجب تعزيرهما جميعاً ، وتأديبهما جميعاً على ولي الأمر إذا ثبت ذلك، حتى لا يقع مثل ذلك.
- والصورة الثانية:
-وهي ما إذا أخذ ماء الرجل، ماء الزوج والزوجة جميعاً ، وجعلا في أنبوب حتى يمتزجا ويختلطا على صفة خاصة عند الأطباء ، ثم يحقن الماءان في رحم المرأة، بعد اختلاطهما بالأنبوب الخاص الذي يفعله الطبيب ، وهذه أخطر من الأولى وأشد، أشد خطراً لأنه قد يوضع في أنبوب يختلط بأنابيب عند الأطباء ، وقد يقع أخذ ماء من غير الزوجة أو من غير الزوج، في شيء من الحيل ، أو شيء من التساهل الديني. فالحاصل أن هذه أجازها المجمع بالأكثرية ، وبعض أعضائه لم يجزها ، وبعض أعضائه توقف ، وأنا ممن توقف في ذلك، لأنها خطيرة ، فالحاصل أن الجواز ينحصر في الزوج والزوجة فقط، أما ماء يؤخذ من غير الزوج أو من غير الزوجة فهذا محرم بإجماع المسلمين، ليس فيه نزاع، إنما حل الخلاف ماء يؤخذ من الزوج ويحقن في رحم امرأته، أو منهما جميعاً يوضع في أنبوب ساعات معلومة ، ثم يحقن في رحمها، هذا هو محل الخلاف ، وهو الذي رأى فيه المجمع الجواز في هاتين الصورتين مع وجوب التحفظ والحذر.
- المقدم: إذن له صور متعددة وكل صورة لها حكم؟
- الشيخ: والذي أجازه المجمع هاتان الصورتان فقط.
-المقدم: ما كان بين الزوجين من نفسهما.
- الشيخ: نعم.
الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيزبن عبد الله بن باز-رحمه الله-